رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كونوا دايمًا سهرانين
الراهب القمص بطرس البراموسي من أجمل اللحظات والأوقات التي نقضيها في حياتنا هي ساعات السهر أثناء الليل، وقد يختلف الكثيرين في فَهْم هذه الكلمة "السهر". فقد يحترِف البعض السهر إلى الفَجْر يوميًا، وتصبح شيء ثابت في حياته، ولكن حينما نسأل عما هو محتوى هذا السهر، تجده سهر عالمي أمام كل الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة.. فأصبح الإنترنت في هذه الأيام هو الإله الذي نسهر من أجله! ومع الوجه المُضيء له، وتوفيره لكل العلوم ونواحي المعارِف المُختلفة، والموسوعات الدِراسية والعِلمية.. إلخ. نجد الوجه الآخر له؛ وهو سرقة وقت الإنسان.. فأغلب شبابنا المُبارَك تجده ساهِرًا متيقظًا أمام سارِق الوقت والعمر ألا وهو الفيسبوك Facebook، والذي أصبح إدمانًا عند البعض، فصار من ضمن البِرنامج اليومي الذي لا يُسْتَغْنَى عنه مثل الأكل والشرب، بل قُل أنه أخذ حيزًا مهمًا في حياة البعض.. وقد ينسى الإنسان نفسه، وينسى أنه أكل أو شرب طالما هو منشغل في مُتابعة التعليقات والأخبار الضارة والمفيدة وما إلى ذلك.. فيفتخر الإنسان أنه يوميًا لا ينام حتى بزوغ نور اليوم الجديد! ولكن هل عن هذا السهر تُحَدِّثنا الكنيسة، وتقول لنا: "كونوا دايمًا سهرانين"؟ أم عن السهر الروحي الذي نقضيه في العمل الروحي المفيد. فمارإسحق يقول: "الليل مفروز لعمل الصلاة". وقد وجدنا آباءنا القديسين يحرصون في حياتهم على السهر وقضاء أغلب وقت الليل في الصلاة والقراءة والتأمل. * وجدنا القديس الأنبا أرسانيوس يسهر ليالي الآحاد، يبدأ صلاته والشمس في ظهره قبل أن تَغْرُب، وهو راكِع الركب، رافِع الأيدي.. ويستمر في ذلك العُمق الروحي، والهذيذ في الإلهيات، والتأمل في عمل الله الخلاصي حتى شروق شمس اليوم التالي، فتُنير وجهه. * وجدنا القديس الأنبا بيشوي الرجل الكامل الذي استحق أن يحمل السيد المسيح، يربط شعر رأسه في حبل يتدلَّى من سقف القلاية لكي لا يغلبهُ النعاس، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وإذا غلبه يَشِد الحبل شعر رأسه فيفيق من غفلته، ويستمر في الصلاة والتأمل. * وجدنا الشابان الصغيران مكسيموس ودوماديوس يسهران طول الليل رافعين أيديهم للصلاة.. ويشهد بذلك القديس الأنبا مقار الكبير عندما ذهب للاطمئنان على أحوالهم، يقول: "فصليت إلى الله أن يعلن لي ماذا يعملان. وإذ كنت راقدًا، ظهر فجأة في القلاية ضوء كضوء النهار قدامى وكانا يُشاهِدانه، فلما ظَنَّا أني نائم نخس الأكبر الأصغر وأقامه وتمنطقا وبسطا أيديهما إلى السماء، وكنت أراهما وهما لا يبصراني. وإذ بي أرى الشياطين مقبلين نحو الأصغر كالذباب، فَمِنهم مَنْ كان يريد الجلوس على فمه، ومنهم مَنْ كان يريد أن يجلس على عينيه. فرأيت ملاك الرب حاملًا سيفًا ناريًا وهو يحيط بهما ويطرد الشياطين عنهما. أما الأكبر فلم يقدروا على الاقتراب منه. فما حان الفجر حتى وجدتهما وقد طرحا نفسيهُما على الأرض وناما، فتظاهرت كأني استيقظت وهما كذلك". ولعلنا نفهم من هذا الكلام أن جميعهم لم ينم البتة طول الليل. هكذا كان حال آباءنا القديسين، يحيون حياة السهر الدائم على خلاص نفوسهم، وليس على جوانب المعرفة التي قد لا تنفع الإنسان بل تضرّه في أمور كثيرة.. ولذلك حذِّرنا السيد المسيح من عدم السهر والتراخي بقوله: "اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ" (إنجيل متى 26: 41؛ إنجيل مرقس 14: 38). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
كن خادمًا وحرًا في نفس الوقت كن خادمًا بخضوعك لله |
قبال صورتك يا عدرا سهرانين |
فيكي فرحانين سهرانين يا عدرا |
أمام غضبهم، كونوا ودعاء، وامام تبجّحهم، كونوا متواضعين |
زوّادة اليوم: سهرانين ع الباب |