ماذا يحدث إن اكتفى الرّسل بموقعهم كرسل، وأخذوا الخيار والتّعيين بأيديهم، واعتبروا ختمَ الله على ما يرتأونه تحصيل حاصل؟.
عمليًّا، يكونون قد ألغوا الإزائيّة الكيانيّة المتواترة في العلاقة بالله، وجعلوا المبادرة رهنَ أيديهم، ولمّا تَعُدْ المبادرة لله؛ واعتبروا تصوّرهم لسير الأمور كافيًا لاستيعاب روح الله، وأنّ ما يفعلونه منه حتمًا، ما يفضي إلى حالة داخليّة روحيّة إيهاميّة تكرِّس، بالأحرى، تبعيّة الله لهم، في المبدأ، وعمليًّا إلغاء الله، إلاّ اسمًا، بديلاً عن كونهم في الله وله ومنه وإليه! حتّى لو كانت سيرة الرّسل بلا شائبة، في الظّاهر، وكان إحساسهم الرّضى عن أنفسهم، فموقفهم يصير ملتويًا لأنّ فيه، في العمق، تغييبًا فعليًّا لله!. الله كائن وليس قوّة!. تجربة الإنسان الكبرى أن يشيّء الله ويحوِّله إلى فكرة!. والمحصّلة تكون، في العمق، الاكتفاء بالذّات، معيارًا مغلَّفًا بشعارات إلهيّة من دون الله!.
الأرشمندريت توما (بيطار)، رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي، دوما – لبنان