مؤسسات مصر فى غيبوبة
حالة من الغضب انتابت الشعب المصرى بعد وقوع أحداث رفح التى أسفرت عن استشهاد 16 جنديا وضابطاً وإصابة 7 على الحدود المصرية وإهمالهم التحذيرات التى تم تداولها
فى وسائل الإعلام العالمية الأسابيع الماضية حول تحول سيناء إلى مرتع للجماعات الجهادية، فضلا عن التحذيرات التى وجهتها إسرائيل لرعاياها منذ ثلاثة أيام قبل الحادث فى بيان هيئة مكافحة الإرهاب التابعة لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى الذى حذَّر فيه الإسرائيليون من خطورة السفر إلى سيناء فى الوقت الحالي، وقوبل ذلك بتصريحات من الأجهزة الأمنية المصرية ذكرت فيها أن سيناء آمنة متهمة الجانب الإسرائيلى بنشر الشائعات لضرب السياحة.
كما ذهب البعض الى نظرية المؤامرة واتهام عملاء «الدولة العميقة» فى المؤسسات الأمنية بتعمد إهمال تلك التحذيرات لتوريط الرئيس بعد إصداره عفوا عن المعتقلين الإسلاميين وبعد استقباله لإسماعيل هنية، رئيس الوزراء بحكومة حماس المقالة، وإعلانه أن سياسة مصر تجاه قطاع غزة ستتغير خلال المرحلة المقبلة، وأنها لن تشارك فى حصار القطاع بأى وسيلة، وهو ما يتلاقى مع مصالح الجانب الإسرائيلى الذى سيتخذ هذا الحادث كذريعة لهجوم جديد على غزة بدعوى تطهيرها من المخربين والإرهابيين.
وتداول نشطاء سياسيون تغريدة على «تويتر» للناطق باسم حكومة الاحتلال «أوفير جندلمان» على حسابه الخاص على «تويتر» قبل أيام والتى ينصح فيها المواطنين الإسرائيليين بمغادرة سيناء فورا والعودة لإسرائيل، مشيرين إلى أن أى تحرك عسكرى وأمنى فى سيناء يجب أن يتم بالتنسيق بين الجانبين المصرى والإسرائيلى وفقا لاتفاقية كامب ديفيد، على حد قولهم.
واتفق عدد من خبراء الأمن على تحميل المسئولية للأجهزة الأمنية فى مصر باعتبارها المسئولة عن كشف المعلومات والخبايا وضرورة الوقوف أمام حدوثها, وأوضحوا أن هذا يعود إما للتغيرات التى حدث فى الدولة ككل أو الانشغال بالمهاترات السياسية دون النظر الى عمل كل مؤسسة وهدفها.
اللواء محمد ربيع الدويك الخبير الأمنى يشبه حادث رفح بنكسة 1967 بأنه كشف عن غيبوبة كاملة أصابت أجهزة المعلومات فى مصر وانعدام القدرة الدفاعية لجزء هام من سلاح الحدود, كما غاب عن الجنود القدرة على استخدام المناظرة والقراءة القتالية مثل قواعد الملاحظة والمراقبة, وما حدث يعنى أن هناك خللاً فى القدرة على استخدام السلاح أمام أى عناصر مسلحة أو فض هجوم مسلح على مجموعة جيش.
وانتقد الدويك تغيب أجهزة المعلومات فى مصر عن جمع اللازم عما حدث قبل وقوعه وخاصة مع تحذير جهاز الأمن الإسرائيلى لرعاياه قبل وقوع الحادث الدموى بثلاثة أيام مطالبيهم بالخروج من سيناء لاحتمال حدوث عمليات ارهابية وتم نشر ذلك فى جميع الوكالات العالمية أى أنه لم يكن خفياً على أحد معرفته فلماذا لم تتحقق الاجهزة الامنية من هذه الرسائل أو التحذيرات.
وأوضح الدويك أن الانشغال بالسياسة والحكم لدى كل أجهزة الدولة والمهاترات التى تعيشها سبب رئيسى فيما حدث، مؤكداً أن الحادث كشف الخلل الأمنى الذى نعانى منه وضرورة رأب صدعه فى أسرع وقت ممكن وعلى كل مؤسسة أن تلتزم بمهمتها دون النظر الى السياسة.
وقال الدويك: ننتظر جميعا أن تبتعد مصر عن سياسة رد الفعل وتكون فعلاً ولو مرة واحدة وتكف عن تسول الاعتذارات ممن أخطأ بحقها وعلى كل المؤسسات أن تنسى السياسة الآن كفانا ماحدث.
واتفق الدكتور سعد الزنط الخبير الأمنى مع الرأى السابق مضيفا أن الدولة فى حالة تدنى ورخوة للغاية وهناك مؤسسات لا تؤدى الدور المنوط بها وانشغلت فى مناح أخرى بعيدة عن أهدافها الرئيسية.
وأشار الزنط إلى أن إهمال اتصال الأجهزة الأمنية باسرائيل بالأجهزة الأمنية فى مصر وإبلاغها بأن هناك قلقاً ما ولم يتم تحريك ساكن فى سيناء أو أخذ الحذر وهذا فى حد ذاته تقصير.
وقال الزنط: «لا نستطيع إلقاء اللوم على القوات المسلحة وحدها فى هذا الحادث لاننا نعيش حالة استرخاء عام وسبق أن حذرنا كثيرا من الفصائل الارهابية المنتشرة فى سيناء وعمليات التدريب التى تتم بها والسلاح المنتشر ايضا ويتم تهريبه بكثرة ولم يتحرك أحد.
ويضيف الزنط: أعتقد أن ماحدث على الحدود المصرية لن يمر مرور الكرام ولن تكتفى مصر بالشجب أو الادانة.
ومن جهته قال اللواء محمد قدرى سعيد الخبير فى الشئون العسكرية إن أحداث سيناء ربما تحمل فى طياتها خيراً فى المستقبل وبخاصة بعد أن كان هناك اعتقاد يتكرر على لسان المسئولين بأن سيناء آمنة ولا يوجد بها عناصر إرهابية وهذا سيفيد أجهزة الأمن مستقبلاً فى التصدى للبؤر الإرهابية الموجودة بها بعد ان كشف الحادث وجود خلل أمنى بها.
وأوضح سعيد ان قبل ثورة 25 يناير كان هناك عناصر ارهابية بسيناء ولكن لم يتم التعامل معها بحزم وبخاصة مع نقص عدد القوات المنتشرة على المنطقة الحدودية بسيناء مشيراً الى ان حادث اطلاق النار على الجنود المصريين على الحدود فى رفح بسيناء يحتاج الى تحليل دقيق للوصول الى هوية مرتكبى الحادث وما دفعهم الى ارتكابه فضلاً عن كيفية اقترابهم من الحدود بدون تصد من المسئولين.
واتفق سعيد على أن هناك خللاً فى الأجهزة الأمنية أدى الى وقوع قتلى على الحدود وعدم اكتشافها قبل وقوعها يؤخذ على الأجهزة المعلوماتية، وأضاف: «إننا مررنا بلحظات ارتباك كثيرة فى كافة أجهزة الدولة من تغيرات فى القادة ومنها فى الفكر وهذا ما أدى إلى إصابة هذه الأجهزة ببعض الضعف نتمنى أن ينتهى قريبا وتسترد سلطانها وقوتها مرة أخرى.
وأشار سعيد إلى أن خطورة الوضع الحالى يجعل من رد فعل مصر قوياً وسيكون هناك مراجعة للسياسات ولعدد الضباط والجنود على الحدود حيث سيكون التعامل أكثر جدية وحزماً.
بوابة الوفد الاليكترونية