رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الله يبحث عن الإنسان
لا مانع من استخدام العقوبة نجد في هذا السفر أن الله هو الذي يبحث عن الإنسان، وليس الإنسان هو الذي يبحث عن الله. تعلَّمناه حياة التوبة أن الإنسان ينبغي أن يرجع إلى الله، كما رجع الابن الضال إلى أبيه، إذ خاطب نفسه قائلا " أقوم وأرجع إلى أبي" (لو 15: 18). أما في سفر يونان، فنجد أن الله هو الذي يفتش عن الإنسان لكي يتوِّبه. نراه يبحث عن الكل، يجول يطلب النفوس التي له.. هو بذاته يبحث عن النفوس الموجودة في السفينة ليخلصها. وهو بذاته يبحث عن النفوس الضالة في نينوى لكي يتوبها فتخلص. وهو أيضًا يستخدم كل الوسائل لكي يخلص يونان النبي. إن كان الإنسان لا يأتي إليه، يذهب هو إلى الإنسان، لكي يصلحه ويصالحه. كما قال القديس يعقوب السروجي في مناسبة ميلاد المسيح " كانت هناك خصومة بين الله والإنسان. فلما لم يذهب الإنسان لكي يصطلح مع الله، نزل الله لكي يصالح الإنسان". والله لا يجد أن هذا ضد كرامته، أن يبحث عن الإنسان ويسعى إلى محبته! خالق السماء والأرض يجد لذته في البحث عن التراب والرماد! ليعطينا فكرة عن حنان الأبوة وعن سماحة القلب الواسع. وفي البحث عن الإنسان لجأ الله إلى طرق متنوعة عديدة منها التخويف، ومنها العتاب، ومنها الاقتناع، ومنها الملاطفة، ومنها العقوبة.. المهم عنده أن يصل إلى قلب الإنسان ويجد له موضعًا فيه.. الله جوعان حبًا إلى هذا الإنسان، يريد أن يستريح في قلبه. نلاحظ أيضًا أن الله لم يترك الإنسان إلى حريته تركًا كاملًا.. أقصد: لم يتركه إلى حريته، الترك الذي يحمل معنى الإهمال وعدم المبالاة بمصيره، كأنه يقول له "أن جئت، كان بها. وآت لم تأت فأنت وشأنك"!! كلا، بل أن لم تأت إلى، أنا أسعى إليك وأجرى وراءك، وأبحث عنك، وأمسك بك، وأظل هكذا حتى أرجعك. أن رأس الله تريد أن تستريح في قلب هذا الإنسان المتعب لكي تريحه من تعبه، وتحول تعبه إلى راحة.. ونلاحظ في سفر يونان أن بحث الله عن الإنسان كان بحثًا جديًا، وليس بحثًا رسميًا شكليًا. كان بحثا يحمل معنى الإصرار على إرجاع المحبة بأية الطرق، ولو أدى الآمر آن يضرب هذا الإنسان، لكي يستفيق، فيرجع إلى محبته.. هذا هو التأمل الأول. أما الثاني فهو: لا مانع من استخدام العقوبة. لا |
|