رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأنبا باخوميوس أب الشركة نصائح روحية مفيدة للأب الكبير باخوميوس 1- نصيحة لأولاده الرهبان عن الجهاد في الحياة الروحية: * أيها الإخوة: اغتنموا الوقت فإنه زائل. جاهدوا فيما دُعيتم إليه. وصلواتكم لا تفوتكم لأنها سور لكم وفريضة من الله عليكم. احرصوا على تلاوة المزامير فإنها تدفع عنكم الأعداء. * وكانوا يستفيدون من نظرهم إلى سكوته في بعض الأوقات المنفعة الكبرى التي تزيد عن التعاليم والعظات. * فيما هو ماض دفعة مع الإخوة في شغل، وكانت الحاجة أن يحمل كل واحد حملة خبر، فقال له أحد الإخوة: لا تحمل أنت يا أبانا شيئًا، هوذا قد حملت كفافي وكفافك. أجابه الأب: لا يكون هكذا. إن كان مكتوبًا عن الرب أنه يليق به أن يتشبه بإخوته في كل شيء (عب17:2) فهل أنا الحقير أترك إخوتي يحملون شيئًا عنى أو يعملون عملًا لا أعمله مثلهم؟! * من أجل هذا رهبان الأديرة الأخرى كائنون بانحلال لكون صغارهم يتعبدون لكبارهم وليس واجبًا أن يُعمل هكذا، لأنه مكتوب "من يريد أن يكون فيكم كبيرًا فليكن لكم عبدًا، ومن يريد أن يكون فيكم أولًا فليكن لكم خادمًا كما أن ابن الإنسان لم يأت ليُخدم بل ليَخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين (مت 26:20-28) ويقول الرسول "يداي هاتان خدمتا حاجاتي" (أع34:20). * الرهبان لابسو الزى المقدس المقيمون بالأديرة المشتركة ليس لهم أن يسموا شيئًا خاصًا لواحد منهم، ولا يدور فيما بينهم: لي ولك ولهذا ولذاك. وغلا فلا يليق أن تدعى "كنونيًا" أي عيشة مشتركة، بل مجامع لصوص ومغائر مملوءة رذيلة وسلب الأشياء المنذورة لله. * جميع المواهب بطول الروح وثبات القلب تُعطى، وجميع القديسين لما ثبتوا قلوبهم نالت أيديهم المواعيد. * فخر القديسين هو طول الروح في كل شيء. وبهذا حُسبوا قديسين. * هذه هي الأعمال الفاضلة: * إن قاتلك فكر ضجر من اجل أخيك (حقد أو غيظ على أخيك) تحتمله بطول روح حتى يريحك الله منه. * صوم دائم. * صلاة بغير فتور في مخادع قلبك بينك وبين الله. * وصية صالحة لأخيك. * بتولية بتحفظ في أعضائك. * طهارة في قلبك. * عنق منحنى وضرب مطانية metanoia مع قولك اغفر لي. * دعى في أوان الغضب. * احفظ نفسك من هذا الفكر الذي يجلب لك تزكية ذاتك والازدراء بأخيك، لأنه مغبوض جدًا قدام الله الذي يكرم نفسه ويرذل أخاه. * لا تحتقر أحدًا من الناس ولا تدنه ولو رأيته ساقطًا في خطية، لأن الإدانة تأتى من تعظم القلب، أما المتواضع فيرى كل الناس أفضل منه. "وكيف تدين عبدًا ليس هو لك. إن سقط فلربه، وربه قادر أن يقيمه (رو4:14). * سبيلنا أن نصبر على كل تجربة توافينا بحماسة نفس وشجاعة قلب، لأن مفاجأة المحن مهما كانت لا تضرنا بل تنفعنا جدًا إذا قبلناها بشكر. لأن التجارب هي صابون الذنوب. * في أحد الأيام في وقت المساء دعا الأب باخوميوس تلميذه تادرس، وأقامه في الموضع الذي يقف فيه هو (منبر الوعظ)، وقال له: عِظ الإخوة بأقوال الله التي يلقنها لك روحه القدوس، فامتثل تادرس للأمر. * ولما رأى بعض الشيوخ ذلك تركوا الاجتماع ومضوا متذمرين. * وبعد الاجتماع استحضرهم الأب وسألهم: ما هو السبب الذي أوجب انفصالكم عنا وابتعادكم منا؟ ألم تسمعوا عن الرب أنه أقام صبيًا بين تلاميذه وقال لهم: من قبل صبيًا مثل هذا باسمي فقد قبلني، وإن كنتم لم تذكروا أفما تروني كيف أنا قائم بين جميع الإخوة مثل طفل؟ فلماذا لم تغلبوا روح الشر؟ فأجابوه قائلين: إنك جعلت واعظنا ومعلمنا شابًا مبتدئًا، ونحن شيوخ وكهول وأقدم منه في الدير. * فلما سمع هذه الأقوال تنهد وقال: إن داءكم قتال ومرضكم عضال، أما علمتم من أين جاءت الرئاسات إلى العالم، أليس من الكبرياء والخيلاء التي سقط بها كوكب الصبح (الشيطان) مهشمًا إلى الأرض. ولأجل الأُبهة والشرف الباطل الذي تطلبونه ساكن نبوخذ نصر ملك بابل الوحوش وساواها (دا 4). أما سمعتم الكتاب الإلهي قائلًا "المرتفع بين الناس مرذول قدام الله، والمرتفع سيوضع. لقد طرحتم رأس فضائلكم الذي هو الاتضاع واخترتم بدله الكبرياء أو الرذائل وأولها، لأنكم ما تركتم تادرس وتخلفتم عنه بل عن الله الساكن فيه والناطق على لسانه. * والآن أقول لكم: إن لم تتوبوا توبة خالصة عن فارطة (خطية) التيه والصلف فإنكم ستهلكون. * مرض أحد الإخوة جدًا في أيام البصخة (أسبوع الآلام) وكان ناسكًا، ولم يشأ أن يأكل شيئًا مطبوخًا قائلًا: جيد لي أن أموت من أن أكل وأشرب في هذه الأيام المقدسة فمضى إليه الأب باخوميوس وقال له: الأيام كلها لله، والذي أمر أن يعمل الناس البصخة هو الذي أمر بالمرض عليك. * فالآن لا تخف ولا تحسب أنها خطية إذا أنت أكلت لحاجة المرض، لأنه مكتوب في سفر العدد "إن لم يتمكن أحد أن يحمل قربانه للرب ويعمل البصخة (الفصح) في الشهر الأول فليعمل بصخة الرب في الشهر الثاني (عدد 10:9-11)". فالآن إذا لم تقدر أن تعمل البصخة بسبب المرض، فبعد أن تستريح إذا شاء الرب فأنت تقدر أن تعملها. * حدث أن أحد الإخوة مرض وانطرح على الأرض وطال مرضه وضعف جسمه وتغيرت هيئته وبلغ إلى حد الموت، وأنه يلتمس من مدبر المائدة قليل لحم لترجع إليه قوته لأنه كان قد أضناه المرض ولم تبق فيه إلا العظام، فغفل عنه المدبر، فتوسل المريض إلى من حمله وطرحه في حضرة الأب باخوميوس مسجى على الأرض، فعرفه بسوء حاله وانحلال قوته، وأنه طلب من المدبر يسيرًا من اللحم ليأكله لكي ترجع إليه قوته فلم يجبه إلى ذلك. فلما رآه الأب أنه مستحق لما طلبه حزن بسببه وقال للمدبر: أين التحنن، فإذا أبصرت هذا الأخ مريضًا ذليلًا، فلم لم تصرف عنايتك إليه وتهتم به بحسب الواجب المفروض عليك، لماذا احتقرته ورذلته ولم تجبه إلى مطلبه، أليس هو عضو من أعضائك، أهكذا أنت عديم الإفراز؟! * حينئذ تاب المدبر إليه واستغفر منه، وصار يغذى الأخ لحمًا مدة من الزمان، فلما تماثل للشفاء، عاد إلى أكل السليق والحبوب أسوة بالإخوة. * في أحد الأيام أخذ الأب باخوميوس معه أخين (راهبين) وركب في مركب صغير ومضى لافتقاد الإخوة في دير منخوسين ولما كان المساء وهم في السفينة صلوا على حسب عادتهم، وجلسوا على المائدة، فقدم الأخان ما كانا قد أحضراه معهما، خبزًا وجبنًا وزيتونًا وتينًا وغير ذلك، وصارا يأكلان بغير إفراز، أما الأب فكان يأكل خبزًا فقط وعيناه تدمعان. فلما رأياه باكيًا قالا له: ما الأمر يا أبانا؟ قال: لا شيء. فلما ألحا عليه في السؤال قال لهما: بكائي هو من أجلكما لأنكما لا تمسكان شهوتكما وذلك لأن خوف الله ليس فيكما، ولذلك تأكلان بدون شفقة من كل شيء قدامكما. لأن سبيل من كانت همته مصروفة للعلويات أن يتنسك في كل شيء من الحاضرات مثل كلمة الرسول. فقالا له: هل أكلنا الآن مما هو موجود لدينا يعتبر خطية؟ فقال لهما: لا ليس من الأكل خطية ولاسيما مما كان متيسرًا، لكن الطريق التي تؤدى إلى الحياة ضيقة وضاغطة، وقد قال الرسول " كل الأشياء تحل لي لكن ليست كلها توافقني، كل الأشياء تحل لي لكنى لا أدع شيئًا منها يتسلط على ويتعبدني (1كو12:6)". * وقال أيضًا "من يجاهد يضبط نفسه في كل شيء (1كو25:9)". * أما تعلما أن الكتب المقدسة قد دُونت لمنفعتنا، فإذا سمعناها وخالفناها كانت موبخة لنا. أما أنا فإنسان خاطئ اقتنع بالخبز والماء، ولاسيما وأنا خارج ديري، فإذا عدت إلى ديري تساويت بإخوتي. * ثم قال لهما: "إن الأكل بقدر ليس خطية، وإنما هزيمة الرهبان هي أن تسود عليهم الحنجرة ويتعبدون للشهوة. * وقال أيضًا: سبيل الراهب ألا يكتفي بنسك الجسد والتعب الظاهر وحده، بل عليه أن يقتنى خوف الله ساكنًا فيه، لأنه هو الذي يحرق الأفكار الرديئة ويفنيها كمثل النار التي تحرق الصدأ وتنظف الحديد من الأوساخ، كذلك خوف الله يطرد كل رذيلة من الإنسان ويجعله إناءً للكرامة يصلح لعمل الله. * فلما سمع منه الأخان هذه النصائح تخشعا وانتفعا جدًا وأخذا في محاكاته والتشبه به. * أمره الأب أن يصوم كل يوم إلى المساء، وأن يأكل دون الشبع قليلًا. وقال له: من اليوم احفظ جسدك بطهارة ولا توافق شيئًا من الأفكار الرديئة التي تخطر على قلبك، واحرص على أن تعمل ليالي سهر في الصلاة مرارًا كثيرة لكي يتغرب عنك بالكمال ذلك الروح الشرير (روح الزنا) الذي صرت له عبدًا. وعندما تتنسك وتتعبد كن بكل اتضاع قلب، قائلًا في نفسك: إني قد أغضبت الله مرارًا كثيرة، فإذا أنا حفظت كل الذي أعطى لي (من نصائح وقوانين) استحق الحياة وأخلص من النار التي لا تُطفأ والدود الذي لا ينام. * وإذا نظرك الإخوة تتنسك وأكرموك لكونهم غير عالمين بما فعلت من الخطايا، قل في قلبك هكذا: يا رب لو كان هؤلاء يعلمون الخطايا والآثام التي صنعتها وأعمالي الردية" ليس أنهم لم يكونوا يكرمونني فقط بل ولا كانوا ينظرون إلىّ بالجملة، حتى لا يصعد على قلبك شيء من أفكار المجد الباطل لئلا تزيد خطايا على خطاياك. * وإذا أساء إليك أحد في أمر ما، احتمل بشكر قائلًا في قلبك: إنني قد أغضبت الله دفوعًا كثيرة وأسأت إليه بأعمالي الردية. وكن أيضًا خاضعًا مطيعًا للإخوة الذين أنت تحت طاعتهم مثل القوانين الموضوعة لنا، لكي ينظر الله إلى تواضعك وتعبك ويغفر لك جميع خطاياك كما هو مكتوب (مز18:25). |
|