فكرُ شهادة الدّم، كحسّ داخليّ فينا، أساسيّ لحفظ سلامة مسيرة الإيمان في حياتنا. قبول الاضطهاد، من أجل المسيح، لا بدّ منه. إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم أنتم أيضًا. في الكنيسة الأولى، التّروّض على شهادة الدّم، لا سيّما بالصّوم والصّلاة، كان الخبز اليوميّ لأبناء الإيمان. الرّعاة كانوا يعدّون المؤمنين لشهادة الدّم بصورة تلقائيّة: أوّلاً بالكلمة، بالعظة، بتبادل سِيَر الشّهداء فيما بينهم، وثانيًا بالمثال، ببذل الدّم شهادة للرّبّ يسوع. سِيَر الشّهداء لم يكن القصد منها، متى تناقلها المؤمنون فيما بينهم، سوى شحذ الهمم وتحريك النّفوس لاقتبال شهادة الدّم، في الرّوح أوّلاً، كفكرة في القلب، ثمّ في الجسد، إن ارتضى الرّبّ الإله لك أن تكون في عداد شهدائه. في هذا السّياق، كان واضحًا أنّ أحدًا لا يقدِّم نفسه شهيدًا للمسيح، من تلقاء نفسه، بل مَن دعاه المسيح. بالنّعمة أنتم مخلَّصون وذلك ليس منكم. ما قاله، ذات مرّة، المعلّم ترتوليانوس، شكّل حجر الزّاوية في حياة الكنيسة الحيّة. دماء الشّهداء؛ قال؛ هي بذار الكنيسة!.
الأرشمندريت توما (بيطار)، رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي ، دوما – لبنان