|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
- القس بيشوي فايق
قاد الله شعبه إسرائيل من مصر إلى كنعان، وأمرهم بمحاربة سكان تلك البلاد، وطردهم من بلادهم؛ فهل هناك مبررات منطقية لتلك الحروب؟ الإجابة: حروب بني إسرائيل مع الأموريين (الكنعانيين) هي أشهر الحروب المعروفة في العهد القديم، وقد تمت هذه الحروب بأوامر مباشرة من الله. لقد تأنى الله كثيرًا على تلك الشعوب؛ لعلهم يرجعون عن ضلالهم، ولكن هذه الشعوب فسدت تمامًا، وانعدم غرض وجودها. وفيما يلي نشرح بالتفصيل الحيثيات والمبررات التي أوجبت القضاء على تلك الشعوب الشريرة. أولًا: حيثيات الحرب على الأموريين: لم يأتِ الأمر بمحاربة سكان كنعان بين يوم وليلة. لقد مَلَّك الله شعب إسرائيل أرضهم بعدما امتلأ، وفاض مكيال شرورهم، وبعد أن تأنى الله عليهم كثيرًا أملًا في توبتهم. إن خير دليل لذلك تأجيل الله حكمه عليهم بالطرد من الأرض أربعمائة عام حسب قوله لأب الآباء إبراهيم: "وَأَمَّا أَنْتَ فَتَمْضِي إِلَى آبَائِكَ بِسَلاَمٍ وَتُدْفَنُ بِشَيْبَةٍ صَالِحَةٍ. وَفِي الْجِيلِ الرَّابعِ يَرْجِعُونَ إِلَى ههُنَا، لأَنَّ ذَنْبَ الأموريين لَيْسَ إِلَى الآنَ كَامِلًا" (تك15: 15- 16). الحكم بطرد الأشرار: إن المدقق في دراسة الكتاب يعلم، أن حكم الله كان أساسه الطرد للسكان الأشرار، والكتاب يوضح لنا أن طرد شعوب لشعوب أخرى والسكنى مكانها كان أمرًا مألوفًا في ذلك الزمان، وبالطبع كان هذا بأمر الله، فعلى سبيل المثال قول الكتاب: "كَمَا فَعَلَ لِبَنِي عِيسُو السَّاكِنِينَ فِي سِعِيرَ الَّذِينَ أَتْلَفَ الْحُورِيِّينَ مِنْ قُدَّامِهِمْ، فَطَرَدُوهُمْ وَسَكَنُوا مَكَانَهُمْ إِلَى هذَا الْيَوْمِ. وَالْعُوِّيُّونَ السَّاكِنُونَ فِي الْقُرَى إِلَى غَزَّةَ، أَبَادَهُمُ الْكَفْتُورِيُّونَ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ كَفْتُورَ وَسَكَنُوا مَكَانَهُمْ" (تث2: 22- 23). وأيضًا قوله: "أَلَسْتُمْ لِي كَبَنِي الْكُوشِيِّينَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، يَقُولُ الرَّبُّ؟ أَلَمْ أُصْعِدْ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَالْفِلِسْطِينِيِّينَ مِنْ كَفْتُورَ، وَالأَرَامِيِّينَ مِنْ قِيرٍ؟" (عا9: 7). إن الكتاب المقدس يحتوي على عشرات الشواهد، التي تؤكد أن هدف الحرب هو طرد السكان الأشرار من الأرض، التي تنجست، وصار كل موضع فيها نجسًا. فيما يلي نذكر بعضًا منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي: -"أَلَيْسَ مَا يُمَلِّكُكَ إِيَّاهُ كَمُوشُ إِلهُكَ تَمْتَلِكُ؟ وَجَمِيعُ الَّذِينَ طَرَدَهُمُ الرَّبُّ إِلهُنَا مِنْ أَمَامِنَا فَإِيَّاهُمْ نَمْتَلِك" (قض11: 24).. وأيضًا قوله: -"لِكَيْ يَطْرُدَ مِنْ أَمَامِكَ شُعُوبًا أَكْبَرَ وَأَعْظَمَ مِنْكَ، وَيَأْتِيَ بِكَ وَيُعْطِيَكَ أَرْضَهُمْ نَصِيبًا كَمَا فِي هذَا الْيَوْمِ" (تث4: 38) -"وَلكِنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ يَطْرُدُ هؤُلاَءِ الشُّعُوبَ مِنْ أَمَامِكَ قَلِيلًا قَلِيلًا. لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُفْنِيَهُمْ سَرِيعًا، لِئَلاَّ تَكْثُرَ عَلَيْكَ وُحُوشُ الْبَرِّيَّةِ" (تث7: 22). قرار الحرب للأشرار المعاندين لقضاء إله الأرض: لقد أمضى شعب إسرائيل أربعين عامًا في البرية، وعرفت الشعوب قوة إله إسرائيل، الذي أخرجهم من وسط أرض مصر، وعلموا أيضًا مقصدهم بطرد الشعوب الشريرة، ولكن من أصروا على تحديه وعصيانه، وحاربوا بني إسرائيل أسلمهم الله ليد بني إسرائيل، وأمر بقتالهم. لقد سجل سفر يشوع محاربة الكنعانيين الرافضين قضاء الله بني إسرائيل قائلًا: "ثُمَّ عَبَرْتُمُ الأُرْدُنَّ وَأَتَيْتُمْ إِلَى أَرِيحَا. فَحَارَبَكُمْ أَصْحَابُ أَرِيحَا: الأَمُورِيُّونَ وَالْفِرِزِّيُّونَ وَالْكَنْعَانِيُّونَ وَالْحِثِّيُّونَ وَالْجِرْجَاشِيُّونَ وَالْحِوِّيُّونَ وَالْيَبُوسِيُّونَ، فَدَفَعْتُهُمْ بِيَدِكُمْ. وَأَرْسَلْتُ قُدَّامَكُمُ الزَّنَابِيرَ وَطَرَدْتُهُمْ مِنْ أَمَامِكُمْ، أَيْ مَلِكَيِ الأموريين، لاَ بِسَيْفِكَ وَلاَ بِقَوْسِكَ." (يش24: 11- 12). ثانيًا: مبررات وأسباب تتعلق بالآلهة الشريرة: صارت هذه الآلهة المزعومة سببًا رئيسيًا في ضلال، وهلاك الكثيرين فتنجست الأرض (صار الجميع شركاء في النجاسة والشر) بسببها. لقد اعتقدت الشعوب في وجوب الخضوع والطاعة التامة لشرها، مع أنها ليست آلهة. لم يكن هناك أمل في تخلي هذه الشعوب عن شرها إلا بإبادة تلك العبادات الشريرة، وإظهار ضلالها. لقد سمح الرب بهذه الحروب ليخزى عابدو الأصنام من أصنامهم الشريرة، التي اتكلوا عليها كقول الرب: "أَعْطُوا مُوآبَ جَنَاحًا لأَنَّهَا تَخْرُجُ طَائِرَةً وَتَصِيرُ مُدُنُهَا خَرِبَةً بِلاَ سَاكِنٍ فِيهَا... فَيَخْجَلُ مُوآبُ مِنْ كَمُوشَ، كَمَا خَجِلَ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ مِنْ بَيْتِ إِيلَ مُتَّكَلِهِمْ" (إر48: 9- 13). إن هذا هو العلاج الوحيد الذي أعلنه الله على فم صفنيا النبي بقوله: "الرَّبُّ مُخِيفٌ إِلَيْهِمْ، لأَنَّهُ يُهْزِلُ جَمِيعَ آلِهَةِ الأَرْضِ، فَسَيَسْجُدُ لَهُ النَّاسُ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مَكَانِهِ، كُلُّ جَزَائِرِ الأُمَمِ" (صف2: 11). فيما يأتي نوضح ما سببته هذه العبادات من فساد: سلطان الآلهة الوثنية القاسي والفاسد: اخترع البشر آلهة كثيرة. وقد عملت تلك الآلهة في خدمة شهوات ورغبات الناس الشريرة؛ فصارت سببًا لهلاك الناس، فعلى سبيل المثال لا الحصر اخترع البشر آلهة للخصوبة والجنس، وأخرى للشر والعنف، وأخرى تمجد الذات والعظمة (مثل تمثال نبوخذ ناصر الذي صنعه لنفسه وأمر شعبه بالسجود له). لقد تفانى الناس في صنع الشر بضمير مستريح؛ استرضاءً لآلهتهم الشريرة، لأن هذه الشرور كانت طقوسًا لازمة للعبادة، وهكذا ضل الناس وهم يظنون أن ما يصنعونه من فجور هو عبادة، وخضوع واجب للآلهة. الشواهد الكتابية التالية تؤكد ذلك: - "فَاحْتَرِزْ... وَمِنْ أَنْ تَسْأَلَ عَنْ آلِهَتِهِمْ قائلًا: كَيْفَ عَبَدَ هؤُلاَءِ الأُمَمُ آلِهَتَهُمْ، فَأَنَا أَيْضًا أَفْعَلُ هكَذَا؟ لاَ تَعْمَلْ هكَذَا لِلرَّبِّ إِلهِكَ، لأَنَّهُمْ قَدْ عَمِلُوا لآلِهَتِهِمْ كُلَّ رِجْسٍ لَدَى الرَّبِّ مِمَّا يَكْرَهُهُ، إِذْ أَحْرَقُوا حَتَّى بَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمْ بِالنَّارِ لآلِهَتِهِم" (تث12: 30- 31). - "الْمُتَوَقِّدُونَ إِلَى الأَصْنَامِ تَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ، الْقَاتِلُونَ الأَوْلاَدَ فِي الأَوْدِيَةِ تَحْتَ شُقُوقِ الْمَعَاقِلِ" (إش57: 5). -"لِذلِكَ قُلْ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَلْ تَنَجَّسْتُمْ بِطَرِيقِ آبَائِكُمْ، وَزَنَيْتُمْ وَرَاءَ أَرْجَاسِهِمْ؟ وَبِتَقْدِيمِ عَطَايَاكُمْ وَإِجَازَةِ أَبْنَائِكُمْ فِي النَّارِ، تَتَنَجَّسُونَ بِكُلِّ أَصْنَامِكُمْ إِلَى الْيَوْمِ.." (حز20: 30- 31). الخضوع للآلهة الوثنية رفض لسلطان الله الخالق: إن اعتقاد الشعوب، وإيمانهم بتلك الآلهة يعني خضوعهم لسلطان تلك الآلهة الشريرة؛ وبالتالي معاداة الإله الحقيقي، ولهذا حذر موسى النبي شعبه قائلًا: "وَلاَ تَسْلُكُونَ فِي رُسُومِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ أَنَا طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكُمْ. لأَنَّهُمْ قَدْ فَعَلُوا كُلَّ هذِهِ، فَكَرِهْتُهُمْ" (لا20: 23). لقد أحيطت هذه الآلهة الكاذبة بهالة من المجد والعظمة الكاذبة، التي دفعت الناس للخضوع والطاعة العمياء لها؛ فرفض الناس سلطان إله السماء. وذلك يتضح من تعيير ربشاقي القائد الأشوري لله الحي وتمجيده لإلهه بقوله: "لا يغُرَّكُمْ حَزَقِيَّا قائلًا: الرَّبُّ يُنْقِذُنَا. هَلْ أَنْقَذَ آلِهَةُ الأُمَمِ كُلُّ وَاحِدٍ أَرْضَهُ مِنْ يَدِ مَلِكِ أشور؟ أَيْنَ آلِهَةُ حَمَاةَ وَأَرْفَادَ؟ أَيْنَ آلِهَةُ سَفَرْوَايِمَ؟ هَلْ أَنْقَذُوا السَّامِرَةَ مِنْ يَدِي؟" (إش36: 18- 19). |
|