رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الزؤان
آ24. وضربَ لهم مثلاً آخرَ قائلاً: يُشبهُ ملكوتُ السماء إنسانًا، هو المسيح، زرعَ في حقله، أي في العالم، زرعًا جيِّدًا. يريد به أولاد الكنيسة المؤمنين والأبرار الثابتين بالبرِّ، وبالجملة ورثة المُلك السماويّ، فإنَّ هؤلاء لولادتهم من زرع جيِّد أي كلام الله، يلدون أولادًا آخرين للمسيح بواسطة جدِّهم وتعليمهم ومثالهم كأنَّهم زرعٌ مخصب. آ25. فلمّا نام الناس، وكان سهرُهم بكسل على الزرع الربّانيّ. قد فهم إيرونيموس* وأغوسطينوس* في بحث 11 في بشارة متّى بهذا "النوم" بالمعنى الرمزيّ، كسلَ الأساقفة ورعاة الكنيسة وإهمالهم أو موت الرسل. فإنَّ الأراطقة والأثمة انتهزوا فرصة كهذه فزرعوا زؤان أرطقتهم ورذائلهم. جاء عدوُّه الذي يدعوه في آ28 رجلاً عدوًّا، ويوضح عند تفسيره هذا المثل أنَّ هذا العدوَّ كناية عن الشيطان، الذي يعتني بأن يضادَّ المخلِّص بكلِّ خير. فزرعَ زؤانًا بين القمحِ ومضى. يريد بالزؤان الأبناء الأشرار الذين يدعوهم في آ41 شكوكًا وفاعلي الإثم. فإنَّهم يصيرون بسيرتهم وتعليمهم الرديئين شكًّا وعثرة لنفوسهم ولغيرهم. آ26. فلمّا نبتَ عُشبًا وصنعَ ثمرةً ظهرَ حينئذٍ الزؤان. فإنَّ عشبَي الزؤان والقمح يشبه أحدهما الآخر فيعسر تمييزهما إلى أن تظهر ثمرتهما. آ27. فجاء عبيدُ ربِّ البيت وقالوا له: يا سيِّدنا، أليسَ زرعًا جيِّدًا زَرعَتْ في حقلِك، فمن أين وُجد فيه زؤان؟ إنَّ المخلِّص لمّا فسَّر هذا المثل لتلاميذه في آ37ي، لم يذكر ما المراد بالناس الذين، وهم نيام، أتى الشيطان وزرع الزؤان، ولا ما المراد بهؤلاء العبيد الذين سألوه من أين وُجد الزؤان وهل يريد اقتلاعه كما سيجيء، وذلك لكون هذه الأمور زينة للمثل، ولا تلاحظ مقصد المسيح، ولا يلزم في الأمثال تطبيق كلِّ أجزائها، كما تقدَّم مرارًا. ومع هذا يمكن أن يفهم بالعبيد الذين سألوه: هل يشاء اقتلاعَ الزؤان، بعضُ خدّام الكنيسة الغيورين الذين يريدون حبًّا بالديانة اقتلاع الأراطقة والكاثوليكيّين الأشرار من الكنيسة. آ28. فقال لهم إنَّ رجلاً عدوًّا صنعَ هذا. فقالَ له عبيدُه: أتُريدُ أنْ نذهبَ فنجمعَه؟ آ29. فأجابهم: لا. لأنَّكم إن تجمعوا الزؤان تقتلعوا معه الحنطة، لنبتهما معًا. آ30. فدعوهما يَنبتان معًا إلى زمان الحصاد، وفي زمان الحصاد أقول للحصّادين: اجمعوا أوَّلاً الزؤان وشدُّوه حزمًا ليُحرَق. وأمّا القمح فاجمعوه إلى أهرائي. قد فسَّر المخلِّص بعده أنَّ المراد بزمان الحصاد انتهاء العالم، وبالحصّادين الملائكة. ويوجد من استخدم هذه الآية ليبرهن أنَّه لا يجب معاقبة الأراطقة ولا قتلهم. ومن التفسير المارِّ ذكرُه، الذي هو من المسيح نفسُه، كما سيجيء، يظهر أنَّ الكلام هنا ليس في الأراطقة وحدهم، بل في جميع الأثمة أبناء الشيطان، وأخصّهم الأراطقة الذين لا مانع من معاقبتهم. فالكلام هنا في جميع الخطأة بالعموم، كما أقرَّ مار أغوسطينوس* نفسُه، ولا ريب بأنَّ هؤلاء لا يجب ولا يمكن اقتلاعهم واستئصالهم جميعًا معًا، إذ لا يمكن تمييزهم بسهولة عن الأبرار، ولذا يكون خطر باقتلاع الحنطة مع الزؤان. ولكن إذا لم يوجد هذا الخطر، فمن كان أثيمًا ظاهرًا ومضرًّا بالجماعة ضررًا معتبرًا، كاللصوص والقتلة والأراطقة الأقبح من هؤلاء، كما قال أوريجانوس*، فيمكن، بل يجب أن يعاقَبوا بالموت لذلك بواسطة الحكم. وقال الرسول: ليت الذين يقلقونكم يُقطَعون قطعًا. |
|