رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الرب بار في كل طرقه ورحيم في كل اعماله( مز١٤٥ :١٧) ان بر الله( اي عدله) ورحمته ظاهران في اعماله فانه من جهة العدل قد سن شرائع بارة طاهرة وكون دارين يطالب في الواحدة بحفظ تلك الشرائع المقدسة .وفي الاخرى يثُيب كلا حسب امتثاله لها، او مخالفته اياها. غير أنه احيانا لايؤجل الجزاء كله الى الآخرة بل يتقدم باتيانه في هذا الدهر اشعارا لعدل حكمه المهيب واملا في رجوع المعاقبين الى حالة البر. امامن جهة رحمته فانها واضحة ممايؤتيه البشر من الخيرات والبركات اذلايمنع غيثه عن الفجار ولايحجب نوره عن الاشرار بل يؤتيهم الرزق بسخاء حتى يكونوا بلاعذر في يوم القضاء.اماالله فلم يزل رحوما مادام زمان العدالة لم يأت. ان تلك حقيقة لاريب فيهاولايمكننا ان نجرد عملا من اعماله عن فعل الرحمة " رحيم في كل اعماله" وربما تُخفى على البعض ولاسيماعندما يشاهدون المصائب حيث اننا اينما التفتنا نجد شقاء مبرحا، فنسمع هنا صراخا يمزق كبد السماء، وهناك ارواحا تتنفس الصعداء ثم فئات فاقدة العقول تسرح في البراري والجبال ملتمسة مايغذيها. وهناك اوبئة مهولة تجول جارفة عن وجه الارض سكانها وكل ذلك من جراء الغلاء الذي انتشر كالريح في زوايا الارض. ولكن... اتظنون ان ورود ذاك من قبل تلك الجودة ؟ كلا، بل انما ورد" تأديبا وعقابا" لكثرة الآثام والشرور التي يرتكبها البشر. فانهم كانوا قد انهمكوا بلذاتهم العقلية والجسدية واشبهوا الشيطان في طباعهم والوحوش في شهواتهم ولذلك اثار بهم غضب الله.كماقال الطوباوي بولس: لان غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس واثمهم وادركهم الهوان. لان الذي يزرع للجسد فمن الجسد يحصد هوانا وافناهم الموت لان اجرة الخطية هي الموت. يالتعاسة الخطية مااكرهها وماامرّ عاقبتها فانها هي اسقطت الشيطان وجنوده من مسكنهم النير وجعلتهم محفوظين بقيود ابدية تحت الظلام . هي كانت السبب في طرد الانسان من جنة عدن وبسببها لُعنت الارض وحُكم على الانسان بالتعب والشقاء بسببها فُتحت ينابيع الغمر وميازيب السماء وغُمرت الاىض بالطوفان واهلك الجنس البشري. بسببها امطر على سدوم وعمورة كبريتا ونارا وبسببها تصيبنا الامراض والبلايا. هذه ثمار الخطيئة وهذه نتائجها. فهل مثلها هي ثمار المصائب والمحن؟ كلا لان الله تباركت حكمته وجودته يستخرج الخير من الشر دوما انه لايخرج شيئا للوجود الا وفيه سبيل للسعادة ولايؤتي بعقاب الا وهو مخلوط بالرحمة للتقويم . اذن علينا ان نبارك حكمته وجودته ونسلم كل امورنا اليه قائلين:" ليس مشيئتي بل مشيئتك" نعم هذه الكأس مرة ولكن الله وضعها في ايدي افلا اشربهاونوافق ايوب في مقاله " انقبل الخير من عند الله والشر لانقبل؟" ومع اننا نقر مع الوحي: ان احكام الله لاتدرك وطرقه بعيدة عن الاستقصاءفيمكننا ان نعرف بعض غايات صالحة يقصدها الله من الشدائد.فان جودته ورحمته لم يكن يسمح بان تصيبنا مثل هذه المصائب لولا أنه اراد ان يستخدمها لخيرنا. انه يربح بطريق الشدائد نفوسا كثيرة الى الحياة فمااكثر الذين يرتدون الى الله بواسطة الشدائد. فيلزمنا اذن ان نحترم احكامه باتضاع فلايمكن ان يعرض لنا الاماهو الانفع والافضل لنا .ان كل مايحتسبه العالم عذابا وانتقاء يجب ان نحتسبه نحن رحمة واحسانا ان كل تأديب من الله مُفعم من الرحمة والحنان لانه يرد البشر الى التوبة فلتستنر اذن ضمائرنا ولنلتفت بالتوبه اليه تعالى لانه رحوم ورؤوف لايحقد الى الابد. ولايحفظ غيظه الى الدهر بل يسر بالرجوع اليه... |
|