رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صبوته "شنوده" هو الشكل الصعيدي لاسم القديس رئيس المتوحدين الذي عاش في الصعيد. لم يستعمل غير اللهجة المصرية الصعيدية في كتاباته وخطبه وحديثه اليومي، أما الشكل البحيري لاسمه فهو شانودي ومعناها خادم الله أو المكرّس للّه. وُلد شنوده من أبوين مسيحيين تقيين، ربّيا ابنهما على المبادئ المسيحية المُثلى، وكان لوالده حقل يشتغل فيه مع فلاحيه، كذلك كان يملك قطعانًا من الغنم، فرأى أن يدرّب ابنه على العمل منذ حداثته، فأرسل شنوده ليرعى الغنم وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره وكان الصبي يُلازم الرعاة طيلة النهار ويعطيهم طعامه الخاص بدلاً من أن يأكله، وعند غروب الشمس بدلاً من أن يعود لأبويه مباشرة، كان يقف إلى جانب بئر ويصلي حتى ساعة متأخرة من الليل. مع خاله بيجول إذ علم والده بمسلكه هذا استصحبه إلى خاله الراهب المعروف الأنبا بيجول، ولما وصل الاثنان إلى الدير قال له والد شنوده: "بارك يا أبي هذا الصبي"، ولكن الأنبا بيجول أخذ يد شنوده ووضعها على رأسه قائلاً: "أنا الذي يجب أن ينال البركة من هذا الصبي لأنه إناء مختار للسيد المسيح، الذي سيخدمه بأمانة كل أيام حياته". فلما سمع أبو شنوده هذه الكلمات تطاير قلبه فرحًا واستودع الولد خاله، فنشأ شنوده منذ صباه في دير خاله، ومنه اقتبس كل الفضائل المسيحية. ظلّ شنوده يجاهد في سبيل الكمال الروحي بالصوم والصلاة والصبر والتواضع، وكان نشيطًا يؤدي جميع الواجبات الرهبانية المفروضة عليه بهمة نادرة، وكان خاله يرقبه باهتمام زائد ويفرح لنموه السريع في العلم والفضيلة وازداد فرحه بسبب ما رآه في رؤى الليل، فقد سمع ملاك الرب يقول له: "البس الراهب الشاب شنوده الإسكيم المقدس"، فقام في الصبح باكرًا جدًا وصلى صلاة الإسكيم المقدس ومنطقه به. وخلال هذه السنوات عاش شنوده في الدير الأحمر حيث كان خاله أبًا للرهبان، ولما رأى شنوده أنه نال كرامة الإسكيم ضاعف جهوده وأمعن في دراسة الأسفار الإلهية، ولم يقتصر على دراستها لنفسه بل أخذ يُعلّمها للرهبان والمدنيين الذين كانوا يفدون على الدير لوفاء ما عليهم من نذور، فكان يجمعهم حوله ويُعلّمهم مثبّتًا إياهم على الإيمان الأرثوذكسي. في أحد الأيام سمع الرهبان الشيوخ صوتًا يقول: "لقد أصبح شنوده أرشيمندريت" (أي رئيسًا للمتوحدين)، وكانت غيرة شنوده المتقدة وقداسته الفائقة والاستعلانات الإلهية العديدة التي منحها له الآب السماوي سببًا في اجتذاب عدد وفير من الناس إليه، جاءوا ليعيشوا معه تحت رعايته وليتعلموا منه الفضائل المسيحية. فلما انتقل الأنبا بيجول إلى بيعة الأبكار انتخبوا شنوده خلفًا له. |
|