رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قال لها يسوع: ما لي ولك يا امرأة؟ لم تأتِ ساعتي بعد". لم يلقِ السيد المسيح باللوم على العروسين أو أهلهما لأنهم لم يعدوا خمرًا كافيًا، ولم يلم والدته لأنها تدخلت في الأمر، إنما أوضح لها أن لكل عمل وقته أو ساعته المناسبة. يتعجب البعض كيف يدعو يسوع أمه "يا امرأة" لكن هذه الدهشة تزول حين نراه علي الصليب يكرر: "يا امرأة هوذا ابنك"، فهو يتحدث معها في بدء خدمة الآيات التي تمثل إشارة لبدء حمل الصليب، حيث يُستعلن شخصه فتثور قوى الظلمة ضده لتخطط لموته . فهو لا يتحدث معها بكونها أمه، لأنه ليس من حقها أن تحدد ساعة الصليب، إنما هذا حق الآب الذي أرسله. فقد جاء يتمم مشيئة الآب ببذل ذاته من أجل خلاص العالم. حقا لقد رافقته القديسة مريم في أول معجزة وهي لا تدري إنها بدء ساعة الصليب، وبقيت معه حتى لحظات الصليب بكونها ممثلة للكنيسة، حواء الجديدة المرافقة لآدم الثاني في طريق آلامه، حتى يسكب بهاء مجده عليها. لقد قيل لها بعد الحبل بالسيد المسيح: "يجوز في قلبك سيف"، وقد بدأ يخترق قلبها في عرس قانا الجليل ليحمل جراحات الحب! لم يقل "يا أماه" بل "يا امرأة"، لأن ما يمارسه بخصوص تحويل الماء خمرًا لا يصدر بكونه إنسانًا أخذ جسدًا منها، وإنما بعمل لاهوته. حقًا ليس انفصال بين لاهوته وناسوته، وما يمارسه السيد المسيح هو بكونه كلمة الله المتجسد، لكن بعض الأعمال هي خاصة به كابن الله الوحيد، والبعض بكونه ابن الإنسان. لماذا قال "لم تأتِ ساعتي بعد" وقد قام في نفس الساعة بعمل المعجزة؟ لقد أوضح لها أن ساعته للقيام بآيات علنية ومعجزات عامة أمام الجميع لم تأتِ بعد، لكنه يعمل دومًا. وقد تمم الآية في هدوء بعد أن قدم الخدام الأجران حتى أن رئيس المتكأ والعريس لم يعرفا ذلك وإنما الخدام وحدهم * لكي تتأكد من احترامه العظيم لأمه استمع إلى لوقا كيف يروي أنه كان "خاضعًا لوالديه" (لو 2: 51)، ويعلن إنجيلينا (يوحنا) كيف كان يدبر أمرها في لحظات الصلب عينها. فإنه حيث لا يسبب الوالدان أية إعاقة في الأمور الخاصة بالله فإننا ملتزمون أن نمهد لهما الطريق، ويكون الخطر عظيمًا إن لم نفعل ذلك. أما إذا طلبا شيئا غير معقول، وسببا عائقًا في أي أمر روحي فمن الخطر أن نطيع! ولهذا فقد أجاب هكذا في هذا الموضع، وأيضًا في موضع آخر يقول: "من هي أمي؟ ومن هم اخوتي؟" (مت 12: 48)، إذ لم يفكروا بعد فيه كما يجب. وهي إذ ولدته أرادت كعادة بقية الأمهات أن توجهه في كل شيء، بينما كان يلزمها أن تكرمه وتسجد له، هذا هو السبب الذي لأجله أجاب هكذا في مثل هذه المناسبة(340). لقد اهتم بالغير واستخدم كل وسيلة ليغرس فيهم الرأي السديد الخاص به، فكم بالأكثر كان يليق به أن يفعل ذلك مع أمه(341). |
|