رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القمص صليب حكيم
العوامل المقاومة للقداسة ومعالجتها في الفصل السابق ذكرنا العوامل المعينة على حياة القداسة. وفي هذا الفصل نعرض العوامل المقاومة لحياة القداسة سواء كانت عوامل جسدية أو فكرية أو ظروف اجتماعية، وكيفية التصدي لها أو علاجها من أجل استمرار حياتنا الزيجية مقدسة في المسيح. أولًا: لماذا قوة الشهوة أ - تفاوت حدة الشهوة: إن كانت شهوة الجنس لم تتحرك في الإنسان إلا بعد مخالفته الوصية. لكن لماذا جعلها الله طاقة حية تحمل ميلًا يلح في الإشباع. وفي نفس الوقت جعل ضبطها والسيطرة عليها مقياسًا لطهارة الإنسان وقداسته؟ لقد كان من الطبيعي أن يجعل الله الدافع الجنسي قويًا في الإنسان كما في سائر الكائنات الحية وذلك من أجل دفعه للإنسال لأجل تعمير الكون. لأنه حيث أن الإنسال له مسئولياته في التنشئة والتربية والرعاية طيلة فترة الحضانة وما بعدها. فلولا قوة الدافع الجنسي لاستعفى كثير من الناس من الزواج راحة من مسئولياته والتبعات المترتبة عليه. وفي الحقيقة تختلف طبيعة أجسادنا من شخص لآخر. وبالتالي تتفاوت حدة الرغبة الجنسية أيضًا من شخص لآخر. وهناك نسبة معتدلة من الناس من جهة الرغبة الجنسية وهناك من عندهم برود جنسي. وهذان النوعان يتمتعان براحة وهدوء من جهة شغب الجسد. ب - حدة الشهوة تدفع لجهاد أكثر: أما الذين تحتد عندهم الرغبة الجنسية وينطبق عليهم قول معلمنا بولس "أرى ناموسًا آخر في أعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني إلى ناموس الخطية الكائن في أعضائي" (رو7: 23) وقوله "الجسد يشتهي ضد الروح. والروح ضد الجسد. وهذان يقاوم أحدهما الآخر" (غل5: 17) فهؤلاء لهم فرصة أكبر للجهاد الروحي من أجل تحقيق نقاوة القلب والجسد. ومن يجاهد أكثر ينال نصيبًا أكبر. لذلك الذين لم يتزوجوا بعد ويجاهدون بفرح ومثابرة من أجل عفتهم وطهارتهم يقدمون نموذجًا مكافحًا للسمو بغرائزهم ويجب أن يقتدي بهم أولئك الذين يعيشون في حزن وكآبة بسبب تعثر فرص زواجهم، أو الذين تزوجوا ثم واجهوا ظروفًا تحول بينهم وبين تحقيق حياتهم الجسدية، أو الذين ينغمسون في شهواتهم فينحدرون إلى مستوى الإنسان النفساني الجسداني الذي تحطمه غرائزه وتنحط به إلى درك أقل من مستوى الكائنات غير الناطقة. حـ - الفوائد الروحية لحدة الشهوة: وحدَّة الشهوة وسكناها في جسد الإنسان يجسد أمام الإنسان الفارق العظيم بينه وبين الملائكة القديسين (مت25: 31) فيتضع وينسحق مهما تعالت روحانياته وتسامت مشاعره وإحساساته، وتحميه في جهاده الروحي من السقوط في خطية الكبرياء الروحي التي أسقطت الملائكة. كما يغلب عليه شعور المخافة والرهبة عند مخاطبة الله. لأن الإنسان بحالته الترابية الشَّهويَّة هذه من يكون حتى يتجاسر ويتحادث مع الله! الأمر الذي أدركه أبونا إبراهيم فقال "إني قد شرعت أكلم المولى وأنا تراب ورماد" (تك18: 27). وإشعياء أعطى لنفسه الويل لأنه رأى السيد رب الجنود فقال "ويل لي إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين" (إش6: 5). بل ينسحق الإنسان أكثر وتذوب نفسه عندما ينطق بعبارات التقديس لله؛ قدوس قدوس قدوس، وتتلاشى كل مشاعره الحسية أمام الله القدوس، كما يقول أحد الآباء القديسين "عندما نقف أمامك جسديًا تضمحل الخطية من أجسادنا". كما تجعل الإنسان يحس أنه ليس أبر من الله، بل وفي شدة الاحتياج لنعمته لتقديسه وتطهيره من ميول الشهوة والدنس. وقد جعلها الله مقياسًا لطهارة الإنسان لكي لا يسئ استخدامها. كما توفر له فرصة للجهاد من أجل المكافأة. التفسير العلماني لقوة الدافع الجنسي: أ - علماء النفس: ولقد غالى البعض في تصور هيمنة الدافع الجنسي على حياة الإنسان حتى أن شخصًا مثل سيجمند فرويد مؤسس مدرسة التحليل النفسي أرجع معظم سلوكيات الإنسان إلى الدافع الجنسي حتى أن كل صغيرة وكبيرة يمكن أن تخفي وراءها شيئًا من الجنس. ب - علماء التربية: كما أن بعض علماء التربية نظروا إلى قوة الدافع الجنسي وتسببه في ظاهرة الكبت خصوصًا لدي بعض المراهقين المحافظين أو ظاهرة شعورهم بالذنب عندما يزلون في أي تصرف جسدي غير طاهر. فنادوا بالسماح بحرية الدافع الجنسي رغبة في التخلص من الكبت والانطواء والشعور بالذنب التي يعتبرونها مدخلًا سهلًا للأمراض النفسية. وجعلوا هذا جزءًا من حرية الفرد ثم أصبح سمة من سمات المجتمع الديموقراطي. حـ - المجتمعات الديمقراطية: ولكنهم بهذه الحرية أهدروا فضيلة الطهارة بين الشباب حيث أباحوا الاختلاط الجنسي، وبالتبعية أباحوا الإجهاض، ثم أساءوا بعد ذلك إلى سر الزيجة بإباحتهم للزواج المدني واعترافهم بقانونيته بل سماحهم بالزواج من المخالفين في الإيمان ثم إباحتهم للطلاق لمجرد إبداء الشعور بعدم الارتياح للطرف الآخر. وهكذا صارت الحرية الجنسية أمرًا عاديًا وكأنها لا تحمل إثمًا ولا خطية وذلك باسم الحرية. وللأسف مع هذا التحرر الجنسي لم ينصلح معدل الإصابة بالأمراض النفسية في الدول الديموقراطية. وذلك لأن كل هذه التوجهات التحررية التي ترفض الالتزام الخلقي بطهارة الجسد وحفظه من الدنس لا تستطيع أن تعطي الإنسان سلامًا وتعزية، لأنها تطلق العنان للجسد لإشباع شهواته وتجعله في تعطش مستمر للاغتراف من هذه الشهوات دون أن يشبع فيظل في توتر وشد مستمريْن، بل يحس بأنه أصبح أسيرًا وعبدًا لها ومجرورًا إليها بطريقة آلية وهذه هي حرية الخطية أنها العبودية الحقة تلك التي تتبناها الديموقراطية. وهي بطبيعة الحال خلاف الحرية الروحية التي يلتزم فيها الروحانيون بالتوجهات الروحية من أجل طهارتهم. والتزامهم بها إنما نابع من محض إرادتهم ويحسون بأنهم سادة أنفسهم لأنهم يشقون طريقهم إليها بجهاد وإرادة عنيدة. وهذه هي الحرية الحقيقية سر السلام الداخلي. والحقيقة أن سعادة الإنسان تكمن في سلامه الداخلي ثمرة الطهارة والقداسة وليس ثمرة اللذات الجسدية الوقتية. د - الاتجاه الروحي طريق سلامة الشخصية: كذلك سلامة شخصية الإنسان وخلوها من الأمراض النفسية يكمن في تكاملها أي في خلوها من الانقسام أو الصراع الداخلي وذلك بالتوافق والانسجام بين الأنا العليا التي تمثل العقل الواعي والإرادة الحرة اليقظة وبين الأنا السفلى التي تمثل الدوافع الغريزية الفطرية. ولا يتوافر هذا التوافق إلا بقوة الروح التي تنزوي وتذوب أمامها كل نزعات الجسد وميوله الفطرية الغريزية. إذًا الاتجاه الروحي الذي يلتزم بالطهارة والنقاوة هو طريق سلامة الشخصية وصحتها النفسية وليس حرية إشباع شهوات الجسد. ثانيًا: معوقات القداسة والنمو الروحي 1 - المعوقات: إن كانت الطاقة الشهوية كامنة في جسدنا. إلا أن هناك عوامل تساعد على إيقاظها وإثارتها. وإبليس له دور كبير في الربط بين هذه العوامل وبينها. ولكن يبقى الأمر رهن إرادتنا من جهة ويقظتنا لهذا الربط الشيطاني من جهة أخرى. وقد تكون هذه العوامل أشخاصًا أو أماكن أو أجهزة تكنولوجية تقدم موادًا مرئية ومسموعة أو مطبوعات ومصورات. وأمثلة ذلك: - المقاهي والنوادي التي تعرض أفلام الفيديو الجنسية والمحلات التي تعرض وتبيع أشرطة هذه الأفلام أو تؤجرها لعرضها على الفيديو الموجود في البيت. - الأصدقاء الذين يدعون الآخرين إلى بيوتهم أو فيلاتهم أو شاليهاتهم ليشاركوهم مشاهدة هذه الأفلام. - توصيلة الدش التي تيسر مشاهدة العديد من القنوات الفضائية، وبحب الاستطلاع أو الميل المكبوت نحو الأمور الجنسية يجري البحث عن القنوات التي تعرض أفلام الجنس أو الأعمال الجنسية. ويشارك في هذا أيضًا الانترنت الذي يقدم هذه الأمور للذين يستخدمونه. - الصور الجنسية التي تتبادلها الأيدي وتقدمها للآخرين لكي يلقوا بنظراتهم عليها. - المجلات والصحف التي تتخذ من عرض الصور المثيرة جنسيًا أسلوبًا رخيصًا لتسويقها وتقدمها طعامًا مسمومًا للمراهقين ومن يعيشون أعمارهم. - الكتب التي تتناول القصص الجنسي أو القصائد الشعرية الغزلية المثيرة للغريزة. - الأغاني العاطفية التي تثير المشاعر وتزيد الانعطاف والحنين نحو الجنس الآخر. - جلسات النكات القبيحة والفكاهات الجنسية والألفاظ والشتائم الخارجة. - الأحاديث التي تتناول العلاقات الجنسية بين الأزواج والزوجات أو المغامرات الجنسية مع الغير. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
هل الألم طريق للقداسة؟ |
مدعو إلى الألم والفرح: للقداسة والرجاء |
فوائد الزبيب الأسود الجمالية تعزيز صحة البشرة ومعالجتها |
اعطني شغف للقداسة |
إنّه وقت للقداسة |