رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مكان المجد (1) فجمع يوسف كل الفضة الموجودة في أرض مصر وفي أرض كنعان بالقمح الذي اشتروا... فاشترى يوسف كل أرض مصر لفرعون ( تك 47: 14 ، 20) يلفت نظرنا طريقة تصرف يوسف في مركز المجد والسلطة التي دُفعت إليه. ونحن نتأمل في سلطانه الفائق نلاحظ ثلاث حقائق هامة: أولاً: استخدم يوسف مكان الصدارة الذي صار له لكي يُخضع كل شيء لسلطانه، فجمع كل ثروة مصر في يديه «فجمع يوسف كل الفضة الموجودة في أرض مصر وفي أرض كنعان» (ع14). ولما نفدت الفضة استولى يوسف على المواشي إذ قال للمصريين: «هاتوا مواشيكم ... فجاءوا بمواشيهم إلى يوسف» (ع15- 17). وإذ فرغت الفضة ومواشي الغنم قالوا له: لم يبق إلا «أجسادنا وأرضنا» ثم أضافوا قائلين: «اشترنا وأرضنا بالخبز» وهكذا نقرأ: «فاشترى يوسف كل أرض مصر» (ع20). وهكذا أصبح الكل تحت يد يوسف: الفضة والمواشي والأرض، وفي النهاية الشعب نفسه. وبعيدًا عن المعنى الرمزي، يبقى هذا الحَدَث التاريخي منقطع النظير في تاريخ العالم كله. لقد طالب كثير من الحكام شعوبهم بمطالب قاسية، ولكن لم يجرؤ أحد أن يدّعي مطالب أو حقوقًا لنفسه كتلك التي كانت ليوسف. علاوة على ذلك، فإن أولئك الذين فرضوا مطالب قاسية على رعاياهم، لم يستطعوا أن يحصلوا على مطالبهم بالحُسنى، وكانت محاولتهم لتنفيذ هذه المطالب دائمًا ما تؤدي للثورة، ولكن يوسف، بالرغم من مطالبه التي لم يكن لها مثيل، فإنه استطاع تنفيذها دون أن يعلو صوت واحد بالرفض أو المعارضة. الحقيقة العُظمى الثانية هي أن كل مطالب يوسف كانت لفرعون. فإذ جمع يوسف كل الفضة نقرأ «جاء يوسف بالفضة إلى بيت فرعون» (ع14). وأيضًا إذ أصبحت الأرض تحت يديه فإننا نقرأ أنه «اشترى كل أرض مصر لفرعون» (ع20). وهكذا أيضًا بالنسبة للشعب يقول يوسف: «إني قد اشتريتكم اليوم وأرضكم لفرعون». فلم يستخدم يوسف السلطان الذي له لصالحه، ولكن استخدمه لمجد فرعون. وأخيرًا، يلفت نظرنا حقيقة ثالثة هامة، وهي أنه إذا كان يوسف قد استخدم سلطانه ليكون الكل لفرعون، فإنه على الجانب الآخر استخدم سلطانه أيضًا لبركة الشعب. فلقد حفظ مجد فرعون، وضمن البركة للشعب، وذلك في ظل الخضوع ليوسف. |
|