رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
شريعة المثل: سنّ بسنّ
آ38. قد سمعتُم ما قيل: العينُ عوض العين والسنُّ عوض السنّ. هذه شريعة القصاص، التي كانت تأمر بأنَّ من قلع عين آخر أو سنَّه تُقلع عينه أو سنُّه بأمر القاضي، كما ورد في خر 21: 1، 33. آ39. وأمّا أنا فأقول لكم. إنَّه أمران. لا تقاوموا الشرّير، أي لا تجازوا الشرَّ بالشرّ أو الإنسان الشرّير المهين لكم بمثل إهانته كما جرت العادة. ويظهر أنَّ الكتبة كانوا يعلِّمون أنَّ ذلك جائر بحيث لا يتجاوز شريعة المثل بالمثل، وإن صدر عن الرغبة في الانتقام وبسلطة الإنسان الخاصَّة. فإذًا لا يُحرَّم هنا على المسيحيّين، كما وهم الناباتيسي* أي ناكرو تعميد الأطفال، أن يجانبوا الإهانة بحفظ نظام المحاماة العادلة، وأن يدفعوا القوَّة بالقوَّة، وأن يشكوا إلى الحكّام من يهينهم، بل تُحرَّم الرغبة في الانتقام فقط، والأمور المذكورة يَسمح به حقُّ الأمم وناموس الطبيعة، كما لا يُحرَّم على الولاة الانتقام المشتهر ولا على الملوك الحرب. إذ يخصُّ وظيفتهم الاهتمام بإصلاح العدل إذا ثلم، ومعاقبة المجرمين وراحة الجمهور. والمسيح يُقنع بذلك الإفراج الخصوصيّين لتعليمهم الوداعة والصبر. ومثله الرسول في روم 13: 1 وذلك من باب المشورة. ولا يكن وصيَّة، إلاّ إذا اقتضته محبَّة القريب وارتداد الغير المؤمنين إلى الإيمان أو مجد الله أو الفطنة. فحينئذٍ لا يلزم أن ندفع الإهانة باحتداد، واحتدام بل بالصبر والاحتمال، وهذا ما فسَّره المسيح بأقواله التالية. بل مَنْ لطمَك على خدِّك الأيمَن حوِّلْ له الآخر. آ40. ومَنْ أرادَ أن يُخاصمَك ويأخُذَ قميصَك فدَعْ له رداءَك أيضًا. آ41. ومَنْ سخَّرك ميلاً واحدًا فامضِ معه اثنين. إنَّ جميع هذه على ما قال مار أغوسطينوس* هنا وفي كتابه في الكذب رأس 15 تلاحظ استعداد النفس الباطن أكثر من تكميل العمل الخارج، خاصَّة لأنَّ السيِّد له المجد لُطم على خدِّه فلم يحوِّل الآخر بل قال للضارب: إن كنتُ تكلَّمت رديئًا فاشهد عليَّ بالرديء، وإن كان حسنًا فلِمَ تضربني (يو 18: 23). ومار بولس ضُرب بأمر القاضي أيضًا فقال: لطمك الله أيُّها الحائط المبيَّض (أع 23: 3). فمن ذلك يظهر أنَّ ما قاله المسيح هنا ليس وصيَّة أوَّلاً يَلزم فهمه على ظاهر ألفاظه. والصحيح أنَّ ذلك يكون تارة وصيَّة وتارة مشورة. فالوصيَّة بأن لا نرغب في الانتقام وأن نكون مستعدِّين لترك بعض حقِّنا إذا اقتضت ذلك محبَّة القريب أو مجده تعالى. والمشورة بأن نصنع ذلك عندما لا تطلبه المحبَّة ولا مجد الله. آ42. ومَنْ يسألْك فأعطِه ومن أرادَ أن يقترضَ منك فلا تمنعْه. كأنَّه يقول: أنا أقمت شريعة المحبَّة عوضًا عن شريعة القصاص. ولذا كلُّ من طلب منك شيئًا، عدوًّا كان أم صديقًا، ولو كان الذي لطمك أو سخَّرك، فأعطِه ما سأل، وإن سألك قرضة فلا تمنعه لإهانته لك. فإن كان الطالب محتاجًا إلى ذلك جدًّا فيكون قوله هنا وصيَّة، وإلاّ فهو مشورة حسنة. |
|