عبور بني إسرائيل : لم يثبت إلا في العصور الحديثة أن خليج السويس كان يمتد شمالاً لمسافة ثلاثين ميلاً حتي موقع مدينة الاسماعلية، وكان يظن أن مدينة فيثوم القديمة كانت في موقع مدينة السويس علي رأس الخليج، ولكن لايوجد عند السويس مسطح من المياه الضحلة، يكفي لأن تفتح فيه الرياح الشرقية – كما جاء في سفر الخروج ( 14 : 21 ) – طريقاً ذا إتساع كاف يسمح بعبور كل ذلك الجيش الجرار في ليلة واحدة، ثم لو أن بني إسرائيل كانوا إلي الجنوب من البحيرات المرة، ولم يكن الخليج وقتئذ ممتداً إليها، لما كان هناك ما يدعو لإِجراء المعجزة وشق المياه، فقد كان المجال متسعاً أمامهم وأمام جيش فرعون للدوران حول الطرف الشمإلي للخليج، والوصول إلي الجانب الشرقي، بينما المياه في جنوبي السويس أعمق من أن تستطيع الرياح أن تفتح فيها طريقاً، لكن مع امتداد مياه الخليج إلي البحيرات المرة وبحيرة التمساح – وهو ما أوضحناه فيما سبق – فإن كل الوقائع المذكورة في القصة تنسجم تماماً مع الأحوال الطبيعية الموجودة، مما يؤيد هذه الوقائع إلي أبعد الحدود ويجعلها حقيقة تابتة أكيدة.