رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أهم ملامح تفسيره (ومقالاته أيضًا) ارتباطه ببعض شخصيات من الكتاب المقدس، بل تعلقه بهم خاصة معلمنا بولس الرسول وأيوب البار. لقد عشق شخصية الرسول بولس وسجل لنا تفاسير كل رسائله. أحبه ككارز مملوء حبًا تجاه البشرية كلها. إذا ما تحدث عنه يصعب عليه العودة إلى موضوعه الأصلي. "في تعليمي أُكثر الاستشهاد بنفس بولس المقدسة...(68)" "ماذا يحدث لي؟ لنهرب سريعًا، فإن بولس يستولي على، ويبعد بي خارج الموضوع! أنتم تعلمون أنني كثيرًا ما أطارد فكرة معينة، وإذا بي أسقط فجأة على بولس فيحتجزني بقوة عن كلامي، ولا اقدر أن اَنفصل عنه حتى النهاية(69)". وفى أول عظة عن رسالة الرسول بولس إلى أهل رومية ابتدأ بعبارات الإعجاب بالرسول، قائلًا: "إني أحرص على قراءة رسائل الطوباوي بولس مرتين أسبوعيًا، وغالبًا ثلاث دفعات أو أربع كل أسبوع عند الاحتفال بذكرى الشهداء والقديسين. أنعم بالبوق الروحي بسرور، انهض متقدًا بالرغبة في التعرف على الصوت العزيز عليَّ. يخيل لي أني أهواه تمامًا، بل كأنه حاضر أمام بصيرتي. أمسك به، وأتحدث معه. لكنني أحزن متألمًا لأن كل الناس لا يعرفون هذا الرجل كما ينبغي... إني أعرفه هكذا ليس بسبب استعداد خاص بي أو ذكاء حاد، إنما إن كنت أعرف عنه شيئًا فبسبب التصاقي الدائم مع هذا الرحل وميلي الشديد نحوه". وختم عظاته على نفس الرسالة(70) بعبارات رائعة تكشف عن مدى ولعه بشخصية الرسول، نعود إليها في الحديث عن كتاباته إن شاء الرب وعشنا. ولقد قال إنيانوس من Celeda في القرن الخامس أن القديس يوحنا لم يصف الرسول العظيم بولس، بل كان كمن يقيمه من الأموات ليجعل منه مثلًا حيًا للكمال المسيحي. أما في الفترة الأخيرة من حياة القديس يوحنا، حيث دخل في لُجة التجارب، فقد وجد في أيوب البار صديقًا... تعلقت نفسه به كشريك معه في الآلام، متى كتب عنه نسيَت نفسه... جاءت كتاباته الأخيرة لا تخلو من حديثه عنه. وفي إحدى رسائله لشماسته أولمبياس إذ بدأ يتحدث عنه ترك موضوع الرسالة تمامًا ليعود معتذرًا: "يبدو لي أن حبي للبطل قد جرفني بعيدًا عن الموضوع الماثل أمامي(71)". هذه ملامح إنسان يعيش في الكتاب المقدس مع الآباء والأنبياء والرسل ويصادقهم في المسيح يسوع، ليحيا معهم كما هم في الرب. |
|