في عظات الذهبي الفم صورة عن أحوال أهل أنطاكية وخصالهم وواقع الكنيسة فيهم. أبرز العيوب والرذائل كانت البخل والترف والفجور والتعلق الشديد بالمسرح والمباريات. كان القدّيس يشكو من أن الفساد بلغ في أيامه حداً أنه "لو أراد إنسان غريب أن يقارن بين أحكام الإنجيل وما يمارسه المجتمع لانتهى إلى أن الناس ليسوا هنا تلامذة المسيح بل أعداؤه". كيف لا وإتباع الموضة كان القاعدة، والمتعة ما يسعى الناس إليه. يكرمون فنون الترف فيما الفضائل والرصانة موضع استهزاء، وكذا خفر النسوة والوقار. قسم كبير من دخل المدينة كان يذهب لتمويل المباريات العامة والمسارح. هذه كانت شهوة أنطاكية ومجدها. بلى، كانت المدينة فردوساً مزدهراً، ولكن، فردوساً للخطيئة والفساد والانحلال أولاً.
وكانت الكنيسة في أنطاكية، يومها، قد خرجت حديثاً من صراعات وانقسامات دامت أكثر من ستين سنة. الهرطقات، ولاسيما الآريوسية، كانت ما تزال بعد تلوث الأجواء وإن همد أكثرها.