رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تفسيـــــــــــــــــــــر سفـــــــــــر أرميـــــــــــــــــا المقدمة الممالك العظمى فى التاريخ فى ايامهم تم سبى مملكة اسرائيل فى ايامهم تم سبى مملكة يهوذا ولكن لمدة 70 سنة فى ايامهم عاد اليهود من السبى أيام كورش الملك بعد تمام 70 سنة كورش الملك شعر بقوة إله إسرائيل حينما أروه نبوة أشعياء (أش28:44،1:45)، التى فيها تنبأ أشعياء عنه بالإسم فأمر بعودة اليهود (عزرا1:1-4). وتنبأ أرمياء بأن مدة السبى 70 سنة وبعدها تسقط بابل (12:25+10:29). مصر أشور بابل الفرس اليونان الرومان 612 ق م 536 ق م 331 ق م تاريخ مملكة إسرائيل دخول كنعان عصر القضاة شاول الملك داود الملك سليمان الملك رحبعام مملكة إسرائيل (10 أسباط) بدأت وانتهيت فى الشر إنتهت المملكة بسبى أشور 722ق م حدث فى أيامه إنشقاق المملكة مملكة يهوذا كانت أفضل لفترة طويلة فإستمرت فترة أطول فترة سبى 70 سنة بدء السبى العودة من السبى ضياع مملكة إسرائيل على يد آشور يمثل كسر الإناء الخزفى (أر19). وتجديد يهوذا يمثله مثل الفخارى (أر18). فترة ما قبل السبى بالتفصيل (فترة ظهور أرمياء النبى) 639 ق م 626 612 606 597 586 بدء خدمة أرمياء بدأت فى السنة 13 ليوشيا وإستمرت حتى فترة وجوده فى مصر جدليا بن اخيقام شهور ثم إغتيل بواسطة إسمعيل صدقيا 11 سنة يهوياقيم 11 سنة سقوط آشور وبداية بابل يوشيا 31 سنة 1. ظلت مصر متسلطة حتى هزيمتها سنة 606 ق.م فى معركة كركميش على يد بابل وبدأ تسلط بابل. 2. إنتهت مملكة يهوذا سنة 586 وسقطت نهائياً ودمر الهيكل وأحرقت أورشليم وسقط سورها. 3. حدث السبى على 4 مراحل. وكان السبى الأول أيام يهوياقيم والسبى الثانى قُتِلَ فيه يهوياقيم والسبى الثالث أُسِرَ فيه يكنيا إلى بابل والسبى الرابع إنتهت به المملكة ايام صدقيا وكلهم بواسطة بابل. ملخص لتاريخ ملوك فترة ما قبل السبى 1. يوشيا:- كان ملكاً قديساً ورث الحكم من أبيه منسى الملك أشر ملوك يهوذا الذى نشر العبادة الوثنية فى يهوذا ومع أنه تاب فى أواخر أيامه إلا أن هذه العبادة كانت قد أنتشرت كالنار فى كل المملكة. وجاء يوشيا فأزال مظاهر العبادة الوثنية ولكنه غالباً لم يستطع أن يزيل ما فى القلوب. بدا فى أيامه ضعف مملكة أشور فإستقلت مصر من قبضتها سنة 650 ق.م على يد بسماتيك وفى أيامه ملك نبوبلاسر سنة 625 ق.م على بابل وأخرب نينوى عاصمة أشور سنة 612 ق.م ولأنه كان هناك تحالف مصر وأشور فحاول نخو ملك مصر مساعدة اشور ضد بابل ولكن تصدى يوشيا ملك يهوذا لنخو ملك مصر وحاربه، ربما لأنه فضل إنتصار بابل ولكن كان هذا خطأ منه فالمعركة لم تكن ضده. وهزم نخو ملك مصر يوشيا وقتله سنة 608 ق.م وكان ليوشيا إصلاحات دينية كثيرة وأعاد للهيكل هيبته وأصلحه وإحتفل بالأعياد خصوصاً بعد العثور على نسخة من كتاب الشريعة وقراءتها. بدأ أرمياء خدمته فى السنة الثالثة عشرة لحكمه. وهاجم أرمياء الإصلاح الظاهرى فالملك يأمر بالإصلاح ولكن الفساد داخل القلوب. وكان أرمياء يطلب القلب التائب ولا يقتنع بالمظاهر. ولذلك هاجم إتكالهم على وجود الهيكل وسطهم بينما أبقوا على الخطية فى داخلهم. والدليل على صدق أرمياء فى ذلك أنه بعد موت يوشيا جاء ملوك فاسدون للحكم ووجدوا قلوباً مستعدة. 2. يهوأحاز:- إبن يوشيا وكان شريراً وكان إسمه قبلاً شلوم وعزله نخو وأسره ومات فى مصر. 3. يهوياقيم:- هو أخو يهوأحاز وكان إسمه إلياقيم وملكه نخو بدلاً من أخيه وكان شريراً أيضاً وحدث فى عهده إرتداد للوثنية وهو أرهق الشعب بالضرائب ليدفع الجزية لمصر. وفى سنة 605 ق.م هُزِمَ فرعون أمام نبوخذ نصر فى معركة كركميش وجاء لأورشليم وإستولى على جزء من انية بيت الرب وسبى بعض سكانها ومنهم دانيال والثلاثة فتية (وكان هذا هو السبى الأول). ودفع هذا الملك الجزية لبابل 3 سنين ثم عصى وتمرد وحذره أرمياء وأرسل لهُ نبواته بأنه يجب عليه الخضوع لبابل فأمسك بالدرج المكتوب به النبوات ومزقه بالمبراة وألقاه فى النار إلى أن تحول لرماد. وصعد عليه نبوخذ نصر وأسره ومات فى الطريق كنبوة أرمياء (وكان هذا السبى الثانى). 4. يهوياكين:- إبن يهوياقيم وإسمه كان يكنيا أو كنياهو وكان شريراً وحاصر نبوخذ نصر أورشليم فى أيامه فإستسلم وسباه لبابل (السبى الثالث) وملك متانيا عم يكنيا مكانه بإسم صدقيا، وقد عاش يكنيا 37 سنة فى بابل ثم رفع الملك البابلى وجهه. 5. صدقيا:- كان شريراً وإنتشرت أيامه العبادات الوثنية وتمرد بعد 8 سنوات من ملكه على نبوخذ نصر وكان ذلك بتشجيع من الأنبياء الكذبة، ولم يقبل أن يستمع لمشورة أرمياء. فجاء نبوخذ نصر فى السنة التاسعة لملكه وحاصر أورشليم 18 شهراً. وفى أخر فترة الحصار نقب البابليون السور وهرب صدقيا ولكن أدركه الكلدانيون (البابليون) وقتلوا أولاده أمام عينيه ثم فقأوا عينيه (وكان هذا هو السبى الرابع). ولم يبق بعد هذا السبى فى يهوذا سوى مساكين الأرض. وبنهاية ملك صدقيا إنتهى كرسى داود وسقطت المملكة. 6. جدليا بن أخيقام:- أقامه الكلدانيون على الشعب المتبقى وحكم لعدة شهور ثم أغتيل بيد إسمعيل فى مؤامرة. وهرب إسمعيل بعد ذلك. فخاف الشعب المتبقى من إنتقام نبوخذ نصر منهم لأن بعض البابليون مات فى هذه المؤامرة، وصمموا على الهرب إلى مصر طلباً لحمايتها. وكان هذا ضد رأى أرمياء بعد أن سأل الله. ولكنهم لم يستمعوا لنبوته بهلاكهم فى مصر بل أجبروا أرمياء النبى على الذهاب معهم إلى مصر. حيث إنتهت حياته فيها بالإستشهاد رجماً بالحجارة على يد الشعب اليهودى الذى لجأ لمصر (وهذا بحسب التقليد) شخصية وخدمة أرمياء النبى 1. إختاره الله فى سن صغيرة ولذلك قال "جيد للرجل أن يحمل النير فى شبابه". وكان النير بالنسبة له خدمته وإضطهاده من الجميع واحزانه على ما سوف يحدث لشعبه (مرا27:3) 2. إستمرت خدمته حوالى 41 سنة فى مملكة يهوذا قبل سقوطها وبعد سقوطها ثم إستمرت خدمته ونبواته فى مصر لمدة يصعب تحديدها. وكان كاهناً من عائلة كهنوتية من بلدة عناثوث. 3. فى مقارنة مع إشعياء نجد هناك فارقاً، فأسلوب أرمياء أعنف وتهديداته أكثر والسبب زيادة فساد الشعب، فحينما تزداد الخطية يجب أن يكون التوبيخ أعنف. وكانت إنذاراته تتلخص فى أنه إن لم يقدموا توبة عن خطاياهم فسيسلمهم الله ليد نبوخذ نصر، والله دائماً ينذر قبل أن يضرب ولذلك لنلاحظ قول الله الذى تكرر كثيراً فى هذا السفر "أنذرتكم مبكراً" لذلك يعتبر هذا السفر سفر إنذار مبكر. وكان الإنذار بالخراب بكلمات واضحة. 4. حينما إزداد عناد الشعب والملك تغيرت اللهجة إلى أن الإستسلام واجب لملك بابل. فقد كان حكم الله قد صدر. ومن مراحم الله انه حتى بعد أن قضى عليهم بهذا يرشدهم لأحسن وسيلة حتى تكون الخسائر أقل ما يمكن فبالتأكيد كان إستسلامهم للسبى افضل من حريق وخراب دولتهم وهيكلهم وكل شىء. ولكن إتهموا النبى بأنه خائن ومتواطىء مع ملك بابل لأنه كان يتنبأ بإنتصاره ولكن هذا مردود عليه بالأتى:- أ. هو نفسه تنبأ بخراب بابل عدة مرات، بل هناك إصحاحين كاملين عن هذا (51،50) فلو كان عميلاً لملك بابل لما تجرأ على ذكر هذا الخراب الرهيب ضد بابل. ب. تنبأ برجوع الشعب من السبى (14:16، 21:31، 6:32). ت. بل هو حدد فترة السبى بـ70 سنة يعقبه خراب بابل (12:25، 10:29). ث. كان مفهوم النبى عن السبى انه علاج للخطية المتفشية وبالذات الوثنية ويشرح هذا بوضوح فى إصحاحى 19،18 ففى إصحاح (18) الفخارى يعيد تشكيل الإناء الذى فسد وفى إصحاح (19) إذا وصل الفساد إلى الحد الذى لا يُرجى منه صلاح يكسر الفخارى الإناء وهذا ما حدث مع إسرائيل. وكان هذا العلاج ناجحاً جداً فلم ترجع إسرائيل أبداً لعبادة الأوثان بعد عودتها من السبى. 5. كان نبياً مُعذَباً مضطهداً من شعبه ومن الكهنه ورؤسائهم ومن الملوك بل ومن عائلته. وهو عاش وتنبأ فى أيام ما قبل خراب أورشليم بيد بابل كما عاش المسيح أيام ما قبل خراب أورشليم بيد الرومان وكانت أخلاقيات الشعب فى الحالتين متشابهة وعلى درجة كبيرة من الإنحطاط فكما إضطهدوا الرب يسوع (شعباً وكهنة وملوكاً) هكذا كان الحال مع أرمياء فالخطاة لا يحتملوا الأبرار ولا الشيطان يحتمل أولاد الله ولذلك جاء عليهم الغضب لنهايته (1تس16،15:2). وأنتهت حياته رجماً بيد اليهود وحين جاء الإسكندرالأكبر لمصر أخذ عظامه المدفونة بإهمال وحملها للإسكندرية ودفنها هناك. 6. كان نبياً باكياً وسمى بالنبى الباكى لبكائه على خطايا شعبه ومصيرهم الذى أعلنه الله له وسمى كذلك بسبب كتابته للمراثى ولذلك ظن بعض معاصرى المسيح انه إرمياء لأنه كان باكياً أيضاً وكان رجل أحزان مختبر الألم (مت14:16). 7. نبوات أرمياء غير مرتبة زمنياً ويمتزج فيها التهديدات بالمراحم الإلهية للتائبين. 8. وعود الخلاص من السبى تشير بوضوح للخلاص بواسطة المسيح. 9. فى نبوة باروخ (الأسفار القانونية الثانية) توجد عظة من ارمياء للمسبيين يدعوهم لعدم عبادة الأوثان وبطل ذلك وغباء عباد الأوثان. باروخ 6 وفى أسفار المكابيين (2مك4:2) نرى أن أرمياء خبأ تابوت العهد ومذبح البخور فى كهف بعد خراب الهيكل. 10. عانى كثيراً أرمياء النبى من الأنبياء الكذبة الذين يعطون للشعب وعوداً كاذبة بالسلام بينما كان النبى أرمياء ينذرهم بالخراب بسبب الخطية. ولكن هكذا الناس فى كل جيل يميلون لسماع الكلام الناعم المعسول عوضاً عن الحقيقة. وكان النبى لا يرى وسيلة للسلام سوى التوبة وإصلاح الداخل. "سلام سلام ولا سلام لأنكم أشرار" (14،13:6). 11. بالمقاييس البشرية كان أرمياء فى خدمته فاشلاً فلا نرى أن احداً تاب بسببه ولكن كان هو صوت الله الذى بسببه سيدين الله هذا الشعب غليظ الرقبة فهم قد سمعوا ورفضوا. 12. كان النبى يتعب كثيراً من إضطهاده وتعذيبه وإستمر صراخه (طوال العشرون إصحاحاً الأوائل) ولكن أعقب هذا الصراخ سلام فهو كان صراخاً لله وليس شكوى للناس فالله قادر أن يسمع ويحل المشكلة ويعطى عزاء ولكن البشر غير قادرين على ذلك. 13. بالنسبة لموقف النبى من التحالفات مع الدول المحيطة فكان رأيه عدم الإعتماد عليهم (مصر مثلاً) وأن يكون إتكال الشعب على الله فقط. ولأن رأيه خالف أراء الرؤساء إضطهدوه. 14. معنى إسمه فى العبرية الرب يؤسس (أرم = يرمم) وهو من عناثوث التى فى أرض بنيامين (4 ميل شمال شرق أورشليم) ووجه الله لهُ الدعوة قائلاً "قبلما صورتك فى البطن عرفتك وقبلما خرجت من الرحم قدستك، قد جعلتك نبياً للشعوب" وقد مس الرب فمه ليعده للخدمة دون أن يذكر شيئاً عن تطهره كما ذُكرَ عن إشعياء (أش 6) ربما لأن سنه كان صغيراً كما يقول القديس جيروم وقد واجه ظلم شديد من كل طوائف شعبه ولم يصنع شيئاً سوى البكاء والصلاة فشابه المسيح "ظُلِمَ اما هو فتذلل" وقد عاصره من الأنبياء صفنيا فى يهوذا ودانيال وحزقيال فى بابل (صف 1:1). 15. بعد إكتشاف سفر الشريعة الذى يشدد على أن العبادة تكون فى أورشليم أخذ أرمياء يبشر بهذا فحدث عداء بينه وبين الكهنه الذين كانوا يمارسون طقوسهم بعيداً عن أورشليم وهاج عليه أهله فى عناثوث لأنه خالفهم وكشف اخطائهم فحاولوا قتله. 16. ظهور أرمياء بعد موته:- يُذكر هذا فى (2مك12:15-16) أنه ظهر فى جلال وبهاء مع أونيا الحبر الأعظم فى حلم ليهوذا قبل حربه مع نيكانور وتحدث اونيا مع يهوذا المكابى يعرفه بأرمياء. فقال هذا محب الأخوة المكثر من الصلوات لأجل الشعب والمدينة المقدسة، أرمياء نبى الله ثم مد أرمياء يمينه واعطى يهوذا سيفاً من ذهب وقال خذ هذا السيف المقدس هبة من عند الله تحطم به أعداؤك وفعلاً فقد إنتصر يهوذا المكابى فى تلك الحرب وقتل نيكانور مع 35000 من جنده. 17. أرمياء وباروخ:- باروخ بن نيرياهو الذى صاغ كلمات السفر حسب ما أملاه له أرمياء وغالباً فهو الذى أضاف الأحداث التاريخية وتاريخ أرمياء الشخصى وباروخ هو أيضاً نبى وله نبوة بإسمه فى الأسفار القانونية الثانية ويجىء موضع نبوته بعد مراثى أرمياء. وتشمل رسالة من أرمياء للمسبيين. 18. فى مقارنة بين أرمياء ويونان النبيين نجد فرقاً يشير لمحبة أرمياء الفائضة فنجد أرمياء ينوح على ما سبق وأنبأ به من خراب وما كان أبهج أرمياء لو حدث وثبت خطأ كل نبواته أو أنها لم تتم ونجا الشعب بالرغم من ان تنفيذ النبوات يثبت صدق إرساليته. 19. مصر فى سفر أرمياء :- أثناء حصار بابل لأورشليم أتى فرعون حفرع أو هفرع لمعونة صدقيا المحاصر فرفع نبوخذ نصر الحصار إلى حين يرد على هفرع (أر5:37) ولكن كان هذا لمدة أيام. وفى النهاية قُتل هفرع بيد شريكه فى الحكم أحمس الثانى وفقاً لنبوة أرمياء (3:44) وفى أثناء حكم احمس الثانى 570-526 ق.م تقدم نبوخذ نصر زاحفاً كما تنبأ أرمياء (10:43-13)، (13:46-26) والمدن المصرية المذكورة فى السفر هى نو = (25:46) وتسمى أمون نو أو امون وهى طيبة والأن الأقصر وكانت عاصمة مصر ومركز عبادة الإله أمون. وبيت شمس (13:43) = وهى أون أو هليوبوليس أى مدينة الشمس مركز عبادة الإله رع. وهى بجانب المطرية. وتحفنحيس (7:43-9) = وإتخذها اليهود اللاجئين مسكناً لهم وهى الأن تل دفنة على بعد 16 كم من القنطرة ناحية غرب. وفتروس= إستوطن بها بعض اليهود وهى فى الجنوب (15،2،1:42) ونوف = هى ممفيس = ميت رهينة جنوب القاهرة عند هرم سقارة ومجدل = إسم فى اللغات السامية بمعنى حصن وهى مدينة شمال مصر على حدودها تجاه فلسطين والعبارة "من مجدل إلى أسوان" تشير للأرض المصرية كلها من الشمال إلى الجنوب. ونلاحظ أنه بعد سقوط أشور سنة 612 ق.م على يد بابل حاولت مصر أن تتسيد على المنطقة كبديل لأشور، فخرج جيش مصر مستغلاً ضعف أشور بعد سقوطها وأن بابل ما زالت مملكة وليدة. ولكن يوشيا أخطأ فى حساباته وخرج ليحارب نخو ملك مصر، فهزم نخو يوشيا وقتله، ولكن بابل هزمت مصر بعد ذلك فى معركة كركميش، فعاد فرعون أدراجه إلى مصر. ولكن ملوك مصر لم يكفوا عن المحاولات، وكانوا يحرضون ملوك المنطقة ومنهم ملك يهوذا، على أن يتمردوا على ملك بابل، وكانوا يشجعون ملوك يهوذا أن يقيموا حلفاً مع مصر به يقاومون حكم بابل. إذاً لقد حاولت مصر أن تتزعم حلفاً فى المنطقة ضد بابل ولكن كان رأى أرمياء أنه لا يوافق على هذا الحلف، بينما أن الأنبياء الكذبة فى أورشليم شجعوا ملوك يهوذا على ذلك، وهذا مما حمل الجميع ملوكاً وكهنه، وأنبياء كذبة، بل والشعب، على الوقوف ضد أرمياء وإضطهاده.وكانت دعوة أرمياء لصدقيا آخر ملوك يهوذا لأن يلتزم بتعهداته وحلفه (أقسامه) لنبوخذ نصر ملك بابل بأن يظل خاضعاً لهُ، ولكن صدقيا كان أضعف من أن يقف فى وجه التيار المؤيد للتحالف مع مصر ضد بابل. وكان أن خيانة صدقيا ونقضه لحلفه الذى حلف به أمام نبوخذ نصر، قد أغضبت الله جداً، إذ إعتبر الله أن القسم بإسمه والرجوع عن ذلك هو إهانة له (حزقيال13:17-16) وقطعاً فلقد وجهوا تهمة لأرمياء هى أنه ضد الوطن ومصلحته، وأنه خائن لشعبه ووطنه. إن مصر فى وثنيتها وكبريائها كانت ترمز لكبرياء العالم، وبخيراتها ونيلها وقوتها ترمز لخيرات هذا العالم وقوته الزمنية. وكان أرمياء فى تحذيراته بعدم الإلتجاء لمصر، بل الإلتجاء لله بتوبة حقيقية هو نداء الكتاب المقدس دائماً لمن فى شدة، ان لا يحاول إصلاح حاله بالإعتماد على قوة بشرية، بل ان يصلح من حاله، وقلبه، وحينئذ يصلح الله له كل ما وقع فيه من مشاكل. وان نحتمى بالله وليس بالأموال والوساطات... ألخ. 20. معنى إسم النبى وموضوع النبوة معنى إسم أرمياء = الرب يؤسس. فالله يهدد بأن بابل ستخرب يهوذا وأورشليم وتضرب الشعب، لا لأن الله يريد أن ينتقم، بل لأن الله يريد أن يعيد تأسيس شعبه من جديد بعد أن فسد. وهذا معنى مثال الفخارى الذى أراه الله للنبى ارمياء (إصحاح 18) وهذه كانت أول كلمات الله لأرمياء (أر10:1) وقد وكلتك اليوم على الشعوب لتقلع وتهدم وتهلك وتنقض وتبنى وتغرس وهذا هو معنى إعادة التأسيس كما حدث فى الطوفان أيضاً... هلاك الميئوس من إصلاحهم (مثل إبريق الفخارى أر 19) وإعطاء حياة جديدة لمن يوجد فيه رجاء فالله لا يقصف حتى القصبة المرضوضة. وهناك من فسر إسم النبى هكذا "الرب يرمى" وبهذا المعنى، فالله قرر أن يرمى شعبه فى يد بابل ليؤدب شعبه، وبعد أن ينتهى التأديب، يرى الله عصا التأديب هذه أى بابل (وهذا هو موضوع إصحاح أر51). فبعد أن تؤدى العصا دورها، يرميها الله. وهذه هى طريقة الله دائماً، فكما ألقى الله أو رمى شعبه فى يد بابل ليتأدب هذا الشعب، أسلم الله الخليقة للباطل (رو20:8) حتى تتأدب. وبعد أن تنتهى عملية التاديب يُلقى الله هذه العصا (أى إبليس) فى البحيرة المتقدة بالنار (رؤ10:20). لقد ظن اليهود أن نبوات أرمياء ضدهم بأنهم سيقعوا فى يد ملك بابل هى خيانة للأمة بينما أن الله كان يعد العدة وسيستخدم ملك بابل فى إعادة تأسيس يهوذا روحياً يُسَلم مثل هذا للشيطان لهلاك الجسد لكى تخلص الروح فى يوم الرب يسوع (1كو5:5) وتهمة الخيانة الوطنية وجهت للرب يسوع نفسه، وأنه بتعاليمه سيجعل الرومان ياتون على دولة اليهود (يو47:11). بينما أن المسيح أتى ليعيد تأسيس البشرية وتجديدها وما زال أسلوب المسيح فى إعادة تاسيس الكنيسة هو موت وحياة، وهذا يتم بالمعمودية (رو2:6-8) وهذه تساوى تماماً (أر10:1). وهذه أيضاً تساوى مثل الفخارى. وما زال المسيح يسمح بان نقع فى يد إبليس لنتطهر ونتادب بالتجارب. وهذا ما حدث مع أيوب ومع بولس (2كو7:12) لذلك يفرح المؤمن بالتجارب (يع2:1) فمن تألم فى الجسد كف عن الخطية (1بط1:4) وكلما كان الجسد الخارجى يفنى بالتجارب والألام يتجدد الداخلى يوماً فيوم (2كو16:4). 21. أرمياء والمسيح أ. كان أرمياء يعيش وسط حالة من الإنحطاط الفظيع على كل المستويات، وهكذا كان المسيح. وكما تنبأ أرمياء عن خراب أورشليم هكذا فعل المسيح. قارن (أر16،15:1) مع (مت38:23) وكما كان أرمياء نبياً باكياً، هكذا بكى المسيح على أورشليم وما سيحدث لها (لو41:9-44) + (لو28:23-31). ب. كان أرمياء نبياً مرفوضاً من شعبه (18:11-21) ومن إخوته (13:14-16 + 10:28-17) هم ضربوه ووضعوه فى مقطرة وهددوه بالقتل (21:20 + 8:26 + 26:36) هم سجنوه وإتهموه بالخيانة الوطنية (3،2:32 + 11:37-15) ووضعوه فى جب ليموت (6:38) وقيدوه بسلاسل (1:40). أرمياء كان مرفوضاً من الجميع ملوكاً وكهنة وشعب وأنبياء كذبة، وهكذا كان المسيح الذى قيل عنه " إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله (يو11:1) والشعب صرخ قائلاً أصلبه أصلبه، دمه علينا وعلى أولادنا. وإخوته لم يقبلوه (مر21:3) + (يو5:7) ولقد ضُرِب السيد وصُلب ودفنوه. فاليهود أبغضوا أرمياء وهكذا المسيح، فمن يحيا فى الظلمة يبغض النور، الخاطىء لا يريد أن يوبخه أحد، (يو20:3+7:7). ت. تنبأ أرمياء عن العهد الجديد، بل هو الذى أطلق هذا الإسم (31:31-34) وتنبأ عن المسيح (3:23-6) فأسماه غصناً وأنه يملك بعدل ويخلص ويعطى شعبه سلاماً وأنه برنا. وأنه سيعيد للبشر ميراثهم (8:23). ويسمى المسيح داود ملكهم الذى يقيمه الرب لهم (9:30) وان المسيح يساق للذبح كخروف (19:11) وعن ألام المسيح وأحزانه التى صار أرمياء فيها رمزاً للمسيح (أر9:23) ومرة أخرى يتنبأ عن ميلاد المسيح بالجسد ويسميه غصناً (فى15:33)، وأن هذا كان بحسب وعود الله ونبوات الأنبياء (14:33) وأن المسيح هو الذى سيخلص شعبه (16:33) وهو الذى يبررهم (16:33) ويتنبأ عن الكهنوت المسيحى (18:33). ولاحظ أن فى قول أرمياء الرب برنا (6:23 + 16:33) نبوة عن لاهوت المسيح. ويتنبأ أرمياء عن قتل أطفال بيت لحم (15:31) + (مت18،16:2). وفى (17،15:15) نرى أرمياء رمزاً للمسيح فى إحتماله للعار، وفى إحتماله للأحزان. وفى مثل الخزاف (أر18) نرى عمل المسيح فى إعادة تشكيل الخليقة لتصير فى المسيح خليقة جديدة (2كو17:5). ث. أرمياء فى إحتماله للألام كان حاملاً للصليب، وكل من يحمل الصليب يتمجد، فالصليب مجد (يو39:7)، ومن يحتمل الصليب يكون شريكاً للمسيح فى صليبه وبالتالى فى مجده (رو17:8). ولنرى هذا عملياً، فلقد قال الله لأرمياء يوم إختاره وكلفه بعمله البنوى "ها قد جعلت كلامى فى فمك" (أر9:1). وبعد أن ذاق أرمياء الألام التى تحملها لأجل الله نسمع قول الله له "مثل فمى تكون" وهذه درجة أعلى وأمجد (أر19:15). ج. فى (أر1:1-3) يحدد النبى مدة نبوته، ولكن هذا التاريخ المدون هنا سجله النبى غالباً وهو فى أورشليم بعد أن سقطت فى يد نبوخذ نصر ملك بابل وأحرقها، وتم ما تنبأ عنه أرمياء النبى، لكن النبى إستمر فى نبواته حتى بعد أن أخذوه معهم عنوة إلى مصر. ولقد إستمر أرمياء فى نبواته حوالى 50 عاماً. الإصحاح الأول الأيات 1-3:- كلام ارميا بن حلقيا من الكهنة الذين في عناثوث في ارض بنيامين. الذي كانت كلمة الرب اليه في ايام يوشيا بن امون ملك يهوذا في السنة الثالثة عشرة من ملكه. و كانت في ايام يهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا الى تمام السنة الحادية عشرة لصدقيا بن يوشيا ملك يهوذا الى سبي اورشليم في الشهر الخامس. فيها تقديم السفر وزمن النبوة وخدمة إرمياء. وقد بدأ خدمته أيام يوشيا وكان قصد الله أن يساعد يوشيا فى إزالة العبادة الوثنية. وكانت كلمة الرب إليه= وهذا تفويض لهُ بالنبوة ورؤيا بالأشياء التى سوف يتنبأ عنها. وكان من المفروض حين يوجد ملك مثل يوشيا قديس ونبى مثل أرمياء النبى العظيم أن يقدم هذا الشعب توبة ولكن للأسف فهم إستمروا فى وثنيتهم ولذلك كانت نهايتهم الخراب. ولنلاحظ فترة خدمة النبى أنها حوالى 40 عاماً قبل السبى وهذا هو الإثم الذى حمله حزقيال على جانبه الأيمن لمدة 40 يوما (حز4) فمما ضاعف من خطية يهوذا وجود ملك ونبى عظماء مثل هؤلاء. ومع أن النبى إستمر فى نبواته بعد التاريخ المدون هنا إلا أنه حدد هذا التاريخ لأن نبوته كانت تختص بالسبى وبالسبى تحقق ما تنبأ عنه. الأيات 4-5:- فكانت كلمة الرب الي قائلا. قبلما صورتك في البطن عرفتك و قبلما خرجت من الرحم قدستك جعلتك نبيا للشعوب. الله هو الذى يختار الراعى لشعبه. وهو الذى يعلم من البطن من يصلح لهذا العمل فيختاره. والله هنا يشجعه بهذه الكلمات أنه هو الذى إختارهُ وعينه نبياً للشعوب = من هم الشعوب الذين أرسله الله إليهم: 1. لأنه مُرْسَلْ أساساً لليهود فكأن الله إعتبرهم مثل الشعوب الباقية لوثنيتهم فأسماهم شعوب. 2. ولأن أرمياء تنبأ أيضاً ضد الشعوب أى الأمم. 3. ولأن نبوة أرمياء موجهة للأن لكل شعب فى كل العالم. وكما إختار الله أرمياء من بطن أمه هكذا إختار بولس (غل 15:1) فالله الخالق العظيم يعرف كيف يستفيد من كل واحد من خليقته وبما أعطاه لهم من مواهب... قدستك = خصصتك. أية 6:- فقلت اه يا سيد الرب اني لا اعرف ان اتكلم لاني ولد. هنا إعتذار متواضع من أرمياء. فهو يشعر أنه صغير. وهو ليس تواضع مصطنع. أية 7:- فقال الرب لي لا تقل اني ولد لانك الى كل من ارسلك اليه تذهب و تتكلم بكل ما امرك به. الله هنا يشجعه أنه وراءه ويسنده فعليه أن لا يخاف. فإحساسنا بعدم إستحقاقنا للخدمة لا يجب أن يجعلنا ننسحب منها حين يدعونا الله. ويحسب لأرمياء أنه بعد تشجيع الله ووعده لم يُصَر على الإعتذار مثل موسى الذى غضب الله منه بسبب إصراره على الإعتذار. والله سبق وإختار صموئيل وهو صغير. فالله يعطى معرفة للعقل وكلمة عند إفتتاح الفم (1كو13:2، حز3). أية 8:- لا تخف من وجوههم لاني انا معك لانقذك يقول الرب. وعد الله هنا ليس أن يزيل المشقات والمتاعب من أمامه، فالله لا يعفى خدامه من الضيقات بل يسندهم فيها ويحميهم وهذا ما يشجع خدام الله (أع10،9:18)، (حز9:3). أية 9:- و مد الرب يده و لمس فمي و قال الرب لي ها قد جعلت كلامي في فم. جمرة إشعياء كان فيها تطهير أما لمس الرب لفم إرمياء تشير للتأهيل والإعداد. فعليه أن لا يعترض بأنه لا يعرف أن يتكلم فالله هو الذى يسمعه ويعلمه ما يتكلم به (مت19:10) أية 10:- انظر قد وكلتك هذا اليوم على الشعوب و على الممالك لتقلع و تهدم و تهلك و تنقض و تبني و تغرس. هنا الله يعطيه سلطاناً فهو كمن يحكم ليس بالسيف ولكن بالكلمة. وكلتك = إذن هو وكيل لله وفى مقابل الكرامة هناك المسئولية. لتقلع وتهدم = نبواته بالدينونة والخراب هى إنذار بأن الخاطىء سيقلع، وتبنى وتغرس = نبواته بالرجوع من السبى هى وعد بأن التائب سيزرع من جديد ويبنى من جديد فى أرضه. ولكى يبنى من جديد يلزم أن ينقض القديم حتى الأساس. والله أراد أورشليم جديدة فنقض القديمة. والمعمودية هى موت ثم قيامة (رو6). وهكذا الله يحوَل الولد الصغير بنعمته لجبار فالله هو الذى يعمل. الأيات 12،11 :- ثم صارت كلمة الرب الي قائلا ماذا انت راء يا ارميا فقلت انا راء قضيب لوز. فقال الرب لي احسنت الرؤية لاني انا ساهر على كلمتي لاجريها. الله فى بدء تعامله مع أرمياء أراه رؤى تشير لخراب أورشليم حتى تنطبع فى قلبه طوال فترة خدمته. ونرى هذا فى هذه الرؤيا، قضيب اللوز والتى تليها، القدر. فالله يعلن أن الشعب نما للخراب وأن الخراب يُسْرِعْ حثيثاً تجاههم. وشجرة اللوز تزهر فى يناير مبكراً جداً قبل كل الأشجار وتعطى ثمارها فى مارس لذلك يسميها العبرانيون hasty tree أى الشجرة المتعجلة. وهنا تلاعب بالألفاظ فأيضاً الله متعجل = ساهر على كلمته ليجريها، أى قراره بخراب أورشليم. فكلمة قضيب اللوز(شاقد) بالعبرية هى نفسها كلمة ساهر تقريباً (شوقد). والقضيب هو قضيب التأديب ضد أورشليم. ولأن الخطية ملأت أورشليم فالله يتعجل خرابها. وقال الله لأرمياء أحسنت لأنه عرف أنها شجرة لوز وهى لم تثمر بعد وهذا لا يعرفه إلا خبير. وكان أيضاً خراب أورشليم لم يظهر أى دليل لهُ ولكن أى خبير روحى يستطيع أن يراه فإذا زادت الخطية وتفشت فمن المؤكد أن وراء هذا خراب قريب. الأيات 13-16:- ثم صارت كلمة الرب الي ثانية قائلا ماذا انت راء فقلت اني راء قدرا منفوخة و وجهها من جهة الشمال. فقال الرب لي من الشمال ينفتح الشر على كل سكان الارض. لاني هانذا داع كل عشائر ممالك الشمال يقول الرب فياتون و يضعون كل واحد كرسيه في مدخل ابواب اورشليم و على كل اسوارها حواليها و على كل مدن يهوذا. و اقيم دعواي على كل شرهم لانهم تركوني و بخروا لالهة اخرى و سجدوا لاعمال ايديهم. تشير رؤيا القدر، لقدر موضوع على فرن مشتعل يتم تغذيته بالوقود والنار من ناحية الشمال. والقدر تشير لأورشليم التى ستغلى حالاً حين يشتعل الفرن وإشتعال الفرن يشير لهجوم بابل الذى سيأتى من جهة الشمال. وبابل جيشها كان مكوناً من العشائر والشعوب التى وحَدها نبوخذ نصر تحت قيادته = هأنذا داعٍ كل عشائر. ويشير هذا لجيش بابل. وجيش بابل يستخدمه الله هنا كوسيلة تأديب. وهذا إنذار لهم لعلهم يتوبون عن وثنيتهم. والعقوبة تشير لإستيلاء الجيش البابلى على أسوار وأبواب أورشليم والمعنى أن من يستسلم للشيطان وإغراءاته سيسيطر الشيطان عليه ويحيطه ويستعبده. قدر منفوخة = تترجم قدراً تغلى فى إضطراب. ووجهها جهة الشمال = أى مكان دخول النار. الأيات 17-19 :- اما انت فنطق حقويك و قم و كلمهم بكل ما امرك به لا ترتع من وجوههم لئلا اريعك امامهم. هانذا قد جعلتك اليوم مدينة حصينة و عمود حديد و اسوار نحاس على كل الارض لملوك يهوذا و لرؤسائها و لكهنتها و لشعب الارض. فيحاربونك و لا يقدرون عليك لاني انا معك يقول الرب لانقذك. نطق حقويك = إستعد لهذه الخدمة وآمن بأن الله سيسندك ولا تهتم بشىء أخر، أى إنزع عنك كل إهتمام وإنشغال دنيوى وإنشغل بهذه الخدمة. وعليك أن تبلغ الكلام الذى أضعه فى فمك كما هو = كلمهم بكل ما آمرك مهما كان من شدته ضد الشعب ولا ترتاع من وجوههم = فكلمة الله يجب أن تصل بامانة لهذا الشعب، وعليه أن لا يخاف منهم، فهم لن يقبلوا كلمة الله وسيخيفونه ولكن عليه أن يؤمن بأن الله يسنده، وإذا آمن بهذا يكون لهُ سلام وسيشعر بهذا السلام يملأ قلبه، أما لو خاف منهم وإرتعد فهذا معناه عدم ثقة فى الله فينزع الله سلامه منه = لئلا أريعك أمامهم = فالله هو الذى يعطى السلام ويعطى أيضاً الجسارة والقوة فماذا يحدث لو أن النبى بعد أن تكلم بكلمة الله خاف من نتائجها وشكَ فى حماية الله له؟ُ سيحرم من السلام والقوة فيرتاع بالأكثر. إذاً الإيمان هو أفضل حماية للإنسان ضد شر الأشرار ومكائدهم. وأنظر لوعد الله لهُ فى أية (19) فهو سيجعله محصناً ضد شرور الجميع، فقط عليه أن يؤمن. ولكن هذا لا يعنى أنه لن يكون هناك حروب ضده (20) فيحاربونك ولا يقدرون عليك لأنى معك. خلاصة الإصحاح:- فسد الإنسان بالخطية وإنساق لإبليس وإستعبده إبليس وكان الله يتعجل خلاص الإنسان (شجرة اللوز) وحينما جاء ملء الزمان (أزهرت الشجرة) جاء المسيح لينقض ويهدم (بالموت) ثم يغرس ويبنى (بالقيامة) (هوذا الكل صار جديداً). ملاحظات نرى فى أية 5 ان الله قد إختار أرمياء لعمله النبوى وهو ما زال فى بطن أمه. وهكذا إختار بولس لرسوليته وهو ما زال فى بطن أمه، وإختار يعقوب دون عيسو وهما ما زالا فى البطن (غل15:1) + (رو11:9) فما معنى هذا؟ راجع (رو29:8) "سبق فعرفهم" فالله يعرف ماذا سيكون عليه الشخص، وذلك وهو ما زال فى بطن أمه. ويقول بولس الرسول عن أولاد الله "أن الله سبق وخلقهم لأعمال صالحة أعدها لكى يسلكوا فيها" (أف10:2) إذاً فالله خلقنا وفق خطة معينة، ولكل منا فى حياته خطة، والله قدَس أولاده أى هو خصصهم وكرسهم لهُ، لينفذوا خطته التى وضعها كما قال لأرمياء "قدستك" ونحن نخرج من المعمودية والميرون مقدسين لله. بل أن الله يعطى لكل منا مواهب تعينه على تنفيذ هذه الخطة (وهى الوزنات) (1بط10:4). خلاصة الإصحاح فسد الإنسان بالخطية وإنساق لإبليس، فإستعبده إبليس وكان الله يتعجل خلاص الإنسان (شجرة اللوز المتعجلة). فمعنى رؤيا شجرة اللوز المباشر، هو أن الله يتعجل خراب أورشليم بسبب خطاياها، ولكن الله لا يُسر بموت الخاطىء مثل أن يرجع ويحيا (حزقيال23:18). والمعنى غير المباشر أن الله يُهلك أورشليم لكى يجددها، ويعيد تأسيسها، وهذا ما سيفعله المسيح ويكون أرمياء هنا رمزاً للمسيح. لذلك يقول الله لأرمياء أنه سيكون نبياً للشعوب والمسيح جاء لليهود والأمم. وأرمياء سينقض ويهدم وذلك بنبواته بهلاك أورشليم، والمسيح بموته وبالمعمودية يموت الإنسان العتيق، ويقلع المسيح بهذا ما زرعه الشيطان من زوان. وأرمياء يغرس ويبنى، والمسيح سيبنى بالقيامة الإنسان الجديد كخليقة جديدة (2كو17:5). والله بهذا يتعجل (شجرة اللوز) أن يعيد الخلقة ويعطى حياة للبشر. ولهذا سمعنا عن أرمياء كرمز للمسيح أنه سيكون مدينة حصينة = تحتضن الناس وعمود حديد يبنى عليه هيكل الرب وأسوار نحاس يحتمى وراءها الكثيرين... وهذه صفات المسيح حقيقية. الإصحاح الثانى غالباً هذا الأصحاح هو عظة إرمياء الأولى بعد إرساليته، وفيه يظهر النبى للشعب تعدياته ويوبخهم ليتوبوا. ويظهر لهم بشاعة خطاياهم وأهمها الوثنية. أية 2،1 :- و صارت الي كلمة الرب قائلا. اذهب و ناد في اذني اورشليم قائلا هكذا قال الرب قد ذكرت لك غيرة صباك محبة خطبتك ذهابك ورائي في البرية في ارض غير مزروعة. الله قبل أن يوبخهم ذكرهم بمحبتهم الأولى حتى لا ييأسوا. وفى بداية حياة الإنسان مع الله يكون لهُ هذا الإختبار فى حلاوة المحبة الأولى وياليتنا لا نترك محبتنا الأولى. فالله ذكر لأورشليم محبة صباك = حين وعدوا موسى وقالوا كل ما قاله الرب نفعل وحين سبحوا الرب بعد الخروج. وأنهم لم يرتدوا إلى مصر بالرغم من صعوبات البرية. وأنهم إرتبطوا معه بعهد وكان هذا العهد هو خطبتهم لله وصاروا عروساً لهُ فتبعوه بأمانة. وتعبير الخطبة إستعمله كثيرين. أية 4،3:- اسرائيل قدس للرب اوائل غلته كل اكليه ياثمون شر ياتي عليهم يقول الرب. اسمعوا كلمة الرب يا بيت يعقوب و كل عشائر بيت اسرائيل. بهذا العهد بينهم وبين الله صاروا قدساً للرب مخصصين لكرامته وأوائل غلَته = فهم أول كنيسة فى العالم وسط كل الأمم وهذا ينطبق على كل القديسين (يع18:1) وصار الله عدواً لأعدائهم = كل أكليه يأثمون والمعنى أن الباكورات كان يمنع أكلها إلا للكهنة ومن يأكلها يأثم فكأن كل من حاول أن يعتدى عليهم ويأكلهم يكون كمن يأكل قدس الرب فيكون مجرماً ومتعدياً على الرب (هذا فيه عتاب رقيق لهم، فالله يقول لهم انتم لى فلماذا تتركونى). أية 5:- هكذا قال الرب ماذا وجد في ابائكم من جور حتى ابتعدوا عني و ساروا وراء الباطل و صاروا باطلا. الله هنا يكشف نكرانهم للجميل فهم بدأوا حسناً ثم إرتدوا، بدأوا بالروح وأكملوا بالجسد. وساروا وراء الباطل= أى الألهة الوثنية وأصنامها. والباطل هو اللاشىء وإسرائيل فى سعيه وراء اللاشىء أى الباطل صاروا باطلاً أى لا شىء وفراغ وهكذا كل من يسعى وراء شهوة البطن وشهوة الجسد وهكذا كان الغنى الأحمق (راجع1كو4:8) + (رو21:1) اما من يسير وراء الله الحق يصير شريك الطبيعة الإلهية. أية 6:- و لم يقولوا اين هو الرب الذي اصعدنا من ارض مصر الذي سار بنا في البرية في ارض قفر و حفر في ارض يبوسة و ظل الموت في ارض لم يعبرها رجل و لم يسكنها انسان. الله يذكرهم بحمايته لهم وإعطائه المن والماء من الصخرة وسط برية قاحلة برية موت فهو لم يظلمهم فلماذا تركوه؟ غير أن داود النبى يعبَر عن حال أولاد الله الذين لم ينسوه "وإن سرت فى وادى ظل الموت فلا أخاف شراً لأنك معى" وهكذا نحن فى برية هذا العالم الله يرعانا فيها. أية 8،7:- و اتيت بكم الى ارض بساتين لتاكلوا ثمرها و خيرها فاتيتم و نجستم ارضي و جعلتم ميراثي رجسا. الكهنة لم يقولوا اين هو الرب و اهل الشريعة لم يعرفوني و الرعاة عصوا علي و الانبياء تنباوا ببعل و ذهبوا وراء ما لا ينفع. قارن هنا إحسانات الرب لهم مع خيانة الشعب بكل طوائفه حتى نجسوا أرض الله. الأيات 9-13:- لذلك اخاصمكم بعد يقول الرب و بني بنيكم اخاصم. فاعبروا جزائر كتيم و انظروا و ارسلوا الى قيدار و انتبهوا جدا و انظروا هل صار مثل هذا. هل بدلت امة الهة و هي ليست الهة اما شعبي فقد بدل مجده بما لا ينفع. ابهتي ايتها السماوات من هذا و اقشعري و تحيري جدا يقول الرب. لان شعبي عمل شرين تركوني انا ينبوع المياه الحية لينقروا لانفسهم ابارا ابارا مشققة لا تضبط ماء. كتيم = تشير للغرب عموماً فكتيم بلد فى جزيرة قبرص وقيدار = تشير للشرق فقيدار هم قبائل العرب الذين يقيمون بين بابل والأردن. فالله يخاصمهم ويخاصم بنيهم إذا إستمروا فى وثنيتهم. وبينما أن كل العالم شرقاً وغرباً لا يغيروا الهتهم فشعب الله تركه وعبد ألهة أخرى متعددة بل ولم يكتفوا بإله أو إثنين بل تبعوا وعبدوا ألهة كثيرة (28) والمؤلم فى هذا أنهم تركوا الإله الحى وذهبوا وراء الباطل. وينطبق هذا على أيامنا فأتباع الديانات والفلسفات الأخرى أكثر إخلاصاً لها من إخلاصنا لمسيحنا الذى يهب شعبه ماء الحياة. إبهتى أيتها السموات = الملائكة التى تفرح بخاطىء واحد يتوب بهتت من شرهم وبهتت الشمس والنجوم من ان هذا الشعب ترك إلهه ليعبدها. وحقاً فهذه الأصنام تعطى لذة وقتية لكنها لا تستطيع أن تنفع تابعيها. وهم عملوا شرَين = 1- تركونى = هم تركوا عبادتى وكان هذا منهم نكراناً للجميل وكان هذا واجبهم عبادتى أمام كل ما أعطيتهم 2- حفروا لأنفسهم = ذهبوا ليفتشوا عن مصدر أخر للفرح والتعزية، ذهبوا يبحثوا عن لذة جسدهم. وهذا من غبائهم فهم تركونى أنا ينبوع الماء الحى = مصدر كل فرح وتعزية وذهبوا لأبار مشققة لا تضبط ماء = لأن الماء فى هذه الأبار يوجد اليوم ولا يوجد بعد ذلك ولذة الجسد هكذا وقتية ويعقبها حزن. أية 14:- اعبد اسرائيل او مولود البيت هو لماذا صار غنيمة. إسرائيل قال عنه الله إبنى البكر. والإبن يتمتع بحماية أبيه طالما بقى فى منزله ولكن إذا هجر أبيه كالإبن الضال يصير غنيمة. هو سار وراء شهواته وصار عبد لمحبة المال والزنا والوثنية. وهذا الكلام ينطبق على إسرائيل وعلى كل منا. كل من يتبع إبليس يستعبده. وهذه هى خطة إبليس دائماً أن يفصل بيننا وبين الله ويبعدنا عن الإتصال بالله فينفرد بنا ويستعبدنا ويذلنا. أية 15:- زمجرت عليه الاشبال اطلقت صوتها و جعلت ارضه خربة احرقت مدنه فلا ساكن. يظهر النبى هنا لهم غبائهم. فخطيتهم هى سبب عقوبتهم بالألام التى هم فيها. والتى أصعب فالأشبال هنا هم الأعداء الذين يهاجمونهم (أشور أو مصر أو بابل) أوهم الشياطين. ولكن متى بكون لهم سلطة عليهم أو علينا؟ إذا ذهبنا نحن لهم. فكانت يهوذا تريد التحالف مع هؤلاء. فهم تركوا الههم حمايتهم وطلبوا حماية الأمم لهم. والنتيجة إستعباد هذه الأمم لهم. والله ينبه كل واحد ويقول أنتم لستم هكذا فأنتم أبناء ولكن شهواتكم تفقدكم حريتكم. أية 16:- و بنو نوف و تحفنيس قد شجوا هامتك. تشير لغزو مصرى حدث ضد يهوذا ربما أيام رحبعام. أو يهوأحاز وفرض ضريبة عليهم. أية 18،17 :- اما صنعت هذا بنفسك اذ تركت الرب الهك حينما كان مسيرك في الطريق. و الان ما لك و طريق مصر لشرب مياه شيحور و ما لك و طريق اشور لشرب مياه النهر. هى بإرادتها الحرة تركت الله مصدر الخيرات الحقيقى وذهبت للأمم، إلى مصر = شيحور أى نهر النيل فشيحور تعنى الموحل أى طمى النيل، وللنهر أى للفرات أى أشور هى طلبت خيرات مصر وأشور أو التحالف معهم أو عبادة الهتهم فالتحالف ما كان يتم سوى بعبادة الهة الحليف الأقوى. وفى هذا القول ينهاهم النبى عن التحالف مع أحدهم حقاً من يترك الرب يصبح أعداؤه أعداء حقيقين وأصدقاؤه أصدقاء مخادعين باطلين. أية 20،19:- يوبخك شرك و عصيانك يؤدبك فاعلمي و انظري ان تركك الرب الهك شر و مر و ان خشيتي ليست فيك يقول السيد رب الجنود. لانه منذ القديم كسرت نيرك و قطعت قيودك و قلت لا اتعبد لانك على كل اكمة عالية و تحت كل شجرة خضراء انت اضطجعت زانية. سبب الخطية = خشيتى ليست فيك. وبداية الشر هى عدم خوف الله يليه ترك الرب ويلى ذلك تلقائياً كل أنواع الشرور والشر يأتى بالمتاعب والخراب. فالخطية تؤدب صاحبها. بل يمكن أن نقرأ الخطية فى عقابها = يوبخك شرك وعصيانك يؤدبك. مثال لذلك مرض الإيدز. والله حرَرها وكسر قيودها ونيرها وكل ما طلبه الله منهم أن يتعبدوا لهُ ففى ذلك ضمان إستمرار حريتهم، فإنتمائهم لله يبعد عنهم إبليس. ولكنها أبت وذهبت وراء إبليس فى الهياكل الوثنية التى تقام على كل أكمة عالية وتحت كل شجرة خضراء والعبادة الوثنية فيها زنا روحى أى إنفصال عن الله وزنا جسدى كان يمارس فى المعابد الوثنية. وقلت لا أتعبد = فبعد أن حررها الله أعطت وعداً أنها لا تتعبد لألهة غريبة ولكن كان هذا لفترة قصيرة ثم إرتدت. وهكذا نحن بعد كل عطية نعطى وعوداً لله ثم نرجع فى وعودنا ونفتر. لأنك على كل أكمة = تترجم بينما أنتِ على كل أكمة. أى تناقض بين الواقع وما وعدت به. الأيات 21-24:- و انا قد غرستك كرمة سورق زرع حق كلها فكيف تحولت لي سروغ جفنة غريبة. فانك و ان اغتسلت بنطرون و اكثرت لنفسك الاشنان فقد نقش اثمك امامي يقول السيد الرب. كيف تقولين لم اتنجس وراء بعليم لم اذهب انظري طريقك في الوادي اعرفي ما عملت يا ناقة خفيفة ضبعة في طرقها. يا اتان الفرا قد تعودت البرية في شهوة نفسها تستنشق الريح عند ضبعها من يردها كل طالبيها لا يعيون في شهرها يجدونها. الله غرسها كرمة سورق = أى كرمة فخمة من أجود أنواع الكروم فسورق كانت مشهورة بكرومها الجيدة. ولكن ماذا أصبحت؟ سروغ جفنة غريبة = أى كرمة غريبة فاسدة (راجع أش5). فالله أسسهم كدولة وكشعب له أيام يشوع وكان لهم ناموسهم وهيكلهم. وعرفوا الله لفترة ثم بدأوا فى الإنحدار الذى وصل بهم لحالتهم الراهنة. والله زرعها زرع حق = بكل ما أعدهُ لها. وهكذا صنع الله مع الإنسان حين خلقه، حين خلقه على صورته ومثاله ولكن الأن هل نحن على صورته أم أن صورتنا غريبة. وشعب يهوذا الذى غرق فى عبادته الوثنية وإنحرافه، أو أدم الذى فقد صورة الله لم يعد يمكن تطهيره نبطرون = ملح أو أشنان = صابون. وهما رمز لكل محاولات البشر للتطهير لأن التطهير لن يكون سوى بدم المسيح. ويشبههم الله هنا بناقة خفيفة ضبعة فى طرقها = هى انثى سريعة تجمح فى عنف وراء ذكورها فى شهوانية. ويشبهها بأتان الفرا = وهو حمار الوحش البرى الذى تعوَد على الجموح فى البرية ولم يألف العمل، أى لم يصبح أليفاً يمكن إستخدامه فى الأعمال العادية. والمقصود أنهم شهوانيون جداً يستنشقون ريح اللذة، وفى شهوانيتهم هذه من يستطيع أن يجعلهم يرتدون عن خطيتهم = عند ضبعها من يردَها للخلف = أى فى حالة هياجها وجموحها وراء شهوتها من يستطيع أن يردها عن ذلك. وكل من يجرى خلفها = كل طالبيها لا يعيون كل الخدام الذين يجرون وراء الشهوانيون الخطاة لا يكلوا ولكنهم يعرفون أنه لا أمل إلا فى شهرها يجدونها = أى حينما تكتمل شهور حملها وتصبح ثقيلة غير قادرة على الجرى السريع (أى2:39) وكذلك من ألام مخاضها تصبح غير متوحشة فيمسكونها ويقودونها ولا تستطيع الهرب هكذا الشهوانيون لا يمكن إعتبارهم أناس طبيعيون، ولا يمكن قيادتهم للتوبة، ولكن هناك طريق يستعمله الله هو أن يجعلهم فى منتهى الثقل بمصيبة كبيرة وحينئذ تنفتح أذانهم للتعليم وهذا هو الشهر الذى تجدهم فيه (مز6،5:141) وهذا هو المتوقع الأن لأورشليم. وفى وقاحة يقولون لم أتنجس = ليس المعنى أنهم ينكرون وثنيتهم بل هم فى وقاحة يقولون أن عباداتهم وممارساتهم الوثنية لا تنجس. وهنا يذكرهم الله بأعمالهم فى وادى إبن هنوم (حيث قدَموا أولادهم ذبيحة للألهة). ملحوظة:- حتى الأن لا يتصور من يحمل حجاباً ليحميه أو يذهب لمن يدَعون أنهم يفكون الأعمال أنهم بهذا يتعاملون صراحة مع الشيطان وأنهم بهذا يتنجسون. والبعليم هو أحد الآلهة الوثنية وأصبح رمزاً للأوثان لشهرته. أية 25:- احفظي رجلك من الحفا و حلقك من الظما فقلت باطل لا لاني قد احببت الغرباء و وراءهم اذهب. فى خطيتهم عناد ولا يمكن كبحهم ولا إرجاعهم للتوبة فهم كأتان الفرا يصعب ترويضهم ولا تقبل أى تهذيب. ولذلك يحذرهم الله هنا من أن السبى سيكون نتيجة خطيتهم. فحين يقودونهم للسبى سيجعلونهم يسيرون حفاة وفى الطريق إلى بابل صحراء وفيها سيعطشون ولكن من يبحث عن شهوة غريبة فهو يبحث عن ملك غريب وهؤلاء سيحكمهم ملوك غرباء. أية 26:- كخزي السارق اذا وجد هكذا خزي بيت اسرائيل هم و ملوكهم و رؤساؤهم و كهنتهم و انبياؤهم. هؤلاء سيكون خزيهم من آلهتهم التى لا تنفع فى ذلك اليوم كخزى السارق حين يضبط وهو يسرق. أية 27:- قائلين للعود انت ابي و للحجر انت ولدتني لانهم حولوا نحوي القفا لا الوجه و في وقت بليتهم يقولون قم و خلصنا. فى وقت ألامهم إستداروا لألهتهم المصنوعة من الخشب (العود) ومن الحجر يطلبونها وبهذا هم أعطوا لله القفا لا الوجه وسوف يخزون من الهتهم. وهناك معنى أخر للأية أنهم وقت أفراحهم ذهبوا وراء شهواتهم (الهتهم) ففى وقت الضيق لن يستجيب لهم الله لأنهم فى وقت أفراحهم حولوا له القفا لذلك يقول الكتاب "امسرور أحد فليرتل". أية 30،29:- لماذا تخاصمونني كلكم عصيتموني يقول الرب. لباطل ضربت بنيكم لم يقبلوا تاديبا اكل سيفكم انبياءكم كاسد مهلك. لباطل ضربت بنيكم = لأنهم عصوا الرب وخاصموه ضربهم. وهو ضرب حتى الشبان منهم فهم قد تقسوا كالكبار وقتلوا أنبياء الله فكانوا كأسد يلتهم ضحيته بفرح ولذة. ولكن بعد الضربات البسيطة التى إستعملها الله لم يتوبوا = لباطل. ولذلك فالطريق الأن لضربة عظيمة. أية 31:- انتم ايها الجيل انظروا كلمة الرب هل صرت برية لاسرائيل او ارض ظلام دامس لماذا قال شعبي قد شردنا لا نجيء اليك بعد. هم لا يدركون إحسانات الله اليومية عليهم. فلا يأتون إليه بالتوبة كما لو كان برية لا تعطى ثماراً، أو هو ظلاماً = إذا أتوا إليه لا يبصرون طرقهم. وهو الذى يعطيهم الشمس والمطر. أية 32:- هل تنسى عذراء زينتها او عروس مناطقها اما شعبي فقد نسيني اياما بلا عدد. الله هو زينتهم ومجدهم وإكليلهم مثل إكليل العروس وزينتها ومع ذلك تركوه زماناً. أية 33:- لماذا تحسنين طريقك لتطلبي المحبة لذلك علمت الشريرات ايضا طرقك. الله يصورهم هنا كزانية تجمل نفسها للأخرين وقد يكون ذلك طلباً لعقد معاهدات مع جيرانهم. وبدلاً من أن يكونوا قدوة ونوراً للعالم صاروا مثلاً شريراً وعلموا الشر للأخرين. بمزجهم كل العبادات الوثنية مع عبادة الله. أية 34:- ايضا في اذيالك وجد دم نفوس المساكين الازكياء لا بالنقب وجدته بل على كل هذه. جريمتهم فى قتل أولادهم كذبائح لمولك الإله الوثنى وقتل أنبيائهم وسفك دماء الأبرياء عالقة بهم وهى ظاهرة لا تحتاج للتنقيب ورائها. فهم لا يخفونها فى خجل بل يظهرونها. بل على كل هذه = على إذيالك والأذيال هى الملابس التى تغطى والمقصود رؤسائها وملوكها وكهنتها. أية 35:- و تقولين لاني تبرات ارتد غضبه عني حقا هانذا احاكمك لانك قلت لم اخطئ. هم تصوروا أن الألام البسيطة التى عانوا منها تبرأهم ولكن لا سبيل للتبرئة سوى التوبة. أية 37،36:- لماذا تركضين لتبدلي طريقك من مصر ايضا تخزين كما خزيت من اشور. من هنا ايضا تخرجين و يداك على راسك لان الرب قد رفض ثقاتك فلا تنجحين فيها. هنا الله يوبخهم بأنهم إتخذوا من البشر سنداً لهم وتركوا الله وهذا وثنية روحية أن نثق فى أحد غير الله. ولكنهم سيخزون من مصر كما خزوا من أشور = ولن يجدوا راحة فى أى بشر. ولاحظ أن من يثق فى الله لن يحتاج أن يركض ليغير طريقه لأن راحته ستكون فى الله مثل حمامة نوح لا تستريح سوى فى الفلك. وتخرجين ويداك على رأسك = إلى السبى لأن الله رفض ثقاتك = أى الله رفض أن تحميكِ مصر التى لجأتِ إليها. ويداك على رأسِكْ من الألم والخزى. ورفع اليد فوق الرأس هو وضع السبايا، وهذا تهديد لهم بالسبى. تعليق على الإصحاح فى هذا الإصحاح، يقيم الله قضية خيانة زوجية ضد عروسه إسرائيل، والله يبدأ باللين، بل يقول إذهب ونادِ فى أذنى أورشليم (2) كمن لا يريد أن يفضحها. وفى رقة يقول لها أنه يحسب خروجها وراءه فى برية سيناء هو جميل منها يذكره لها، ولا يقول لها أنه هو الذى أنقذها من عبودية مصر، ولا يذكر لهم الله هنا خطاياهم فى البرية وتذمرهم، هذا هو الله الذى لا ينسى كأس ماء بارد. ولتشجيعهم يدعوهم هنا عروس وأولاد وبكور، ويسميهم قدس للرب ويقول عنهم انهم شعبه. ويفتح عيونهم على خطاياهم وخطورة قراراتهم، فهم يريدون أن يتحالفوا مع من ضربهم سابقاً أى مصر، الله بهذا يفتح عيونهم ان مصر تريد خداعهم (وهكذا الشيطان معنا). (أية 16) والله يشرح لهم أن أى عقوبة إنما هى ثمرة لخطايانا (19). بل أن الله فى محبته لا يسمح لنا إلا بأن نتعرض للنذر اليسير من ألام الخطية. وفى عتابه يقول لهم أنظروا خيانتكم لى فى الوادى (23) إشارة لتقديم أولادهم ذبائح دموية فى الوادى، ويشبههم بناقة (أنثى) تلاحق الذكور (23) إشارة ليهوذا التى تجرى وراء ألهة غريبة تاركة إلهها. وأشر ما يعاتبهم عليه أنهم ما عادوا يشعرون بأنهم يخطئون، صاروا يشربون الإثم كالماء، وهذا أشر ما يصل إليه الخاطىء. لأنى تبرأت. فقولهم هذا يشير لشعورهم بأنهم أبرياء مع كل أعمالهم هذه. الإصحاح الثالث الإصحاح السابق كله إنذار وتهديد أما هذا فدعوة للتوبة وتشجيعهم على ذلك الأيات 1-5:- قائلا اذا طلق رجل امراته فانطلقت من عنده و صارت لرجل اخر فهل يرجع اليها بعد الا تتنجس تلك الارض نجاسة اما انت فقد زنيت باصحاب كثيرين لكن ارجعي الي يقول الرب. رفعي عينيك الى الهضاب و انظري اين لم تضاجعي في الطرقات جلست لهم كاعرابي في البرية و نجست الارض بزناك و بشرك. فامتنع الغيث و لم يكن مطر متاخر و جبهة امراة زانية كانت لك ابيت ان تخجلي. الست من الان تدعينني يا ابي اليف صباي انت. هل يحقد الى الدهر او يحفظ غضبه الى الابد ها قد تكلمت و عملت شرورا و استطعت. هذه الأيات تصور كيف هم خطاة ولكن الله مستعداً أن يقبلهم لو رجعوا إليه. ويفتح لهم باب الرجاء. ويصور الله هنا قضيتهم بإمرأة طلقها زوجها فتزوجت بأخر. فبالناموس أنها لا تعود لزوجها الأول. والمرأة هنا هى يهوذا فهى قد تركت عريسها الرب وذهبت لغيره من الأوثان ومن بشاعة خطيتها فهى لم تذهب لواحد فقط بل ذهبت لكثيرين وكان من حق الله أن يرفضها للأبد لكنه لمحبته لها أعطاها فرصة ثانية. إرفعى عينيك إلى الهضاب = فهم كانوا يقيمون معابدهم الوثنية عليها وهناك تم الزنا الروحى بعبادة الأوثان والزنا الجسدى داخل هياكلهم. بل صارت كإعرابى فى الطرقات = وهذه لها تفسيرين: 1. أن هذا الإعرابى هو بائع متجول يساوم التجار ويعرض بضاعته وبضاعتهم هى الزنا. 2. أن هذا الإعرابى هو لص يتصيد المارة ليجعلهم فريسة. وهكذا هم يتجولون لإستيراد ألهة جديدة ويرغمون الأخرين على عبادتها فهم ليسوا فقط خطاة بل شياطين نجسوا الأرض بزناهم وغوايتهم للأبرياء وزادت وقاحتهم فى الخطية وصارت لهم جبهة إمرأة زانية = أى بلا خجل والذى له قلب زانى سريعاً ما تكون لهُ جبهة نحاسية فلا تهتم بأن تتكلم وتعمل شروراً وإستطعت = لأن الله فى غضبه رفع ستره عنكِ فهيأ لكِ الشيطان كل وسائل الشر. ومن هو ليس أميناً لإلهه كيف يكون أميناً مع الأخرين. والنتيجة الطبيعية = إمتنع الغيث = أى إمتنعت بركات الله عنهم. ولكن هاهو الله يعلن أن مع كل هذا فهو على إستعداد أن يقبلهم بل ويعلمهم ما يقولونه لهُ يا أبى يا أليف صباى = أى يا من كنت مرشداً وصديقاً لى فى صباى وفى محبة غريبة يعلن الله أنه لا يحقِدْ إلى الدهر = أى محبة هذه!! أليس مخجلاً أن نستمر فى الخطية؟ (تث1:24-4) فبحسب الشريعة حتى لو طلق الزوج الثانى زوجته، وحتى لو مات الزوج الثانى، فالمرأة لا تستطيع أن تعود لزوجها الأول الذى طلقها، فدخول طرف ثان فى العلاقة الزوجية يفسدها. ولهذا السبب سمح السيد المسيح بالطلاق لعلة الزنا، فالزنا قد أفسد العلاقة الزوجية وكسرها. الأيات 6-11:- و قال الرب لي في ايام يوشيا الملك هل رايت ما فعلت العاصية اسرائيل انطلقت الى كل جبل عال و الى كل شجرة خضراء و زنت هناك. فقلت بعدما فعلت كل هذه ارجعي الي فلم ترجع فرات اختها الخائنة يهوذا. فرايت انه لاجل كل الاسباب اذ زنت العاصية اسرائيل فطلقتها و اعطيتها كتاب طلاقها لم تخف الخائنة يهوذا اختها بل مضت و زنت هي ايضا. و كان من هوان زناها انها نجست الارض و زنت مع الحجر و مع الشجر. و في كل هذا ايضا لم ترجع الي اختها الخائنة يهوذا بكل قلبها بل بالكذب يقول الرب. فقال الرب لي قد بررت نفسها العاصية اسرائيل اكثر من الخائنة يهوذا. هذه النبوة كانت أيام يوشيا الذى عاد لله بقلبه، أما الشعب فلم تكن عودتهم مخلصة. لم تكن عودتها بكل قلبها بل بالكذب = إذاً الخطية هنا هى الرياء. وكان عليهم أن يتعظوا مما حدث لإسرائيل التى طلقها الله فعلاً، وهدا الطلاق هو سقوطها بيد أشور وسبيها، وكان ذلك بسبب وثنيتها. ولكنهم لم يتعلموا هذا الدرس. وكانت خطيتهم أسوأ من إسرائيل لسببين:- 1. أنها كانت يجب أن تتعظ من أحكام الله ضد إسرائيل. 2. لوجود الهيكل والشرائع والكهنة فى وسطها. فهل نتعظ نحن من: 1. الشر الذى يلحق بالخطاة أمامنا. 2. مما نقرأهُ فى الكتاب المقدس ونسمعه من عظات. بررت نفسها إسرائيل = من كثرة خطايا يهوذا صار إسرائيل أبر من يهوذا، أو أن أفعال إسرائيل صارت براً بالنسبة لما تفعله يهوذا. الأيات 12-19:- اذهب و ناد بهذه الكلمات نحو الشمال و قل ارجعي ايتها العاصية اسرائيل يقول الرب لا اوقع غضبي بكم لاني رؤوف يقول الرب لا احقد الى الابد. اعرفي فقط اثمك انك الى الرب الهك اذنبت و فرقت طرقك للغرباء تحت كل شجرة خضراء و لصوتي لم تسمعوا يقول الرب. ارجعوا ايها البنون العصاة يقول الرب لاني سدت عليكم فاخذكم واحد من المدينة و اثنين من العشيرة و اتي بكم الى صهيون. و اعطيكم رعاة حسب قلبي فيرعونكم بالمعرفة و الفهم. و يكون اذ تكثرون و تثمرون في الارض في تلك الايام يقول الرب انهم لا يقولون بعد تابوت عهد الرب و لا يخطر على بال و لا يذكرونه و لا يتعهدونه و لا يصنع بعد. في ذلك الزمان يسمون اورشليم كرسي الرب و يجتمع اليها كل الامم الى اسم الرب الى اورشليم و لا يذهبون بعد وراء عناد قلبهم الشرير. في تلك الايام يذهب بيت يهوذا مع بيت اسرائيل و ياتيان معا من ارض الشمال الى الارض التي ملكت اباءكم اياها. و انا قلت كيف اضعك بين البنين و اعطيك ارضا شهية ميراث مجد امجاد الامم و قلت تدعينني يا ابي و من ورائي لا ترجعين. هذه أيات إنجيلية يتضح فيها قبول الله لتوبة أى إنسان وتأسيس كنيسة واحدة من كل المشتتين بعيداً. وهذا يشير إليه عودة إسرائيل بعد أن تشتتت على يد أشور. ويتضح من هذه الأيات أن الله لم ينس إسرائيل بالرغم من خطاياها وعقوبتها فسيعود الله ويجمعهم. وهذا أيضاً لتتعظ يهوذا فإن كان الله سيقبل إسرائيل المشتتة فبالأولى سيقبلهم هم وهم لم يعاقبوا ولم يرفضوا بعد، هذا إن تابوا. والنبى هنا ينظر لكنيسة المسيح التى يقبل فيها الجميع والتى فيها لن يكون هناك داعٍ لتابوت العهد وكل الطقوس اليهودية. ففى أية (12) دعوة لإسرائيل للرجوع ومن خلالها فالدعوة موجهة للجميع يهوداً وأمم وفى أية (13) يوجههم الله لطريقة الرجوع. "أذكر من أين سقطت وتبْ" (رؤ5:2) فعليهم أن يعرفوا أنهم أخطأوا إلى الله. فهى قد فرقت طرقها للغرباء = أى سلكت طرقاً مختلفة فى شهوتها للغرباء وعباداتهم التى يمارسونها تحت كل شجرة خضراء وفى أية (14) دعوة بالتوبة = إرجعوا... لأنى سدتُ عليكم = وفى ترجمة أخرى فقد تزوجتكم، أى أنتم لى، أبنائى حتى لو كنتم عصاة. والأب يؤدب أبنائه العصاة. فالله كأنه يقول أنا سُدتُ عليكم وبدلاً من أن أؤدبكم لترجعوا فالأفضل لكم أن تتوبوا. وإذا تابوا سيردهم الله حتى لو تشتتوا. والله قادر أن يجمعهم واحداً واحداً. وهذا تم جزئياً فى العودة من السبى وتم كلياً فى الكنيسة التى جمع فيها الله الجميع. وكل من يعود بالتوبة يعيده الله لصهيون أى الكنيسة، للتعزية والراحة. هؤلاء التائبين هم الذين يجدون الباب الضيق وهؤلاء لن يضيع منهم أحد حتى لو كان واحد فى مدينة فالله قادر أن يجد هذا الواحد ويأتى به فى سلام لصهيون. هذه هى الكنيسة التى يؤسسها المسيح وهذه الكنيسة ينبغى أن يكون لها رعاة حسب قلب الله (15) وهذه الكنيسة بلا تابوت عهد (16) لأن المسيح نفسه فيها. وعلى مذبح هذه الكنيسة يوجد المسيح بجسده ودمه. وهذه الكنيسة يدخلها الجميع = إذ تكثرون وتثمرون فى الأرض وفى (17) الكنيسة هنا هى أورشليم كرسى الرب أو عرش الرب. وإليها يأتى الجميع يهوداً وأمم ويقدمون توبة صادقة = لا يذهبون وراء عناد قلبهم. وفى أية (18) إنضمام يهوذا لإسرائيل حدث بعد العودة من سبى بابل إذ وقعت أملاك بابل وأشور فى يد كورش ملك فارس الذى أصدر نداء بعودة اليهود كلهم لأرضهم وهذا تنبأ عنه حزقيال فى (حز 17،16:37) ولم نسمع بعد هذه العودة عن عداء بين يهوذا وإسرائيل وفى هذا إشارة لوحدة الكنيسة. ويكون الكل رعية واحدة لراعٍ واحد. والله هنا فى أية (19) يشرح صعوبة هذا الأمر. فهو يسأل كيف أضعك وسط البنين وأنتِ عاصية فاسدة. وكيف أعطيك أرضاً شهية. قطعاًهناك إجابة واحدة وهى التجسد والفداء. والروح القدس يشهد داخلنا أننا أبناء وبنعمة المسيح نرث معه الأمجاد. وبه نصرخ يا أبا الأب. وهو يجعلنا لا نرجع فهو الذى قال الذين أعطيتنى لم يهلك منهم أحد إلا إبن الهلاك (يو 12:17). ملحوظات 1. لاحظ إلحاح الله على دعوتهم للتوبة إعرفى فقط إثمك (13).. إرجعوا (14) فالله لن يذهب إلى أبعد من أن يكشف لنا أخطائنا ويدعونا للتوبة، وعلى المريض أن يدرك أنه مريض ويذهب للطبيب. الله يقنعنا بالتوبة ويرينا أخطائنا ولكنه لا يجبرنا على التوبة. 2. أخذكم واحداً من المدينة وإثنين (14). فالله يهتم بكل نفس، ودعوته للتوبة كما أنها دعوة عامة لكنها هى أيضاً دعوة شخصية فردية لكل واحد، فحتى لو تركته المدينة كلها فهو يهتم بكل نفس تقبله. الأيات 20-25:- حقا انه كما تخون المراة قرينها هكذا خنتموني يا بيت اسرائيل يقول الرب. سمع صوت على الهضاب بكاء تضرعات بني اسرائيل لانهم عوجوا طريقهم نسوا الرب الههم. ارجعوا ايها البنون العصاة فاشفي عصيانكم ها قد اتينا اليك لانك انت الرب الهنا. حقا باطلة هي الاكام ثروة الجبال حقا بالرب الهنا خلاص اسرائيل. و قد اكل الخزي تعب ابائنا منذ صبانا غنمهم و بقرهم بنيهم و بناتهم. نضطجع في خزينا و يغطينا خجلنا لاننا الى الرب الهنا اخطانا نحن و اباؤنا منذ صبانا الى هذا اليوم و لم نسمع لصوت الرب الهنا. فى أية (20) خطيتهم هى خيانة الله فى عبادتهم الوثنية فوق المرتفعات والهضاب. وفى أية (21) صوتهم بالبكاء على الهضاب حيث أخطأوا سابقاً والأن بعد أن ضربوا تابوا، وهذا الصوت صوت بكاء التوبة. أو تفهم أنهم فى حال رفضهم أن يتوبوا سيكون نصيبهم الألام والبكاء فى نفس المكان الذى أخطأوا فيه. وفى (22) دعوة الله لهم بالرجوع وإستجابتهم للدعوة. والله هو الذى يشفى إرتدادنا. وفى أية (23) إكتشفوا أن باطِل هو ترجى الإنسان حتى لو كان كالأكام. أو هو باطل السعى وراء الأكام بأصنامها وملذاتها. أو هم قد ظنوا أن عباداتهم الوثنية هى كثروة فى ملذاتها وشهواتها ثم أدركوا بعد فوات الأوان بُطل كل هذا. وهكذا كل خاطىء سيكتشف إذا تاب أن ما ظنه ثروة يوماً ما، ما هو إلا نجاسة وأنه لباطل. وفى (24) إكتشفوا ان عبادتهم الوثنية كانت السبب فى كل خسائرهم، حتى أنهم خسروا أولادهم حين قدموهم كذبائح، أو حين فقدوهم فى السبى. ولاحظ أن الخطية هنا تسمى خزى، لكن لا يخزى من الخطية سوى التائب الحقيقى. وفى (25) حالة الإنسان اليائسة من الخلاص قبل المسيح. وهذه الأيات تُصور حالة الإنسان التى إنحدر إليها بالخطية فوقع فى سبى إبليس وخسر كل شىء. ولكن بالفداء يشفى الله كل أثار هذا العصيان ويكتشف الإنسان مركزه الحقيقى كإبن لله فيحتقر أمجاد العالم= الأكام ثروة الجبال بل يحسبها نفاية (فى 8:3). فى هذا الإصحاح: نرى إشتياق الرب لتوبتهم وتشجيعهم على التوبة وترك خطاياهم، حقاً فالله لا يُسر بموت الخاطىء بل بأن يرجع ويحيا (حزقيال 23:18). وكما رأينا أنه بحسب الناموس لا يستطيع الرجل أن يستعيد إمراته إذا تزوجت رجل أخر. وبحسب الطبيعة لا يقبل رجل أن يرد زوجته التى خانته ومع رجال كثيرين، ولكننا نرى الله فى محبته مستعد لأن يقبل شعبه حتى بعد ان فعلوا هذا، ومع أن دخول طرف ثالث فى العلاقة الزوجية يفسدها نجد أن الله فى محبته يشتاق لرجوع شعبه الخاطىء إليه. ولذلك نجد أن كلمة إرجعى تتكرر كثيراً فى هذا السفر. الإصحاح الرابع الأيات 2،1:- ان رجعت يا اسرائيل يقول الرب ان رجعت الي و ان نزعت مكرهاتك من امامي فلا تتيه. و ان حلفت حي هو الرب بالحق و العدل و البر فتتبرك الشعوب به و به يفتخرون. هى بقية الإصحاح الثالث فهى موجهة لإسرائيل لتشجيعهم أن يتخذوا قرارهم بالرجوع إلى الله. وسبق فى الإصحاح السابق أن الله دعاهم وهم إستجابوا. والله هنا يوجههم أن يستمروا فى قرارهم ويستمروا فى توبتهم وعبادتهم وأن يحلفوا بأسم الله. والحلف بإسم الله كان إعلاناً منهم فى العهد القديم انهم ينتمون لله لا للأوثان. ولكن شروط أن يحلفوا بالله أن يكون الحلف بالحق = وليس بالكذب، والعدل = أى لا تكون شهادة زور امام القضاء، وبالبر = أى بالأمانة لله والإنسان. وحين يحدث هذا يرجع الإسرائيليين المشتتين من السبى ويباركهم الله بل بكونون بركة للشعوب حولهم ويكون الله مجدهم. الأيات 4،3:- لانه هكذا قال الرب لرجال يهوذا و لاورشليم احرثوا لانفسكم حرثا و لا تزرعوا في الاشواك. اختتنوا للرب و انزعوا غرل قلوبكم يا رجال يهوذا و سكان اورشليم لئلا يخرج كنار غيظي فيحرق و ليس من يطفئ بسسب شر اعمالكم. بدأ هنا يكلم يهوذا الذين لم يعاقبوا بعد ليحذرهم ليتوبوا وإلا فالكارثة وشيكة الوقوع. ويجب عليهم أن يصنعوا بقلوبهم ما يصنعوه بأرضهم أى أن يحرثوها = أى ينقوها من الشوك وإلا إختنق الزرع. والقلب غير التائب يشبه الأرض غير المحروثة ومملوءة شوكاً الذى هو النتاج الطبيعى للقلب الفاسد، فإذا لم يجدد بالنعمة تضيع فيه فائدة الشمس (نور الله) والمطر (عمل الروح القدس) ونزع الأشواك هو التوبة عن الخطايا التى تعيش فى القلب. وعليهم أن يصنعوا بأرواحهم ما يصنعوه بأجسادهم بأن يميتوا شهواتهم فختان الجسد هو مجرد رمز لختان الروح. وختان القلب أى تطهيره وقطع اللذات التى يتلذذ بها كمن يموت عنها وهذا هو نفس ما طلبه بولس الرسول (رو29،28:2). والختان الجسدى كان علامة لشعب الله وختان الروح هو علامة التكريس لله. الأيات 5-8:- اخبروا في يهوذا و سمعوا في اورشليم و قولوا اضربوا بالبوق في الارض نادوا بصوت عال و قولوا اجتمعوا فلندخل المدن الحصينة. ارفعوا الراية نحو صهيون احتموا لا تقفوا لاني اتي بشر من الشمال و كسر عظيم. قد صعد الاسد من غابته و زحف مهلك الامم خرج من مكانه ليجعل ارضك خرابا تخرب مدنك فلا ساكن. من اجل ذلك تنطقوا بمسوح الطموا و ولولوا لانه لم يرتد حمو غضب الرب عنا. هذه صورة واضحة بالهجوم الأتى بواسطة الجيش الكلدانى (جيش بابل) وتعتبر كإنذار من الله قبل أن يضرب لعلهم يتوبون وفى أية (5) يكتشفون وصول العدو من مخابراتهم فينا دون كل من هو خارج الأسوار للدخول داخل الأسوار وفى الأية (6) البوق ليسمع كل واحد ويهرب داخل الأسوار والراية لكى يراها كل واحد ويسرع ليحتمى وفى أية (7) يسمى ملك بابل بالأسد الجائع الذى ينزل على فريسته ويسميه مهلك الأمم فهو سيدمر. وسمى يهوذا أمم لوثنيتهم. وفى اية (8) يتنطقون بالمسوح فالغم شديد والحصار أدى إلى مجاعة وهلك الكثيرين وكل هذا الألم لغضب الله عليهم وفى أية (9) سيكون الخراب مذهِلاً ويتعجب الجميع الذين صدقوا كلمات الأنبياء الكذبة بأنه سيكون سلام لأورشليم بالرغم من خطاياها، والكل كانوا قد عشموا أنفسهم بذلك وفى أية (10) الله لم يخدع أحداً وقد سبق موسى فأنذرهم فى (لا26، تث28) أنهم لو أستمعوا لكلام الله سيكون لهم خير والعكس. وأرسل الله لهم الأنبياء الحقيقيين مثل أرمياء. فكان أمامهم إنذارات الناموس وإنذارات الأنبياء الحقيقيين ثم صوت ضمائرهم فى مقابل وعود الأنبياء الكذبة. وإختاروا صوت الأنبياء الكذبة فهم لا يدعونهم ولا يطلبون منهم توبة. إذاً هم خدعوا أنفسهم وخدعهم أنبياؤهم الكذبة والله سمح للأنبياء الكذبة أن يخدعوهم لعقابهم لأنهم لم يتقبلوا الحق المعلن. ولكن شكوى النبى هنا من هذا أن سماح الله للشعب بأن ينخدع هو الذى جعله يتقسى. ولكن الحقيقة أنهم هم الذين كرهوا أن يستمعوا للحقيقة وكانت خطيتهم هى عقابهم وفى (11-13) يشبه العدو بالسحاب لا يستطيع أحد أن يطوله ولا احد أن يمنعه وبريح لافحة حارة ساخنة فالتجربة شديدة وهى ليست ريح عادية بل زوبعة مدمرة وياتى بسرعة أسرع من النسور ولو كانت الريح ريح عادية كانت تنقى الجو وتذرى أى تحمل كل ما هو عالق لكن هذه الريح هى من أحكام الرب ضدهم = الأن أنا أيضاً أحاكمهم وفى (14) دعوة بالتوبة لعلهم يتوبون فتمتنع هذه الأحكام ضدهم وفى (15) دان هى أقصى مدن الشمال فتبلغها أولاً أخبار الغزو ومنها لكل جبل أفرايم جنوب دان وجبل إفرايم ملاصق ليهوذا وفى (16) ينتقل الخبر لأورشليم وهنا يسميهم ثانية الأمم لوثنيتهم وهنا إنذار بالحصار المقبل الذى فيه سيحيط العدو بها حتى تستسلم (لو43:19) وسابقاً كان الملائكة يحيطون بها حتى يحفظونها والأن فقد رفع الله حمايته فحاصرها الأعداء حتى لا يهرب منها أحد ولا يدخلها من ينقذهم وفى (17) يكون الحصار حول يهوذا محكماً كما لو كانوا حراس حقل يحيطونه من كل جهة وفى (18) سبب كل هذا خطيتهم ولاحظ فى أية (9) أن الأنبياء الكذبة هم اول من سيرتعبون من السيف (10) الذى طالما قالوا أنه لن يأتى هكذا كل من يتصور أن الموت بعيد لن يناله أو أن يوم الله لن يأتى يخدع نفسه ويستمر فى شره (2بط4،3:3) ويكون هذا اليوم رعباً لهُ ولكن هناك من ينتظر هذا اليوم بفرح قائلاً "أمين تعال أيها الرب يسوع". الأيات 19-22:- احشائي احشائي توجعني جدران قلبي يئن في قلبي لا استطيع السكوت لانك سمعت يا نفسي صوت البوق و هتاف الحرب. بكسر على كسر نودي لانه قد خربت كل الارض بغتة خربت خيامي و شققي في لحظة. حتى متى ارى الراية و اسمع صوت البوق.لان شعبي احمق اياي لم يعرفوا هم بنون جاهلون و هم غير فاهمين هم حكماء في عمل الشر و لعمل الصالح ما يفهمون. بعد أن رأى أرمياء الخراب الأتى تألم وأنَ فى قلبه لمحبته لشعبه ولكن لم يستطع السكوت عن إنذارهم لأن الرؤيا كانت واضحة حتى أنه سمع صوت البوق ورأى راية العدو وفى (20) أول ما خَرِبَ، الخيام، اى خيام الرعاة خارج الأسوار وقد يكون المعنى أن لا شىء مستقر فى هذا العالم فحتى القصور والبيوت بل وحياة الإنسان فهى تسمى خيام والكتاب يطلق على الجسد الخيمة (2كو1:5) والشقق أى الستائر فكل شىء هلك الحياة وكل زينتها وفى (21) تدل على أن الراية، راية العدو إستمرت فترة طويلة فالسبى إمتد على أربعة مراحل إنتهت بخراب شامل لأورشليم (الفترة تقرب من 20 سنة) وفى (22) هنا الله يظهر سبب كل هذا المأسى وهو حمق الشعب ولكن من المعزى أنهم ما زالوا شعبه. وحمقهم معناه أنهم لم يعرفوا الله. الأيات 23-26:- نظرت الى الارض و اذا هي خربة و خالية و الى السماوات فلا نور لها. نظرت الى الجبال و اذا هي ترتجف و كل الاكام تقلقلت. نظرت و اذا لا انسان و كل طيور السماء هربت. نظرت و اذا البستان برية و كل مدنها نقضت من وجه الرب من وجه حمو غضبه. كلمة خربة وخالية فى (23) هى نفسها المستخدمة فى سفر التكوين فقد نُزع من الأرض كل غناها وجمالها وزينتها والسموات تظلم ربما من غبار جيش الأعداء وربما من اليأس من الخلاص وربما لأن من هم فى مركز وينيرون للشعب (الرؤساء والكهنة) هم أنفسهم عميان قادة عميان وفى (24) الجبال التى طالما عبدوا الأوثان عليها أو الجبال هم الرجال العظماء والرؤساء هؤلاء إرتعبوا من جيش بابل وفى (25) تصوير للخراب الشامل فالأرض بلا سكان ولا حتى طيور والأرض التى كانت كالبستان صارت برية = خراباً. وهذه الأيات صيغت بأسلوب يناسب نهاية هذا العالم حين تخرب الأرض نهائياً. فما الذى نتمسك به من نفاية هذا العالم؟ الأيات 27-31:- لانه هكذا قال الرب خرابا تكون كل الارض و لكنني لا افنيها. من اجل ذلك تنوح الارض و تظلم السماوات من فوق من اجل اني قد تكلمت قصدت و لا اندم و لا ارجع عنه. من صوت الفارس و رامي القوس كل المدينة هاربة دخلوا الغابات و صعدوا على الصخور كل المدن متروكة و لا انسان ساكن فيها. و انت ايتها الخربة ماذا تعملين اذا لبست قرمزا اذا تزينت بزينة من ذهب اذا كحلت بالاثمد عينيك فباطلا تحسنين ذاتك فقد رذلك العاشقون يطلبون نفسك. لاني سمعت صوتا كماخضة ضيقا مثل ضيق بكرية صوت ابنة صهيون تزفر تبسط يديها قائلة ويل لي لان نفسي قد اغمي عليها بسبب القاتلين. فى (27) وعد من الله بأن يبقى بقية بعد هذا الخراب ويعود ليبنى أورشليم من جديد وفى (28) الله لن يساعدهم فى هذه الضيقة وإذا إمتنع الله عن مد يده لهم فمن يستطيع ذلك لذلك تنوح الأرض عليها وأية (29) تصوَر هجوم الأعداء وهربهم أمامهم وفى (30) حينما تخلى الله عنها بدلاً من أن تقدم توبة قلبية صادقة. حاولت كزانية أن تتجمل فى عيون جيرانها مثل مصر لتقيم معها معاهدات تحالف وهذا فى نظر الله زنا. ولكن المظاهر الخارجية لا تعفى من قضاء الله بل التوبة الحقيقية. وحتى جيرانها رذلوها وطلبوا نفسها وفى (31) يصوَر ألامها كوالدة ماخض والبكرية ألامها أشد. بل ألامها بلا أمل فالتى تلِد ألامها تنتهى بالولادة ولكن هذه ألامها يائسة فمن حولها تسميهم قاتلين. تأملات فى الإصحاح الرابع 1. فى الأيات (6،5) نسمع نادوا. فلندخل المدن الحصينة إرفعوا الراية وهذا لأن هناك حرب سيشنها العدو على أورشليم. ونحن فى حرب مستمرة مع إبليس. وحينما نفهم هذا فلنحتمى داخل أسوار الكنيسة، لأن خصمنا إبليس يجول ملتمساً من يبتلعه، فمن يجده خارج الأسوار، أى خارج الكنيسة، فهذا سوف يهلك. وعلينا أن نرفع راية الصليب، أى نقبل أى صليب يسمح به الله بدون تذمر، فخصمنا إبليس يحاول دائماً دفعنا لأن نتذمر على الله بسبب أى تجربة أو ألم. 2. فى أية (10) قائلاً يكون لكم سلام = هذه الأية تترجم فى السبعينية "ويقولون يكون لكم سلام" أى أن الأنبياء الكذبة هم الذين يقولون ذلك عموماً فالله لا يخدع أحد، لأن السلام ليس أقوال نسمعها من أحد أو حتى نسمعها من الله نفسه، بل هى حالة نختبرها فى القلب، وهذه لا تأتى إلا بالتوبة الحقيقية، ولا يمكن أن يختبرها من يحيا فى الخطية وهؤلاء الخطاة أى الشعب إنخدعوا فى أقوال الأنبياء الكذبة، والله ليس مسئولاً عن هذا الخداع، إنما هم إنخدعوا بسبب شهوات قلوبهم التى يجرون وراءها (يع14:1) فهم الذين يريدون الخطية ويوهمون أنفسهم بأن هناك سلام. وهذه الحالة شرحها بولس الرسول وأنها ستتكرر فى نهاية الأيام، حين يكون هناك أناس مستحكة مسامعهم (2تى3:4) اى هم تواقين لسماع وعود مزيفة، ووعود بالسلام يوهمون أنفسهم بها دون أن يختبروا حالة السلام هذه. 3. أحشائى أحشائى توجعنى (19) الأحشاء عند اليهود هى مركز العواطف وهذا راجع لما يشعر به الإنسان فى أحشائه من إضطراب عند حزنه (كو12:3) + (أش11:16). الإصحاح الخامس الأيات 1-9:- طوفوا في شوارع اورشليم و انظروا و اعرفوا و فتشوا في ساحاتها هل تجدون انسانا او يوجد عامل بالعدل طالب الحق فاصفح عنها. و ان قالوا حي هو الرب فانهم يحلفون بالكذب. يا رب اليست عيناك على الحق ضربتهم فلم يتوجعوا افنيتهم و ابوا قبول التاديب صلبوا وجوههم اكثر من الصخر ابوا الرجوع. اما انا فقلت انما هم مساكين قد جهلوا لانهم لم يعرفوا طريق الرب قضاء الههم. انطلق الى العظماء و اكلمهم لانهم عرفوا طريق الرب قضاء الههم اما هم فقد كسروا النير جميعا و قطعوا الربط. من اجل ذلك يضربهم الاسد من الوعر ذئب المساء يهلكهم يكمن النمر حول مدنهم كل من خرج منها يفترس لان ذنوبهم كثرت تعاظمت معاصيهم. كيف اصفح لك عن هذه بنوك تركوني و حلفوا بما ليست الهة و لما اشبعتهم زنوا و في بيت زانية تزاحموا. صاروا حصنا معلوفة سائبة صهلوا كل واحد على امراة صاحبه. اما اعاقب على هذا يقول الرب او ما تنتقم نفسي من امة كهذه. وصف للشرور والأثام التى يرتكبونها وفى (1) فالخطية جماعية والكل يخطىء. وربما لو وجد الله إنساناً قديساً لما أهلكهم (راجع قصة سدوم وشفاعة إبراهيم عنها). الإنسان الكامل الوحيد الذى يشفع فى البشر هو المسيح. وفى (2) هم مرائين يحلفون بالله كذباً أو يمجدون الله بالشفاه والقلب بعيد وفى (3) نرى أن الله عيناه على الحق فهو يعرف قلوبهم ولا ينخدع بالمظاهر. ونلاحظ هنا أن الله ضربهم ليؤدبهم ولكن هم رفضوا التأديب. ضربتهم ولم يتوجعوا وصاروا كأموات لا يتألموا بسبب خطاياهم. والله يؤدب أولاً بضربات خفيفة تتزايد فإن لم يتوب الإنسان تبدأ الضربات تشتد وفى النهاية يفنى الله هذا الإنسان. ومع يهوذا فالفلسطينيون كانوا يضايقونهم ثم الأراميون وإسرائيل فى أيام أحاز ثم أشور الذى أحرق 46 مدينة لكن الله أنقذ أورشليم ثم ضايقهم بنقص المطر كما سنرى بعد ذلك وفى كل هذا لم يتوبوا لذلك فضربة الإفناء بلا ريب أتية فهم صلبوا وجوههم. وفى (4) النبى يحاول ان يجد عذراً لهم بأنهم إنما هم مساكين فقراء مهتمين بعملهم الشاق ولم تكن لهم فرصة لمعرفة الله ولكن هذا ليس عذراً لهم فهناك مساكين كثيرين قديسين ولكنها محاولة من النبى وفى (5) ذهب النبى للعظماء الأغنياء فوجدهم قطعوا النير أى تحللوا من رباطاتهم مع الله لمحبتهم فى الخطية وفى (6) يصوَر الله حالة الحصار ومن هم حول المدينة مثل الحيوانات المفترسة هم كأسد فى قوتهم يقتلون وكذئب يلتهم حتى لو لم يكن جائعاً (عكس الأسد) وهم كالنمر فى سرعة هجماته وبطشه. وفى 8،7 :- حلفوا بما ليست ألهة = أى وثنيتهم. والله أشبعهم وبدلاً من أن يشكروه ويسبحوه زنوا وبطريقة مقززة. بل فى شبعهم صاروا حُصناً معلوفة = من وفرة طعامهم تحسنت صحتهم فإستغلوا صحتهم فى الزنا مع زوجات أصدقائهم وفى (9) هل لا ينتقم الله لكل هذا؟ فالله لو سكت على كل هذا فسيتدنس إسمه القدوس ووصاياه تزدرى. الأيات 10-19 :- اصعدوا على اسوارها و اخربوا و لكن لا تفنوها انزعوا افنانها لانها ليست للرب. لانه خيانة خانني بيت اسرائيل و بيت يهوذا يقول الرب. جحدوا الرب و قالوا ليس هو و لا ياتي علينا شر و لا نرى سيفا و لا جوعا. و الانبياء يصيرون ريحا و الكلمة ليست فيهم هكذا يصنع بهم. لذلك هكذا قال الرب اله الجنود من اجل انكم تتكلمون بهذه الكلمة هانذا جاعل كلامي في فمك نارا و هذا الشعب حطبا فتاكلهم. هانذا اجلب عليكم امة من بعد يا بيت اسرائيل يقول الرب امة قوية امة منذ القديم امة لا تعرف لسانها و لا تفهم ما تتكلم به. جعبتهم كقبر مفتوح كلهم جبابرة. فياكلون حصادك و خبزك الذي ياكله بنوك و بناتك ياكلون غنمك و بقرك ياكلون جفنتك و تينتك يهلكون بالسيف مدنك الحصينة التي انت متكل عليها. و ايضا في تلك الايام يقول الرب لا افنيكم. و يكون حين تقولون لماذا صنع الرب الهنا بنا كل هذه تقول لهم كما انكم تركتموني و عبدتم الهة غريبة في ارضكم هكذا تعبدون الغرباء في ارض ليست لكم. فى (10) الله يعطى تفويض لبابل بالتخريب ولكن لا تفنوها = فهى ضربة تنقية لا إفناء. إنزعوا أفنانها = أى أغصانها والمقصود شعبها فهى كرمة الرب ولكن الأن لخيانتها فهى ليست للرب وفى (12) هم لم يخافوا الله ولم يعرفوا قدرته فتحدوه وقالوا ليس هو = أى لا يرى ولا يلحظ فلن يأتى علينا شر وكثيرون يوهمون أنفسهم أن الله غير جاد فى إنذاراته منذ قال إبليس لأدم وحواء " لن تموتا " ولاحظ أن الله يقول هنا لا تفنوها (10) ولكنها فنت وخربت بعد صلب المسيح ففنائها مؤجل حتى يكملوا أثامهم بصلب المسيح. وفى (13) يصيرون ريماً = أى الأنبياء الكذبة الذين تكلموا بالباطل فصاروا باطلاً والأنبياء هم الأنبياء الكذبة ويكون المتكلم هنا هو الله وقد أصدر عليهم أمراً بالفناء وفى (14) الله يخبر أرمياء بأن كل ما قاله سيتحقق بل تكون كلمته كنار تحرق هؤلاء الهازئين وهذا يعنى صدق النبوات وفى (15) تفسير هذه النار بأنها أمة من بعد = أى بابل وهذه لا علاقة بينها وبين يهوذا حتى تشفق على يهوذا بل ستدمرها تدميراً شديداً. وهكذا الله قادر أن يجلب على الخاطىء مصائب من بعد أى من أماكن غير متوقعة. وهم أمة منذ القديم = أى معتزة ومتكبرة وتحتقر الأخرين لتاريخها. ولا تعرف لسانها = أى لن يتفاهموا معكم لا فى سلم ولا فى حرب، ولن يقبلوا توسلاتكم إذ هم لا يفهمونكم. وهناك معنى روحى وراء هذا. فإن الله يُسلمْ الخاطىء الذى إنجذب لإغراءات إبليس يُسلمه لإبليس الذى هو من بعد. لكن لإبليس لا يستطيع أن يقترب من إنسان لهُ علاقة بالله. وهو أمة منذ القديم قبل خلق الإنسان ولا نعرف لسانه فهو كله شر وخبيث وهو لا يرحم ومتكبر. وهو يستعبد الإنسان الذى يقبل إغرائه "أعطيك كل هذه إن سجدت لى" فثمن عطاياه هو الإستعباد لهُ. ولأن المسيح لم يقبل من يده شىء أبداً قال "رئيس هذا العالم يأتى وليس لهُ فى شىء" وأوصاف هؤلاء الأعداء أن جعبتهم كقبر مفتوح = والقبر يعنى موت، فأسلحتها لا تشبع أبداً من القتل (18،17) والمعنى المباشر أن البابليين سيخربون ولكن تبقى بقية والمعنى الروحى أن الشيطان خَرب الإنسان ولكن الله أبقاه بلا فناء أبدى حتى يوم الفداء. وأية (19) تشرح هذا فسبب كل الألام التى فيها يهوذا أنهم عبدوا الأوثان وسبب كل ألامنا أننا نستجيب لإغراءات إبليس. الأيات 20-24:- اخبروا بهذا في بيت يعقوب و اسمعوا به في يهوذا قائلين. اسمع هذا ايها الشعب الجاهل و العديم الفهم الذين لهم اعين و لا يبصرون لهم اذان و لا يسمعون. ااياي لا تخشون يقول الرب او لا ترتعدون من وجهي انا الذي وضعت الرمل تخوما للبحر فريضة ابدية لا يتعداها فتتلاطم و لا تستطيع و تعج امواجه و لا تتجاوزها. و صار لهذا الشعب قلب عاص و متمرد عصوا و مضوا. و لم يقولوا بقلوبهم لنخف الرب الهنا الذي يعطي المطر المبكر و المتاخر في وقته يحفظ لنا اسابيع الحصاد المفروضة. هنا دعوة للتوبة ولكن فى (21) أصبح واضحاً أنهم أصبحوا كأصنامهم لا يسمعون ولا يبصرون فالخطية تعمى وتصم وهذا هو شكل الإنسان قبل أن تلمس النعمة قلبه. فيكون القلب معانداً وصايا الله. وعمل الله أن يضع مخافته فى قلوبنا وعملنا أن نحرك قلوبنا لنخافه وهنا يشرح لهم الله جبروته وعظمته (22) وسلطانه على الطبيعة فالبحر يطيعه بينما هو قادر أن يغرق العالم فهو يوقف البحر ويضع لهُ حداً بالرمال. فإذا كان البحر يطيعه فهل لا تطيعه قلوبنا. فإذا كانوا يهابون البحر أفلا يهابون خالق البحر وهو الذى يعطينا خيراته (مطر مبكر يجىء بعد البذار بقليل) ومطر متأخر يأتى قبل الحصاد ليساعد على نضج المحصول وبذلك يحفظ لنا أسابيع الحصاد فالحصاد يحسبونه بالأسابيع. والمعنى أن الله هو الذى يعطينا كل خيرات حياتنا أفلا نخافه ونمجده ونحبه. وبينما هو يعطى بسخاء ولا يُعَير فإبليس يعطى لذات جسدية وحسية شهوانية خاطئة ويستعبد بعد ذلك. الأيات 25-31:- اثامكم عكست هذه و خطاياكم منعت الخير عنكم. لانه وجد في شعبي اشرار يرصدون كمنحن من القانصين ينصبون اشراكا يمسكون الناس. مثل قفص ملان طيورا هكذا بيوتهم ملانة مكرا من اجل ذلك عظموا و استغنوا. سمنوا لمعوا ايضا تجاوزوا في امور الشر لم يقضوا في الدعوى دعوى اليتيم و قد نجحوا و بحق المساكين لم يقضوا. افلاجل هذه لا اعاقب يقول الرب او لا تنتقم نفسي من امة كهذه. صار في الارض دهش و قشعريرة. الانبياء يتنباون بالكذب و الكهنة تحكم على ايديهم و شعبي هكذا احب و ماذا تعملون في اخرتها. فى (25) أثامكم عكست هذه = أى طردت وأذهبت عنكم البركات السابق ذكرها. إذاً الخطية تحرمنا من بركات الله التى تعودنا عليها وتجعل السماء نحاساً والأرض حديداً. وفى (26) حينما إنحدر الشعب فى الخطية إنحطوا جداً وصاروا يتلذذون بأن يوقعوا الأخرين فى شراكهم وهم يرصدون كمنحن = أى يكمنون فى الطريق ليوقعوا أخرين. وفى (27) هم خونة مخادعين وبيوتهم مثل أقفاص الطيور = جمعوا حولهم الأبرياء فى بيوتهم يخدعونهم مثل من يربى طيور فى قفص ليذبحها. وهم فى خداعهم عظموا وإستغنوا وظلموا كما فى (28). وحين نجحوا وزادت ثروتهم تقسوا. وفى (31،30) العجيب أنَ من شدة الشر فى الأرض فقد أُعجبَ سكان الأرض بمسلك هؤلاء الأشرار. بل كلٍ يشجع الأخر على شره، الكهنة والأنبياء الكذبة ولكن هناك سؤال لكل زمان ولكل مكان ماذا تعملون فى آخرتها؟ فلا يصح أن نحكم على الأمور كأن الحياة مستمرة للأبد او كأن هذه الأرض لن تخرب يوماً ما أو كأن هذه الخيرات التى يتمتعون بها سيتمتعون بها طول العمر!! والأجابة "يا غبى فى هذه الليلة تؤخذ نفسك". الإصحاح السادس الأيات 1-8:- اهربوا يا بني بنيامين من وسط اورشليم و اضربوا بالبوق في تقوع و على بيت هكاريم ارفعوا علم نار لان الشر اشرف من الشمال و كسر عظيم. الجميلة اللطيفة ابنة صهيون اهلكها. اليها تاتي الرعاة و قطعانهم ينصبون عندها خياما حواليها يرعون كل واحد في مكانه. قدسوا عليها حربا قوموا فنصعد في الظهيرة ويل لنا لان النهار مال لان ظلال المساء امتدت. قوموا فنصعد في الليل و نهدم قصورها. لانه هكذا قال رب الجنود اقطعوا اشجارا اقيموا حول اورشليم مترسة هي المدينة المعاقبة كلها ظلم في وسطها. كما تنبع العين مياهها هكذا تنبع هي شرها ظلم و خطف يسمع فيها امامي دائما مرض و ضرب. تادبي يا اورشليم لئلا تجفوك نفسي لئلا اجعلك خرابا ارضا غير مسكونة. وقت هذا الإنذار كانت أورشليم أمنة ولكن النبى يتنبأ كمن يرى فعلاً، أن هناك جيش يأتى عليهم من الشمال ليخربهم. وفى نبوة سابقة كان يتنبأ بأنهم سيهربون لأورشليم حين يسمعون بخبر قدوم العدو ولكن هو الأن يحذرهم من ذلك فستكون أورشليم كقبر لهم. وفى (1) أهربوا يا بنى بنيامين = فبنيامين تسكن فى أورشليم وتقوع = 12 ميلاً شمال أورشليم وجبل هكاريم بين تقوع وأورشليم وهؤلاء مطلوباً منهم أن يعطوا إنذاراً لأورشليم بان يشعلوا ناراً حين يروا العدو. فيهرب الذين فى أورشليم وفى (2) هى جميلة ولطيفة = فهى عاشت متنعمة ولن تحتمل هذه الحرب وفى (3) يشبه جيش بابل برعاة اتوا بقطيعهم على مرعى أخضر ليأكلوه فنبوخذ نصر أتى بجيشه ليلتهم أورشليم بكل خيراتها ويتركونها عريانة وخربة وفى (4) هى كانت مدينة مقدسة والأن لخطيتها أرسل الله عليها هذا الجيش وصار خرابها عملاً مقدساً يقوم به جيش بابل. فعمل الكلدانيين متفق مع إرادة الله = قدسوا عليها حرباً وهم أشداء لا يضيعون أى وقت ولا يعوقهم حر الظهيرة ولا ظلمة الليل. ويل لنا لأن النهار مال = ونحن لم ننتهى من عملنا ولكن قوموا فنصعد فى الليل لنكمل العمل. وكم هو مخجل أننا لا نهتم نحن بواجبات عبادتنا وأمور خلاص نفوسنا مثل هؤلاء بينما العدو يحاربنا بلا هوادة حتى يفقدنا هذا الخلاص فهؤلاء البابليين سيأخذون كنوزاً أرضية فى عملهم أما نحن فلنا ميراث سماوى وفى (6) البابليون يظلمونهم لأنهم هم فى وسطهم ظلم. وفى (7) هم أصبحوا نبعاً للخطايا والخطية أصبحت شىء طبيعى فى حياتهم والنبع ينبع بوفرة وبإستمرار ولكن هذا النبع نبع سام وفى (8) نصيحة ودعوة للتوبة حتى يوقفوا هذا الخراب. والدعوة هنا بالهرب من المدينة تذكرنا بنصيحة المسيح لتلاميذه بالهرب من أورشليم حينما يحاصرها الرومان (مت16،15:24) وأيضاً (برؤيا4:18). فلنهرب من كل مكان فيه شر فالخراب أتٍ على هذا المكان بلا شك. الأيات 9-17:- هكذا قال رب الجنود تعليلا يعللون كجفنة بقية اسرائيل رد يدك كقاطف الى السلال. من اكلمهم و انذرهم فيسمعوا ها ان اذنهم غلفاء فلا يقدرون ان يصغوا ها ان كلمة الرب صارت لهم عارا لا يسرون بها. فامتلات من غيظ الرب مللت الطاقة اسكبه على الاطفال في الخارج و على مجلس الشبان معا لان الرجل و المراة يؤخذان كلاهما و الشيخ مع الممتلئ اياما. و تتحول بيوتهم الى اخرين الحقول و النساء معا لاني امد يدي على سكان الارض يقول الرب. لانهم من صغيرهم الى كبيرهم كل واحد مولع بالربح و من النبي الى الكاهن كل واحد يعمل بالكذب. و يشفون كسر بنت شعبي على عثم قائلين سلام سلام و لا سلام. هل خزوا لانهم عملوا رجسا بل لم يخزوا خزيا و لم يعرفوا الخجل لذلك يسقطون بين الساقطين في وقت معاقبتهم يعثرون قال الرب. هكذا قال الرب قفوا على الطرق و انظروا و اسالوا عن السبل القديمة اين هو الطريق الصالح و سيروا فيه فتجدوا راحة لنفوسكم و لكنهم قالوا لا نسير فيه. و اقمت عليكم رقباء قائلين اصغوا لصوت البوق فقالوا لا نصغى. فى (9) كما ان صاحب الكرم يرجع إلى كرمه مرة أخرى بعد قطف العنب ليجمع ما قد يكون باقياً كذلك يريد ويفعل جيش بابل فالضربة للجميع ولن يهرب أحد. لاحظ أن السبى حدث على أربعة مراحل، كان فى كل مرة يعود نبوخذ نصر لأخذ عدد من السبايا. وربما فى هذه الأية تذكيراً لهم بمخالفتهم وصية الله، فكان عليهم أن يتركوا فضلات الحقل للفقراء ولكنهم رفضوا (لا 10:19) ويكون جيش بابل كصاحب أرض يلقطهم ويضعهم فى سلاله اى فى السبى. وفى (11،10) النبى قطع الرجاء من هذا الشعب إذ لم يصغ إليه أحد فينفجر غيظه الذى هو مثال لغيظ الله فالشعب لا يتحرك بالتوبة بينما النبى يرى الخطر القادم وهم أذنهم غلفاء = لم تختتن أى غير قادرة على تمييز صوت الله بل تحب سماع الخطية وكلمات الأنبياء الكذبة المعسولة بل هم يخجلون من كلمات الرب. وكان النبى يسكب هذا الغيظ على مجالس الشبان ويوبخهم وينذرهم فهم فى حالة أستهتار والخطية هنا فى (13) أنهم مولعون بالربح ولكن ليس الربح الحق بل القبيح الذى بالكذب والغش وهذا ينطبق على الجميع حتى الكاهن والنبى وفى (14) وهم يعشمون شعب الله كذباً بالسلام = على عثم فهم يداوون الألم من الخارج وليس بالبحث عن سبب الألم فى الداخل (الخطية) التى فى العمق. والنبى لا يجد من يسمعه فهم إنغمسوا كل واحدٍ فى شهوته وفى (15) حالة الوقاحة التى وصلوا إليها فهم لا يخجلون لذلك سيسقطون ويعاقبهم الله. وهنا أية جميلة فى (16) كيف نجد الطريق، بأن نرجع للطرق القديمة أى طرق الأباء، حيث ساروا مع الله فوجدوا سلاماً. ولكنهم هم أحبوا طريق شهوتهم وصوت أنبيائهم الكذبة. جميل أن نقرأ قصص أبائنا القديسين والشهداء لنقتدى بهم (السنكسار) وفى (17) الله لم يتركهم أيضاً بل أقام لهم رقباء = أنبياء وخدام فالله لا يبقى نفسه بلا شاهد والله لا يتطور ولا يتغير ولا يبدَل طرقه فياليتنا لا نجرى وراء طرق العالم أو كل ما هو جديد. الأيات 18-30 :- لذلك اسمعوا يا ايها الشعوب و اعرفي ايتها الجماعة ما هو بينهم. اسمعي ايتها الارض هانذا جالب شرا على هذا الشعب ثمر افكارهم لانهم لم يصغوا لكلامي و شريعتي رفضوها. لماذا ياتي لي اللبان من شبا و قصب الذريرة من ارض بعيدة محرقاتكم غير مقبولة و ذبائحكم لا تلذ لي. لذلك هكذا قال الرب هانذا جاعل لهذا الشعب معثرات فيعثر بها الاباء و الابناء معا الجار و صاحبه يبيدان. هكذا قال الرب هوذا شعب قادم من ارض الشمال و امة عظيمة تقوم من اقاصي الارض. تمسك القوس و الرمح هي قاسية لا ترحم صوتها كالبحر يعج و على خيل تركب مصطفة كانسان لمحاربتك يا ابنة صهيون. سمعنا خبرها ارتخت ايدينا امسكنا ضيق و وجع كالماخض. لا تخرجوا الى الحقل و في الطريق لا تمشوا لان سيف العدو خوف من كل جهة. يا ابنة شعبي تنطقي بمسح و تمرغي في الرماد نوح وحيد اصنعي لنفسك مناحة مرة لان المخرب ياتي علينا بغتة. قد جعلتك برجا في شعبي حصنا لتعرف و تمتحن طريقهم. كلهم عصاة متمردون ساعون في الوشاية هم نحاس و حديد كلهم مفسدون. احترق المنفاخ من النار فني الرصاص باطلا صاغ الصائغ و الاشرار لا يفرزون. فضة مرفوضة يدعون لان الرب قد رفضهم. كأن الله هنا يشهد الجميع (18) ما هو فاعله بهذه الجماعة التى كان بينه وبينها عهد وفى (19) بسبب خطيتهم سيجلب الله عليهم شراً عظيماً. فالعهد لهُ بنوده (لا 26) إن سرتم معى فهناك بركة وإن لم تسمعوا صوتى فهناك لعنة. فالله يشهد الجميع أنه لم يظلمهم فيما قرره ضدهم بل هذه هى شروط العهد وهو قد سبق وأنذر وفى (20) ليس المقصود أن الله لا يريد الذبائح واللبان بل هو يريد القلب أولا. شبا (فى اليمن) ومشهورة بالبخور خبث وزغل = صدأ المعادن = هو رمز للخطية التى تثقل النفس) ولكن أن يقدموا ذبيحة بلا توبة فكأنهم يشترون رخصة من الله ليسيروا فى طريق خطاياهم. وفى مزمور 51 سبق داود وقال هذا الكلام نفسه "ان الله لا يسر بالذبائح بل بالقلب المنسحق" وفى (21) المعثرات = هى المشاكل والألام الأتية التى بها يبيد الجارو صاحبه = أى الكل. ومن (22-25) وصف لجيش بابل ثم للضيق الذى يحل على الشعب وفى (26) قد تكون دعوة للتوبة أو هى نبوة بحالهم وقت الحصار ثم بعد سقوط المدينة وفى (27) الله يقيم إرمياء كبرج ليحكم على الشعب، يرى أثامهم ويدين طرقهم وحتى يقتنع بأن أحكام الله عادلة والله سيحميه من شرورهم بأن يجعله حصناً = سيحصنه ضدهم ولكن هذا لا يمنع انهم سيحاربونه وهو فى حصنه. وفى (28) هم كانوا ذهباً وفضة والأن صاروا معادن وضيعة نحاس وحديد والنحاس معناه الوقاحة وعدم الخجل والحديد معناه غلظة الرقبة وعدم الإنقياد لوصايا الله. كلهم مفسدون = الخاطىء إنسان فاسد ولكنه سريعاً ما يتحول لمفسد للأخرين. والله إستخدم معهم طرق كثيرة من تجارب وألام كأنهم فى كور النار ليستخلص منهم معادن نافعة (29) فلم يجد سوى الزغل والخبث. وإحترق المنفاخ من النار = أى الأنبياء بح صوتهم بلا فائدة وأما هم فكانوا كالرصاص فنوا من التجارب والضربات. والرصاص يرمز للخطية التى تثقل النفس. بل سماهم الله فضة مرفوضة = أى مغشوشة لا قيمة لها هى تبرق لوقت ولكنها بلا قيمة فهم لهم ممارساتهم الشكلية ولكن بلا أى فضيلة. وطبعاً هاج الشعب على أرمياء بسبب نبواته هذه وكرهوه ككراهية أى خاطىء لمن ينذره (رؤ10:11). الإصحاح السابع الأيات 1-15:- الكلمة التي صارت الى ارميا من قبل الرب قائلا. قف في باب بيت الرب و ناد هناك بهذه الكلمة و قل اسمعوا كلمة الرب يا جميع يهوذا الداخلين في هذه الابواب لتسجدوا للرب. هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل اصلحوا طرقكم و اعمالكم فاسكنكم في هذا الموضع. لا تتكلوا على كلام الكذب قائلين هيكل الرب هيكل الرب هيكل الرب هو. لانكم ان اصلحتم اصلاحا طرقكم و اعمالكم ان اجريتم عدلا بين الانسان و صاحبه. ان لم تظلموا الغريب و اليتيم و الارملة و لم تسفكوا دما زكيا في هذا الموضع و لم تسيروا وراء الهة اخرى لاذائكم. فاني اسكنكم في هذا الموضع في الارض التي اعطيت لابائكم من الازل و الى الابد. ها انكم متكلون على كلام الكذب الذي لا ينفع. اتسرقون و تقتلون و تزنون و تحلفون كذبا و تبخرون للبعل و تسيرون وراء الهة اخرى لم تعرفوها. ثم تاتون و تقفون امامي في هذا البيت الذي دعي باسمي عليه و تقولون قد انقذنا حتى تعملوا كل هذه الرجاسات. هل صار هذا البيت الذي دعي باسمي عليه مغارة لصوص في اعينكم هانذا ايضا قد رايت يقول الرب. لكن اذهبوا الى موضعي الذي في شيلوه الذي اسكنت فيه اسمي اولا و انظروا ما صنعت به من اجل شر شعبي اسرائيل. و الان من اجل عملكم هذه الاعمال يقول الرب و قد كلمتكم مبكرا و مكلما فلم تسمعوا و دعوتكم فلم تجيبوا. اصنع بالبيت الذي دعي باسمي عليه الذي انتم متكلون عليه و بالموضع الذي اعطيتكم و اباءكم اياه كما صنعت بشيلو. و اطرحكم من امامي كما طرحت كل اخوتكم كل نسل افرايم. غالباً الإصحاحات (7-10) هى عظة واحدة قالها أرمياء النبى فى الهيكل فى مناسبة عيد حيث يجتمع كثيرين من الشعب. وهو بأقواله هنا سوف يثير الكهنة ولكن عليه أن لا يخافهم. ولنلاحظ أن فى قولهم هيكل الرب حماية لنا نوع من الإستخفاف فهل الله القدوس يرضى بالخطية!! حاشا بل هو يدينها. ومن يظن أنه يحتمى بالكنيسة وهو شرير فليقل لنا أين السبع الكنائس التى تحدث إليها يوحنا فى سفر الرؤيا (أصحاحى 3،2) وهذا ما يشير إليه هنا بقوله "لكن إذهبوا إلى موضعى الذى فى شيلوه" (مزمور60:78) حيث كانت خيمة الأجتماع أيام عالى الكاهن ولكن لأن أولاده نجسوا المكان إستولى الفلسطينيون على تابوت العهد. فلماذا لا يحدث هذا للهيكل ولأى كنيسة يكون فى وسطها شر. إذاً المطلوب التوبة عن الخطايا فالخطايا أو مخالفة وصايا الله تحمل فى طياتها موتاً. بل فى أيام أرمياء كان الأشوريون قد دمروا شيلوه تدميراً نهائياً فالله لا يقبل شعبه وهم فى خطاياهم. وهذا نفس خطأ الشعب أيام عالى فقد ظنوا أن وجود تابوت العهد معهم حماية لهم ويمكنهم الإستمرار فى خطاياهم وفى (11) من يصنع الخطية ويذهب بلا خجل لبيت الرب يجعله مغارة للصوص وهذه الأية إستعملها السيد المسيح عندما طهر الهيكل وفى (15) أطرحهم من أمامى = هى أية مخيفة فلو طرحنا فى أى مكان وكان الله معنا لإحتملنا ولكن أن نطرح والله يرفضنا فهذا هو غير المحتمل. الأيات 16-20:- و انت فلا تصل لاجل هذا الشعب و لا ترفع لاجلهم دعاء و لا صلاة و لا تلح علي لاني لا اسمعك. اما ترى ماذا يعملون في مدن يهوذا و في شوارع اورشليم. الابناء يلتقطون حطبا و الاباء يوقدون النار و النساء يعجن العجين ليصنعن كعكا لملكة السماوات و لسكب سكائب لالهة اخرى لكي يغيظوني. افاياي يغيظون يقول الرب اليس انفسهم لاجل خزي وجوههم. لذلك هكذا قال السيد الرب ها غضبي و غيظي ينسكبان على هذا الموضع على الناس و على البهائم و على شجر الحقل و على ثمر الارض فيتقدان و لا ينطفئان. كان أرمياء نبياً مصلياً عن شعبه. وكان لهذا الشعب أمل فى شفاعته سابقاً ولكن إبتداء من أية (16) فقد الشعب هذا الرجاء. وعجيب هو إرمياء فى محبته فبالرغم من كل أذيتهم لهُ كان دائم الصلاة لأجلهم. وهذه خطورة من يصلى ويتشفع بالقديسين وهو باقٍ فى خطيته لا يريد أن يتوب. والسبب فى هذا قساوة قلوبهم فأصبحت صلاة النبى بلا فائدة لهم وفى (18،17) الله يشرح لهُ السبب فالكل يشتركون فى العبادة لملكة السموات وتسمى عشتاروث وأيضاً سكبوا لألهة أخرى كثيرة أى عبدوها. ومن يترك الله الحقيقى يضل وراء ألهة كثيرة وشهوات كثيرة. وفى (19) أكيد أن الله لن ينقص ولن يتأثر بهذا بل أن الذين ذهبوا وراء هذه الألهة هم الذين سيخجلون فمن يذهب للشيطان يستعبده الشيطان ويبتعد عنهُ الله، وينسكب غضب الله على هذا المكان فهو سيسلمه لإبليس الشرير فيحرقه (20) فلنخجل نحن من إهتمام هؤلاء بألهتهم وعدم إهتمامنا نحن بإلهنا ولنشعر بفخر إذا قدمنا لهُ خدمة وعبادة فهو الذى يعطينا من إحساناته ونلاحظ أن غضب الله ينصب على البهائم والشجر أيضاً فالإنسان إما أن يكون سبب بركة أو لعنة للأرض. الأيات 21-28:- هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل ضموا محرقاتكم الى ذبائحكم و كلوا لحما. لاني لم اكلم اباءكم و لا اوصيتهم يوم اخرجتهم من ارض مصر من جهة محرقة و ذبيحة. بل انما اوصيتهم بهذا الامر قائلا اسمعوا صوتي فاكون لكم الها و انتم تكونون لي شعبا و سيروا في كل الطريق الذي اوصيكم به ليحسن اليكم. فلم يسمعوا و لم يميلوا اذنهم بل ساروا في مشورات و عناد قلبهم الشرير و اعطوا القفا لا الوجه. فمن اليوم الذي خرج فيه اباؤكم من ارض مصر الى هذا اليوم ارسلت اليكم كل عبيدي الانبياء مبكرا كل يوم و مرسلا. فلم يسمعوا لي و لم يميلوا اذنهم بل صلبوا رقابهم اساءوا اكثر من ابائهم. فتكلمهم بكل هذه الكلمات و لا يسمعون لك و تدعوهم و لا يجيبونك. فتقول لهم هذه هي الامة التي لم تسمع لصوت الرب الهها و لم تقبل تاديبا باد الحق و قطع عن افواههم. كما أن الهيكل لن يحميهم هكذا الذبائح لن تكفر عنهم. وليس معنى (22) أن الله لم يطلب ذبائح فهو الذى أوصاهم بهذا، بل أن الله كان يطلب أولاً الطاعة. أى النفس التى تقف أمامه كذبيحة خاضعة لوصاياه ولكن لأنهم إكتفوا بالشكليات فالله هنا يتكلم عن ذبائحهم بإزدراء. وذبيحة المحرقة كانت كلها تقدم على المذبح لا يأكل منها إنسان. كلها لله. أما ذبائح السلامة = فكان جزء منها يحرق على المذبح، هو لله، وجزء للكهنة وجزء يأكله مقدَم الذبيحة ولذلك يبدو أنهم كانوا يفضلون هذا النوع ليحصلوا على نصيبهم من الذبيحة. وكانت ذبيحة المحرقة هى لإرضاء الله كلها لله. وهنا يسخر الله من ذبائحهم قائلاً كلوا من لحم ذبيحة المحرقة كما من ذبيحة السلامة فأنا لن أرضى بذبائحكم ولا فائدة منها وإشبعوا وكلوا لحماً. فأنتم لأنى غير راضى عنكم فلن تستفيدوا من الذبيحة سوى ما تأكلونه منها. وهم لم يسمعوا لله ولن يسمعوا للنبى أيضاً فباد الحق وقُطِعَ من أفواههم. الأيات 29-34:- جزي شعرك و اطرحيه و ارفعي على الهضاب مرثاة لان الرب قد رفض و رذل جيل رجزه. لان بني يهوذا قد عملوا الشر في عيني يقول الرب وضعوا مكرهاتهم في البيت الذي دعي باسمي لينجسوه. و بنو مرتفعات توفة التي في وادي ابن هنوم ليحرقوا بنيهم و بناتهم بالنار الذي لم امر به و لا صعد على قلبي. لذلك ها هي ايام تاتي يقول الرب و لا يسمى بعد توفة و لا وادي ابن هنوم بل وادي القتل و يدفنون في توفة حتى لا يكون موضع. و تصير جثث هذا الشعب اكلا لطيور السماء و لوحوش الارض و لا مزعج. و ابطل من مدن يهوذا و من شوارع اورشليم صوت الطرب و صوت الفرح صوت العريس و صوت العروس لان الارض تصير خرابا. فى (29) إنذار أخر لأورشليم لعلها تتوب أو تحزن على ما سيحل عليها من كوارث ويقول لها جزى شعرك = وهذه علامة مناحة على ما سيحدث معهم ولها معنى أخر فالنذير كان يربى شعره ولا يحلقه (مثل شمشون) وشعره يعتبر إكليلاً لهُ وأورشليم هى نذير للرب ولأنها الأن أصبحت مرفوضة فعليها أن تقص شعرها لأنها لم تعد مقدسة للرب. وفى (30) وضع المكرهات أى أوثانهم فى بيت الله = هذا يساوى اليوم حفظ الخطية فى القلب وفى (31) مرتفعات توفة = حيث يوجد تمثال مولوك فى وادى إبن هنوم وهو بجوار أورشليم. وهناك كان تمثال مولوك النحاسى الذى يشعلوه حتى يحمر لونه ثم يرمون أطفالهم عليه كذبائح وهم أحياء. وكانت توفة مكاناً لقبر جيش أشور يوم ال (185000) والأن ستصير قبوراً لهم بسبب خطيتهم ولذلك ستسمى وادى القتل (32). وإسم الوادى هنوم أو أرض هنوم وبسبب الحرائق التى إشتعلت فيها ثم القتلى فيها أخذت منه لفظة جهنم فى اليونانية فلفظة جى = أرض فى اليونانية. وفى (34) لن تكون هناك أفراح بسبب السبى والموت والخراب. فمن لم يشفوا من أفراحهم العالمية سيأتى يوم يحرموا فيه من كل فرح. وهذه الأوصاف تناسب أخر الأيام. تعليق على الإصحاح السابع فى الإصحاحات (2-6) كان عتاب الله للشعب سراً (أر 2:2)، ولكنهم لم يسمعوا، لذلك ها هو هنا يعاتب علنياً وفى الهيكل على فم أرمياء (2:7) قف فى باب بيت الرب. فالله يبدأ يعاتبنا سراً فى داخل قلوبنا وإن لم نسمع صوت تبكيت الروح القدس الهادىء، يسمعنا الله التوبيخ علناً. ويبدو أنهم كانوا يرنمون ترنيمة يقولون فيها "هيكل الرب هيكل الرب هيكل الرب هو" ويقصدون أن فيه الحماية، أى وجود الهيكل وسطهم فيه حماية لهم = قد أنقذنا ولكن أرمياء يقول لا.. فإن لم يكن الإصلاح داخلياً فى القلب فلا حماية، والخراب لابد سيأتى. ولنلاحظ قول بولس الرسول أننا هيكل الله، ولكن من يفسد هيكل الله يفسده الله (1كو17،16:3). وهم أفسدوا أورشليم والهيكل بإجرامهم وخطاياهم، حتى أن الله يقول عن الهيكل أنه صار مغارة لصوص، وهذا إشارة لدمويتهم وعنفهم وإجرامهم. ولنلاحظ أن كل خطية عقوبتها فيها = أفإياى يغيظون " أليس أنفسهم (19) فمن يتصور أنه يتحرر عن الله ويسلك ضد وصاياه، فهو يجلب على نفسه أهوالاً، كان لا يدريها فالله أعطانا الوصايا لصالحنا. وعقوبة الخطية فيها (الإيدز والزهرى مثلاً...) ولا يصيب المخطىء سوى الخزى. أية 23،22 :- المعنى أن الله لم يأمرهم بأن يقدموا ذبائح ومحرقات حين أراد أن يخرجهم من مصر، بل أنهم إستمروا فترة طويلة فى البرية دون أن يعطيهم الرب شريعة الذبائح (كرمز للصليب). ومع هذا إعتبرهم الله شعبه وإبنه البكر بدون أن يقدموا ذبائح. لكن كان طلب الله منهم أن يحفظوا وصاياه، فالله أعطاهم الوصايا قبل الذبائح والمعنى أن حفظ الوصايا مقدم على الذبائح. وهذا ما فهمه داود فقال " لا تسر بالمحرقات فالذبيحة لله روح منسحق ". أما تقديم ذبيحة مع قلب نجس فالله لن يقبلها، ولا تعود سوى لحم، إذاً ليأكلوها هم طالما أن الله لن يقبلها. والله أعطاهم شريعة الذبائح بعد أن أعطاهم الوصايا بمدة طويلة. الأصحاح الثامن الأيات 1-3 :- في ذلك الزمان يقول الرب يخرجون عظام ملوك يهوذا و عظام رؤسائه و عظام الكهنة و عظام الانبياء و عظام سكان اورشليم من قبورهم. و يبسطونها للشمس و للقمر و لكل جنود السماوات التي احبوها و التي عبدوها و التي ساروا وراءها و التي استشاروها و التي سجدوا لها لا تجمع و لا تدفن بل تكون دمنة على وجه الارض. و يختار الموت على الحياة عند كل البقية الباقية من هذه العشيرة الشريرة الباقية في كل الاماكن التي طردتهم اليها يقول رب الجنود. هنا ذكر لأعمال مرعبة يقوم بها الجيش الكلدانى، فهم يخرجون الجثث من القبور بحثاً عن الكنوز المخبوءة ولإهانة الموتى ذو الهيبة مثل الملوك والرؤساء. فحتى الموت لم يعد فيه راحة. وهو أنذر بهذا فى الإصحاح السابق أن جثتهم لن تدفن بل تترك لطيور السماء (33:7) وهذه كانت عادات بربرية والله سمح بهذا ليرعب الأحياء الباقين وفى أية (2) تعرض هذه الجثث تحت الشمس والنجوم التى عبدوها ولم تحميهم وفى هذا سخرية منهم وفى (3) سيفضل الأحياء الموت على الحياة مع البؤس الذى يعانون منهُ. الأيات 4-12:- و تقول لهم هكذا قال الرب هل يسقطون و لا يقومون او يرتد احد و لا يرجع. فلماذا ارتد هذا الشعب في اورشليم ارتدادا دائما تمسكوا بالمكر ابو ان يرجعوا. صغيت و سمعت بغير المستقيم يتكلمون ليس احد يتوب عن شره قائلا ماذا عملت كل واحد رجع الى مسراه كفرس ثائر في الحرب. بل اللقلق في السماوات يعرف ميعاده و اليمامة و السنونة المزقزقة حفظتا وقت مجيئهما اما شعبي فلم يعرف قضاء الرب. كيف تقولون نحن حكماء و شريعة الرب معنا حقا انه الى الكذب حولها قلم الكتبة الكاذب. خزي الحكماء ارتاعوا و اخذوا ها قد رفضوا كلمة الرب فاية حكمة لهم. لذلك اعطي نساءهم لاخرين و حقولهم لمالكين لانهم من الصغير الى الكبير كل واحد مولع بالربح من النبي الى الكاهن كل واحد يعمل بالكذب. و يشفون كسر بنت شعبي على عثم قائلين سلام سلام و لا سلام. هل خزوا لانهم عملوا رجسا بل لم يخزوا خزيا و لم يعرفوا الخجل لذلك يسقطون بين الساقطين في وقت معاقبتهم يعثرون قال الرب. فى (4) الله يطلب منهم أن يجعلهم يقفون وقفة حساب مع أنفسهم لعلهم يتنبهوا. والسؤال هنا. هل إذا وقع أحدكم على الأرض وإتسخت ملابسه، هل يستمر جالساً على الأرض ينعى حالهُ أم يقوم ويسرع لتنظيف ملابسه!! وهكذا أنتم فقد سقطتم فى نجاسات فلا تستمروا بل قدَموا توبة. أو يرتد أحد ولا يرجع = لو ضل مسافر فى طريقه وأرشده أحدهم للطريق الصحيح فهل يستمر فى الطريق الخطأ أو يصحح طريقه شاكراً لمن أرشده. فالخطية إذاً هى إنحراف عن الطريق الصحيح وهى سقوط ولكنهم أى شعب يهوذا لم يرجع للطريق الصحيح ولم يقوم من سقطته (5). وفى (6) الله الذى يريد أن الجميع يخلصون ويصغى لصوت كل واحد لعله يقدم توبة يقول هنا فى حزن أنه يصغى ويسمع ولكن لم يسمع أن أحداً منهم قدم توبة. بل كل واحد كفرس = بدلاً من أن يقف الإنسان مع نفسه ليراجع نفسه فكل واحد رجع لخطيته كحصان يجرى فى معركة بلا خوف وبإندفاع، مبتعداً عن الله لاهثاً وراء شهوته وربما لو هدأ الإنسان مع نفسه وجلس يفكر فى طريقه لترك طريق الشر حين يكتشف ان هذا الشر لا يصاحبه سلام القلب. ومما ضاعف من خطيتهم أن الطيور تفهم العلامات خير منهم فهى تغير مكانها إذا جاء الشتاء وتغير الطقس (7) وها هى العلامات تشير لإقتراب كارثة عظيمة ولا أحد يفهم. وفى (8) هم لا يدركون العلامات ومع هذا يدَعون الحكمة لأن شريعة الرب معهم. ولكن لا يكفى معرفة الكتاب معرفة عقلية جامدة بل أن نحيا به لنعرف قضاء الرب. بل أن كتبتهم حرفوا أقوال الله = طوَعوها لرغباتهم الشريرة وعلينا إذا جلسنا للكتاب المقدس أن نطلب الله لا أن نثبت رأى خاص لنا. الأيات 13-22 :- نزعا انزعهم يقول الرب لا عنب في الجفنة و لا تين في التينة و الورق ذبل و اعطيهم ما يزول عنهم. لماذا نحن جلوس اجتمعوا فلندخل الى المدن الحصينة و نصمت هناك لان الرب الهنا قد اصمتنا و اسقانا ماء العلقم لاننا قد اخطانا الى الرب. انتظرنا السلام و لم يكن خير و زمان الشفاء و اذا رعب. من دان سمعت حمحمة خيله عند صوت صهيل جياده ارتجفت كل الارض فاتوا و اكلوا الارض و ملاها المدينة و الساكنين فيها. لاني هانذا مرسل عليكم حيات افاعي لا ترقى فتلدغكم يقول الرب. من مفرج عني الحزن قلبي في سقيم. هوذا صوت استغاثة بنت شعبي من ارض بعيدة العل الرب ليس في صهيون او ملكها ليس فيها لماذا اغاظوني بمنحوتاتهم باباطيل غريبة. مضى الحصاد انتهى الصيف و نحن لم نخلص. من اجل سحق بنت شعبي انسحقت حزنت اخذتني دهشة. اليس بلسان في جلعاد ام ليس هناك طبيب فلماذا لم تعصب بنت شعبي. فى (13) نزعاً أنزعهم = بقضاء وراء قضاء. ولن يبقى هناك عنب فى الكرمة ولا تين فى التينة. فالعدو ينزع منهم كل خيراتهم. بل وسينتهوا كشعب فسينزعهم العدو بالسبى والقتل (فإسرائيل تمثل بتينة) لو 6:13 وحتى ورق التينة ذَبُلَ. وكل ما أعطاه الله لهم سينزعه الله، وهذا يفعلهُ الله، إن لم نلتزم بالعهد معه (العهد الذى بيننا وبينه) والأيات (14-17) يظهر فيها رعبهم بعد أن أكتشفوا هجوم الجيش البابلى عليهم ففى (14) هم يفكرون فى التجمع داخل أورشليم الحصينة. وهنا يبدأون فى إدراك أن الله غاضب عليهم. وماء العلقم = مر وسام. ياليت الخاطىء يعلم أن سبب الألم الذى فيه هو غضب الله وفى (15) طالما عشموا أنفسهم بكلام الأنبياء الكذبة بأن هناك سلام بل وشفاء. ولكن أمامهم الأن رعب. وفى (16) دان أقصى الشمال حيث يأتى جيش بابل وفى (17) الحيات = هى جيش بابل وهى لا ترقى = أى لا تستجيب لصوت المزمار والمعنى أن قلبهم لا يلين إذا ما إستعطفوهم أو حاولوا تهدئتهم فإذا لم يكن سلام مع الله فلا سلام مع إنسان. وفى (18) حزن النبى على هذه الأخبار وفى (19) هنا النبى يردد صدى أراء الشعب كما يتصورها النبى بعد السبى وهم يبكون على الأماكن المقدسة ويدهشون لفنائها ويبكون من الذل الذى هم فيه ثم فى الشق الثانى من الأية جواب الله على ما يجول فى خاطرهم. فالله ليس فى صهيون ولا يدافع عنها لأنهم أغاظوه بمنحوتاتهم وفى (20) مضى الحصاد وإنتهى الصيف = أى أن وقت طويل قد مضى والسنة قاربت على الإنتهاء ولم يظهر أى أمل فى الخلاص بل وقد أتى وقت الشتاء والبرد والحزن. فالله أعطاهم فرص كثيرة للخلاص ولكنهم ضيعوها ثم أكتشفوا مؤخراً أن الله ليس فى صهيون. وفى (21) النبى يعبَر عن حزنه ثانية وفى (22) جلعاد هى بقعة واقعة شرقى قرية النبى وفيها تنمو الأعشاب والأشجار والزهور التى يستخرج منها البلسم الذى يستخدمه أطباء الشرق فى صنع الدواء. والمعنى ألم يبقى فى هذا المكان طبيب ولا دواء. لا نبى ولا كاهن ولا من يشفى هذا الشعب مريض القلب ويبدو أن الإجابة لا. والعجيب أن الله موجود فى كل مكان وكل وقت والدواء موجود ولكنهم لا يستعملونه. بل يلجأوا لغير الله إذاً جلعاد فى وسطهم والله فى وسطهم ملكاً ولهم الأنبياء إذاً الشفاء ممكن ولكنهم لا يستعملون الدواء فدمهم على رؤوسهم. وبلسان جلعاد لنا هو دم المسيح والروح القدس هو طبيبنا. تعليق على الإصحاح الثامن فى الأيات 1-3 :- نرى العدو ينبش القبور، قبور الملوك والعظماء أمام الشعب ليظهرهم بمظهر العاجزين، وفى هذا إهانة للجميع. وفى أية 7 :- نجد الطيور بغريزتها الطبيعية، تستعد للهجرة فى مواسم الشتاء ذاهبة للأماكن الدافئة. وهذا الشعب فقد الحس، ولا يقدم توبة، مع أن العلامات تشير بقرب حدوث مصيبة كبيرة، إلا أنهم لا يعودوا ويرجعوا عن طرقهم الشريرة راجعين لله. وأما نحن فعلينا أن نستعد للهجرة ولكن إلى السماء فهناك وطننا الحقيقى، والعلامات هى أن الموت قريب لكل واحد منَا، وهو يأتى كلص. وفى أية 8 :- نسمع لأول مرة فى الكتاب المقدس عن الكتبة كمفسرين للشريعة ولكننا نراهم يحرفون أقوال الله، وربما هم علموا أن تقديم الذبائح بدون توبة يغفر الخطايا. وفى أية 14:- الهنا قد أصمتنا = الترجمة الحرفية للعبارة الهنا قضى بخرابنا. الإصحاح التاسع الأيات 2،1 :- يا ليت راسي ماء و عيني ينبوع دموع فابكي نهارا و ليلا قتلى بنت شعبي. يا ليت لي في البرية مبيت مسافرين فاترك شعبي و انطلق من عندهم لانهم جميعا زناة جماعة خائنين. يتضح فيهما حب النبى لأورشليم ولشعبه وكلامه الحزين هو من قلبه. يا ليت رأسى ماء = ذابت من الحزن. وعينى ينبوع = وفى العبرية كلمة عين وينبوع كلمة واحدة كما فى العربية، كأنه يريد أن يقول، أن فى أرض الحزن هذه فلتكن عيوننا للدموع فقط وليس للنظر. وهو مستعد أن يبكى على شعبه حتى يتوبوا. وإن كانت قلوبنا ينبوع خطايا فلتكن عيوننا ينبوع دموع. وطوبى للحزانى الأن لأنهم يتعزون. ولكن النبى هنا يشعر بثقل حمله ومسئوليته ففى (2) يتمنى لو ترك هذا الحمل الثقيل وهرب لفندق بعيد = مبيت مسافرين = يسكنه الناس ليلة واحدة، ويعظهم هذه الليلة ويسافرون غداً فلا يصبح مسئولاً عن أحد، وما أحلى الراحة بعيداً عن مسئولية الخدمة ولكن رجل الله لا يستطيع هذا الفرار، فإلى أين يهرب من أمام وجه الرب. والفرار من المواقف الصعبة هو فرار من العظمة. وإذا كان لابد من وجود خادم فاشل (الفشل ليس راجعاً لعدم أمانته بل لقساوة قلوبهم) فلماذا لا أكون أنا هذا الخادم الفاشل ولماذا أترك الخدمة لغيرى لأنها صعبة. والصليب ما هو إلا رفض فلماذا لا أكون مرفوضاً. فالمسيح نفسه قد رفضوه. الأيات 3-11 :- يمدون السنتهم كقسيهم للكذب لا للحق قووا في الارض لانهم خرجوا من شر الى شر و اياي لم يعرفوا يقول الرب. احترزوا كل واحد من صاحبه و على كل اخ لا تتكلوا لان كل اخ يعقب عقبا و كل صاحب يسعى في الوشاية. و يختل الانسان صاحبه و لا يتكلمون بالحق علموا السنتهم التكلم بالكذب و تعبوا في الافتراء. مسكنك في وسط المكر بالمكر ابوا ان يعرفوني يقول الرب. لذلك هكذا قال رب الجنود هانذا انقيهم و امتحنهم لاني ماذا اعمل من اجل بنت شعبي. لسانهم سهم قتال يتكلم بالغش بفمه يكلم صاحبه بسلام و في قلبه يضع له كمينا. افما اعاقبهم على هذه يقول الرب ام لا تنتقم نفسي من امة كهذه. على الجبال ارفع بكاء و مرثاة على مراعي البرية ندبا لانها احترقت فلا انسان عابر و لا يسمع صوت الماشية من طير السماوات الى البهائم هربت مضت. و اجعل اورشليم رجما و ماوى بنات اوى و مدن يهوذا اجعلها خرابا بلا ساكن. يمدون السنتهم كقسيهم = يمد القوس أى يشد وتره إستعداداً لإطلاق السهم ليصيب أخر فى مقتل. وهكذا هم يعوَجوا السنتهم بالكذب ليصطادوا أخرين ويؤذونهم حتى لو كانوا أقاربهم. وهم قووا لا للحق = أى تقووا فى شرهم بل هم ينمون من شر إلى شر ومن سىء لأسوأ، ينمون فى الشر وفى السوء. وفى (5،4) يعقب عقباً = يتعقبون بعضهم للأذية والشر (6) الله يحذر النبى من هذا الشعب الماكر الساكن فى وسطه. وفى (8) وصف لألسنتهم الغاشة. وفى (7) التجربة القادمة يسمح بها الله لينقيهم ويمتحنهم = ينقى المعدن الجيد من الشوائب التى علقت به. أما الذى تحول كله إلى زغل فسيحترق فى نار التنقية، فالنار أى التجربة ستختبر أى تمتحن المعدن الجيد من الصدأ. وفى (10) بكاء النبى على الجبال التى كانت خضراء حية لكنها الأن إحترقت. وكانت هذه عادة جيوش ذلك الزمان أن يحرقوا كل شىء وراءهم. وتأخَذْ القطعان غنيمة فلا يسمع صوت الماشية. وفى (11) وصف محزن للخراب ولكن هذا نتيجة للخطية. ومن لم يعرف الله كواضع للناموس فيحترم ناموسه سيعرفه كديان للأرض كلها. وفى مقارنة بين أية (8،3) نجدهم فى (3) يستخدمون لسانهم فى الكذب وفى (8) هم ينفذون الشر الذى قالوه = سهم قَتَال. بنات أوى = حيوانات أكبر من الثعلب وأصغر من الذئب، تعوى دائماً ومتوحشة ومخادعة، هى رمز لإبليس وجنوده. الأيات 12-16 :- من هو الانسان الحكيم الذي يفهم هذه و الذي كلمه فم الرب فيخبر بها لماذا بادت الارض و احترقت كبرية بلا عابر. فقال الرب على تركهم شريعتي التي جعلتها امامهم و لم يسمعوا لصوتي و لم يسلكوا بها. بل سلكوا وراء عناد قلوبهم و وراء البعليم التي علمهم اياها اباؤهم. لذلك هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل هانذا اطعم هذا الشعب افسنتينا و اسقيهم ماء العلقم. و ابددهم في امم لم يعرفوها هم و لا اباؤهم و اطلق وراءهم السيف حتى افنيهم. كان العالم أيام أرمياء عالماً مضطرباً بين مصر وأشور وبابل وضاعت يهوذا المملكة الصغيرة فى الوسط. وهنا يشرح الله أن السبب ليست هذه الأسباب السياسية بل (12) من هو الإنسان الحكيم الذى يفهم السبب = ولكن كيف يكون الإنسان حكيماً؟ هو الذى كلمه فم الرب ولو وُجِدَ هذا الإنسان فعليه أن يخبر بها. ولقد وُجِدَ مثل هذا الإنسان وهو أرمياء ولكن لم يستمع لهُ فبادت الأرض وإحترقت بسبب الخطية وتركهم شريعة الله (13)، (14) وفى (15) الإفسنتين = مر وسام أى أن الله سيلعن كل بركاتهم وفى (16) هذا ما سيصنعه جيش بابل. الأيات 17-22 :- هكذا قال رب الجنود تاملوا و ادعوا النادبات فياتين و ارسلوا الى الحكيمات فيقبلن. و يسرعن و يرفعن علينا مرثاة فتذرف اعيننا دموعا و تفيض اجفاننا ماء. لان صوت رثاية سمع من صهيون كيف اهلكنا خزينا جدا لاننا تركنا الارض لانهم هدموا مساكننا. بل اسمعن ايتها النساء كلمة الرب و لتقبل اذانكن كلمة فمه و علمن بناتكن الرثاية و المراة صاحبتها الندب. لان الموت طلع الى كوانا دخل قصورنا ليقطع الاطفال من خارج و الشبان من الساحات. تكلم هكذا يقول الرب و تسقط جثة الانسان كدمنة على وجه الحقل و كقبضة وراء الحاصد و ليس من يجمع. النادبات هى النائحات المحترفات. فالغمة القادمة محزنة جداً وتدعو للرثاء ولكن علينا فى كل حين أن نقدم توبة بدموع فدائماً حزاء الخطية خراب. وأرسِلوا إلى الحكيمات = أى الذين يعلمونكم البكاء على الخطايا، فمن الحكمة أن نبكى على خطايانا ونقدم عنها توبة وفى (19) سبب البكاء هو السبى أنهم تركوا الأرض وهم تركوا الأرض لأنهم تركوا الله أولاً فلنحذر لئلا تضيع أرضنا السماوية. ولأنهم هدموا مساكنهم = ومسكننا المؤقت الحالى هو جسدنا فلنحذر حتى لا يُهدَمْ بالخطايا. وفى (21) صورة للموت الجماعى إن لم نبكى على خطايانا كما فى (20) وفى (22) حتى الموت فيه رُعْب فالإنسان يسقط كشىء نجس ولا يجد من يدفنه. الأيات 23-26 :- هكذا قال الرب لا يفتخرن الحكيم بحكمته و لا يفتخر الجبار بجبروته و لا يفتخر الغني بغناه. بل بهذا ليفتخرن المفتخر بانه يفهم و يعرفني اني انا الرب الصانع رحمة و قضاء و عدلا في الارض لاني بهذه اسر يقول الرب. ها ايام تاتي يقول الرب و اعاقب كل مختون و اغلف. مصر و يهوذا و ادوم و بني عمون و مواب و كل مقصوصي الشعر مستديرا الساكنين في البرية لان كل الامم غلف و كل بيت اسرائيل غلف القلوب. يحاول النبى هنا أن يخيفهم ويخرجهم من الملجأ الذى إحتموا به وخدعوا أنفسهم به. فهم إحتموا بأنهم سياسيين قادرين على التحالف مع دولة ضد دولة وخداع دولة أخرى وأنهم أقوياء ولهم ثروة بها يستطيعون تأمين مدينتهم. ولكن النبى يشرح لهم غباء كل هذا. فبدون أن يكون الله فى وسطهم فلا فائدة. فالله أبطل حكمة ومشورة أخيتوفل وداود الصغير قتل جليات الجبار وثروتهم ستكون سبباً فى هلاكهم لطمع العدو فيهم. وهم إعتمدوا على أنهم مختونين، إذن هناك عهد بينهم وبين الله بينما الكلدانيين فهم غير مختونين. وهنا الله يقول أن الكلدانيين غير مختونين بالجسد أما اليهود فغير مختونين بالقلوب فإذا كان الختان يشير إلى إستئصال الخطية فهم إكتفوا بالعلامة الخارجية دون توبة ولذلك فالله سيضرب الجميع الكلدانيين والمصريين (إشارة لمملكة الشر أى الشياطين) واليهود غلف القلوب الذين إحتفظوا بالشر فى قلوبهم علامة الشيطان. ولنعلم أن المعمَد المؤمن الخاطىء يتساوى مع غير المعمد. فالختان هو رمز المعمودية. ومن المحزن أن نرى فى (26) يهوذا وقد أُحصيت مع الأمم فمن يتبع إبليس يشابهه. وهذه الأمم لم يكن لها ميراث وسط إسرائيل (تث3:23) ولكن الأن إسرائيل تشترك فى ضرباتها. وكل مقصوصى الشعر = هم غالباً بنى قيدار وحاصور (قارن مع 28:49–32) وهى عادة وثنية منع الله شعبه من تقليدهم فيها، فالوثنيون يعملون هذا إكراماً لإلههم باخوس. الإصحاح العاشر قد تكون هذه النبوة بعد السبى الأول يوم سُبِىَ يكنيا. ففى هذه النبوة إشارتين الأولى لمن حملوا لأرض الكلدانيين المملوءة وثنية وخرافات وهم يدعون الحكمة ومعرفة النجوم والأوثان. وهنا النبى يطلب من شعبه أن لا يتأثر بهذا ولا ينخدع به فكل هذا غباء. والثانية. للشعب الباقى فى يهوذا حتى لا يشعروا بالأمان المزيف وعليهم أن يتوقعوا مزيد من الخراب إن لم يتوبوا. الأيات 1-16 :- اسمعوا الكلمة التي تكلم بها الرب عليكم يا بيت اسرائيل. هكذا قال الرب لا تتعلموا طريق الامم و من ايات السماوات لا ترتعبوا لان الامم ترتعب منها. لان فرائض الامم باطلة لانها شجرة يقطعونها من الوعر صنعة يدي نجار بالقدوم. بالفضة و الذهب يزينونها و بالمسامير و المطارق يشددونها فلا تتحرك. هي كاللعين في مقثاة فلا تتكلم تحمل حملا لانها لا تمشي لا تخافوها لانها لا تضر و لا فيها ان تصنع خيرا. لا مثل لك يا رب عظيم انت و عظيم اسمك في الجبروت. من لا يخافك يا ملك الشعوب لانه بك يليق لانه في جميع حكماء الشعوب و في كل ممالكهم ليس مثلك. بلدوا و حمقوا معا ادب اباطيل هو الخشب. فضة مطرقة تجلب من ترشيش و ذهب من اوفاز صنعة صانع و يدي صائغ اسمانجوني و ارجوان لباسها كلها صنعة حكماء. اما الرب الاله فحق هو اله حي و ملك ابدي من سخطه ترتعد الارض و لا تطيق الامم غضبه. هكذا تقولون لهم الالهة التي لم تصنع السماوات و الارض تبيد من الارض و من تحت هذه السماوات. صانع الارض بقوته مؤسس المسكونة بحكمته و بفهمه بسط السماوات. اذا اعطى قولا تكون كثرة مياه في السماوات و يصعد السحاب من اقاصي الارض صنع بروقا للمطر و اخرج الريح من خزائنه. بلد كل انسان من معرفته خزي كل صائغ من التمثال لان مسبوكه كذب و لا روح فيه. هي باطلة صنعة الاضاليل في وقت عقابها تبيد. ليس كهذه نصيب يعقوب لانه مصور الجميع و اسرائيل قضيب ميراثه رب الجنود اسمه. دليل أن هذه الأيات مكتوبة لمن هم فى السبى الأية (11) فهى مكتوبة بلغة أرامية يفهمها الكلدانيين وذلك ليُعلمها المسبيين لأولادهم فحين يكلمهم البابليين ويدعونهم لعبادة أوثانهم يردون عليهم بلغة يفهمونها أن هذه الأوثان تبيد وأما إلهنا خلق السماء والأرض وقد خلقنا نحن. لذلك نحن نعبده. وفى هذا الفصل وصف لعظمة الله وقدرته على كل شىء وعجز الأصنام والتماثيل. وغباء الذين يدَعون الحكمة بهذه الوسائل. ففى الإصحاح السابق تكلم عن الحكمة السياسية وهنا يتكلم عن نوع أخر من الحكمة المزيفة وهذه وتلك سيبطلون. وفى (2) الأمم الذين لا يعرفون الله وقوته يرتعبون من علامات السماء مثل الخسوف والكسوف والأبراج والشهب والمذنبات، وهم يتفائلون ويتشائمون منها ومن كل العلامات الفلكية ويقدسونها وعلى أولاد الله أن لا يخافوا هذه الأشياء فالنجوم فى مساراتها لا تستطيع أن تحارب أولاد الله. وما هى الأوثان خشب مقطوع من شجرة وزينوه بالفضة والذهب (4،3) وهكذا كل خطية فالرشوة تسمى هدية والزنا يسمى حب فالإنسان يحب أن يزين خطيته. ولكنها تستمر باطلة وفى (5) هى كاللعين فى مقثأة = اللعين هو خيال المأتة، وهو خشبة طويلة، قد تكون جذع نخلة توضع فى الحقل لتخيف العصافير فلا تلتهم المحاصيل، هى لا تتحرك ولا تنفع ولا تضر، هكذا الشياطين والأوثان التى يستعملونها، شكلهم يبدو أقوى من الناس لكنهم لا حول ولا قوة لهم أمام أولاد الله ولا سلطان لهم أن يؤذونهم أو يكافئونهم. المقثأة = حقل به ثمار القثاء (وهى قصيرة جدا بجانب خيال المأتة) ولكن علينا أن نعرف أن الشياطين أقوياء فهم كنخلة وسط مقثأة ومثال لذلك فالسحرة أيام موسى صنعوا بسحرهم أشياء عجيبة ولكن أولاد الله الذين يحميهم الله لهم سلطان على الحيات والعقارب وكل قوة العدو وتكون هذه القوى الشيطانية كنخلة نعم ولكنها غير قادرة على الحركة من مكانها وغير قادرة أن تؤذى أحد. وكل الأيات هنا لتعنى طمأنينة لشعب الله ضد هذه القوى الشيطانية. والله جبار وليس مثله (7،6) أما الأوثان فبلدوا وحمقوا (8) (أدب أباطيل = تترجم تمثال خشب، تعليم لا قيمة له). وفى (9) نرى كيف يهتم صانعو الأوثان بأن يزينوها بكل فخامة وحكمة فهم يزينون ويجملون ألهتهم وإلهنا يجملنا بأن يجعلنا على صورته. وفى (12)، (13) نرى عظمة الله وفى (14) من يسير وراء صنم يصبح مثله بليد خامل فالوثن كاذب وليس إله. الأيات 17-25 :- اجمعي من الارض حزمك ايتها الساكنة في الحصار. لانه هكذا قال الرب هانذا رام من مقلاع سكان الارض هذه المرة و اضيق عليهم لكي يشعروا. ويل لي من اجل سحقي ضربتي عديمة الشفاء فقلت انما هذه مصيبة فاحتملها. خيمتي خربت و كل اطنابي قطعت بني خرجوا عني و ليسوا ليس من يبسط بعد خيمتي و يقيم شققي. لان الرعاة بلدوا و الرب لم يطلبوا من اجل ذلك لم ينجحوا و كل رعيتهم تبددت. هوذا صوت خبر جاء و اضطراب عظيم من ارض الشمال لجعل مدن يهوذا خرابا ماوى بنات اوى. عرفت يا رب انه ليس للانسان طريقه ليس لانسان يمشي ان يهدي خطواته. ادبني يا رب و لكن بالحق لا بغضبك لئلا تفنيني. اسكب غضبك على الامم التي لم تعرفك و على العشائر التي لم تدع باسمك لانهم اكلوا يعقوب اكلوه و افنوه و اخربوا مسكنه. هذه الأيات لمن بقى فى يهوذا وهنا تهديد بضربة قادمة وفى (17) الأفضل لهم أن يهربوا من أورشليم ويجمعوا حزمهم = أى ممتلكاتهم فلا أمان داخل أسوار أورشليم وقت الحصار وفى (18) وحتى لو هربوا فالله سيضيق عليهم لكى يشعروا = بغضبى على خطيتهم. رامٍ من مقلاع السكان = أى أن الله سيطردهم من الأرض ويقذفهم منها كما من مقلاع فهم قد نجسوها. أية (19) هذه مرثاة للنبى ولكن كلمة مصيبة فأحتملها أنه يحتمل لكن عن غير إقتناع ثم فى (20) تُصوَر أورشليم القوية كخيمة (الخيمة تشير لأجسادنا (2كو1:5) فهل نفسد خيمتنا بخطايانا) قُلِعَتْ من مكانها فالكل زال، شعب ومساكن وقصور وكلْ أطنابى = أى الحبال التى تثبت الخيمة وهذه تشير لملكها وجيشها ورؤسائها وهيكلها وثروتها وشعبها فمن يقيم شققى = الشقق تعنى الستائر أى زينتها من يعيدها وهى لا شعب لها وإلهها قد غادرها. وفى (21) يذكر السبب الأولَى، خطية القادة = الرعاة بلدوا والسبب عبادتهم للأوثان (مثل أية 14) والرب لم يطلبوا = فمن يتبع الأوثان البليدة يصير مثلها بليداً أى غبياً، والبشر ينقسمون قسمين إما قديسين لأنهم يتبعون الله أو شهوانيين يتبعون الشيطان والذين لا يتبعون الله يفشلون وفى (23) ليس للإنسان طريقه = الله ضابط الكل وحتى نبوخذ نصر ما هو إلا أداة فى يد الله لتأديب هذا الشعب. وهذا الشعب الخاطىء ليس حراً بل هو كإبن عليه أن يخضع ليد الله التى تؤدبه. والخطية عقابها فى ذاتها فبعد اللذة الوقتية يجىء الغم. هذا نتيجة طبيعية لوجود الشيطان فى هذا المكان. أما لو وُجد الله يأتى معه السلام والفرح. وهذا الشعب نتيجة خطيته إزداد غماً وأحسَ بالفشل وأدرك الخراب فقال فى (19) ويل لى من اجل سحقى ضربتى عديمة الشفاء. ولكن بعد ذلك عرف النبى أن هذه الضربات التى قال عنها أنها مصيبة وعليه أن يحتملها دون إقتناع أن فيها شفاؤه وخلاصه وأن الإنسان لا يختار طريقة شفائه = ليس للإنسان طريقه (23) فهذا العدو القادم من الشمال (22) إنما هو فى يد الرب لشفاء مرض الشعب. حينئذ تغير كلام النبى وإستحسن تأديبات الله مهما كانت قاسية = أدبنى يا رب بالحق = فكل ما تعمله هو حق وعدل وحب. ولكن لا تؤدبنى بغضبك فأنا لا أحتمل غضبك بل سأحتمل عصا التأديب التى فى محبة " فكل من يحبه الرب يؤدبه. أما هؤلاء الذين ظلمونى وضربونى فلتسكب غضبك عليهم (سواء البابليين أو من يرمزون إليهم أى الشياطين) فنحن حين نقرأ طلب اللعنات على أعداء الله وأعداء الشعب فلنفهم أنهم رمز للشياطين. وتعتبر كلمات النبى هنا نبوة عن ما سيحدث للبابليين أيضاً. (أية 25). وبنهاية الإصحاح العاشر ينتهى العتاب العلنى فى الهيكل. الى اللقاء مع تفسير جزء آخر |