رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التشابه بين القديسة مريم والكنيسة القديسة مريم بكونها العضو الأمثل في الكنيسة، والكنيسة بكونها تعتز بهذا العضو الفريد بين المؤمنين، هذا أوجد تشابهًا بينهما في جوانب كثيرة. هذا التشابه يمسّ حياتنا، إذ يحثنا على أن نطلب عمل الثالوث القدوس فينا لنحمل هذه السمات المشتركة بين القديسة مريم والكنيسة، كل حسب قياسه الروحي. أهم هذه السمات هي: أولًا: كل منهما أم ولود وفي نفس الوقت كل منهما عذراء عفيفة. كل منهما حملت بالروح القدس بغير زرع بشر، معطية ميلادًا للابن الذي بلا عيبٍ. فالقديسة مريم هي أم الكلمة الإلهي ، ولدته حسب الجسد، والكنيسة أم أعضائِه، ولدتهم بالمعمودية ليشاركوا السيد المسيح حياته. في هذا يقول القديس أغسطينوس: [كما وَلدت مريم ذاك الذي هو رأسكم، هكذا ولدتكم الكنيسة. لأن الكنيسة هي أيضًا أم وعذراء، هي أم في أحشاء حبّنا، وعذراء في إيمانها غير المنثلم. هي أم لأممٍ كثيرة الذين يُمَثِّلون جسدًا واحدًا، وذلك على مثال العذراء مريم أم الكثيرين وفي نفس الوقت هي أم للواحد .] القديسة مريم عذراء حسب الجسد والروح، والكنيسة يمكن دعوتها عذراء إذ لا تنحرف قط عن الإيمان، بل تبقى أمينة على تعاليم السيد المسيح إلى النهاية. يليق بالمؤمن أن يطلب من الله على الدوام لنفسه هذه السمة، فيعمل فيه روح الله القدوس وتكون حياته الداخلية وسلوكه الظاهري شهادة عملية لعمل الله فيه، يجتذب حتى بصمته المقدس وصلواته الخفية مع عفته وطهارته وحبه الناري الأبوي أو الأموي أو الأخوي نفوسًا كثيرة للربّ. ثانيًا: تحمل الكنيسة ذات لقب القديسة مريم، أي "حواء الجديدة". فالقديسة مريم ولدت "الابن المتجسد" واهب الحياة للمؤمنين، أما الكنيسة فهي أم المؤمنين الذين يتقبَّلون الحياة خلال اتحادهم بالرأس، الإله المتجسد. يليق بنفوسنا أن تصير حواء الجديدة التي لا تتراخى أمام الحية مثل حواء الأولى، ولا تنصت لها لخداعها، بل تسلك على الدوام في جِدّة الحياة مثل القديسة مريم، أو كنيسة المسيح التي لن تشيخ خلال التراخي والتهاون. ثالثًا: تشبه الكنيسة القديسة مريم بكونها "أَمَة الرب"،كأمَة الرب المتواضعة ترفض الارتباك بكل المجهودات البشرية الذاتية، وتطلب نعمة الله، الذي يعمل في تواضع طبيعتنا ليقودنا إلى مجد ملكوته! سرّ امتياز كل من القديسة مريم والكنيسة تمتّعها بروح التواضع مع السلوك بروح العفة والطهارة، والتمتّع بالنمو الدائم في الربّ، فلن يُسمَح للكبرياء أن يتسلَّل خفية إليها. ونحن إذ نسلك بفكرٍ كنسيٍ صادق،ٍ ننشد مع القديسة مريم: "ها أنا أمة الربّ ليكن لي كقولك!" رابعًا: لُقِّبَت كل من مريم والكنيسة "القديسة أو المقدسة". يفسر القديس هيبوليتس التطويب الذي ذكره موسى "مباركة من الرب أرضه، تبقى له وتتبارك بندى السماء" (تث 33: 13)، كنبوة عن قداسة مريم، الأرض المباركة، إذ تقبَّلت كلمة الله النازل كندى السماء. يعود فيقرر أنها نبوة تشير إلى قداسة الكنيسة، قائلًا: [يمكن أن يُقَال عن الكنيسة، إذ تباركت بالرب، كأرض مباركة، وكفردوس البركة. أما الندى فهو الرب المُخَلِّص نفسه.] خامسًا: العمل الرئيسي لكلٍ من القديسة مريم والكنيسة المقدسة هو الصلاة مع الحب العملي لله والبشر. بالتحام الصلاة بالحب يقف المؤمن شفيعًا خاصة في الخطاة. شفاعة القديسة هي نموذج لعمل الكنيسة ولكل مؤمنٍ، حيث يلتزم أعضاء الكنيسة المجاهدون والمنتصرون الاقتداء بالقديسة مريم، مُصَلّين بغير انقطاع من أجل تجديد العالم كله في المسيح يسوع. ونحن نلتزم بالصلاة الربانية، فتصرخ أعماقنا الداخلية: "أبانا الذي في السماء"، ونطلب من أب البشرية عمن نعرفهم ومن لا نعرفهم، عن المؤمنين وغير المؤمنين، المضطَهدين والذين يضطهدونهم. |
|