صب الرصاص المصهور لعلاج المحسود والمعيون - سلسلة خرافات شعبية

[walaa farouk]

صب الرصاص المصهور لعلاج المحسود والمعيون - سلسلة خرافات شعبية

جاءني سؤال عن رأي الكنيسة من عملية "صب الرصاص" الذي يقوم به بعض الناس المسيحيين ضد الحسد أو ضربة العين؟ وهل يجوز فعلها؟

من الخرافات الشعبية المعروفة جدا في بلاد الشام لدفع العين والحسد خرافة "صب الرصاص" وتسمى ايضاً "سكب الرصاص" أو" طشّة الرصاص"

وفي الجزيرة السورية يسمي بعض الناس صبة الرصاص "رصاص مار أسيا" ومعلوم عند اهلنا في الجزيرة من هو القديس مار اسيا وكيف يفعل المعجزات الكثيرة لمن يطلب منه الشفاء. وكلمة اسيا أو اسيو –
بالسريانية تعني طبيب.


لماذا اطلقوا على خرافة صب الرصاص اسم قديس مشهور جداً في الجزيرة السورية؟
لأن هذه التسمية تشجع الناس الغير مثقفين روحيا بممارسة هذه الخرافة بضمير مرتاح بدون تأنيب، وبالتالي ازدهار هذا النوع من العمل مما يؤدي إلى زيادة دخل ممارسيه.
اما دور الشيطان في هذه التسمية فهو يقتصر على الاختباء وراء اسم القديس مار اسيا واقناع الناس بأن من يحسن نفسياتهم ويبطل العين والحسد هو مار اسيا!

كان الاجدر بمن يذهب لعمل صبة الرصاص أن يذهب إلى زيارة القديس مار اسيا والصلاة في مزاره طلبا للشفاء باسم ربنا يسوع المسيح.
فزيارة القديس مار اسيا اسهل واسرع واضمن روحيا من ممارسة خرافة متأصلة بالتاريخ ودجل منبوذ مسيحياً.
نجد في نصوص العهد القديم أن النبي موسى انذر ونبّه الشعب العبراني بما علمه وأخبره الله له، فقال لهم:
"لا تَتَعَلمْ أَنْ تَفْعَل مِثْل رِجْسِ أُولئِكَ الأُمَمِ. 10لا يُوجَدْ فِيكَ مَنْ يُجِيزُ ابْنَهُ أَوِ ابْنَتَهُ فِي النَّارِ وَلا مَنْ يَعْرُفُ عِرَافَةً وَلا عَائِفٌ وَلا مُتَفَائِلٌ وَلا سَاحِرٌ 11وَلا مَنْ يَرْقِي رُقْيَةً وَلا مَنْ يَسْأَلُ جَانّاً أَوْ تَابِعَةً وَلا مَنْ يَسْتَشِيرُ المَوْتَى. 12لأَنَّ كُل مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الرَّبِّ. وَبِسَبَبِ هَذِهِ الأَرْجَاسِ الرَّبُّ إِلهُكَ طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكَ. 13تَكُونُ كَامِلاً لدَى الرَّبِّ إِلهِكَ. 14إِنَّ هَؤُلاءِ الأُمَمَ الذِينَ تَخْلُفُهُمْ يَسْمَعُونَ لِلعَائِفِينَ وَالعَرَّافِينَ. وَأَمَّا أَنْتَ فَلمْ يَسْمَحْ لكَ الرَّبُّ إِلهُكَ هَكَذَا"(تث 18: 9- 14)
ولان هذه الممارسات الخرافية تندرج تحت مسمى السحر والدجل والخرافة فأن من يمارسها ويشجع عليها لن يرث ملكوت الله.

فهل وراثة الملكوت تهمك؟
يقول مار بولس:
"وَأَعْمَالُ الْجَسَدِ ظَاهِرَةٌ: الَّتِي هِيَ زِنىً عَهَارَةٌ نَجَاسَةٌ دَعَارَةٌ 20عِبَادَةُ الأَوْثَانِ سِحْرٌ عَدَاوَةٌ خِصَامٌ غَيْرَةٌ سَخَطٌ تَحَزُّبٌ شِقَاقٌ بِدْعَةٌ 21حَسَدٌ قَتْلٌ سُكْرٌ بَطَرٌ، وَأَمْثَالُ هَذِهِ الَّتِي أَسْبِقُ فَأَقُولُ لَكُمْ عَنْهَا كَمَا سَبَقْتُ فَقُلْتُ أَيْضاً: إِنَّ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هَذِهِ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ"(غل 5: 19- 21)
طريقة صب الرصاص للمحسود والمعيون (المصاب بضربة العين)
يؤتى برصاص نقي ويوضع في مقلاة أو وعاء ثم يذوب على النار حتى الانصهار، ويؤتى أيضا بطشت مملوء ماء يوضع على رأس المريض أو المحسود أو المعيون، ويسكب الرصاص المصهور في الماء الذي بالطشت فيخرج صوت ازيز او وشيش نتيجة تبرّد الرصاص في الماء وعندها يعتقد المريض انه قد شفي وازيلت ضربة العبن والحسد منه.
طبعا الايحاء المسبق من الطرف الذي يسكب الرصاص مع سرد بعض القصص عن ام فلان وابو فلان وكيف تحسنت حالتهم بعد عمليه سكب الرصاص كل هذا الكلام يلعب دورا بارزا في التحسن المؤقت لنفسية المريض البائس.

الفرق بين شفاء صبّة الرصاص، وشفاء الرب يسوع:
1- الشفاء بواسطة "صب الرصاص": يكون بمقابل مادي!، وهو تحسن مؤقت للحالة، ويكرر صاحبها العملية كل مدة لذلك هو لا يندرج تحت اسم الشفاء.
2- الشفاء الخاص بالرب يسوع: هو شفاء كامل ومجاني يتحسن فيه المريض بشكل دائم، وتتهذب اخلاقه، ويتعزز ايمانه، ولا يعود المرض ثانية والكتاب المقدس مليء بمعجزات الرب يسوع المسيح.
احيانا يتحسن الشخص من المرض او التعب النفسي نتيجة صب الرصاص وهذا التحسن يندرج تحت اسم التحسن أو الشفاء الكاذب، وهذا التحسن يكون بصورة مؤقته ومدروسة بدقة من قبل الشيطان الذي يأمر اتباعه بإيقاف الحروب عن المريض، والغاية من تصرف الشيطان هذا هو تشجيع المريض على تكرار صب الرصاص او عمل السحر كلما مرض أو تتعب وبذلك يبعده عن الكنيسة وعن ممارسة سر الاعتراف والتناول القادرين على شفائه بشكل دائم من الأمراض الروحية والجسدية.

التجهيز لإزالة الحسد وضربة العين:
بعد ان يبرد الرصاص يخرجونه من الماء فيكون قد اخذ شكلاً غريباً مثل: دائرة بيضوية ترمز للعين، أو امتداد طولي للرصاص أو مبسط يرمز للسان، او شكل انبوبي يرمز للساعد او القدم ...الخ
فالأمر كله متروك لخيال ساكب الرصاص وبقية النسوة اصحاب الخبرة والخيال الخصب!
العلاج:
يثقب الرصاص المتشكل كالعين بالمخرز، مع ترديد بعض العبارات مثل: عين الحسود فيها عود او عين الحسود الذي يحسدك تفقع وتعمي بهذا المخرز... الخ!
وما كان شكله كالسان أو اليد فانه يقص بالمقص او السكين مع ترديد بعض العبارات مثل فليقص كل لسان يتكلم عليك، وتقطع كل يد أو رجل...الخ!
هذه الدعوات بالأذية للغير لا تمت للمسيحية بأية صلة لأنها تعلم البغضة عوض الحب، والبغضة في المسيحية تعادل قتل النفس!:
"كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ"(1يو 3: 15)
لسان المسيحي مخصص للبركة لا للعنة، فاللسان الذي يبارك لا يلعن:
"وَأَمَّا اللِّسَانُ فَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَنْ يُذَلِّلَهُ. هُوَ شَرٌّ لاَ يُضْبَطُ، مَمْلُّوٌ سُمّاً مُمِيتاً.9بِهِ نُبَارِكُ اللَّهَ الآبَ، وَبِهِ نَلْعَنُ النَّاسَ الَّذِينَ قَدْ تَكَوَّنُوا عَلَى شِبْهِ اللَّهِ. 10مِنَ الْفَمِ الْوَاحِدِ تَخْرُجُ بَرَكَةٌ وَلَعْنَةٌ! لاَ يَصْلُحُ يَا إِخْوَتِي أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الأُمُورُ هَكَذَا! 11أَلَعَلَّ يَنْبُوعاً يُنْبِعُ مِنْ نَفْسِ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ الْعَذْبَ وَالْمُرَّ؟ 12هَلْ تَقْدِرُ يَا إِخْوَتِي تِينَةٌ أَنْ تَصْنَعَ زَيْتُوناً، أَوْ كَرْمَةٌ تِيناً؟ وَلاَ كَذَلِكَ يَنْبُوعٌ يَصْنَعُ مَاءً مَالِحاً وَعَذْباً!"(يع 3: 8- 12)

تكرار صب الرصاص بأعداد مفردة:
عملية سكب الرصاص تعاد على رأس المحسود عدة مرات بنفس الجلسة، بأعداد يجب ان تكون مفردة قد تصل من 7- 9 مرات! إلى ان يخرج الرصاص من الماء مسطحا بلا اشكال فيكون دليلا على زوال الحسد أو ضربة العين! طبعا خروج الرصاص بشكل مسطح هو نتيجة تخريب بنيته وتركيبة نتيجة التسخين والتبريد المتكرر وليس نتيجة القوى الخارقة له بإزالة الحسد! وهكذا ينتهي العمل وتزال ضربة العين والحسد من المريض!
وبعد أيام أو اشهر يعود نفس الشخص لعمل صب الرصاص مرة اخرى لأنه يشعر انه محسود من شخص آخر وبالتالي يجب قلع عين هذا الحاسد وقطع لسانه!
وقد ينصح بحمل الخرزة الزرقاء لحمايته من الحساد!
عجبي من المسيحي الذي يؤمن بهذه الخرافات، فيعلق بصدره وبيته وسيارته الخرز الازرق للحماية! وهذه الخرزة تسمي بالإنكليزية Blue evil eye"" وترجمتها: عين الشيطان!
فعوضا عن طلب الشفاء من المسيح نلجأ للخرافات والسحرة!
وعوضا من لبس الصليب وتوزيعه في كل املاكنا، نلبس الخرزة الزرقاء ونوزعها بغرف بيوتنا! ونقول للشيطان تعال اسكن بداخلي فانا كل اعمالي هي كما تحب.
وصدق مار بولس عندما قال:
"فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ آللهِ"(1كو 1: 18)

أيها الأحباء:
من يعود للممارسة هذه الخرافة ويأتي باخرين معه ليجربوا هذه الوصفة السحرية! ينطبق عليه قول الرب يسوع:
"مَتَى خَرَجَ الرُّوحُ النَّجِسُ مِنَ الإِنْسَانِ، يَجْتَازُ فِي أَمَاكِنَ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ يَطْلُبُ رَاحَةً، وَإِذْ لاَ يَجِدُ يَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ. 25فَيَأْتِي وَيَجِدُهُ مَكْنُوساً مُزَيَّناً. 26ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَأْخُذُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ أُخَرَ أَشَرَّ مِنْهُ، فَتَدْخُلُ وَتَسْكُنُ هُنَاكَ، فَتَصِيرُ أَوَاخِرُ ذَلِكَ الإِنْسَانِ أَشَرَّ مِنْ أَوَائِلِهِ!"(لو 11: 24- 25)
وهكذا فأن من يجلب الناس لتجربة صب الرصاص فأنه يجلبهم إلى للشيطان المتمثل بهذه الخرافة وبالتالي سيكون سببا بالموت الروحي لهؤلاء الناس وسيحاسبه الله على ذلك. وكان الاجدر به وبأصدقائه المؤمنين ان ينصحوا الناس ليأخذوا بركة توبتهم، لا أن يضلوهم!
يقول القديس مار يعقوب:
"أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنْ ضَلَّ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ عَنِ الْحَقِّ فَرَدَّهُ أَحَدٌ، 20فَلْيَعْلَمْ أَنَّ مَنْ رَدَّ خَاطِئاً عَنْ ضَلاَلِ طَرِيقِهِ يُخَلِّصُ نَفْساً مِنَ الْمَوْتِ، وَيَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا"(يع 5: 19- 20)

ختاماً:
فلنتسلح بسلاح الرب الكامل ضد افكار ابليس اللعينة ونطلب من الرب يسوع المسيح الشفاء. وبدلا من الذهاب للدجالين والمشعوذين والراقين، لنذهب الى الرب يسوع ونعمل بما علمنا اياه القديس مار يعقوب لنوال الشفاء:
"أَعَلَى أَحَدٍ بَيْنَكُمْ مَشَقَّاتٌ؟ فَلْيُصَلِّ. أَمَسْرُورٌ أَحَدٌ؟ فَلْيُرَتِّلْ. 14أَمَرِيضٌ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ؟ فَلْيَدْعُ شُيُوخَ الْكَنِيسَةِ فَيُصَلُّوا عَلَيْهِ وَيَدْهَنُوهُ بِزَيْتٍ بِاسْمِ الرَّبِّ، 15وَصَلاَةُ الإِيمَانِ تَشْفِي الْمَرِيضَ وَالرَّبُّ يُقِيمُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ خَطِيَّةً تُغْفَرُ لَهْ"(يع 5: 1- 15)
اطلب من الرب يسوع المسيح أن يمد يمينه المباركة غير المنظورة مع يمين عباده المؤمنين لكي يبارك كل واحد منكم، فيشفى امراضكم ويعزى ثكلاكم ويرحم امواتكم. قولوا آمين.