خمير الفرّيسيّين
آ5. وجاء تلاميذُه إلى العِبر ونسُوا أن يأخذوا معهم خبزًا. فقد آنستهم رفقة الربِّ وعذوبة الخبز الحقيقيّ الذي هو المسيح، فنسُوا أخذ الخبز المادّيّ معهم.
آ6. أمّا هو فقال لهم: انظروا واحترسوا من خميرِ الفرّيسيّين والزنادقة، أي من تعليمهم الوخيم والفاسد، لا التعليم الذي يفسِّرون به الأسفارَ المقدَّسة، لأنَّ المسيح في مت 23: 2 أمر أن يُطاعوا بذلك. وزاد لو 12: 1: الذي هو الرياء. فإنَّ كلَّ تعليم الفرّيسيّين كان قائمًا بالتظاهر بالعبادة والتقوى، مفترضًا أنَّ اعتبار الناس مقدَّم على اعتبار الله. فهذا الخمير أي التعليم ينفخ الإنسان بالعجرفة والحسد والرياء ،فيعظم نفسه ويحتقر كلَّ من سواه، وينعكف على شهواته وملذّاته.
آ7. ففكَّروا في نفوسهم قائلين إنَّهم ما أخذوا خبزًا. إنَّ التلاميذ لمّا سمعوا ذكر الخمير تذكَّروا أنَّهم لم يأخذوا معهم خبزًا في السفينة، وخافوا أن يمضي المخلِّص إلى البرّيَّة فيعوزهم الخبز، وكان كلٌّ منهم ينسب إلى الآخر سبب هذا النسيان. وقد غلَّطوا بزيادة اهتمامهم بالخبز مع رؤيته قبلاً آيتَي تكثيره له، وبتوهُّمهم أنَّ المسيح يتكلَّم عن الخمير والخبز المادّيَّين، مع أنَّه يتكلَّم عن الخمير والخبز الروحيَّين، ولذا أنَّبهم كما سيجيء.
آ8. فعلم يسوعُ وقال لهم: لماذا تفكِّرون في نفوسِكم يا قليلي الإيمان أنَّكم ما أخذتُم خبزًا. قد علم ذلك بقوَّة لاهوته إذ لم يسمعهم يتكلَّمون به.
آ9. حتّى الآن لم تتعلّموا، ولا تتذكَّرون تلك الخبزات الخمس لتلك الخمسة الآلاف وكميَّة القفف التي أخذتموها، اي اثنتي عشرة قفَّة، فكأنَّه يقول: أنا الذي كثَّرت الخبزات هناك أستطيع فعل ذلك الآن وكلَّ وقت.
آ10. وتلك الخبزات السبع لتلك الأربعة الآلاف وكميَّة الزنابيل التي أخذتموها؟ أي سبعة زنابيل، وما برح متّى ومرقس أيضًا يسمِّيان هذه الأوعية في الأعجوبة الأولى قففًا، وفي الثانية زنابيل، فيظهر أنَّ القفَّة وعاء غير الزنبيل والزنبيل أكبر من القفَّة، وإن ارتأى بعضهم غير ذلك.
آ11. لماذا لا تفهمون أنَّني لم أقلْ لكم من جهةِ الخبز لكنْ لتحتَرزوا من خميرِ الفرّيسيّين والزنادقة. كأنَّه يقول: كان يلزمكم أن تفهموا من كلامي وأعمالي أنّي لم أتكلَّم عن الخمير المادّيّ بل عن التعليم.
آ12. ففهموا حينئذٍ أنَّه لم يقلْ أن يحترسوا من خميرِ الخبزِ، لكن مِن تعليمِ الفرّيسيّين والزنادقة. فإنَّ توبيخ المسيح يشحذ العقول والشدَّة تمنح فهمًا.