25 - 11 - 2021, 10:24 AM
|
|
نشط جداً | الفرح المسيحى
|
|
|
|
|
|
[right]"مباركٌ أنت أيها الرب، ملك الكون، أنك لم تصنعني امرأةً " هذه " الصلاة " التي لا يزال اليهـود يصلونها حتى اليوم تمثّل النظرة الاستعلائية المحتقرة للنساء، وتعكس استخفاف المجتمع اليـهـودي المتدين بالنساء كما عبر عنه أحبار اليهود في الكتابات التلموديّة واضعين إياهن في نفس المصاف مع البرُص والسامريين والزواني والعشّارين الذين يقبعون جميعاً في القاع، حيث ينظر إليهم الجميع نظرة الاحتقار والإجحاف.
بالمفـارقـة كـانت نظرة يسوع للنساء مليئة بالاحترام والتـقـدير. فلا فرق عنده في الجنس أو الوضع الاجتماعي أو المادي، فيتساوى موقف الإنسان قدّام الله في موضوع الخلاص والقـبـول، لأنه "ليس ذكر وأنثى لأنكم جـمـيـعـاً واحدٌ في المسيح" (غل 3: ۲۸). فـمـقـياس يـسـوع للبشر يرتبط بالإيمان وليس بجنس الشخص، فقد قـَبـِل النساء كأشخاصٍ لهن ذات القيمة والكرامة التي للرجال، وكان مجرّد وجود النساء في حياة وتعليم يسوع هو ثورة بحدّ ذاتها في نظر المجتمع اليهودي آنذاك. وإليك نبذة مختصرة عن بعض النساء المذكورات في حياته:
1. علاقته الراقية بوالدته المطوَّبة هي مثالٌ لنا في خضوعه كابنٍ في حداثته، وأيضاً في اهتمامه بها ، إذ أوصى بها تلميذه يوحنا وهو على الصليب. (لو ٥١ :۲، یو ١٩: ٢٦، ۲۷).
2. لقد شفى عدة نساء كحماة بطرس (مر ۱: ۲۹- ۳۱) وابنه ي ونازفة الدم (لو ٨: ٤٠- ٥٦) والمرأة المنحنية التي دعاها ابنة إبراهيم مساوياً بذلك بين أبناء وبنات إبراهيم في الإيمان (لو ۱۳: ۱۱- ۱۷) ومن أولئك اللواتي شـفاهنّ من قلوبهـن بـالـتـقـدير والمحبة له فـتـبـعنه وكنّ يـخـدمـنـه من أمـوالـهـن كـمـريـم المجـدلـيـّة ويـونّا وسوسنّة وغيرهنّ.
3. لقد قبل يسوع الخطاة رجالاً ونساءً، لكن تعامله مع النساء اللواتي قد سبق المجتمع وأدانهنّ، كان له عظيم الأثر ، فالمرأة الخاطئة التي دخلت بيت سمعان الفريسي ومسحت قدمي يسوع بشعر رأسها، وكذلك تلك التي أمسكت في زنى، قد نلن من الـتـقـدير ما لم ينله الرجال الذين اشتكوا عليـهـمـا وكـان نـصـيـبـهـم التـوبـيخ. (لو 7: 36- ٥٠ ، یو ۸: ۳- ١١). وفي لقائه مع السامريّة، نرى يسوع في موقف لم يكن مـقـبـولاً آنذاك، فالتي أمامه هي امرأة، سامريه، خاطئة وهي ثلاث صفاتٍ منفِّرة لليهودي المتديّن تمنعه من أن يتكلم معها على الإطلاق، لكن يسـوع رأى فيها نفساً ضالةً تحتاج إلى الخلاص فتباركت وصارت بركة للآخرين أيضاً. (يو ٤: ٦- ٣٠).
4. ما أجمل استخدام ربنا للنساء في أمثاله وتعليمه كالباحثة عن الدرهم المفقود والعذاري المستعدّات، والأرملة اللحوحة، والأرملة الفقيرة التي ألقت فلسين من إعوازها.
(لو ١٥: ۸-۱۰، ۱:۱۸-۸، مت ٢٥: ۱-۱۳، مر۱۲: ٤١-٤٤).
5. تلميذة فريدة هي مريم أخت لعازر التي جلست عند قدمي يسوع وكانت تسمع كلامه. ومن المواقف الرائعة التي جعلتها تحوز على إكرام الرب وتقديره دهنها لقدمي يسـوع بطيب ناردین خالص كثيـر الثمن الذي أنعم عليها بكلمات رائعة: "إنها ليوم تكفيني قد حفظته" (لو ۱۰: ۳۹، یو ۱۲: ۱-۸).
هذه لمحة من حياة يسوع ونظرته إلى النساء يظهر فيها جلياً أن الكل أمام الله متساوون سواء قبل الإيمان (خطاة) أم بعده (مؤمنين).
(خادم الرب / مكرم مشرقي، محاضر في الدراسات اليهودية والإسلامية. ألّف عدة كتب في مواضيع كتابية وتاريخية متنوعة.
|