رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
العقاب والنسر أَمِنْ فَهْمِكَ يَسْتَقِلُّ الْعُقَابُ، وَيَنْشُرُ جَنَاحَيْهِ نَحْوَ الْجَنُوبِ؟ يتسم العقاب بسرعة طيرانه وقوته، وهو من الطيور الجارحة، ينشر جناحيه ويطير نحو الجنوب، هربًا من المناطق الباردة في الشمال، خاصة عندما ينزع ريشه ويستبدله بريش جديد. من الذي وهبه هذه الحكمة سوى الله؟[1361] v ما هو إذن الصقر الذي يتمتع بريشه (الجديد) في الجنوب إلا كل قديسٍ يلتهب عندما يتلامس مع نسمة الروح القدس، فيطرح عادة الحوار القديم، ويأخذ شكل الإنسان الجديد؟ ينصح بولس قائلاً: "خلعتم الإنسان العتيق مع أعماله، ولبستم الجديد" (كو 3: 9-10). وأيضًا: "وإن كان إنساننا الخارج يفنى، فالداخل يتجدد يومًا فيومًا" (2 كو 4: 16). أن ننشر أجنحتنا نحو الجنوب يعني أن نفتح قلوبنا في الاعتراف، بحلول الروح القدس، فلا نجد بعد مسرتنا في إخفاء أنفسنا بالدفاع عنها، بل نفضحها باتهامنا لها. البابا غريغوريوس (الكبير) v من يقدر أن يميز طبيعة طيور السماء؟! كيف يتمتع بعضها بأصوات ملحنة، وآخر مرقش بكل الألوان في أجنحتها، والبعض يهيم في الهواء كأنه بلا حراك مثل النسر. فإنه بأمر إلهي "ينشر (العقاب) جناحيه نحو الجنوب". من يقدر ان يرى الارتفاع الشامخ للصقر؟!... فكيف تريد ان تفهم خالق الكل؟! القديس كيرلس الأورشليمي أَوْ بِأَمْرِكَ يُحَلِّقُ النَّسْرُ وَيُعَلِّي وَكْرَهُ؟ يقدم لنا النسر– ملك الطيور - مثاًلا للإمكانيات الجبارة التي يقدمها الله حتى لهذا الطائر، كرمز لإمكانيات الإنسان الذي يستطيع أن يستخدمها للبنيان لحساب ملكوت الله في داخله وفي قلوب الآخرين، أو للهدم والعنف والافتراس. يبرز هنا سمات النسر، وهي: 1. تحليقه عاليًا جدًا أثناء طيرانه بقوة أجنحته. من أين جاء بهذه الإمكانية، هل هي عطية من الإنسان للنسر؟ لكنها غريزة طبيعية وهبه الله إياها. الذي خلق النسر بين الطيور لأجل الإنسان ووهبه إمكانية التحليق في العلاء، ألا يهب الإنسان أن يرتفع بروح الله القدوس لينعم بالإنطلاق نحو السماويات؟ يستخدم النسر الطيران عاليًا لكي يختفي عن الأنظار، وبقوة بصره وسرعة حركته ينقض فجأة على الفريسة. هكذا الإنسان الشرير يستخدم الإمكانيات المقدمة له لأذية الآخرين عوض معاونتهم ومساندتهم. 2. يجعل وكره في الصخور العالية على سن الصخر، حتى لا يصل أحد إلى صغاره. يَسْكُنُ الصَّخْرَ وَيَبِيتُ عَلَى سِنِّ الصَّخْرِ وَالْمَعْقَلِ . يليق بالمؤمن أن يجعل عشه في المسيح يسوع، الصخرة الحقيقية، فلا يقترب إليه الشر. أما الذي في تشامخ وكبرياء يتعالى ويظن أنه أقام لنفسه صخرة لا يقترب منها أحد، فيسلك في الشر آمنًا، يسمع الصوت: "إن رفعت كنسرٍ عشك، فمن هناك أُحدِرك يقول الرب" (إر 49: 16) 3. حدة بصره، فالمؤمن تنفتح بصيرته الداخلية ليرى عربون السماء ويتمتع بها. أما الشرير فيستخدم حدة بصره للتطلع إلى أسفل، وقلبه مملوء بالعنف والافتراس. مِنْ هُنَاكَ يَتَحَسَّسُ قُوتَهُ. تُبْصِرُهُ عَيْنَاهُ مِنْ بَعِيدٍ . 4. تمتص فراخه الدم منذ صباها وتعيش مع النسر الكبير على الفريسة. فِرَاخُهُ تَحْسُو الدَّمَ، وَحَيْثُمَا تَكُنِ الْقَتْلَى فَهُنَاكَ هُوَ . يتعطش الكل إلى سفك الدم كطعامٍ يومي لهم. أما المؤمنون فيجتمعون كالنسور المقدسة حول السيد المسيح الذبيح لأجل إقامتهم أبديًا. يصير المسيح طعامهم الروحي: "حيثما تكن الجثة فهناك تجتمع النسور" (مت 24: 28). v في الكتاب المقدس كلمة نسر تشير أحيانًا إلى أرواح حقودة، مفسدة للنفوس؛ وتشير أحيانا إلى قوات العالم الحاضر. لكنها أحيانًا تشير إلى مفاهيم القديسين الحاذقة، أو إلى الرب المتجسد، تطير بسرعة فوق السفليات وتطلب العلويات. يشهد إرميا للأرواح الراقدة في ترقبٍ: "طاردونا أخف من نسور السماء" (مراثي 4: 19)... يرمز أيضًا إلى القوة الأرضية، كما قيل بالنبي حزقيال: "نسر عظيم كبير الجناحين، طويل القوادم، واسع المناكب ذو تهاويل، جاء إلى لبنان وأخذ فرع الأرز، قصف رأس خراعيبه" (حز 17: 3-4). فإنه بهذا النسر الذي بالحقيقة إلى من يشير إلا نبوخذنصر ملك بابل؟... بكلمة "نسر" يُشار إلى فهم القديسين الحاذق، أو طيران صعود المسيح. لهذا فإن النبي عينه (حزقيال) عند وصفه الأربعة الإنجيليين الذين رآهم، تحت مظهر خلائق حية أعلن أنها ظهرت له في شكل وجه إنسان وأسد وثور ونسر، بالتأكيد أشار بالنسر المخلوق الرابع الحي، يوحنا، الذي في طيرانه ترك الأرض، وخلال الفهم الحاذق اخترق أسرارًا داخلية برؤيته للكلمة... لنتطلع إلى مبنى النسر نفسه، عش الرجاء في العلويات. يقول بولس: "سيرتنا نحن هي في السماوات" (في 3: 20). وأيضًا: "وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات" (أف 2: 6)... فكما أن من يصعد جبًلا يتطلع إلى أسفل، فيرى الأمور السفلية صغيرة، هكذا كلما تقدم الإنسان إلى درجات عليا، مجاهدًا أن يثبت اهتمامه في العلويات، يجد بذات الجهد أن مجد الحياة الحاضرة كلا شيء، ويرتفع فوق أماكن الأرض. البابا غريغوريوس (الكبير) |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الفرق بين العقاب والنسر |
العقاب بشدةٍ أو لينٍ لا يرتبط بإطالة أو تقصير الوقت، ولكن باختلاف العقاب |
أيوب | العقاب والنسر |
مسيرة الصلب والنصر |
الرجل والنسر ، في قرغيزستان |