رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يوحنا المعمدان وتفريغ الذات فقالوا له: مَنْ أنت؟ .. ماذا تقول عن نفسك؟ قال أنا صوتُ صارخٍ في البرية قوّموا طريق الرب ( يو 1: 22 ،23) لنا في يوحنا المعمدان مَثَل جميل عن المعنى الحقيقي لتفريغ الذات. أرسل اليهود كهنة ولاويين من أورشليم ليسألوه "مَنْ أنت؟ ماذا تقول عن نفسك؟" فماذا كان جوابه؟ بكل بساطة إنه مجرد "صوت". هنا أخذ يوحنا مكانه الحقيقي. مجرد "صوت" ليس فيه مكان للافتخار. فهو لم يَقُل إنه "شخص" صارخ في البرية، بل قال إنه "صوت شخص صارخ" ولم يكن يطمع في أن يكون أكثر من ذلك. هذا هو تفريغ الذات. وماذا كانت النتيجة؟ أنه وجد في المسيح موضوع تبجيله وتعظيمه. "وفي الغد أيضاً كان يوحنا واقفاً هو واثنان من تلاميذه، فنظر إلى يسوع ماشياً، فقال هوذا حَمَل الله" ( يو 1: 35 ). وما كل هذا؟ أليس هو ملء الله يترقب إناءً فارغاً؟ فيوحنا لم يكن شيئاً والمسيح كان كل شيء ولذلك عندما تركه تلاميذه ليتبعوا يسوع، لم تصدر منه كلمة تذمر ولا بَدَت عليه أية علامة لكبرياء مجروحة. كلا، ليس هناك حقد أو حسد في القلب المتفرغ من ذاته. وليس هناك أثر لإحساس مجروح أو مساس للشعور عند الشخص الذي تعلَّم أن يأخذ مكانه الحقيقي. فلو كان يوحنا يحسب نفسه شيئاً لكان تذمر عندما وجد نفسه مهجوراً، ولكن آه أيها القارئ عندما يجد الإنسان موضوع شبعه "حَمَل الله" لا يهتم أبداً إذا ما فقد بضعة تلاميذ. ولنا أيضاً في الأصحاح الثالث من إنجيل يوحنا صورة أخرى للمعمدان المتفرغ من ذاته "فجاءوا إلى يوحنا وقالوا له: يا معلم هوذا الذي كان معك في عبر الأردن الذي قد شهدت له، هو يعمِّد والجميع يأتون إليه". هذه عبارات مرتبة وفي أسلوب من شأنه أن يثير حقد وحسد القلب البشري المسكين، ولكن لاحظ الجواب "لا يقدر إنسان أن يأخذ شيئاً إن لم يكن قد أُعطي من السماء ... ينبغي أن ذلك يزيد وأني أنا أنقص. الذي يأتي من فوق هو فوق الجميع، والذي من الأرض هو أرضي ومن الأرض يتكلم. الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع" ( يو 3: 27 ، 30،31). ما أعظمها شهادة لِما عليه المسيح من مجد وعظمة غير محدودة، كذلك ما أعظمها شهادة لِما عليه يوحنا من تفريغ الذات تفريغاً كُلياً. فهو "صوت" و "لا شيء" أما المسيح فهو "فوق الجميع". |
|