رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لقداسة البابا شنودة الثالث
- حكمة الله وخطته كان الله يري أمورًا تجارب أيوب بالبر وبالعظمة. الغني الواسع الكبير، الذي كان فيه "أعظم كل بني المشرق" (أي 1: 3) إذ كان له سبعة آلاف من الغنم، وثلاثة آلاف جمل، وخمسة مئة فدان بقر، وخمسة مئة أتان. وكان خدمة كثيرين جدًا (أي 1: 3). وكانت له الأسرة الكبيرة: سبعة بنين وثلاث بنات (أي 1: 2). ومن جهة البر "كان كاملًا ومستقيمًا، يتقي الله ويحيد عن الشر" (أي 1: 8). وكان يحسن إلي الأرامل واليتامى، ويشفق علي الفقراء كان عيونًا للعمي، وأرجلًا للعرج وأبًا للفقراء (أي 29: 12-16). وكل هذا جعله محبوبًا جدًا من المساكين، ومحترمًا جدًا من العظماء يهابه الكل ويمتدحونه. الأذن سمعت فطوبته، والعين رأت فشهدت له (أي 29: 7- 11). في كل هذا، كان الله يريد إنقاذه من العظمة والبر الذاتي. وكان لا بُد لتنفيذ ذلك من عملية تجريد واسعة النطاق. فلما حسد الشيطان أيوب، سمح له الله بضربه من أجل خير أيوب روحيًا، لينقذه من العظمة والبر، ويريه أنه من الممكن أن يخطئ، وأن يتعب من التجربة، وأن يفتخر ويدافع عن نفسه.. ثم بعد ذلك يعيد الله بناءه الروحي، علي أساس من الانسحاق.. وقد كان: فتم تجريده من كل ما يملك: من البقر والأتن والغنم والجمال، ومن البيت الذي يسكنه. كما جرده أيضًا من بنيه وبناته، ثم جرده أيضًا من احترام الناس له. حتى أن أصدقاءه الذين بكوا أولًا إشفاقا عليه، عادوا فجرحوه كثيرًا وأتعبوا نفسيته، واعتبروه خاطئًا يعاقبه الله ويحتاج إلي توبة. وفي محيط أسرته: أقاربه خذلوه، ومعارفه نسوه. وأصبح يدعو عبده فلا يجيبه، فيتضرع إليه وأصبح رائحته مكروهة عند امرأته (أي 19). أما عن نفسيته في الداخل فكشف له الله كيف هي ضعيفة تتأثَّر بالاتهام وتثور، وحتى مع الله كيف أنه في عتابه له يتهم الله بالظلم وبأنه يستذنبه وهو يعلم ببراءته، ويفتش له علي خطية (أي 10). ( وكيف أنه يفتخر ويقول: أنا بار. أنا كامل. التهم التي توجه إلي، أنا أضعها تاجًا فوق رأسي. إذا جربني أخرج كالذهب.. حتى أن أصحابه الثلاثة كفّوا عن الحوار معه، لأنه بارٌ في عيني نفسه، ولأنه حسب نفسه، ولأنه حسب نفسه أبر من الله (أي 32: 1، 2) ولدرجة أن أليهو قال عنه "الله يغلبه لا الإنسان" (أي 32: 13). فكان لا بُد من أن يتدخَّل الله. |
|