رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
* في فضيلة الطاعة التي تلألأت في مريم العذراء الكلية القداسة* أن البتول المجيدة لأجل حبها فضيلة الطاعة لم ترد أن تسمي ذاتها، حينما بشرها زعيم الملائكة جبرائيل بالحبل الإلهي سوى عبدةٍ بقولها: ها أنا أمةٌ للرب: وهذا بكل صدقٍ، كما يقول القديس توما الفيلانوفي:" أن هذه الأمة الأمينة لم تقاوم أرادة سيدها الرب لا بالأعمال ولا بالأفكار أصلاً، بل اذ جردت ذاتها في كل شيء على الدوام من أرادتها الذاتية، فعاشت طائعةً في الأشياء كلها للمشيئة الإلهية". وهي نفسها قد أوضحت أن الله قد أرتضى بطاعتها هذه المتضعة بقولها: لأنه تعالى نظر الى تواضع أمته: (لوقا ص1ع48) لأن هذه هي الصفة الحقيقية في العبيد والجواري، أي الطاعة الكاملة لأرادة أسيادهم ومواليهن. فيقول القديس أوغوسطينوس:" أن هذه الأم الإلهية قد أصلحت بطاعتها، وأشفت بخضوعها ما عكسته الأم الأولى حواء بعدم طاعتها، وما سقمت به طبيعتنا بعصيانها". فطاعة مريم البتول قد كانت أكثر كمالاً جداً من طاعة جميع القديسين. على أن البشر كلهم لأجل أنهم من قبل مفاعيل الخطيئة الأصلية يميلون الى الشر. فكافةً يشعرون بالصعوبات في عمل الخير، الا أن العذراء الطوباوية لم تكن كذلك. فقد كتب القديس برنردينوس قائلاً: أنه في البتول المغبوطة لم يكن يوجد شيءٌ يعيق دوران بكرة كونها المتحركة على الدوام بموجب أرادة الروح القدس". أي من حيث أنها وجدت بريئة من تبعة الخطيئة الأصلية ومن أنفعالاتها، فلم يكن يوجد فيها مانعً ما يصد تمام طاعتها لله. بل كانت نظير كرةٍ مستعدةً للدوران بحسب حركات ألهامات الروح الإلهي كلها. ومن ثم لم تصنع هي شيئاً في هذه الأرض (كما يقول القديس برنردينوس عينه) سوى أنها كانت تلاحظ تلك الأشياء المرضية لله وتمارسها بالعمل. فعن هذه السيدة قيل: نفسي قد ذابت اذ تكلم حبيبي: (نشيد ص5ع6) ويضيف الى ذلك ريكاردوس بقوله: أن نفس العذراء وجدت نظير المعدن المذاب مستعدةً لأن تقتبل مطبوعةً فيها الصور كلها التي كان الله يريد أن يرسمها فيها:* وبالحقيقة أن هذه البتول الشريفة قد أظهرت بالعملية كم كانت هي حسنة الأستعداد للطاعة: أولاً: بخضوعها لأوامر الملك أفغسطوس فيصر بسفرها السريع من الناصرة الى بيت لحم مسافة تسعين ميلاً، في زمن فصل الشتاء وهي حبلى لتكتتب مع خطيبها. مع أنها لحال فقرها أضطرت لأن تلد هناك أبنها في مغارة البهائم. ثانياً: حالما سمعت من القديس يوسف ما أمره به الملاك في الحلم من قبل الله بالسفر الى مصر. فمن دون أعاقةٍ أخذت بالمسير ليلاً في طريقٍ شاسعة البعد ومملؤة من المشقات والأخطار. وهنا العلامة سيلفايره يسأل كمستفهمٍ، لماذا أن الوحي بالهرب الى مصر قد صار الى القديس يوسف، وليس الى والدة الإله التي كانت مزمعةً أن تتكبد به أعظم مشقةً. وكان يخصها معرفة ذلك أكثر من خطيبها، وهو نفسه أي سيلفايره يرد الجواب عن ذلك قائلاً: لكي يعطى بهذا سببٌ للعذراء المجيدة من أن تمارس أفعال الطاعة التي هي كانت كلية الأستعداد لها.* ثالثاً: وبنوع فائق على كل ما سواه أظهرت هذه الأم الإلهية طاعةً كلية السمو! وتكميلاً لأرادة الله قدمت هي أبنها بحسن خضوع تام ضحيةً للموت على خشبة الصليب. من أجل خلاص العالم بثبات عزمٍ وبشجاعةٍ فريدةٍ، حتى أنها كانت مستعدةً لتتميم المشيئة الإلهية. وطاعةً للمراسيم الأزلية لأن تصلب بيديها ذاتيهما أبنها هذا الحبيب، لو أنه لم يوجد الصالبون، كما يقول القديس أيدالفونسوس. ولذلك العلامة بيدا المكرك في ارأس40 من تفسيره بشارة لوقا عند تكلمه على الجواب الذي أعطاه مخلصنا لتلك الأمرأة التي رفعت صوتها من الجمع وقالت له: طوبى للبطن الذي حملك والثديين اللذين رضعتهما. اذ أجابها مخلصنا: أنما الطوبى للذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها: (لوقا ص11ع27) قد كتب هكذا: أن مريم البتول قد وجدت سعيدةً مغبوطةً طوباويةً لأجل طاعتها للمشيئة الإلهية أكثر مما لأجل حال كونها أختيرت والدةً للإله وحملته تعالى في بطنها وأرضعته ثدييها.* ولهذا هم مقبولون جداً عند هذه السيدة أولئك الذين يحبون فضيلة الطاعة. فيوماً ما ظهرت هي عينها للأب أكورسوس أحد رهبان القديس فرنسيس حينما كان داخل قلايته، ولكن لأنه وقتئذٍ هو دعي بأمر الطاعة ليذهب فيستمع أعتراف إنسانٍ مريضٍ، وبالتالي ترك والدة الإله المترائية له، وأنطلق متمماً أمر الطاعة. فحينما رجع الى قلايته شاهد هناك هذه السيدة لم تزل منتظرةً إياه، وقد مدحت كثيراً حسن طاعته، والنوع الذي هو تصرف به. وبضد ذلك اذ كان يوماً ما أحد الرهبان متأخراً في نهاية عملٍ ذي عبادةٍ، ولم يذهب حالاً الى المائدة حينما دق ناقوس الغداء قد وبخته العذراء على تصرفه هذا (كما يوجد مدوناً عند الأب ماركاتي في الكتاب اليومي المختص لوالدة الإله) ثم اذ كانت العذراء المجيدة تخاطب القديسة بريجيتا في شأن الطاعة لمعلم الأعتراف قالت لها: أن الطاعة تقود الجميع الى الدخول في المجد الأبدي: والقديس فيلبس نيري كان يقول أعتيادياً: أن الله لا يحاسب أحداً على الأشياء التي يكون هو صنعها بأمر الطاعة، اذ أنه تعالى هو نفسه قال: من سمع منكم فقد سمع مني ومن أهانكم فقد أهانني: (لوقا ص10ع16) بل أن هذه السيدة عينها أوحت للقديسة بريجيتا قائلةً لها: أن الله قد منحني مكافأةً لأستحقاقات طاعتي له، أن جميع الخطأة الذين يلتجئون إليَّ نادمين على مآثمهم يفوزون بالغفران.* فيا ملكتنا وأمنا الجليلة صلي من أجلنا لدى يسوع أبنكِ، وأستميحي لنا منه بأستحقاقات طاعتكِ أن نكون أمينين في طاعتنا لمشيئته الإلهية ولأوامر مرشدينا الروحيين. آمين* |
|