قالَ له فيلِبُّس: يا ربّ، أَرِنا الآبَ وحَسْبُنا
تشير عبارة "فيلِبُّس" اسم يوناني Φίλιππος (معناه مُحبٌ للخير) الى رسول يسوع الذي وُلد في بيت صيدا (يوحنا 1: 44) الواقعة في شمال بحيرة طبرية (مرقس 8: 22-26). وأحب فيلِبُّس دراسة الكتب المقدسة ولبىَّ دعوة الرب يسوع (يوحنا 1: 45)، وشجَّع نتنائيل على اتباع يسوع كما جاء في إنجيل يوحنا " لَقِيَ فيلِبُّسُ نَتَنائيل فقالَ له: ((الَّذي كَتَبَ في شأنِه موسى في الشَّرِيعَةِ وذَكَرَه الأنبِياء، وَجَدْناه، وهو يسوعُ ابنُ يوسُفَ مِنَ النَّاصِرَة" (يوحنا 1: 45) وذُكر اسمه في معجزة تكثير الخبز والسمكتين (يوحنا 6: 5-7)، وجاء ذكره أيضا في أحد الشعانين (يوحنا 12: 20). وقد حمل بشرى خلاص إلى بلاد فارس وآسيا الصغرى خاصة إقليم فيرجيا، وانتهى به المطاف في مدينة هيرابولس في فريجيا (الاناضول) حيث استشهد مصلوبا بعد أن ثار عليه الوثنيون. كان فيلبس التلميذ قد عاش مع المسيح ثلاث سنين وسمعه يُعلم الجموع ويشفي المرضى ويُقيم الموتى. ولكنه لم يفهم أن الله كان قد كشف عن ذاته في المسيح الذي هو كلمة الله. لذلك قالَ ليسوع: " يا ربّ، أَرِنا الآبَ وحَسْبُنا".
أمَّا عبارة "أَرِنا الآبَ وحَسْبُنا" فتشير الى أعمق ما يطمح إليه الانسان (يوحنا 1: 18) وكأنه بهذه العبارة يردِّد فيلِبُّس قول موسى النبي "أَرِني مَجدَكَ" (خروج 33: 18). يطلب فيلبس منظرا لله غير المنظور، ظنا منه ان ظهوراً جسديا للاهوته من شأنه ان يقدِّم دليلا قاطعا عن وجوده. إذ رغب فيلبس بأن يكشف الله عن ذاته في وحي خاص ولكن خطأه أنه لم يرَ ذلك الوحي في المسيح يسوع، كلمة الله المتجسد.
ويُعلق القديس هيلاريوس أسقف بواتييه على قول فيلِبُّس: "أَرِنا الآبَ" ليس ذلك لأنّ فيلِبُّس كان يرغب بأن يتأمّله بعينه البشريّة، لكنّه طلب أن يفهم من هو الّذي يراه أمامه... لقد كان طلبه أن يفهم أكثر ممّا أن يرى لذلك أضاف: "وحَسْبُنا". لو ظهر اللهلفيلِبُّس كما أراد لأعلن له مجرَّد قوَّته، ولكنه بالمسيح ظهر كل صفات الله. لقد أراد الله أن يكشف عن ذاته في المسيح المخلص. فمن رفض الإيمان بهذه الحقيقة العظمى يكون قد حرم نفسه من أعظم هبة إلهية.