منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 25 - 02 - 2021, 10:29 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

لقاء العذراء بإليصابات





لقاء العذراء بإليصابات




الأحد الثالث من شهر كيهك المبارك وفيه قمة قصد الكنيسة من الإحتفال بهذا الشهر وهو التمهيد للتجسد الإلهي والشركة في حياة التسبيح بربنا يسوع وتمجيد أمنا العذراء .. عرفت السيدة العذراء ببشارة الملاك وهذا كان إنجيل الأسبوع الماضي .. قال لها ﴿ الروح القدس يحل عليكِ وقوة العلي تظللكِ ﴾ ( لو 1 : 35 ) .. أخذت البشارة ثم قال لها ﴿ هوذا أليصابات نسيبتكِ هي أيضاً حبلى بابنٍ في شيخوختها ﴾ ( لو 1 : 36 ) .. هنا الإنجيل يقول ﴿ فقامت مريم في تلك الأيام وذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا ودخلت بيت زكريا وسلمت على أليصابات ﴾ ( لو 1 : 39 – 40 ) .. العذراء تتمتع بروح إتضاع عالية وروح بذل وخدمة للآخرين عندها إستعداد لتحمل مشقة وسفر وتعب .. لا تنظر إلى ما هو لنفسها بل ما هو للآخر .
درس جميل نتعلمه أن الإنسان لا يشفق على ذاته وكيف يخرج من دائرة الإهتمام بذاته إلى دائرة الإهتمام بالآخرين .. كيف يفكر الإنسان في ألم الآخرين وتعبهم .. من أجمل الأشياء التي نحتاجها أن لا يفكر الإنسان في نفسه ولا ينحصر في إهتماماته ومشاكله ومتاعبه بل لابد أن يرى الآخر عندئذٍ يرى مشاكله تصغر .. عندما ينحصر الإنسان في مشاكله يراها كبيرة فينظر إلى ذاته ويزداد شفقة عليها ويحزن على نفسه ويحاول أن يجعل الآخر يهتم به من أجل ألمه .. لكن أفضل وسيلة للعلاج هي عكس هذا تماماً وهي بدلاً من أن يجعل الآخرين يرون ألمه يرى هو ألم الآخرين .
هكذا فعلت السيدة العذراء وقامت مسرعة وإن كانت أليصابات حبلى فالعذراء أيضاً حبلى .. وإن كانت أليصابات في شيخوخة فالعذراء صبية صغيرة السن لا تتحمل المسئولية عن إمرأة كبيرة .. كان يجب أن الكبير هو الذي يخدم الصغير في هذه الحالة لكن السيدة العذراء عندها روح إتضاع وبذل عالية وهذه الروح هي مدخل حلول الله في النفس .. الله لا يستريح إلا في النفس المتضعة .. لا يستريح ولا يسكن بقوة كما سكن في العذراء إلا إذا كانت النفس على هذا المستوى لأنه إن لم تتحلى النفس بروح الوداعة والخدمة والإتضاع ما كان الله رتب هذا الإختيار للعذراء .
عندما سمعت أليصابات سلام العذراء مريم ﴿ إرتكض الجنين بابتهاجٍ في بطني ﴾ ( لو 1 : 44) .. بعض الترجمات تقول * سجد يوحنا الجنين الصغير * – سجد – وبعض الترجمات تقول * رقص * وكأنه من شدة فرحه قام يهتز .. هذا حضور ربنا يسوع الذي هو محسوس حتى بالنسبة للجنين الذي لم يتكون بعد ولم يكتمل بعد .. حضور المسيح يجب أن يصاحبه فرحة وسجود ومسرة بالروح وابتهاج نفس .. هل عندما أدخل الكنيسة تكون لي نفس البهجة ؟ هل عندما أتقدم للتناول تكون عندي نفس البهجة ونفس المشاعر ؟ هل عندما أقف للصلاة تكون عندي نفس الرنة المفرحة ونغمة الإبتهاج ؟ هذا هو حلول الله .
النفس التي تشعر بحضور الله إحساس الروح لا يسعفها أن تنطق بأي كلمات لكن يجد نفسه قد خرج عن شعوره فيجد جسده يهتز .. وهنا إمتلأت أليصابات من الروح القدس .. العجيب أن الكتاب ذكر لنا إنفعال الجنين قبل إنفعال أليصابات .. ﴿ صرخت بصوتٍ عظيمٍ وقالت ﴾ .. من شدة فرحتها لم تتكلم بطريقة عادية بل صرخت .. الكتاب يعلمنا عن صراخ الملائكة كما يقول قداس القديس إغريغوريوس ﴿ يسبحون ويصوتون ﴾ .. هل الذي يسبح يصوت ؟ يقول نعم من شدة الإنفعال .. هنا أليصابات صرخت بصوت عظيم وقالت ﴿ مباركة أنتِ في النساء ومباركة هي ثمرة بطنِك فمن أين لي هذا أن تأتي أم ربي إليَّ ﴾ ( لو 1 : 42 – 43 ) .. أجمل إعتراف سمعه ربنا يسوع على الأرض .. عندما قال لتلاميذه خاصته في آخر أيامه في قيصرية فيلبس عندما قال ﴿ من يقول الناس إني أنا ﴾ ( مت 16 : 13) .. قالوا إيليا وآخرون أرميا .. فقال لهم ﴿ وأنتم من تقولون إني أنا فأجاب سمعان بطرس وقال أنت هو المسيح إبن الله الحي ﴾ ( مت 16 : 15 – 16) ؟ ربنا يسوع فرح جداً بهذا التصريح وقال له ﴿ طوبى لك يا سمعان بن يونا ﴾ ( مت 16 : 17) .
اليوم أليصابات تقول ﴿ أم ربي ﴾ وهو لم يولد بعد وليس في آخر أيام حياته على الأرض .. لم تراه أليصابات يقيم موتى أو يشفي مرضى أو يعلم لكنه مازال جنين في بطن أمه وتقول * أم ربي * .. ﴿ فمن أين لي هذا أن تأتي أم ربي إليَّ ﴾ .. جيد أن تكون السيدة العذراء متضعة جداً وأليصابات متضعة جداً .. العذراء تعطيها الإكرام وأليصابات تعطيها الإكرام لذلك مزمور اليوم يقول ﴿ الرحمة والحق التقيا البر والسلام تلاثما ﴾ ( مز 85 : 10) .. ما هذا ؟ الله يعمل في أبراره لأنهم في النهاية هم الذين يهيئون له طريق الخلاص .. يريد أن يقول لك سأبارك جنس البشر وسآتي منهم وبذلك رحمته تقابلت مع عدله وحقه .
خلال العهد القديم كان هناك صراع بين الحق والعدل .. والرحمة والعدل .. الرحمة تقول خلص الإنسان من رباطاته يكفي أنه مطرود .. والعدل يقول لا الإنسان أجرم ولابد أن يفي الحق .. فماذا يفعل ؟ قال ﴿ يوم تأكل منها موتاً تموت ﴾ ( تك 2 : 17) .. إذاً لابد أن يموت الإنسان .. فمتى تلتقي الرحمة مع العدل ؟ تلتقي في المسيح يسوع وفي خلاصه .. ﴿ فهوذا حين صار صوت سلامِك في أذنيَّ إرتكض الجنين بابتهاجٍ في بطني فطوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب ﴾ ( لو 1 : 44 – 45 ) .. الروح القدس أعلم أليصابات بكل السر الإلهي وبكل التدبير الإلهي .. تقول لها طوباكِ .. ما سر طوباوية العذراء ؟ أنها آمنت أن يتم لها ما قيل من قِبَل الرب .
قد تسمع إنسانة أخرى وتقول هذا كلام صعب جداً كلام يفوق العقل .. كيف أكون حبلى ؟ إقنعني هذا مستحيل .. هل تقصد إنسانة أخرى ؟ ﴿ الروح القدس يحل عليكِ ﴾ .. لو حدث ذلك مع إنسانة أخرى قبل العذراء كان يمكن للعذراء أن تصدق لكن عندما تكون هذه الحادثة هي الفريدة على الأرض – الحادثة الوحيدة – لم يوجد مخلوق حدث معه هذا الأمر .. لذلك نحن نصمم أن المسيح مولود لكن غير مخلوق .. ﴿ مولود غير مخلوق ﴾ .. لماذا ؟ لأنه ليس من نتاج زرع بشر لم يوجد رجل تسبب في إيجاده .. فلابد أن يكون إنسان .. كيف ؟ يقول آتي من إمرأة بشر .. لكن أيضاً لابد أن يكون إله .. قال يكون إله لكن لا يأتي بزرع بشر .. فاجتمع فيه الإلهي والإنساني .. إنسان كامل لأنه أخذ جسد من العذراء وإله كامل لأنه أتى من الروح القدس .. من هنا صدقت العذراء هذا الكلام رغم أنه كلام قد نجده نحن الآن كلام صعب إستيعابه .. لو أراد التاريخ أن يعيد نفسه ويكلم فتاة عذراء ويقول لها هذا الكلام لن تصدقه رغم أنه حدث من قبل مع السيدة العذراء .
سمعان الشيخ وهو يترجم النبوة لم يصدق ولم يستطع أن يكتب ﴿ ها العذراء تحبل ﴾ ( أش 7 : 14) .. ولم يرد أن يكتبها وقال سأكون إضحوكة للجميع وواضح أنه قد يوجد خطأ في الترجمة فكتب * ها الفتاة * .. ثم قال * ها إمرأة * لكنه وجد نفسه قد يكون متجاوز للنص .. فقال سأكون وسطي لن أكتب * ها العذراء * أو * ها إمرأة * بل سأكتب * ها الفتاة * وليفهم كلٍ كما يفهم .. كلمة * فتاة * تجعله على الحياد .. سمعان الشيخ لم يستطع أن يستوعب بينما السيدة العذراء إستوعبت لذلك قال الكتاب ﴿ طوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب ﴾ .. جيد أن يعيش الإنسان مواعيد الله بسكوت ورعدة .. جيد أن يشعر أن مواعيد الله صادقة وأمينة مهما كانت تبدو مستحيلة أو فائقة عن الإستيعاب البشري لكنها مواعيد حقيقية غير كاذبة .
السيدة العذراء آمنت ولم نراها تجادل كثيراً أو تتكلم كثيراً لم تقل سوى ﴿ كيف يكون هذا ﴾ ( لو 1 : 34 ) .. قال لها الملاك ﴿ الروح القدس يحل عليكِ ﴾ .. ووجدنا إجابتها سريعة كأنه حديث لم يأخذ منها وقت طويل .. حديث به فعل الروح .. قالت ﴿ هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك ﴾ ( لو 1 : 38 ) .. لقد صدقت كلام الله لتكن مشيئته ثم وجدناها تفتح صفحة من صفحات قلبها وفكرها وتقول أروع كلمات ينطقها لسان بشر .. فتحت قلبها وأخرجت من كنوزه لأننا ما نعلمه عن السيدة العذراء قليل وكلماتها قليلة جداً بل ومعدودة جداً .. قالت تسبحتها ﴿ تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي ﴾ ( لو 1 : 46 – 47 ) .. وجدنا أن عندها ذخائر كنوز خرجت في هذه اللحظة .. من أين جاءت ؟ جاءت من نفس قريبة جداً من كلمة الله .
السيدة العذراء كانت دائمة القراءة في الكتاب المقدس .. كان الكتاب محفور في قلبها وفكرها .. لم تقرأ الكتاب لمجرد قراءة للعقل بل قراءة لتهليل الروح .. لم تكن قراءة للمعرفة بل قراءة للفهم والوعي .. الفتاة العذراء البسيطة التي لم تنل قسط من التعليم وجدناها تقول كلمات تفوق تصديق البشر .. الإنسان الذي فيه كلمة الله يبتهج بها فتصعد الكلمات إلى عقله وشفتيه فينطق بها بتلقائية وتدفق .. عندما يقال أن فلان يجيد اللغة الإنجليزية يقال أنه متدفق في اللغة .. السيدة العذراء لديها هذا التدفق في كلمة الإنجيل .. من أين ؟ من أنها كانت دائمة الممارسة فيه .. يدها في الإنجيل دائماً .
فتحت صفحات قلبها واتجهت نحو تسبحة حنة النبية في سفر صموئيل .. وبدأت تردد ما يشبهها ولكن بلسان حالها هي وهذا منهج نتعلمه في صلواتنا .. نجد أن الكنيسة عندما وجدت أن السيدة العذراء فعلت هذا الأمر قالت لنا إن أردتم التسبيح فلتسبحوا بالمزامير .. قولوا تسبحة موسى النبي عندما خرج من أرض مصر في الهوس الأول وقولوا تسبحة الثلاثة فتية في الهوس الثالث و ...... قد يعترض البعض ويقول مالنا نحن والثلاثة فتية ؟ قد يعترض البعض على صلوات الأجبية ويقول لن أصلي بالمزامير بل سأصلي بكلماتي أنا .. نجيبه أن السيدة العذراء سبحت تسبحة حنة ونحن نفعل مثلها .. تقول لك الكنيسة سبح بمزامير 149 ، 150 في الهوس الرابع .. إستخدم المزامير والكتاب في تسابيحك فالسيدة العذراء تكلمك بتسابيح من الكتاب ومن شدة جمال الكلام تجد نفسك تقوله بمشاعرك أنت .. هذه هي العذراء .
تخيل عندما تقرأ في الكتاب وتشبع به تجد نفسك في الصلاة تصلي بكلام الإنجيل وأجمل قصد للإنجيل أن يتحول فينا إلى صلاة لذلك قل له ﴿ إفتح شفتي فيخبر فمي بتسبيحك ﴾ ( مز 51 : 15) .. عندما يرى إنسان مقابلة بين شخصين ويجد في المقابلة تسابيح يعرف أنها مقابلة سماوية ولنرى مقابلة العذراء مع أليصابات .. ثم نرى مقابلاتنا مع بعضنا البعض فيما نتكلم ؟ صعبة جداً مقابلاتنا لأن فكرنا غير مشغول بالله وقلبنا غير مشغول بالإلهيات ولأننا منغمسين في أوجاع الأرض نجد حديثنا كله أرضي .. تجد الناس في مقابلاتها تتكلم في أي شئ في السياسة .. في الغلاء .. في الإقتصاد .. في الرياضة .. لكن كي نتكلم معاً في كلمة الإنجيل نشعر بخزي لأنه ليس داخلنا هذه الأمور .. لماذا ؟ لأن كلمة الله ليست في القلب .. عندما تسكن كلمة الله في القلب يفرح وعندما يفرح نشعر داخلنا أننا لا نستطيع أن نسكت فنتكلم بأقوال الله .. ﴿ إن كان يتكلم أحد فكأقوال الله ﴾ ( 1بط 4 : 11) .. هذه هي العذراء .
جيد عندما تقرأ في سيرة الأنبا أنطونيوس عن مقابلته مع القديس العظيم الأنبا بولا .. وتتخيل ترى ماذا كانا يقولان في مقابلتهما ؟ وتشتاق أن تعرف حديثهما معاً كانا يتكلمان عن عظائم الأمور .. تكلما عن عمل الله مع البشر .. تكلما عن مراحم الله .. تكلما عن خير الله .. تكلما عن عظائم الأمور .. الإنسان الذي يفرح بالله يتكلم بالفرح .. لذلك دائماً يتكلم الإنسان بالأمور التي تشغله ويهتم بها .. دائماً يعبر الإنسان في أحاديثه عن حالته .. قد يذهب البعض إلى مكان معين فنسألهم هل أعجبك المكان ؟ وماذا أعجبك فيه ؟ شخص يقول المكان هادئ .. آخر يقول الطقس جيد .. آخر يقول المكان نظيف .. آخر يقول الناس هناك بهم جفاء .. كل شخص يتكلم عما يهتم به .. إذا لم تكن تعرف كيف تكون واضح مع نفسك لاحظ حديثك ستعرف إهتماماتك من كلامك .. أنظر فيما تتكلم فهذا هو ما يشغل قلبك .. هل تتكلم في الله ؟ تقول لا إذاً لم يشغل الله قلبك إذاً الله ثانوي في حياتك .. تريد أن تعطيه ساعة أو نصف ساعة مجرد إرضاء للضمير أو واجب أو خوف أو عادة عودونا عليها أهلنا .. لكن لا .. لابد أن ينبع الأمر من الأعماق من الداخل .
السيدة العذراء نطقت بهذه الكلمات وهي غير مهيئة لها .. لم تكن تحفظها لتسمعها لأليصابات بل فتحت أعماق قلبها .. هكذا تحاسب نفسك وتقول هذا ما نحاسب أنفسنا عليه لما نفتح أعماق قلوبنا ماذا نقول ؟ لذلك الذي يسبح الله هو قمة بهجة الحياة مع الله .. التسبيح هو أرقى لغة .. أجمل حالة روحية يشتاق لها الإنسان هي التسبيح .. عندما يتهلل الإنسان يرنم .. ﴿ أمسرور أحد فليرتل ﴾ ( يع 5 : 13) .. السيدة العذراء تتكلم ﴿ لأن القدير صنع بي عظائم وإسمه قدوس ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه ﴾ ( لو 1 : 49 – 50 ) .. تتكلم عن عظمة أعمال الله .. ما هي أعمال الله العظيمة في حياتها ؟ أعمال الله العظيمة هل أنا تلامست معها ؟ هل شعرت بعظمة الله في حياتي وبدأت أتكلم عنه أنه قدير ؟ والقدير قدرته أدركتني فصنعت بي عظائم .. هل أتكلم عن الله وأعماله وأترجمها لحياتي أنا وأعمال الله تتحول إلى فرحة لي ؟ هذه هي السيدة العذراء .
السيدة العذراء تعتبر كل أعمال الله لمجدها هي وفرحها هي وتهليلها هي لأن كل ما كتب كتب لتعليمنا وتذكيرنا .. تتكلم عن ﴿ أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين أشبع الجياع خيرات وصرف الأغنياء فارغين ﴾ ( لو 1 : 52 – 53 ) .. تعرف قصد الله وتعرف أنه إله المتضعين وأنه لن يستريح فيمن يجلس على الكراسي العالية أو الذين قلوبهم متكبرة لذلك نقول في القداس ﴿ الناظر إلى المتواضعات ﴾ .. * متواضعات * أي المتضعين البسطاء الله ينظر لهم مثل السيدة العذراء وأليصابات .. إنسان بسيط في مظهره لكن داخله حلول الله .. جيد هو الإنسان الذي لا يهتم بمظهره أو بما يقوله الناس عنه .. أترك كل هذا .. الكرامة الحقيقية في إرضاء الله والإرتفاع الحقيقي في سكنى الله .. جيد هو الإنسان الذي يفكر أن الغنى ليس غنى المال بل غنى الأعمال الصالحة كما قال بولس الرسول ﴿ أوصِ الأغنياء في الدهر الحاضر أن لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيءٍ بغنىً للتمتع وأن يصنعوا صلاحاً وأن يكونوا أغنياء في أعمال صالحة ﴾ ( 1تي 6 : 17 – 18) .. السيدة العذراء غنية في الأعمال الصالحة .
تقول ﴿ عضد إسرائيل فتاه ﴾ ( لو 1 : 54 ) .. لأنها تقرأ الكتاب المقدس جيداً تعرف أنه يوجد وقت إفتقاد لإسرائيل ووقت خلاص وزمن مقبول فقالت أنه ذكر رحمته ﴿ كما كلم آباءنا لإبراهيم ونسله إلى الأبد ﴾ ( لو 1 : 55 ) .. هل تعرف أن ما يحدث الآن هو تحقيق نبوات من أيام إبراهيم .. السيدة العذراء رابطه الكتاب كله في فكرها .. نعم هذا هو الإنسان الذي يعي حقيقة الكتاب ويتعامل مع كل جزء منه ببهجة ويعرف القصد منه .. السيدة العذراء تعرف ما هو قصد النبوات وما هو موضوعها ومحورها .. تعرف أن ما يحدث الآن هو تذكر رحمة الله لإسرائيل ونبوات إبراهيم أن بنسله تتبارك جميع قبائل الأرض ونسله قد أتى من العذراء في شخص ربنا يسوع .. جيد أن تقترب من مشاعر السيدة العذراء وكلما إقتربنا إلى مشاعرها كلما شعرنا بقيمة التجسد الإلهي وكلما إقتربنا من التجسد الإلهي كلما عرفنا ماذا يجب أن يكون الإنسان ليستحق حلول الله فيه .
السيدة العذراء نموذج للجنس البشري ونقول عنها في التسبحة أنها ﴿ فخر جنسنا ﴾ .. أجمل ما في جنسنا ولأنها مننا فهي جنسنا .. هي فخرنا أجمل ما في جنسنا .. ربنا حل في إنسانة منا فصار حلول الله ليس في العذراء فقط بل في الجنس البشري كله ومن هنا عرفنا الله الطريق لاستحقاق حلوله فينا .. يقول ﴿ لتكن نفسك كمريم ﴾ .. هل تعرف كيف يحل الله فيك ؟ كن مثل مريم .. ليكن لك روح خدمة واتضاع مثل مريم .. إحفظ الكتاب المقدس واقرأه واسهر معه .. قد أشعر بحزن عندما تهدر الناس الوقت بالساعات أمام تفاهات والكتاب المقدس مغلق .. الناس تتكلم كثيراً وطويلاً دون أن تقول كلمة من الإنجيل .. الناس لا تشعر بفرح بل ومنغمسين في هموم وأحزان لأنه لا يوجد فيهم فرح روحي .. الفرح الروحي يغلب .. إجلس مع إنجيلك .. تجد الناس تئن وتشكو وأنت تسندهم بآية أو موقف أو حادثة .. لماذا ؟ لأن داخلك الكتاب .. ﴿ فم الصديق يتلو الحكمة ولسانه ينطق بالحب ناموس الله في قلبه فلا تتعرقل خطواته ﴾ ( مز 37 : 30 – 31 ) .. هذه هي السيدة العذراء ناموس الله في قلبها .. إفتح إنجيلك واقضي معه أوقات طويلة .
المتنيح أبونا بيشوي كان عندما لا يجلس مع الإنجيل في اليوم ساعتين يكون متضايق وعصبي .. ساعتين وسط إنشغالاته الكثيرة .. فكان ينصح تاسوني أنچيل أن تجلس مع الإنجيل طويلاً لأنه محروم من الجلوس معه ويسألها كم من الوقت جلستِ مع الإنجيل اليوم ؟ تقول له ساعة .. يقول لها قليل جداً إجلسي معه أكثر .. ومنا من رأى إنجيله ولأنه كان كثير القراءة فيه فقد ملأ هوامشه تأملات وعندما إمتلأ أرسله إلى المطبعة ليضيفوا له صفحة بيضاء فارغة بين كل صفحة وصفحة في الإنجيل كي يكتب تأملاته .
هذه هي السيدة العذراء .. وهذه هي كلمة الله التي تهللت بها
التي عندما تفتح قلبها تجد لسانها ينطق بأقوال الله ببساطة وسهولة
ربنا يعطينا أن نستعد في هذه الأيام المقدسة لتجسده وحلوله المبارك فينا
هذا السر العظيم أن يتحد الله بالإنسان وأن يحل فيه
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
وصف لقاء العذراء باليصابات
صوم العذراء هو صوم تبتهج به الروح | من لقاء الأربعاء
لقاء القديسة ميلانية بالناسكة ألكسندرا العذراء
مقال فضائل في حياة أمنا العذراء
الأحد الثالث: لقاء أمنا العذراء مع أليصابات


الساعة الآن 07:30 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024