الأم هي الأصل الذي يبدأ منه المجتمع والأسرة والدولة والوطن، فهي الحاضن للرجال، وهي مربية الأجيال، وهي كل المجتمع إذ إنّها من تلد الذكور وتربيهم ليصبحوا رجالاً، وهي نصفه الآخر من النساء بالعمل على تقديم الخير لمجتمعها وأسرتها والعالم كله، إنها سر الوجود الذي حملنا في جسده ورعانا بلطف وتحمل ألمنا وألم ولادتنا، وكانت الحريصة على بقاءنا والحفاظ على حياتنا حتى أصبحنا بهذه القوة التي نحن عليها، فسهرها طوال تلك الليالي لأجلنا، وكل ذلك الذي قدمته من أجل أن نحيا حياة سعيدة آمنة لا نخاف من البرد ولا الجوع ولا الضياع، لا يقدرا بثمن.
فرض الله تعالى فى جميع الاديان السموات الثلاث بعد عبادته سبحانه وتعالى أن يكون باراً بوالديه عامة وبالأم على وجه الخصوص، حتى لو كان هذان الأبوان غير مسلمين، فقد قال سبحانه: (ووصّينا الإنسان بوالديه حَملته أمه وَهْناً على وهن، وفِصاله في عامين أنْ اشكر لي ولوالديك إليّ المصير) (لقمان، آية:14). كما أوجب الإسلام على الابن أن يتكلم مع أمه بأدب ولطف، وأن يتجنب أي قول أو فعل قد يسيء إليها أو يؤذيها، حتى ولو كانت كلمة ضجر أو تذمر، وإذا رأى الابن أنّ الأم بحاجة إلى قول ينفعها في أمر دينها أو دنياها فليقل لها ذلك بلطف وليعلمها بأدب ولين، وعلى الابن أن يعمل كل ما في وسعه من أجل إدخال البهحة والسرور إلى قلب أمه، ويكون ذلك بالاجتهاد في الدراسة والتفوق، وبتجنّب كل قول أو فعل مع أصدقائه وجيرانه قد تكون نتيجته أن يسبّ أحدهم الأم أو يسيء اليها ولو علي سبيل اللعب والمزاح، وعلى الابن أن يكن مطيعاً لأمه في كل ما تأمره به أو تنهاه عنه طالما كان ذلك في حدود الشرع والدين، ولكن إذا أمرته الأم مثلاً بترك أمور دينه أو معصية الله سبحانه وتعالى، فمن حق الابن ألا يطيعها لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه وتعالى. وللأم فضل عظيم، وللوالدين بصفة عامة، وقد أكّد الله لنا الوصية بهما في كتابه الكريم، وفضّل القرآن الكريم الأم عن الاب وذلك لأنها تقوم بدور عظيم في حياة وليدها رغم قصوره عن إدراك هذا الدور، فحتى يبلغ الوليد ويعقل تتحمل الأم آلام كثيرة طوال فترة حمله، ثم ولادته، ثم السهر عليه لإرضاعه ورعايته، فإذا كبر يظهر دور الأب الذي يكمن في تلبية احتياجاته من شراء لعب وملابس وغيرها، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن أحقُّ الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أمك". قيل: ثم من ؟ قال: "أمك". قيل ثم من؟ قال "أمك". قيل ثم من؟ قال: "أبوك"). رواه البخاري . كن مطيعاً بارّاً بأمك الآن، قبل أن تندم على ضياع كل لحظة لم تقضها بجانبها، أدام الله أمّهات الجميع ورزقنا برّهن، اللواتي مهما تحدثنا عنهنّ وعن دورهنّ العظيم في المجمتع لن نوفيهنّ حقهنّ، فلنحمد الله على نعمة الأم ولنعمل على برّها وإرضائها ما حيينا. فيديو عن واجبنا تجاه الأم