منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 25 - 09 - 2021, 10:59 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,445


ما سبب حبنا إلي الله



البابا شنودة الثالث





لماذا نحب الله؟



فلنأخذ سفر النشيد الذي يعطينا مثالًا عم محبة النفس لله. فلماذا كانت تحبه؟
1* أول كل شيء، هو أن حب الله متعتها ولذتها:
نقول له (حبك أطيب من الخمر) (نش2:1). إنها محبة تسكر. تنتشي بها النفس. بل تقول (أني مريضه حبًا) (نش5:2). أي أن محبة الله قد دغدغت جسمها، فلم تعد تحتمل تلك الطاقة الجبارة من الحب الإلهي.
جسدها أضعف من طاقات الروح. فلم تعد طاقة الجسد تحتمل الحب الإلهي، فأصبحت مريضة حبًا..
إنسان ترتفع درجة حرارة جسده، إذ هو مريض جسديًا. وإنسان آخر ترتفع بالحب درجة حرارة روحه، فإذا هو مريض حبًا.. (مدروخ) من الحب الإلهي. مثلما قيل لبولس الرسول (كثرة الكتب حولتك إلى الهذيان يا بولس) (أع26: 24).
هذا الهذيان البولسي المقدس، نشتهي نحن جميعًا أن نصاب به.
إنسان من فرط الحب الإلهي الذي فيه، يتكلم كلامًا لا يفهمه الناس، ويشعر بشعور لا يدركه الناس، فيحسبونه يهذي!






مشكلة أهل العالم، أن محبة العالم تتصارع فيهم مع محبة الله. فالجسد يشتهي ضد الروح التي تشتهي الله (غل5: 17).
فهم يتلذذون بالعالم، فيما يريدون أن يحبوا الله!! وهكذا يجود في حياتهم شيء من التضاد ومن التناقض، ومن الصراع، بغير استقرار.

أما الإنسان الذي يحب الله حقًا، ومحبة الله هي متعته، فليس فيه صراع ولا تضاد. ولا يتعب في تنفيذ وصيه الله، لأنه لذته..
أنه يتغني بوصايا الله، كما تغني بها داود في مزاميره (وصاياك هي لهجي) (سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي) (محبوب هو أسمك يا رب، فهو طول النهار تلاوتي) (مز119). أو كما تقول عذراء النشيد (أسمك دهن مهراق) ونترجمها في القداس الإلهي (طيب مسكوب هو أسمك القدوس).
(طيب مسكوب هو أسمك، لذلك أحبتك العذارى) (نش1: 3) ونعني بالعذارى النفوس التي لم تعطي ذاتها لأخر، إذ أحبت الرب من كل القلب. سواء أكانت هذه النفوس من البتوليين، أو المتزوجين. لذلك فإن الكتاب لقب كل اللذين يخلصون بخمس عذارى حكيمات.




2* النفس تحب الله، لأنها لا تجد له شبيهًا.
كما نغني له في التسبحة ونقول (من في الآلهة، يشبهك يا رب؟! أنت الإله الحقيقي، صانع العجائب).
أن اله، إذا قارِنًا محبته بكل مشتهيات العالم، وكل آلهته، نجده يفوقها جميعًا، لذلك تقول عذراء النشيد:
( حبيبي أبيض واحمر، معلم بين ربوه) ( نش5: 10).
أبيض في نقاوة قلبه، وفي أنه النور الحقيقي.. وأحمر في الدم المسفوك لأجلنا ولأجل خلاصنا.. وهو مميز بين ربوة، أي أن وضعت حبيبي بين عشرة آلاف، أجده مميزٌ بينهم.. متى إذن يتميز الله في قلبك عن كل مشتهيات الدنيا وكل سكانها وتجده يفوقهم جميعًا..؟
كل شهوات العالم زائلة، تنتهي بعد حين، أما محبة الله، فتبقي إلى الأبد. شهوات العالم سطحية، أما محبة الله فلها عمق ولها قدسية. وترفع مستوى الإنسان.
في حين أن شهوات العالم تهبط بمستواه..
كلما أحبك يا رب، ترفعني إليك لأعيش في السماوات. أما إن أحببت العالم، فإنه يهبطني معه إلى الأرض، إلى التراب والأرضيات..

3* نحن أيضاَ نحب الله من أجل بهائه.
إنه (أبرع جمالًا من بني البشر) (مز45: 2).
تناديه عذراء النشيد فتقول (ها أنت جميل يا حبيبي) (نش 1: 16). فهل حقًا نري الله كذلك؟
ربما إنسان يسير في طريق الله، فيجد أن الباب ضيق، والطريق كرب (مت7: 14). ويجد أن الوصية ثقيلة، ولولا خوف الأبدية ما كان يستمر. فيقول للرب: من أول معرفتي لك، عرفت التجارب والضيقات (يو33:16). وعرفت الصليب وهكذا لا يري الحياة مع الله جميلة!!
أما الذي يحب الله، فكل شيء في عينيه: الله وصليبه، وتجاربه ووصاياه.
ويري الطريق حلوًا، مهما كان ضيقًا.. يكفي أنه يوصل إلى الملكوت.. ولا تحزنه التجارب، إذ يري فيها بركاتها، فيغني مع يعقوب الرسول (احسبوه كل فرح يا إخوتي، حينما تقعون في تجارب متنوعة) (يع1: 2)،وينشد مع بولس الرسول (افرحوا في الرب كل حين، وأقول أيضًا افرحوا في الرب كل حين، وأقول أيضًا افرحوا) (في 4:4)
ومن أجل محبته لوصايا الله، يقول مع يوحنا الرسول إن (وصاياه ليست ثقيلة) (1يو3:5).
عذراء النشيد تغني بجمال الرب فتقول.
(حلقة حلاوة. كله مشتهيات) (نش16:5) (فتي كالأرز، طلعته كلبنان) (نش15:5).. وتشرح باقي صفاته. حقا إن الوجود مع الله، هو شهوده نشتهيها. وكما قال الآباء إن القداسة هي استبدال شهوة بشهوة، إذ نترك شهوة العالم، لنحظى بشهوة التمتع بعشرة الله.. نشتهي الله وكل ما يتعلق به، وكل ما يوصلنا إليه. ونجد فيه لذتنا وفرحنا ومعه لا يعوزنا شيء..
ما أجمل التأمل في صفات الله. إنها تغرس محبته في القلب.
الله المحب، الطويل الروح، والكثير الرحمة، الجزيل التحنن، الذي لم يصنع معنا حسب خطايانا، ولم يجازنا حسب آثامنا (مز103). الله الكلي القداسة، الكلي الحكمة، الكلي القدرة، المخبأة فيه كل كنوز الحكمة والعلم (كو2:3)..
الله الذي نتغنى بصفاته في القداس الغريغوري وفي تحليل آخر كل ساعة، وفي صلوات المزامير.

4* (نحب الله، لأنه أحبنا قبلًا) 1يو19:4).
هو الذي أحبنا وفدانا. لأنه (هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية) (يو16:3).. هذه هي المحبة. ليس أننا نحن أحببنا الله. بل أنه هو أحبنا، وأرسل ابنه كفارة لخطايانا) (1يو4: 10).
نحبه لأنه نقشنا علي كفه (أش49: 16). ووعدنا بأن (كل آلة صورت ضدنا لا تنجح) (اش45: 17)، وأن أبواب الجحيم لن تقوي علينا (مت 16: 18). ما أكثر وعوده المعزية..






5* نحب الله، لأنه أبونا، وراعي نفوسنا.
هو الذي تغنى داود برعايته فقال (الرب يرعاني فلا يعوزني شيء. في مراع خضر يربضني. إلى ماء الراحة يوردني. يرد نفسي إلى سبل البر) (مز 23).
هو الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الخراف (يو 10: 11، 14). وهو الذي قال (أنا أرعى غنمي وأربضها.. وأطلب الضال، واسترد المطرود، واجبر الكسير، واعصب الجريح) (خر 16:34).
وعذراء النشيد تسميه (الراعي بين السوسن) (نش2:16) هو الأب الحاني علي أولاده، الذين يعطيهم خيراته بكل سخاء، ويهتم بهم ويغدق عليهم من عطاياه، حتى أن داود النبي يقول في المزمور (باركي يا نفسي الرب، ولا تنسي كل إحساناته، الذي يغفر جميع ذنوبك، الذي يشفي كل أمراضك، الذي يفدي من الحفرة حياتك، الذي يكللك بالرحمة والرأفة، الذي يشبع بالخير عمرك، فيتجدد مثل النسر شبابك) (مز103:1-5).






6* إننا نحب الله، لأنه قوي، يحرس ويسند.
تشعر النفس المحبة لهم، انه في حمايته، محاطة بقوة عجيبة ينقذها بذراع قوي، وبيد حصينة. فلا تخشي من خوف الليل، ولا من سهم يطير بالنهار. فهو يعزيها بقوله (إليك لا يقتربون، بلا بعينيك تنظر وتري مجازة الأشرار) لذلك فهي تغنى قائلة (الساكن في ستر العلي، وفي ظل القدير يبيت) (مز91:1-8) (إن لم يحرس الرب المدينة، فبطلًا يسهر الحارس) (مز127:1).






7* إننا نحب الله لأسباب عديدة لا تحصي.
إذ انه بمحبة الله، يعيش الإنسان في فرح دائم: يفرح بأرب الذي يقوده في موكب نصرته (2قو2:14).. وينقله من خير إلي خير. ويفرح لتمتعه بالرب، ولأن الخطية لا مكان لها في قلبه ولا مكانة. ولأن محبة الله طردتها. حقًا قد تحدث له حروب ومقاومات من الشيطان، ولكنه مقاومات من الخارج فقط، أما قلبه من الداخل فيملك عليه السلام. وهكذا تجتمع في قلبه الفرح والمحبة والسلام، والتي هي أولى ثمار الروح (غل5:22).
نحن نحب الله، لأن محبته تطرد الخوف من خارج قلوبنا (1يو4:18). فلو ملكت المحبة علي قلوبنا، لا نعود نخاف الله ولا الدينونة، ولا نخاف الناس، ولا الخطية ولا الشيطان..
نحب الله، لأنمه بمقدار محبتنا له سيكون فرحنا به في الأبدية وستكون سعادتنا.
لأن في الأبدية (نجمًا يمتاز عن نجم في المجد) (1كو15: 41). وهذا الامتياز تحدده المحبة. فحسب مقدار محبتنا يكون امتياز درجتنا ومتعتنا في الأبدية.
يا أخوتي. أريدكم أن تدربوا أنفسكم علي محبة الله. أخرجوا من مظاهر الحياة الروحية، وأدخلوا إلى عمق الحب.
وأعلموا أن محبتكم لله، هي التي تعطي روحياتكم عمقًا..
لقد أنكر بطرس سيده ومعلمه، وسب ولعن وقال لا أعرف الرجل (مت 26: 7-74). ولكن الرب لما عاتبة بعد القيامة، لم يذكر له موضوع الإنكار، وإنما سأله قائلًا (يا سمعان بن يونا، أتحبني أكثر من هؤلاء؟) (يو 21: 15).
فأجاب بطرس (أنت تعلم يا رب كل شيء. أنت تعلم أني أحبك).. وبهذه المحبة نال المغفرة، ورجع إلى رتبته الرسولية..
أن كانت محبة الله لها كل هذه الأهمية فلعلنا نسال: ما الذي يعوق محبتنا لله؟



عوائق المحبة




أول عائق ضد محبة الله هو الذات.
كثير من الناس يحبون ذواتهم أكثر من محبتهم لله!! ذاتهم هي الصنم الذي يتعبدون له فيبحثون باستمرار عن رغبات هذه الذات وشهواتها، ورفعة الذات ومجدها، وكرامة الذات وانتقامها لنفسها، ومجد هذه الذات ومديح الناس لها، وشهرة الذات وعظمتها وظهورها.. وفي سبيل ذلك ما أكثر الخطايا التي يقترفونها، ويبعدون بها عن الله وعن محبته
ولذلك قال الرب..
( من أراد أن يتبعني، فلينكر ذاته..) ( مت16: 24).
وقال أيضًا (من وجد ذاته يضيعها. ومن أضاع حياته من أجلي يجدها) (مت16: 39) (مر8: 34، 35). ودعانا أن نبغض حتى أنفسنا من أجل محبته.. أي نبغض انحرافاتها التي تبعدنا عنه.. وليس فقط الذات ومحبتها وإنما أيضًا:
أسال نفسك: هل هناك محبة أخرى تنافس الله في قلبك؟

حاول أن تطرد من قلبك كل محبة أخرى ضد محبة الله، أو تزيد علي محبة الله.. لقد أحب شمشون دليله أكثر من محبة لله. ومن أجلها فقد نذره (قض16). وأحب لوط الأرض العشبة في سادوم، أكثر من عشرة آبرام ومذبح الله، فوقع في سبى سادوم. (وكان البار بالنظر والسمع.. يعذب يومًا فيومًا نفسه البارة بالأفعال الأثيمة) (2بط2: 8).
حتى المحبة المقدسة الطبيعية للأقرباء لا تجعلها تزيد عن محبتك لله،وفي ذلك قال الرب (من أحب أبًا أو أمًا فلا يستحقني، ومن أحب أبنًا أو ابنه أكثر مني فلا يستحقني) (مت 37:10). فكثيرًا ما يكون (أعداء الإنسان أهل بيته) (مت 36:10)، أن كانوا يمنعونه عن محبة الله، أو تكريس نفسه له، أو يقودونه في طرق مخالفة..



يمنعنًا عن محبة الله أيضًا: محبة العالم والجسد والمادة.
وصدق الكتاب حينما قال (محبة العالم عداوة لله) (يع4:4). (لا يحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم. أن أحب أحد العالم، فليست فيه محبة الآب) (1يو15:2). لذلك هرب آباؤنا من العالم ليتمتعوا بمحبة الله.. فأن كنت أنت تعيش في العالم، فعلي الأقل تتذكر قول الرسول (ويكون الذين يستعملون العالم كأنهم لا يستعملونه،لأن هيئة هذا العالم تزول) (1كو31:17).
وما أكثر ما تقف المادة ضد محبة الله، كالمال مثلًا.
وقد أمرنا الرب بان نبعد عنه كمنافس لله، فقال (لا تقدرون أن تخدموا الله والمال) (مت6:24). وفي قصة الشاب الغني، نري أنه مضيء حزينًا، لأنه كان ذا أموال كثيرة (مت19:22). فإن كنت تملك مالًا، فلا تجعل المال يملكك. أنفقه في محبه الله والناس، فيكون لك كنز في السماء (مت19:21).
بقي الجسد، الذي تقف شهواته عقبة ضد محبة الله.
وهكذا يقول الرسول (إن اهتمام الجسد هو موت. ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام. لأن اهتمام الجسد هو عداوة لله) (رو8:6، 7). ويقول أيضًا (لأنه إن عشتم حسب الجسد فستموتون. ولكن إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون) (رو8:13).
ابحث إذن هل جسدك يعوقك عن محبة الله؟
ليس فقط شهوات الجسد في الزنى، وفي شهوة الطعام والشراب، وإنما أيضًا في محبة الراحة التي قد تعطلك عن الصلاة وعن الخدمة وإعانة الآخرين..



قد تعوقك عن محبة الله أيضًا: المشغوليات.
التي تستولي علي كل وقتك وكل اهتمامك، وتشغل فكرك وعواطفك، ولا تبقي لك وقتًا تقضية في الصلاة أو التأمل، أو قراءة كلمة الله، أو حضور الاجتماعات الروحية.. وهكذا تبعدك المشغوليات عن الوسائط الروحية التي تعمق محبة الله في قلبك..
نصيحتي لك أن تمسك بميزان دقيق، وتجعل لكل مشغولياتك حدًا لا تتعداه، فلا تطغي كفتها علي حياتك الروحية، لأن الرب يقول (ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه) (مر8:36).
واهتم بمحبة الله والوسائط التي تؤدي إليها، ولتكن لها المكانة الأولي في قلبك وقل مع داود النبي:
(وأما أنا فخير لي الالتصاق بالرب) (مز73:28).
لقد حدثتك عن محبة الله وأهميتها ودوافعها وموانعها. وبقي أن أتكلم معك بتفصيل عن كيف نحب الله؟ وكيف نصل إلي محبته؟..



لن تستغني عن الله




كل إنسان متدين، يهمه بالضرورة أن يرقي إلي محبة الله. ولعل الكل يسألون: كيف يمكننا أن نصل إلي محبة الله؟ وسنضع أمامنا هنا بعض الوسائل.
لن تستغني عنه

* أنه ينبغي أولًا تتأكد من هذه الحقيقة:
إن الله هو الكائن الوحيد الذي لا يمكنك أن تستغني عنه..
سواء في هذه الحياة، أو في الحياة الأخرى..
كل خطوة من خطواتك تحتاج إلي حفظ الله وعنايته. كل طريق تسلك فيه يحتاج إلي معونة إلهية، وما أكثر ما تحتاج إلي إرشاد إلهي، وبخاصة حينما تري الطرق قد تشعبت أمامك، والأمور قد تعقدت. هنا تذكر قول الرب في الإنجيل (بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا) (يو15:5).
إن الحياة مع الله، تغرس سلامًا في القلب، وتبعد الإنسان عن الخوف، وتمنحه ثقة في وجوده.





فإن كنت لا تستغني عن الله، وهو لازم لك ولحياتك، فلتكن لك إذن علاقة معه.
وإن وصلت هذه العلاقة إلي درجة الحب، ستكون لك دالة أمامه حين تطلبه. وحتى دون أن تطلب، ستجده يدبر أموك حسب مشيئته الصالحة. وأنت نفسك ستكون مطمئنًا جدًا في تسليم حياتك بين يديه.
لا تظن في يوم ما أنك تستطيع أن تستقل بنفسك، مستغنيًا عن الله، مكتفيًا بعقليتك وما وصلت عليه من معرفة وخبرة وقوة!! فإن هذا سيقطع الصلة بينك وبين الله. وربما تشعر أيضاَ في تلك الحالة أنك لست في حاجة إلي الصلاة.
ويأتي وقت وتقع في ضيقة، فتستيقظ..
وتعود إلي الله وتقول له: لست أستطيع يا رب أن أستغني عنك. أنني محتاج إليك في مشاكلي. بل أنا محتاج أولًا إلي الصلح معك، وإلي عودة علاقتي بك، أو إلي تكوين علاقة جديدة معك.. ويسمع الرب ويتحنن ويستجيب، لكي يقودك إلي محبته.. أتراك إذن في حاجة إلي ضيقات وتجارب لكي توصلك إلي محبه الله؟!





اترك المحبة المضادة





* للوصول إلي محبة الله، ينبغي أن تبعد عن كل محبة مضادة، وبالتالي تبعد عن شهوات العالم..
وقد ركز الرسول محبة العالم في (شهوة الجسد، شهوة العين، تعظم المعيشة) (1يو2:6). وقال (أن أحب احد العالم، فليس فيه محبة الآب.. والعالم يبيد وشهوته معه..) (1يو15:17). ومن أجل أهمية هذا الأمر، فإن الكنيسة في كل قداس بعد قراءة الكاثوليكون، تردد علي أسماعنا قول الرسول. (لا تحبه العالم ولا الأشياء التي في العالم)
(1يو2: 15). وقد قال القديس يعقوب الرسول (إن محبة العالم عداوة لله) (يع4:4).



إنك لا تستطيع إن تعبد ربين، أو تخدم سيدين (مت6:24). فإما محبة الله، أو محبة العالم.
كلما ازدادت محبة العالم قلبك، فإن محبتك لله تقل. وكلما ازدادت محبتك لله، فعلي نفس القياس تقل محبتك للعالم وكل ما فيه، وتصبح كل شهواته تافهة في نظرك، كما قال القديس بولس الرسول (خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية، لكي أربح المسيح، وأوجد فيه) (في3: 8، 9).
أن الكنيسة بلغت قمة محبتها لله في عصر الاستشهاد، وارتبط ذلك أيضًا بقمة زهدها في العالم.
فالذي يشتهي شيئًا في العالم، لأبد أن يشتهي أيضًا البقاء فيه. أما الذي يزهد العالم وشهواته، فإنه يشتهي الانطلاق منه ليكون مع المسيح، فذاك أفضل جدًا (في1: 23).. وهكذا من أجل محبة الله، كان يشتهون الاستشهاد.. وكانت أصوات التسابيح والصلوات تملأ سجونهم، كما حدث مع بولس وسيلا وهما في سجن فيلبي (أع16: 25).
ونسمع في قصة استشهاد القديس أغناطيوس الأنطاكى، أن حينما أرسله الحكام إلى رومه لإلقائه إلى الأسود الجائعة، واراد أهل رومه المسيحيون أن ينقذوه من الموت، أرسل إليهم القديس أغناطيوس رسالة يقول لهم فيها:
(أخشى أن محبتكم تسبب لي ضررًا..).
كانت في قلبه شهوة الموت، للالتقاء بالله..
أما الذي شهواته تكون في العالم، فإنه يقول مع الغني الغبي (أهدم مخازني وأبني أعظم منها، وأجمع هناك جميع غلاتي وخيراتي. وأقول لنفسي: يا نفسي، لكي خيرات كثيرة موضوعة لسنين عديدة. فاستريحي وكلي وأشربي وأفرحي) (لو12: 18، 19)..
ولم يفكر ذلك الغني في الله، ولم يرد أسمه علي لسانه ولا في فكره، لأن قلبه متعلق بماله ومخازنه وخيراته الأرضية.



حقًا كما قال الرب: حيث يكون كنزك، هناك يكون قلبك أيضًا (مت6:21) (لو12:34).
فأين هو كنزك يا أخي؟ هل هو علي الأرض حيث يفسد السوس والصدأ، وينقب السارقون ويسرقون (مت6:19)؟ هل كل كنوزك هي شهوات العالم وألقابه وأمجاده وألوان المتع التي فيه،وهناك قلبك أيضًا!! إذن فقلبك خالي من الله. والمحبة التي في قلبك، قد تحولت إلي العالم، ولم يعد لله فيها نصيب..
أتراك تستطيع أن تستمتع بالعالم، كما فعل سليمان؟!
الذي كانت له جنات وفراديس، وعبيد وجواري، ومغنين ومغنيات، وخصوصيات الملوك، ومئات من النساء. ومهما اشتهته عيناه لم يمسكه عنهما (جا2:4-10). وفي كل ذلك ابتعد عن الله (ولم يكن كاملًا مع الرب إلهه كقلب داود أبيه) (1مل11:4).. بل أنه استحق منه العقوبة التي استمرت مع نسله.



وكل ما تمتع به سليمان من متع العالم، قال عنه أخيرا (ثم التفت أنا إلي كل أعمالي التي عملتها يداي، وإلي التعب الذي تعبته في عمله، فإذا الكل باطل قبض الريح، ولا منفعة تحت الشمس) (جا2:11).



إذن، لا تجعل قلبك في شهوات العالم، فإن الباب الواسع لا يوصل إلي الملكوت (مت7:13).
متع العالم لن توصلك إلى الله، بل هي تبعدك عنه.. وان دخلت محبة العالم إلى قلبك، فسوف تري أن أفكارك ومثلك بدأت تهتز.. وحينئذ ستناقش المثاليات التي كنت تؤمن بها، وقول: وما المانع أن أفعل كذا وكذا؟! وما الخطأ وما الحرام في أن أتمتع بكذا وكذا. وتبدأ في سلسلة مساومات مع المبادئ والقيم!! والسبب في كل هذه الأسئلة والمساومات والمناقشات، هو أن محبتك لله قد قلت..



أن بدأت محبة العالم تدخل إلى قلبك، فبالضرورة محبتك لله ستقل..
فهذه هي مأساة ديماس، التي سجلها بولس الرسول بقوله (ديماس تركني، لأنه أحب العالم الحاضر) (2تي4: 9).
وهذه هي أيضًا مأساة كثيرين كان يذكرهم القديس بولس في رسائله، ثم تحدث عنهم في رسالته إلى فيلبى وهو باك وقال الذين نهايتهم الهلاك، ومجدهم في خزيهم، اللذين يفتكرون في الأرضيات) (في 3: 18- 19).
لعلك تقول: ولكني أعيش في العالم..
نعم، أنت تعيش في العالم، ولكن لا تجعل العالم يعيش فيك. كما قال القديس بولس (والذين يستعملون هذا العالم، كأنهم لا يستعملون، لأن هيئة هذا العالم تزول) (1كو7: 31).. عش في العالم كغريب عنه كما عاش آباؤنا القديسون الذين (أقروا أنهم غرباء ونزلاء علي الأرض.. يبتغون وطنًا أفضل أي سماويًا) (عب11: 13، 16).
كان بعضهم يملكون المال، ولكن المال لم يكن يملكهم لأن قلبهم كان كله لله.



ينبغي إذن أن تشعر بأن الله هو الوحيد الذي يملأ قلبك.
هو الذي يسكن في أعماقك. في أعماق الفكر والقلب. أما باقي ألوان المحبة فهي سطحية أو عابرة. ويكون لها عمق، كلما تكون نابعة بمحبة الله، وليست متعارضة معه. إذن تحب كل ما يزيدك محبة الله وكل ما يقربك إليه. وأن كنت تريد محبة الله حقًا، كن حريصًا علي كل المشاعر التي تسكن غلي قلبك، كرقيب عليها، تختبرها جيدًا هل متفقة مع محبة الله أم لا.. ولا تحاول أن تخدع نفسك أو أن تغير موازينك.
ناقش إذن مدي علاقتك بالماديات والجسدانيات.
فمحبتك لله تتناسب عكسيًا مع هذه الأمور جميعها. وتذكر أن خطية الإنسان الأول، بدأت حينما اشتهي شهوة أخري تتعارض مع محبة الله ووصيته.
ناقش أيضًا في داخلك، ما هي المحبات الأخرى التي تنافس محبة الله في قلبك؟ وكيف يمكنك التخلص منها؟ وهنا لابد أن يواجهنا سؤال هام وهو:





هل نحارب المحبات الأخرى، لتدخل محبة الله إلى قلوبنا؟ أم نبدأ بمحبة الله وهي التي تطرد المحبات الأخرى.
أتسأل بأيها تبدأ؟ ابدأ بأيها. وثق أن كلا من الطريقين يوصل إلي الآخر.
إن شعرت أن كل محبة تتعارض مع محبة الله، هي محبة زائلة وخاطئة وشريرة ولا تملأ قلبك، فحينئذ ستزهدها، وتملك محبة الله علي قلبك.. وإن بدأت نعمة الله معك، وانسكبت محبته في قلبك بالروح القدس (ور5:5)، فستجد أن محبة الله قد طردت من قلبك كل محبة معارضة..
تذكر عبارة (تحب الله من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل قوتك) (تث5:6).
وأسأل نفسك: هل حقًا كل قلبي لله؟ أم أن جزءًا بعيدًا عنه؟ وضع في نفسك أنك لا تستطيع أن تجمع بين محبتين متعارضتين، لأنه كما قال الكتاب: (أية خلطة للبر والإثم؟! وأية شركة للنور مع الظلمة)؟! (2كو14:6).
ليتك إذن تشعر ببطلان العالم وزواله وتفاهته. ونصيحتي لك أن تركز علي قراءة سفر الجامعة بعمق وفهم. وليكن الله معك..


نحب الله بتذكار إحساناته إلينا وإلي غيرنا




من الأشياء التي تملأ قلبك بمحبة الله. أن تذكر باستمرار إحساناته إليك. وهذا أمر طبيعي جدًا. فأنك إن تذكرت جمايل إنسان عليك، أو إنقاذه لك، أو وقوفه إلي جوارك في ضيفاتك، لابد ستحبه. فكم بالأولى الله الذي إحساناته لا تعد؟!





هذا الأمر عرفه واختبره داود النبي فقال:
(باركي يا نفس الرب، وكل ما في باطني ليبارك اسمه القدوس. باركي يا نفس الرب ولا تنسي كل إحساناته).
ويدخل في تفاصيل هذه الإحسانات فيقول لنفسه: (الذي يغفر جميع ذنوبك الذي يشفي كل أمراضك، الذي يفدي من الحفرة حياتك، الذي يكللك بالرحمة والرأفة، الذي يشبع بالخير عمرك، فيتجدد مثل النسر شبابك) (مز103: 1-5).
ويستمر في تذكر إحسانات الله فيقول:

"لم يصنع معنا حسب خطايانا، ولم يجازنا حسب آثامنا.. كبعد المشرق عن المغرب، أبعد عنا معاصينا. كما يتراءف الآب علي البنين، يتراءف الرب علي خائفيه..).



لذلك اجلس إلي نفسك، وتذكر إحسانات الله إليك، منذ ولادتك وإلي الآن..
اذكر ستره عليك من خطايا لو عرفها الناس، ما كانوا يقبلون أن يسلموا عليك ولا يدخلوا بيتك، ولا يدخلوك إلي بيوتهم، ولا يتعاملون معك علي الإطلاق.. ولكن الله يغرف خطاياك كلها، التي لا يعرفها أحد غيره.. ومع ذلك يستر، بل ويغفر. ويجعل الناس يحبونك، علي الرغم من كل تلك الخطايا التي سترها، وربما يطلبون صلواتك، ويمدحونك..!!
والله نفسه يدعوك ابنًا له، ويجعلك تقول له في الصلاة (أبانا الذي في السموات)..
تذكر إلي جوار ستره، إنقاذه من مشاكل عديدة:
تذكر إنقاذه لك من أمراض أصبت بها، ومن أمراض أبعدها عنك، كان يمكن أن تصاب بها، إنقاذه لك من مشاكل ومن ضيقات، ومن أناس أشرار ومؤامرات دبروها ضدك.. اذكر كل هذه الأمور في مطانيات metanoia شكر أمام الله. وقل له: أنا يا رب لا أستحق كل ما قدمته من معونة وحب. ليتني احبك كما أحببتني.





اذكر أيضًا عطايا لك ومواهبه..
إن كان لك عقل أو ذكاء أو حكمة، أو جمال وجه أو جمال صوت، أو مواهب فنية أو حتى جمال خط.. مع مواهب أخري روحية.. أو موهبة في الخدمة وما أعطاك إياه من نعمة في أعين الناس، ومحبة في قلوب الآخرين.. وقل له: كم أحبك يا رب من أجل كل تلك النعم، أو كم ينبغي أن أحبك؟!
بل أيضًا تحبه من أجل إحساناته إلى أحبائك.
سواء من اقر إبائك بالجسد، أو أصدقائك أو زملائك، بل من أجل إحسانات الله إلي الكنيسة وإلي وطننا وبلادنا.. من العجيب إننا في الكوارث، نذكر من حلت بهم المصائب فنحزن ونتضايق. وفي نفس الوقت لا نذكر أحباءنا ومعارفنا الذين أنقذهم الرب وخلصهم، بوسائل تكاد تكون ضمن المعجزات!





إذا أردت أن تملئ قلبك بمحبة الله، لا تنسب إحساناته إلي غيره. لا تنسبها إلي الناس أو إلي نفسك.
كثيرا ما أنجح الله عملك، فكنت تنسب النجاح إلي ذكائك وقدراتك، وتنسى الله الذي ساعدك وأعانك. وتفقد سببًا يقربك إلي محبته.. وكثيراُ ينقذك، فتنسب كل الفصل إلي الإنسان، وتنسي الله الذي أرسله إليك..!
تمرض وتحتاج إلي عملية جراحية خطيرة ويجريها لم أحد الأطباء المشهورين، وتنجح العملية وتشفي. وتعزو نجاحك إلي الطبيب وعقله الجبار، وتنسى الله شافيك، وتنسى أن الله هو الذي وهب الطبيب من نبوغ وعقل جبار.. وفي نسيانك لله وعمله، تفقد الشعور بإحسانه إليك، وتفقد سببًا تحبه به..!





يكفى أننا لا نزال أحياء حتى هذه الساعة..
ومن محبة الله لنا، أنه أبقانا حتى الآن.. ألا نشكره ونحبه لأجل هذا الأمر.. كم اجتاحت العالم أوبئة وأمراض، ونحن نجونا ولا نزال أحياء.. كم كانت البلاد مهددة بجفاف، والرب أرسل المطر ونجي. لا يزال الله يعطينا فرصة لنعمل عملًا من أجل أبديتنًا.
يجب أن نحب الله، لأنه لم يأخذك من العالم، وأنت في حالة غفلة، أو أنت متلبس بخطية!!
إذن لكنت قد هلكت في هذا العالم، وفي العالم الآتي، واتاك الموت بدون توبة، كما حدث لحنانيا وسفيرا (أع5). ولهيرودس الملك (أع12) ولآخرين ماتوا في خطاياهم، دون أن يتوبوا..! ويطيل باله، لعل طول أناته تقودك إلي التوبة (رو2: 4).
قل له: أنا أحبك يا الله، من أجل طول أناتك علي، وصبرك وإحساناتك، علي الرغم من كثرة إساءاتي إليك.. حقًا إنك تستحق كل حب. لأن كثيرين من البشر الذين هم مثلي تراب ورماد، لم يحتملوا مني ولو إساءة واحدة بسيطة. أما أنت فحنون ومحب..





والعجيب أننا فيما ننسب إلي غير الله الخير الذي نناله، فإننا ننسب مشاكلنا إلي الله!!
كيف نصل إلي محبة الله إن كانت كل مصيبة تصيبنا ننسبها إلي الله، ونعاتب الله عليها، ونهدده بالانفصال عن بسببها. ونظل نشكو لكل واحد من (قسوة) الله علينا، ومن إهماله) لنا ونقول: لماذا يا رب تفعل كل هذا؟! أين رحمتك التي نسمع عنها؟!
وقد تكون المشكلة بسبب الناس الأشرار، ولكننا ننسبها إلي عدم الله؟! وقد تكون بسبب إهمالنا نحن أو أخطائنا ننسبها أيضًا إلي الله!! وبهذا كله نبعد عن محبته..!
أما أنت، فكل بركة تأتيك، أنسبها غلي الله، لا إلي الناس أو نفسك. وكل مشكلة تصيبك أرجعها إلي أسبابها الطبيعية الحقيقية.
لأن الله هو مصدر كل خير، ولا يأتي شر من جهة إطلاقًا.. بهذا تصل إلي محبة الله.
والعجيب أن الله هو هو.. فعلي الرغم من أننا ننسب إحساناته إلي غيره لا يزال يحسن إلينا، وكأننا لم ننكر جميله ولم ننس إحساناته..!! أليس هذا وحده سببًا يدعونا إلي محبة الله؟..





هناك حقيقة ليس من صالحنا أن ننساها، وهي:
كل من ينسى إحسانات الله، ويقسى قلبه كناكر للجميل.
مثل فرعون الذي كان يقسي قلبه، إذ ينسي كيف أن الله استجاب له ورفع عنه ضربات وضربات.. ومثل دليلة التي تقسي قلبها علي شمشون، فخانته إذ نسيت كل محبته لها، وسلمته إلي أعدائه (قض16). ومثل سليمان الذي نسي كل إحسانات الله إليه، وكل ما وهبه الله من ملك وجلال وحكمة، وأحب نساءه أكثر من الله، ولم يكن قلبه كاملًا أمام الله (1مل11).
أما المرأة الخاطئة، التائبة، فقد أحبت الله كثيرًا، إذ تذكرت غفر لها الكثير..
(والذي يغفر له قليل، يحب قليلًا) (لو47:7).
ويقصد الرب بهذه العبارة أن الذي يشعر أن الذي غفر له قليل، أو يظن أن الذي غفر له هو قليل.. أما أنت فلا تكن هكذا وإنما تذكر كل خطاياك، واذكر أن الله. من فرط إحساناته إليك - قد غفر الكثير فبهذا ستحب كثيرًا واذكر أن عطاياه لك كثيرة جدًا، فنحب كثيرًا..





لا شك أن الله قد عمل لأجلك الكثير، ولكنك أنت تنسي!! لذلك نبه داود نفسه في علاقتها مع الله قائلًا:
( لا تنسى كل إحساناته) ( مز2:103).
إنك تنسى إحسانات الله، لأنك مشغول بإحسانات أخري تطلبها، غير واضع في ذاكرتك كل الإحسانات السابقة. حياتك كلها طلب لا شكر.
أن حياة الشكر ترتبط بحياة الحب. فاقرأ عنها، وعش فيها، تجد قلبك قد امتلأ بمحبة الله.. وثق أن حياتك كبها لا تكفي لشكر الله علي رعايته لك وعنايته بك طول عمرك منذ ولادتك.





بل إن إحسانات الله سبقت ولادتك أيضًا.
كان من الممكن أنك لا تولد، ولا تأتي إلي عالم الوجود، لأي سبب تعلق بأبيك أو بأمك. وكان ممكنًا أن ترث وأنت جنين بعض الأمراض، أو بعض النقائص، ولكن الله حفظك منها جميعًا، ومنحك أن تولد إنسانًا سويا جسدًا وعقلًا ونفسًا..
أيجوز لك أن تنسى كل هذا؟! إنك لو ذكرت جميل الله عليك في تلك الفترة، لازدادت حبًا له.
أذكر حفظ الله لك أيضًا أثناء طفولتك.
كما قال المزمور (حافظ الأطفال هو الرب). إن أي إهمال للطفل في غذائه أو علاجه أو حراسته، يمكن أن يضيعه أو يصيبه.. كذلك الإهمال في تربيته من كل قلبي، لأنك حفظت طفولتي وأتيت بي إلي هذه الساعة، وأعطيتني أن أقرأ عن محبتك..
علي إني أريد أن أضع ملاحظة هامة وهي:
كثيرون يقابلون إحسانات الله إليهم بالفرح والبهجة. ويكتفون بهذا، دون أن يجعلوها سببًا لمحبة الله!
هم يفرحون بالخير الذي يأتيهم من عند الله: يفرحون باستجابة الله لصلواتهم، ويفرحون بعطاياه ونعمه ومواهبه، ويفرحون بستره ولإنقاذه. ويتهللون وقد يقف الأمر عند حدود الفرح والتهليل. وربما إلي عبارة شكر قصيرة، أو صلاة شكر وعرفان بالجميل، وكفى..
أما الروحيون فيحولون عرفانهم بجميل الله إلي حب. يذكرونه ويخلطونه بمشاعرهم، ويحولونه إلي حب.
إحسانات الله لهم، دليل علي محبته لهم. إذن يجب أن يبادلوه حبًا بحب.
ليس الأمر مجرد فرح وشكر. فهذه مشاعر خاصة بك. ولكن يجب أن تعمقها في داخلك لتكوين علاقة حب بينك وبين الله. حاول أنك لا تنسى بل تتذكرها مرتبطة بمشاعر الحب، والشعور الداخلي بأبوة الله لك ومحبته ورعايته.
وأنت كابن محب، تقابل حبه بحب..


رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
حبوا كما يحب الله
الله لا يمنع محبة هذه الأشياء بل أن نجد سعادتنا في حبنا لها
لا نتخلى عن الله بسبب حبنا للوالدين
يسوع يريد منا أن يكون الله حبنا الأول
إذ حبنا للفقراء يتناغم مع حبنا للقديسين


الساعة الآن 09:59 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024