سراج الجسد
آ22. سراجُ الجسدِ العين. يريد بالعين القلب على سبيل المثل، أو جزء النفس الأعلى كالإرادة والعقل. ويريد بالجسد جزء النفس الأدنى كالرغبة الحسِّيَّة الشهوانيَّة والغضبيَّة، وهذه الرغبة يلزم أن يستحوذ عليها ويدبِّرها الجزءُ الأعلى لئلاّ تسوقنا إلى الضلال والإثم. كذا فسَّر إيرونيموس* وصاحب التأليف الناقص*، وعلى رأيهما أنَّ كلامه هنا ملتحم مع ما قبله بالوجه الآتي. قال آنفًا: حيثما يكن كنزكم يكن قلبكم. فالقلب للنفس كالعين للجسد، فيوضح هنا من باب التمثيل بعين الجسد، أنَّ النفس لا يمكن أن تكون صالحة متى كان القلب معميّ بالبخل والمال.
آ23. فإذا كانت عينُك، أي قلبك، بسيطة، أي نقيَّة وغير منفسدة بميل منحرف، فجسدُك كلُّه يكونُ نيِّرًا. لأنَّ قلبك النقيّ ينيره. وإن كانت عينُك شرّيرة، يعني أنَّ قلبك رديئٌ ومنفسد، فجسدُك كلُّه يكون مظلمًا، لخلوِّه ممّا ينيره ويقتاده بإرشاده في أقوم سبيل. فإن كان النورُ الذي فيك، أو الذي كان يجب أن يكون فيك (ويريد به جزء النفس الأعلى الذي هو لها كالنور للعين)، ظلامًا، فظلامُك كم يكون؟ يعني كم يكون ظلام الجزء الأدنى الذي لا نور به من ذاته. وتحرير المعنى، كأنَّه يقول: إذا كان القلب نفسه أي جزء النفس الأعلى معميًّا بالشهوات أو البخل، فكم يكون ظلام الجزء الأدني المائل طبعًا إلى الشرّ وظلام الأفعال الصادرة عنه في هذه الحال؟