01 - 11 - 2021, 01:35 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
حقيقة إنجيلية
بتولية القديسة مريم ليست أمرًا يخص حياتها الشخصية، لكنها حقيقة إنجيلية، تشهد لإيماننا بيسوع المسيح. فإن كلمة الله عند تجسده لم يُبالِ بإمكانيات المكان الذي يضطجع فيه، أو الملابس التي يتقمَّط بها، أو الطعام الذي يقتات به، لكنه حدَّد بدقة "العذراء" التي تصير له أمًا[3]. فقد قدَّم إشعياء علامة نبوية لهذا الميلاد العذروي، قائلًا: "ها العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمانوئيل" (إش 7: 14).
يشير هذا النص بطريقة مباشرة وحرفية إلى مريم العذراء والدة عمانوئيل، وفي دقة بالغة يُحَدِّد حال القديسة "كعذراء ومخطوبة" في نفس الوقت، فالكلمة العبرية المستخدمة لعذراء هي "آلما Alma" وليس "بتولة" ولا "ايسا" فإن كلمة "آلما" تعني عذراء صغيرة يمكن أن تكون مخطوبة، أما "بتولة" فتعني عذراء غير مخطوبة، بينما "ايسا" فتعني سيدة متزوجة.
فلو استخدم الكاتب كلمة "ايسا" أي سيدة متزوجة لما حمل هذا التعبير آية غير عادية يُحَقِّقها الله كما جاءت في إشعياء (7: 11-10)، لأن السيدة يمكن أن تحبل وتلد ابنًا. ولو استخدم كلمة "بتولة" لما انطبقت النبوة على القديسة لأنها مخطوبة للقديس يوسف. أما كلمة "آلما" فهي بحق تناسب حالتها، بدقة بالغة كعذراء ومخطوبة للقديس يوسف الذي كان بالنسبة لها مدافعًا وشاهدًا أمينًا على عفتها، بوجوده ينتزع كل ريبٍ أو ظنٍ حولها. وجدير بالملاحظة أن كلمة "آلما" جاءت لغويًا بما تفيد استمرار البتولية، لهذا لم تترجم "عذراء" بل "العذراء" لتصف والدة عمانوئيل كعذراء حتى بعد إنجابها الطفل.
أما دوام بتولية القديسة مريم فيؤكده نبي آخر بقوله:
"ثم أرجعني إلى طريق باب المقدس الخارجي المتجه للمشرق وهو مغلق،
فقال لي الرب: هذا الباب يكون مغلقًا لا يُفتَح، ولا يدخل منه إنسان،
لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقًا.
الرئيس الرئيس هو يجلس فيه.." (حز 44: 1-3).
يرمز هذا الباب الشرقي المختوم إلى بتولية القديسة مريم الدائمة[4]، فإن الرب وحده دخل أحشاءها، ولم يُفتَح هذا الباب لآخر غيره، بل بقيت أختامه غير منحلة. في هذا تترنَّم الكنيسة القبطية، قائلة[5]:
حزقيال شهد وأظهر لنا هذا، قائلًا: "إني رأيت بابًا ناحية المشارق، الرب المُخَلِّص دخل إليه، وبقي مغلقًا جيدًا بحاله".
وفي الطقس البيزنطي أُعطِي للعذراء هذا اللقب: "السلام لكِ، أيها الباب الفريد الذي عبر منه الكلمة وحده[6].
* لقد دعته النبوة أعجوبة (إش 9: 6)، لأن طريق تدبيره في الجسد مملوء عجبًا. إن حددت المسيح، كما تظن وأنت الضعيف والخائف، يجب أن تُسمى أنت أعجوبة.. فتكون قد نسبت اسمه إليك. الآن يلزم أن يُعجَب بك، لأنك جعلت من لا يُحَد محدودًا (في فكرك)، وفحصت من لا يُفحَص، وتعقبت من لا يُبحَث عنه.. ها أنت تصف بكلامك، مفسرًا ذاك الذي خاف النبي من أمره، وقال متحيرًا: "من يصف جيله؟" (إش 53: 1؛ أع 8: 33)[7].
* حافظَ على بتولية أمه حين خرج منها، وحطَّم أبواب الجحيم لما دخل منها، لكي تمكث مريم في بتوليتها.. كان يليق به أن يحفظ بتولية البتول لما حلَّ فيها، وكان يجمُل به لما دخل الجحيم أن يجعله قفرًا من (الأمور) الجديدة التي فعلها[8].
القديس مار يعقوب السروجي
|