رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نحو الوحدة عاش يوحنا أربع سنوات في الدير يمارس حياة الشركة، يحسبها أجمل فترات عمره. فقد أحب الرهبنة حبًا لا يُوصف، وتغنى بتعزيتها، وامتلأ قلبه خلالها بحب السماويات، وقد حسب أن العالم قد نسيه كما نسى هو العالم. لكن كتاباته الرهبانية التي سجلها لجذب أصدقائه نحو الدير أو لدفاعه عن الرهبنة والرهبان سحبت أنظار الناس إليه، فانفتحت قلايته لهم وأفقدوه فترات هدوئه. أما كتاباته لثيؤدور وستاجير، فقد كشفت للكنيسة عن موهبته في الخدمة، والتهاب قلبه بخلاص الآخرين، وحكمته في رعايتهم. سحبته كتاباته الرهبانية من غير أن يدري خارج الدير، إذ لم يجد بدًا إلا أن يهرب من المجد الباطل إلى "الوحدة" يمارس حياة أكمل. انطلق إلى الوحدة كما يقول بلاديوس(13) -ثلاث دفعات- في كل مرة قضى ثمانية شهور، حارمًا نفسه من النوم بصفة تكاد تكون مستمرة، يدرس إنجيل المسيح بشغف، خلال هذين العامين، لم يستلقِ نهارًا ولا ليلًا، فانهارت طاقته، وأصابه نوع من الفالج، فأحس بعجزه عن الاستفادة من هذه الحياة، وعاد إلى الكنيسة (بأنطاكيا). عاد بعد عامين إلى إنطاكية بعد أن مارس حياة الوحدة بنجاح، وكأن يد الله قد ألزمته خلال مرضه بالعودة للخدمة والكرازة في نضوجٍ روحيٍ، وبغير ضجر أو تردد. أو لعل الله قد رأى ميوله الداخلية الدفينة في نفسه نحو خدمة النفوس، بالرغم من حبه للنسك والوحدة، فألزمه بالخروج. فهو نفسه الذي يقول: [خير للإنسان أن يكون أقل فضيلة ويهوى خلاص غيره، من أن يسكن الجبال ويرى إخوته يهلكون!] [لو صنع الإنسان كل التقشفات، لو أقمع جسده بكل نسك، لو صام حياته كلها، ونام على الحضيض، لو وزع كل مقتنياته على الفقراء والمساكين، فهذه كلها لا توازي خلاص النفس(14).] أخيرًا نختم حديثنا عن هذه الفترة بأمرين ذكرًا عنه خلال حياته الديرية(15): 1. إذ كان في دير الرهبان رأى أزيكوس مرشده رؤيا إلهية: اقترب شخصان بلباس أبيض من تلميذه يوحنا وهو يصلي، وأمسكا بيديه وقالا له: إن سيدنا يسوع المسيح قد أرسلنا إليك. ثم ناوله أحدهما كتابًا وقال له: أنا يوحنا الرسول، خذ هذه الهدية المرسلة إليك من قِبل الله لكي يساعدك على فهم الكتاب المقدس. ثم ناوله الآخر مفاتيح، وقال له: أنا بطرس، وقد أعطيتك هذه المفاتيح دليل السلطان المعطى لك من قبل إلهنا. وكان يوحنا جاثيًا ووجهه إلى الأرض، فأجاب: أنا لست أهلًا لذلك. فعانقه القديسان وغابا عنه. 2. تسلط أسد على أهل تلك النواحي وافترس الكثيرين، فلما شعر القديس بذلك أقام صليبًا، فنظروا في الغد، وإذا بالأسد ميت تحت الصليب! سيره القديس يوحنا ذهبي الفم † وعظه للبابا شنودة الثالث † 1994 |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
القديس يوحنا الذهبي الفم الوحدة الكنسية |
القديس يوحنا ذهبي الفم لم يعاني صراعًا بين حب الوحدة وبين حب البشرية |
يوحنا ذهبى الفم |
يوحنا ذهبى الفم |
من اقوال يوحنا ذهبى الفم |