حبة الخردل.
آ31. وضربَ لهم مثلاً آخرَ قائلاً: يُشبهُ ملكوتُ السماء حبَّةَ خردلٍ أخذَها رجلٌ فزرعَها في حقلِه.
آ32. وهي أصغرُ المزدرعاتِ كلِّها، وإذا تربَّتْ صارَت أكبرَ جميعِ البقولِ، وتصيرُ شجرةً تأتي طيورُ السماء تعشِّشُ في أغصانِها. وقرأت اللاتينيَّة: تسكن في أغصانها، والعربيَّة القديمة: تستظلُّ في أغصانها. وقوله "أصغر المزدرعات كلِّها" يريد به أنَّها من البذور الصغيرة المزدرعة. فيوجد بعض بذور أصغر منها كبذر الفلفل والحبق وغيرهما. على أنَّه في سورية وغيرها من البلدان الحارَّة، يعلو عشب الخردل أكثر من قامة الإنسان، كما ذكر غايطانوس* وسلميرن*. ارتأى إيلاريوس* قانون 13 هنا، وغريغوريوس* في ك 19 رأس 11، أنَّ المراد بِ "ملكوت السماء" هنا المسيح نفسه، والأصحّ والأظهر أنَّ المراد به وبحبَّة الخردل الإنجيل والتعليم الإنجيليّ والكنيسة خاصَّة في الأجيال الأولى. فكأنَّه يقول: إنَّ التعليم الإنجيليَّ هو الآن صغير بين أنواع العلوم الموجودة في العالم، وله الآن طالع زهيد، وقلَّما مدحه العقل الطبيعيّ والبشر وفصاحة العلماء، بل ينفر منه الحكمُ البشريّ، وهو شكٌّ عند اليهود وجهالة عند الأمم، كما يقول الرسول. ومع ذلك، متى أذيع وانتشر هذا التعليم فسوف يفوق أنواع العلوم أجمع، وينبثُّ باشتداد وثبات في المسكونة كلِّها. كذا فسَّر أمبروسيوس* وإيرونيموس* وأغوسطينوس* وغيرهم. ويريد بطيور السماء أي الجوّ، الناس المتسامين بالعلم والمعرفة، أو الملوك والولاة الذين عبَّر عنهم دا 4: 9 و19 بطيور السماء.