رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يونان وإرسالية لم تَنْل ترحيبًا قُمِ اذْهَبْ إِلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ وَنَادِ عَلَيْهَا، لأَنَّهُ قَدْ صَعِدَ شَرُّهُمْ أَمَامِي ( يونان 1: 2 ) كان يونان - كالأمة التي كان يدافع عنها - مدعوًا لحَمل رسالة من الله إلى الأمم. ولئن كان إسرائيل قد فُصل عن الأمم، فليس لكي يبقى في عزلة جافة، في عدم مبالاة بما يصيب الشعوب من حولهم، بل ليكونوا نورًا في عالم مظلم، وليُعلنوا فكر الله، ويُظهروا صفات يهوه، للجالسين في الظلمة وظلال الموت. وكانت الكبرياء، والتعصب الديني هما سرّ عناد يونان وعصيانه. كان يعلَم أن الله طويل الأناة وأنه يُسَرّ بالرحمة، وهو يُقرّ بذلك في النهاية، ومِنْ ثمَّ خشي على سُمعته كنبي؛ فكانت أفكاره بعيدة عن أفكار الرب بحيث لم يستطع أن يحتمل إعلان النعمة للأمم. كان يعلَم أن يهوه قديمًا كان على استعداد أن يستبقي مدن السهل لو وجد فيها عشرة أبرار. فإذا كان يهوه قد تصرف هكذا يومئذٍ، فكيف يتسنى له أن يستوثق من أن الله سوف يصب غضبه على نينوى إذا ما خضع أهلها للكلمة وسقطوا أمامه تائبين؟ وعوض أن يمضي يونان إلى هؤلاء الأمم، مُخاطرًا بسُمعته «قامَ يونان ليهرب إلى ترشيش من وجه الرب» ( يون 1: 3 ). إن الخروج عن طريق الطاعة معناه الابتعاد عن وجه الرب. لقد كان مستحيلاً فعلاً أن يوجَد حيث لا تستقر عليه عين الله، ولكن في اللحظة ذاتها التي فيها صمَّم أن يتصرف بالعصيان، كان قد أضاع، من جهة التمتع والشركة، الإحساس في نفسه بحضور الرب. وفي هروبه كم من الدركات نزل! فقد نزل إلى يافا، ونزل في السفينة، ثم نزل إلى جوف السفينة، وفي الأصحاح الثاني يعترف بأنه نزل «إلى أسافل الجبال» ... عميقًا عميقًا، بحيث لم يَعُد هناك عمق أبعد ينزل إليه إلا أن يغوص في جب الهلاك. لكن ذلك لم يحدث، فمهما تكن سقطاته فلم يزَل ابنًا لله، وها هو الرب عتيد أن يردّه بطريقة عجيبة. حبذا لو ثبَّتنا هذا في قلوبنا! فإن سبيل الذي يتصرف بعناد هي أبدًا سبيل النزول والانحدار، مهما يكن الاعتراف بالفم. فقد يفاخر واحد بأنه يعمل لله، ويتحدث عن نيل رضائه واستحسانه، بيد أنه إذا كانت الذات هي المخدومة، وليس المسيح، فسرعان ما تزلّ القدمان وتنحدر الخطوات، نازلة، نازلة، حتى تتذلل النفس وتندم، فتتحول إلى الله وتكون على استعداد أن تعترف بخطأ مسلكها. . . |
|