رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
طريق الآلام إن كان القديس يوحنا الذهبي الفم قد استطاع أن يجذب جماهير المؤمنين والهراطقة والوثنيين إلى الكنيسة ببلاغته ونقاوة حياته الداخلية ونسكه، فإنه بدخوله "طريق الآلام" كتب لهذه الكرازة أن تحيا. نستطيع في غير مبالغة أن نقول أن ما كرز به القديس باحتماله الآلام، خاصة وهو مستبعد في منفاه، أعظم بما لا يقاس عن كل أعماله المنبرية والكتابية. لقد أدرك القديس يوحنا ذلك، فكتب إلى شماسته أولمبياس يصف لها مرارة الاضطهاد والضيق الذي يعيشه في منفاه، قائلًا لها: "إني أطير فرحًا! إني أثب مبتهجًا من أجل أني أُخزن كنزًا عظيمًا(46)". سر نجاح القديس يوحنا دخوله طريق الآلام، مختفيًا في صليب سيده، يجتاز من ألمٍ إلى ألمٍ، ويرتفع من ضيقٍ إلى ضيقٍ، لا ليعبر في أحداث عارضة في حياته، بل ليعيش جوهر الحياة المسيحية الحية والعاملة، حتى جاءت سنواته الأخيرة كتلة نيران ألم ملتهبة، تكشف جمال حياته الداخلية، وتضفي عليها بهاءً خاصًا، حتى يشرق على العالم ببهاء الكرازة العملية الصادقة، حتى وإن كان مُستبعدًا عن شعبه وغنم رعيته. لقد حاول البعض أن يتهم شخصيته كأحد العوامل التي دفعت به في هذه الآلام، أو على الأقل أسرعت إليه، أو شددت من حدتها. فقد رأى البعض فيه كارزًا ناجحًا تعرف على الطبيعة البشرية ولمس ضعفاتها وترفق بها، فكان حديثه مع شعبه ممتزجًا بين الحب والواقع، لكنه غير قادر على التعرف على الأفراد كأفراد، فلم يكن -في رأى البعض- موفقًا في إعطائه كل ثقته للشماس صرابيون التقي الورع، واعتماده عليه في أمور كثيرة تخص علاقته بالإكليروس. كما انتقده البعض لعجزه عن كسب صداقة الإمبراطور والإمبراطورة ورجال الحكم والإكليروس، فقد كان لاذعًا في نقده لهم أو توجيههم، وكان متعجلًا في إصلاحهم! انتقده البعض في استخدامه المنبر لتعنيف الإمبراطورة على وجه الخصوص وغيرها من المسئولين المدنيين أو الكنسيين، فكان يمكن أن يلتقي بهم خارج دائرة المنبر، ولا ينزل بكل مشكلة إلى القاعدة الشعبية، التي تثير الشعب، وتملأ المنتقدين حقدًا. وإن كان قد علل البعض سرّ استخدامه المنبر في مثل هذه المواقف بأنها مواقف تلمس حياة العامة، وتؤثر على سلوكهم. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ما هي قصة أذن القديس يوحنا الذهبي الفم |
القديس يوحنا الذهبي الفم |
القديس يوحنا الذهبي الفم |
القديس يوحنا الذهبي الفم |
القديس يوحنا الذهبي الفم |