ما أعظم التغيير الذي حصل في نُعْمَان في الفترة بين ذهابه بغيظ من عند باب أليشع، وبين رجوعه مرة ثانية إلى ذلك الباب وهو في حالة الطهارة، ولحمه أغض من لحم الصبي. وهذا التغيير رمز إلى الخليقة الجديدة. فقد وقف نعمان في هذه المرة على أساس جديد وفي حالة جديدة، متمتعًا بثمار خضوعه لله. وهكذا هو الحال دائمًا. فالشخص الناموسي المتكبر الواثق في ذاته يعلن عداءه ضد طريق الفداء الذي يساويه بأشر الناس وأرذلهم، فيبتدئ يصخَب ويسخط ويحتج، ولكن حالما يحني رأسه ويخضع للخلاص على طريقة الله، حينئذٍ يتغير كل شيء، إذ في مياه الأردن تغوص كبرياء الناموسي كما تغوص نجاسة الشرير، ويخرج الشخص من هناك طاهرًا مُبررًا، هادئًا وديعًا، مستعدًا أن يضحي بنفسه وكل ما له في خدمة الله الحي الحقيقي.