رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كلمة مزمور" ψαλμός" مُشْتَقَّةٌ مِنْ فعل " ψάλλω "، ومعناه أُرتِّلُ لله، أو اُقَدِّمُ العِبادة لله بتسبيحٍ مُرَتَّلة، أو أُسَبِّحُ الله بالأناشيد، أو أَعْبُدُ الربَّ مُسَبِّحاً إيّاه بِتَهليلاتٍ ومزامير. يُعتَبَرُ داود النبيّ والملك كاتِباً لسِفْرِ المزامير، وهو السِفْر العزيز على قلوبِ مُؤمِني الكنيسة. هذا ويُقْسَم هذا السفر إلى خمسةِ أجزاءٍ، مُوازِيَةٍ لِكُتُبِ الشَريعةِ المُوسَوِيَّة الخمس. اسْتَخْدَمَت الكنيسة كِتاب " المزامير" مُنذ القرون العِبادِيَّة الأولى، لكي تُسَبِّح بواسطته الله وذلك في اجتماعاتِ المُؤمنين المُشتركة التي كانت تُقام في "بيوت الربّ"، أي في الكنائسِ المُقَدَّسة. وقد كان المُؤمِنون يَكِنُّون تَقديراً واضِحاً للمزامير ويُسَرُّون كثيراً لدى سَماعِها، وبالتالي كانوا يَقِفُون بِوَرَعٍ عند قراءتها أثناء الصلوات المُشْتَرَكة. ولهذا السبب قاموا بتحديد "الكاثِسْمات" ، وهي طروبارياتٌ مُرَتَّلةٌ قصيرةٌ تلي كُلّ مَجموعةٍ مِنَ المزاميرِ، بِحَيْثُ يَجلس المُؤمِنون قليلاً عِندَ ترتيلها. وقد أُطْلِقَ إسم "كاثِسْمات" فيما بعد على مَجموعاتِ سِفْرِ المزامير العشرين التي تُقْرَأ في كنيستِنا (لا سِيَّما في الأديار) مرَّةً كُلِّ أُسبوعٍ في الأيّامِ العاديّة، ومَرَّتَيْن في الأسبوعِ في فترةِ الصومِ الأربعينيّ المُقَدَّس. لكن عدا عَنْ هذه الطريقة المُخَصَّصَة لِقِراءةِ سِفْرِ "المزامير"، فإنَّ العديدَ مِنْ آياتِ المزاميرِ تُسْتَخْدَمُ في الصلواتِ والعِباداتِ الكنسيّة. ومِثال ذلك " البْروكِيمِنُن" اليَوْمِيّ الذي يُقال أثناء صلاة الغروب بعد "يا نوراً بَهِيّاً..." وذلك في الأعيادِ اليوميّةِ والسيّديّةِ والوالِدِيَّةِ الكبيرة. وكذلك أيضاً " البْرُوكِيمِنُن" الذي يُرَتَّلُ أثْناء الدخول الصغير في القدّاس الإلهي، و"الكينونيكون" الذي يُرَتَّل قبل تَقَدُّم المُؤمِنين إلى المُناولة المُقَدَّسة. كُلُّ الخِدَمِ والصلواتِ اليَومِيَّة غنيّةٌ بمزاميرِ النبيّ داود. وكذلك فإنَّ الإسْتِيخُونات التي تَتَوَسَّط "استيشيرات" و"أَبُوسْتيخُونات" خِدْمَة الغروب، وتلك التي تَتَوَسَّط "استيشيرات الإينوس " و"أبُوسْتيخُونات" خِدْمَة السَّحَر، جميعُها مَأخُوذَةٌ مِنْ سِفْرِ "المزامير". وعلاوةً على ذلك، يَتَأَلَّفُ الجِزء الأوَّل مِنْ صلاةِ النوم مِنْ مَجْموعةِ مزامير. وكذلك أيضاً حالُ خِدَم "الساعات" (الأولى والثالثة والسادسة والتاسعة) التي تُشَكِّل المزامير الجزء الأكبر مِنْها. وحتى خِدْمَة المطالبسي الإلهي، التي يَتَهَيَّأ المُؤمِنون مِنْ خِلالِها للمُشاركة في مائِدَةِ الأسرارِ الطاهِرة، تحتوي على جِزْءٍ صغيرٍ مِنَ المزامير. الكَثيرُ مِنَ المزاميرِ تَمَّ تَلحينُها وإدْخالُها في بعضِ الخِدَمِ الكنسِيَّة، تَلْبِيَةً لبعضِ الحاجاتِ الليتورجيّة. والمِثال الأوضح على ذلك "البوليئِلْيُون" الذي يُرَتَّل في الأعيادِ الكبيرةِ والسهرانيّاتِ المُقدَّسة، مُباشَرَةً بعدَ قِراءة مزامير صلاة السَّحَر، وهو عِبارةٌ عَنِ إسْتِيخُوناتٍ مُرْتَبِطَةٍ بموضوعِ العيدِ المُوافِق. كِتابُ "مزامير داود" كَنْزٌ جزيلُ الثَّمَنِ لكنيستنا المُقَدَّسة، لأنَّهُ يُغْنِي عِباداتها وتسابيحها سواء كان ذلك قراءةً أَمْ ترتيلاً. إنَّهُ السِّفْرَ الذي يُفْرِحُ المُؤمِنين، ويُقَوّيهم في جِهاداتِهِم ضدّ الأعداء غير المَنْظورين، ويُوَطِّد مَحَبَّتهم المُوَجَّهَة باستمرارٍ نحو الله. |
|