اتضاع عجيب ظهر السيد المسيح بعد قيامته في هيئة بستاني
بعد الصلب أخذ يوسف الرامي جسد يسوع، وجاء نيقوديموس، ووضعا الجسد المقدس في القبر الذي كان قريبًا جدًا من الجلجثة. وذلك حسبما ذكر معلمنا يوحنا في إنجيله "وكان في الموضع الذي صُلب فيه بستان، وفي البستان قبر جديد لم يوضع فيه أحد قط، فهناك وضعا يسوع لسبب استعداد اليهود لأن القبر كان قريبًا" (يو19: 41، 42).
وفي اتضاع عجيب ظهر السيد المسيح بعد قيامته في هيئة بستاني لمريم المجدلية التي كانت عند القبر ثم "التفتت إلى الوراء، فنظرت يسوع واقفًا. ولم تعلم أنه يسوع. قال لها يسوع يا امرأة لماذا تبكين من تطلبين؟ فظنت تلك أنه البستاني فقالت له يا سيد إن كنت أنت قد حملته، فقل لي أين وضعته وأنا آخذه" (يو20: 14، 15).
وهكذا لم يظهر السيد المسيح على الأرض بعد قيامته في صورة ملك متوج بالذهب والماس والثياب الملوكية، بل في صورة بستاني بسيط!
بدأت القصة الأولى للبشرية في بستان، حيث وضع الرب الإله آدم في الجنة ليعملها (انظر تك2: 15). فكان آدم هو البستاني في الفردوس الأول..
ولكن آدم الأول لم يتمكن من البقاء في الفردوس أي في الجنة ليعملها، بل طُرد خارجًا. وصارت الأرض تنبت له شوكًا وحسكًا.
وجاء آدم الأخير، أو آدم الثاني، وحمل الأشواك على جبينه، ثم فتح الفردوس السماوي، وأدخل آدم وبنيه إلى هناك. ثم قام من الأموات، وجاء إلى الفردوس المجاور للقبر، وظهر في هيئة بستاني لمريم المجدلية. لكي يعيد إلى الأذهان قصة الخروج من الفردوس. ويؤكد أن الإنسان قد عاد مرة أخرى في شخصه المبارك ليعمل الجنة الجديدة، وهي كنيسته المقدسة، التي قال عنها: "أختي العروس جنة مغلقة، عين مقفلة، ينبوع مختوم. أغراسك فردوس رمان مع أثمار نفيسة فاغية وناردين" (نش4: 12، 13).
وقال سفر نشيد الأناشيد بروح النبوة عن قيامة السيد المسيح ودخوله إلى البستان بعد أن تألم، وقُبر، ووضعوا المر والعود حول جسده في القبر، ثم أكل شهد عسل مع تلاميذه بعد القيامة "قد دخلت جنتي يا أختي العروس. قطفت مري مع طيبي، أكلت شهدي مع عسلي" (نش5: 1).
وكتب في نفس السفر أيضًا عن السيد المسيح "حبيبي نزل إلى جنته إلى خمائل الطيب ليرعى في الجنات ويجمع السوسن. أنا لحبيبي وحبيبي لي. الراعي بين السوسن" (نش6: 2، 3)
وقالت عروس النشيد "استيقظي يا ريح الشمال وتعالي يا ريح الجنوب. هبي على جنتي فتقطر أطيابها. ليأت حبيبي إلى جنته ويأكل ثمره النفيس" (نش4: 16).
ما أجمل هذا المشهد العجيب: آدم الجديد في البستان مع إشراقة فجر جديد في حياة البشرية، إنه مشهد القيامة والحياة الجديدة تراه الكنيسة، فتنادي طالبة هبوب ريح الروح القدس من الشمال حاملة مياه النعمة الغزيرة، ومن الجنوب حاملة حرارة الحب الذي تنضج معه ثمار الروح في حياتها.