رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يونان النبي في الكتاب المقدس طلب الرب من يونان النبي أن يذهب وينادي بالتوبة في نينوى لان إثم اهلها قد صعد اليه (يون2:1)، كانت نينوى أهم مدينة في أشورالتي كانت تمثل القوة العالمية العظمى في تلك الأيام، والتي قدر لها وخلال خمسين عاما أن تكون عاصمة الامبراطورية الأشورية الممتدة. لم يذكر يونان شيئا كثيرا عن شر نينوى، لكن ناحوم النبي يعطينا فكرة أوفر. يقول ناحوم إن نينوى كانت مذنبة في: 1: تآمرها على الرب (نا 1: 9)، 2: استغلال الضعفاء (نا 2: 12)، 3: الوحشية أثناء الحرب (نا 2: 12، 13)، 4: الزنى والسحر والاستعباد (نا 3: 4). تلك كانت نينوى التي طلب الله من يونان أن يذهب إليها، لقد كانت أشور الإمبراطورية العظيمة والشريرة هي عدو إسرائيل المفزع، وكان الأشوريون يستعرضون قوتهم أمام الله والعالم من خلال أفعال وحشية عديدة بلا قلب. لذلك عندما تلقى يونان أمر الله بالذهاب للأشوريين والمناداة بالتوبة لهم، أسرع إلى الاتجاه المعاكس. لا نكاد نعرف عن يونان سوى بضع عبارات وردت عنه فى العهد القديم والجديد، وبعض التقاليد اليهودية غير الثابتة، وهذه وتلك قد تعطينا ضوءاً كافياً، لنعرف أنه يونان بن أمتاى، من جت حافر، وأنه كان سابقا لعاموس، تنبأ فى عصر يربعام الثانى أقوى ملوك اسرائيل، ومن المرجح أنه بدأ نبوته فى أوائل حكم هذا الملك أوعام 785 ق.م. وربما يكون واحدا من جماعة الانبياء الذين جاء ذكرهم مرتبطا بارسالية ايليا (2 مل3:2 )، حتى ان سفره يختلف عن بقية اسفارالأنبياء، لأنه يحكي عن النبي ولا يركز على نبواته، وفي الحقيقة إن عددا واحدا فقط من سفره يلخص رسالته الى أهل نينوى. ويحكي سفر يونان قصة هروب النبي وكيف أوقفه الله وأعاده إلى وجهته. فقد أوحى إليه أن يمضى إلى مدينة نينوى وينادي فيها وينذر اهلها بقضائه، ففكر في نفسه قائلا "لو كان الله يشاء هلاكهم لما طالبني بإنذارهم، وأخشى أن أمضى إليهم وأبلغهم هذا الإنذار فيتوبوا فلا يهلكهم. وأكون أنا كاذبا فلا يعود أحد يصدقني فيما بعد "فأقم وأهرب".. فماذا عساه ظن هذا النبي؟ كيف يستطيع أحد أن يهرب من وجه الله؟ هل ظن يونان أن الله غير موجود في السفينة أو في البحر، وأنه يمكنه أن يفلت من يده؟! أليس في هذا منتهى الجهل وعدم الأيمان بقدرة الله غير المحدودة؟! أم تراه عملا طفوليًا لجأ إليه أنسان حائر لا يعرف كيف يتصرف؟! اما درى أن أمر الله سيلاحقه في كل موضع..! حقا أن الخطية تطفي في الإنسان نور المعرفة، وتنسيه حتى البديهيات!. لكنه من المؤكد انه أراد بالهرب أن يبتعد عن مدينة نينوى لأنه لم يشاء القيام بإنذارهم لمعرفته أن الله رؤوف ورحيم، بطئ الغضب نادم على الشر، ذلك ما كشفه للرب في صلاته (2:4). "فقام يونان ليهرب من وجه الرب ونزل إلى يافا حيث وجد سفينة ذاهبة إلى ترشيش فأقلع مع ركابها إلى ترشيش. فأرسل الرب ريحا شديدة وحدث نوء عظيم في البحر حتى كادت السفينة تنكسر، فخافوا وصرخ كل واحد إلى إلهه. ثم قال بعضهم لبعض هلما نلقى قرعة لنعرف بسبب من هذه البلية. فلما اقترعوا أصابت القرعة يونان، فقالوا له ما الذي فعلته حتى جاء علينا هذا بسببك؟ فقال لهم اطرحوني في البحر فتسلموا، فاستغفروا الله ثم طرحوه فبلعه حوت عظيم. ومكث في جوفه ثلاثة أيام وثلاث ليال ثم قذفه عند نينوى" (يون1 و2 ). "فقام عند ذلك ودخل نينوى، وأنذر أهلها فتابوا جميعهم، الملك العظيم، والفقير، والشيخ، والطفل، وصرخوا إلى الله صائمين ورجع كل واحد منهم عن طريقه الرديئة، فقبل الله توبتهم ورحمهم" (يون3 ). قصة يونان هي أكبر بكثير من مجرد حكاية رجل وحوت، رغم محاولة الكثيرون أن يفسروا هذا الحدث على أنه خيال. لكن الكتاب المقدس لا يصوره على أنه حلم أو أسطورة، حتى ان الرب يسوع نفسه استخدم اختبار يونان كمثال لموته وقيامته (مت 12: 39، 40).. ولعله مما يسترعي الملاحظة والانتباه، أن اللّه، لكى يتمم مشيئته، كشف عن ذلك في الايات التالية: "فأرسل ريحاً شديدة".."فأعد حوتاً عظيماً".. "فأعد الرب الإله يقطينة".." ثم أعد اللّه دودة". ( يون 1 :4 و 17، 4 : 6 و 7 ) ولو تأملنا الفعل "فأرسل" والفعل الذى كرر ثلاث مرات "أعد"، نلاحظ ان الله قد استخدم الريح، والحوت، واليقطينة، والدودة، على النحو العجيب المثير لاكمال خطته، أو بعبارة اخرى، أن اللّه كان وراء الطبيعة، والحيوان الضخم، والنبتة الصغيرة، والدودة الحقيرة، لكى يؤكد استخدامه لكل شئ، وهو ينفذ تلك الخطة.. إنها قصة صراع بين الذات الإنسانية والله من جهة، والتصوير العميق لمحبة الله ورحمته ونعمته من جهة اخرى، نعم كان سكان نينوى قد اثاروا غضب الرب واستحقوا قضائه، وكان يونان يعلم ذلك، لكنه كان يعلم أيضا أن الله مستعد أن يسامحهم ويباركهم لو رجعوا عن خطاياهم وعبدوه. كما كان يونان يعرف أيضا مدى قوة رسالة الله، فباستجابتهم لها، حتى من خلال ضعف تبشيره، سينجون حتماً من قصاص الله. لكن يونان اذ ركّز على ذاته وسمعته الشخصية اكثرمن تركيزه على واجبه كنبي، رغب في الانتقام لا الرحمة، فعقد العزم على الهروب. إلا أنه أذعن في النهاية وبشر في شوارع نينوى، وتاب الشعب ونجوا. ومع ذلك غضب يونان متذمرا شاكياً إلى الله، "لأني عرفت أنك إله رحيم رؤوف بطيء الغضب كثير الإحسان، ترجع عن العقاب"(4: 2). فكان لابد لله أن يواجهه في ختام الأمر بأنانيته وافتقاره إلى الرحمة والشفقة، من خلال يقطينة اعدّها الرب فنمت وارتفعت لتقي يونان من شدة الحر، فابتهج بها كثيرا، لكنه ما لبث ان حزن لجفافها في اليوم التالي، فغضب حتى الموت حينئذ قال له الرب: "لقد أشفقت أنت على اليقطينة التي لم تتعب في تنميتها وتربيتها. هذه اليقطينة التي ترعرعت في ليلة وذوت في ليلة. أفلا أشفق أنا على نينوى المدينة العظيمة التي يقيم فيها أكثر من مئة وعشرين ألف شخص ممن لا يفرقون بين يمينهم وشمالهم، فضلا عما فيها من بهائم كثيرة؟.(يون:4). لاحظ وأنت تقرأ كتاب يونان الصورة الكاملة لمحبة الله وعطفه لتدرك أن لا أحد يستعصى على الخلاص. فالبشارة هي لكل من يتوب ويؤمن. ابدأ في الصلاة من أجل من يبدون أنهم أبعد الناس عن الملكوت وابحث عن طرق تخبرهم بها عن الله. تعلّم من قصة هذا النبي الشديد المقاومة، مصمماً أن تطيع الله وأن تعمل كل ما يطلبه منك وتذهب حيثما يقودك. نقاط الضعف والخطأ: - كان نبيا مقاوما لم يستسغ الارسالية الموكلة اليه، فاختار ان يهرب من الله بدلا من اطاعته. - لم يكن يونان من النوع الذي يطيع تلقائيا. إنما كان يناقش أوامر الله الصادرة إليه، ويري هل توافق شخصيته وذاته أم لا. -كان متمركزا على ذاته ومهمتما بسمعته الشخصية اكثر من اهتمامه بحق الله وتمجيد اسمه. دروس من حياته: لايمكن الهروب من سيادة الله المطلقة: قد يكون خوف يونان أو غضبه من اتساع رحمة الله هو ما جعله يهرب، الا ان هروبه دفع به إلى مشكلة أصعب، فالى أين يهرب، والرب موجود في كل مكان؟! فكان عليه أن يدفع ثمنا باهظا لهروبه لان الله كان وما يزال يملك زمام الموقف، وله طرقه التي يعلمنا بها دائما كيف نطيعه ونتبعه، فكما يقول داود ال نبي "أين المهرب من روحك؟ أين المفر من حضرتك؟ إن صعدت إلى السماوات فأنت هناك، وإن جعلت فراشي في عالم الأموات فهناك أنت أيضا. إن استعرت أجنحة الفجر وطرت، وسكنت في أقصى أطراف البحرفهناك أيضا يدك تهديني ويمناك تمسكني" (مز11,7:139). فبتحكم الله في البحر العاصف والحوت واليقطينة والدودة، اظهر قيادته المطلقة والمُحِبة ايضا، مما جعل يونان يدرك أخيرا أنه كان من الأفضل له تنفيد ما طلبه الله منه منذ باديء الأمر!. قد نكون مثل يونان احيانا، فعندما يعطينا الله توجيهاته من خلال كلمته مطالبا ايانا بعمل اشياء لانريد ان نعملها، نجد انفسنا ميالين الى الهروب في خوف وعناد، متعللين بان الله يطالبنا باكثر من اللازم، فقطعاً لم تكن المهمة التي حددها الله ليونان من المهام السهلة والمحببة الى النفس، لانها كانت رسالة دينونة لواحدة من اشر واقوى الامم الوثنية في العالم، لكن لايجب على من يحمل كلمة الله الى الاخرين ان يدع الضغوط الاجتماعية ولا الخوف من الناس يحددان ما سيقول. فهو مدعو لتوصيل رسالة الله وحقه سواء راقت له ام لا، والافضل هو طاعة الله بدلا من ان نتحداه او نهرب. فلنضع ثقتنا فيه فيما يتعلق بكل ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، ونهتم بامور الله اكثر من اهتمامنا بذواتنا. فسرعان ما تؤدي بنا كلمة "لا يا رب" الى المهالك. وفي المقابل، تفتح لنا كلمة "نعم" ابوابا واسعة لفهم الله وخطته للعالم. رسالة الله موجهة الى كل العالم: كان الهدف الذي وضعه الله امام يونان هو ان يبشر نينوى عاصمة اشور العظيمة، ولكن لانها كانت عدو اسرائيل المفزع، اظهر يونان الغضب وعدم المبالاة كان يتمنى هلاك اهلها وليس حصولهم على الغفران، غير مدركا بان اله اسرائيل هو اله كل العالم. كان عليه ان يتعلم بان الله يحب كل الناس. وبذلك ذكّر الله بني اسرائيل، من خلال يونان، بهدف ارساليتهم. فلم يكن اليهود يريدون أن تشاركهم الأمم رسالة الله في أيام يونان، تماما مثلما قاوموا نفس الفكرة أيام بولس ( 1تس 2: 14-16). لقد تناسوا دورهم الأساسي كأمة وهو أن يكونوا بركة للعالم بتوصيل رسالة الله لبقية الأمم (تك 22: 18). فالله يريد من شعبه ان يعلن حبه للعالم كله بالكلمات والافعال، وذلك ما يريده منا ايضا، أن نكون رسله لنحمل بشارة المحبة والخلاص الى كل مكان يرسلنا اليه فهو يحب كل واحد منا، حتى عندما نخذله، لكنه يحب ايضا الاخرين ممن ليسوا في مجموعتنا او بيتنا اوجنسنا او طائفتنا، "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية" (يو16:3). وعندما نتمتع بحبه علينا ان نقبل ايضا كل من يحبهم هو، حينئذ سيكون يسيرا علينا ان نحب الاخرين عندما نحب الله ذاته. الله يمكنه أن يستخدم كل شيء لمجد أسمه: ان كان بسبب طاعة يونان سيخلص اهل نينوى، فقد كان عصيانه سببا لخلاص ركاب السفينة، فان الرب الذي يستطيع ان يحول الخير الى الشر، استطاع اضافة الى استخدامه للكائنات الغير عاقلة، ان يستخدم عصيان يونان لكي يخلّص طاقم السفينة. وللسخرية عمل البحارة الوثنيون ما لم تعمله كل امة اسرائيل، فعندما اشتدت العاصفة وبدأت السفينة بالغرق، ابتهلوا الى الرب لكي لايهلكهم، ولما استجاب الرب لصلاتهم سبحوه وقدموا له نذورا بان يخدموه (16,14:3). وبذلك كشف الله لنا حقيقة هامة هي، إن الأنبياء ليسوا من طبيعة أخرى غير طبيعتنا. بل هم أشخاص مثلنا لهم ضعفاتهم، ولهم نقائصهم وعيوبهم، ومن الممكن أن يسقطوا كما نسقط. كل ما في الأمر أن نعمة الله عملت فيهم، ومنحتهم قوة ليست قوتهم وانما هي قوة الروح القدس العامل في ضعفهم، لكي يكون فضل القوة لله وليس لنا (2 كو 4 : 7). وقد كان ليونان النبي ككل الانبياء عيوب واخطاء، وقد اختاره الرب على الرغم من عيوبه، وعمل به وفيه، لكي يرينا بهذا أيضا انه يمكن آن يعمل معنا ويستخدم ضعفنا. كما عمل مع يونان من قبل، فهو يستطيع ان يستخدم حتى اخطاءنا ليساعد الآخرين على الرجوع اليه. فان اعترافنا باخطائنا، وان يكن مؤلما، الا انه اقوى مثال يمكن ان نقدمه لمن لايعرفون الله. التوبة: عندما ذهب المبشّر المقاوم الى نينوى، كانت الاستجابة عظيمة، آمن أهل نينوى الوثنيون برسالة يونان وتابوا وعادوا الى الله. ياله من أثر معجزي ذلك الذي أحدثته كلمة الله في هذا الشعب الشرير! وياله من تباين صارخ بين توبتهم وبين عناد بني إسرائيل وتصلبهم! فكم من رسائل استمع لها هذا الشعب من أنبيائه ورفض أن يتوب. كان كافيا لشعب نينوى أن يسمعوا رسالة الرب مرة واحدة ليتوبوا. "قال الرب يسوع: إن أهل نينوى سيقومون في يوم الدين مع الإسرائيليين ليدينوهم لعدم توبتهم" (مت 12: 39-41). لقد كان ذلك بمثابة توبيخ قوي لبني اسرائيل الذين كانوا يظنون انفسهم أفضل من غيرهم مع أنهم كانوا يرفضون الاستجابة لرسالة الله .. ان الله على استعداد ليغفر لكل الذين يرجعون عن خطاياهم ولكنه لايحب الرياء او الادعاء، فلا يمكننا ان نطلب محبة الله وفي نفس الوقت نهرب منه. فهو يطلب التكريس الصادق من كل فرد. فلا يكفي المشاركة في امتيازات المسيحية، بل علينا كذلك ان نتوب ونطلب الغفران من الله لرفع خطايانا، فرفض التوبة يساوي حب الخطية. معاملة الاخرين بالمحبة والشفقة: عندما نقع في المخالفة، يجدر بنا أن نشفق على المخالفين، واضعين أمامنا قول الرسول "اذكروا المقيدين كأنكم مقيدون أيضا مثلهم" (عب 13 : 3). إن كان الله القدوس الذي وحده بلا خطية يشفق على الساقطين، فالأجدر بنا أن نشفق عليهم نحن الذين نسقط مثلهم. ومع ذلك فأن يونان سقط، ولكنه لم يشفق! فالمثير للدهشة في موقفه هو انه اولا: حتى البحارة الوثنيون اظهروا تعاطفا معه بمحاولة انقاذه، أكثر مما أظهر هو حين رفض أن يحذّر أهل نينوى من قصاص الله المنتظر(13:1). فنراه يهرب من مهمة توصيل الرسالة (1: 2، 3). ثم إذا به يطلب الموت لأن القصاص لم يتم. ياللسرعة التي نسي بها يونان رحمة الله من نحوه عندما كان في بطن الحوت (2: 9، 10)!. فقد كان سعيدا عندما نجاه الله، لكنه غضب عند نجاة نينوى. لقد ظن أن الله لن يمنح خلاصه بهذه السهولة لأمة وثنية شريرة. ثانيا: حزن على ذبول اليقطينة (9,8:4) ولم يحزن على المصير الذي كان ينتظراهل نينوى.. وما زال بعض الناس ياخذون نفس مواقف يونان في بعض الاحيان فيودون لو نزل القصاص والهلاك بالخطاة الذين طغى شرهم حتى استدعى عقابا فوريا. او يبكون على فقدان اشياء سبق وان ارتبطوا بها وجدانيا، ولكنهم لايعيرون اي اهتمام لاصدقاء او معارف لهم لايعرفون الرب، فكم هو سهل ان نكون حساسين تجاه اهتماماتنا الشخصية اكثر جدا من احتياجات الاخرين الروحية من حولنا والعكس هو الاهم.. وينبغي أن يخجل المؤمنون حين يظهر غير المؤمنين الاهتمام والشفقة أكثر منهم، وعلينا ان لانستغرب او نغضب اذا عاد شخصا على غير توقع الى الله، وان لاتكون نظرتنا بهذا الضيق مثل يونان، بل ان نفرح كالفرح الذي يكون في السماء بعودة التائب (لو7:15). فالله يريدنا ان نهتم بكل شعبه الضال والمؤمن على حد سواء، لانه على استعداد دائم ليغفر لكل الذين ير جعون عن خطاياهم ويقبلون اليه بايمان، فقد انقذ البحارة حينما طلبوا الرحمة (14,1)، وتعامل ايضا برفق مع يونان وانقذه حينما صلى له من جوف الحوت، مع انه كان بامكانه ان يمحوه من الوجود بسب غضبه الذي تجرأ به على الله، لكنه اعطاه درسا بطريقة رقيقة هادئة. وكذلك في رحمته الغى العقاب الذي توعد به اهل نينوى عندما استجابوا لرسالته على فم يونان، وهو نفس ما يفعله معنا اليوم، اذ ان هدفه من العقاب دائما هو التقويم وليس الانتقام. فكان على يونان أن يتعلم درسا قيما عن رحمة الله وغفرانه، وذلك ما يجب ان نتعلمه نحن ايضا فلنلتفت الى تحذيراته من خلال كلمته المقدسة ونستجيب بالطاعة لننال نعمته ونختبر رحمته لاقصاصه. ضرورة الصلاة في كل حين: قال يونان "عندما وهنت نفسي في داخلي، تذكرت إلهي".. وغالبا ما نتصرف نحن بنفس الطريقة، فعندما تكون الحياة سهلة طيعة لا نلتفت كثيرا إلى الله، لكن ما إن نفقد الأمل حتى نسرع صارخين إليه، وهذا النوع من العلاقة مع الله يؤدي إلى حياة روحية غير ثابتة تعلو وتهبط ارتفاعا وانخفاضا، لذلك نحتاج إلى التزام يومي ثابت مع الله لتكون علاقتنا معه متينة راسخة. وقد تحدّث الرب يسوع له كل المجد عن وجوب الصلاة دون ملل (لو:18) والسهر والصلاة (لو:21). إن تكرار الصلاة حتى تستجاب لا يعني تكرارا بلانهاية، إلى حد الملل، ولكن الصلاة الدائمة معناها أن نضع طلباتنا أمام الله على الدوام، إذ نحيا له يوما فيوم، مؤمنين دائما أنه يستجيب، وعندما نحيا هكذا بالإيمان، لن نيأس أبدا. فإن الله قد يؤخر استجابته للصلاة، لكن هذا التأخير له دائما أسبابه القوية، وينبغي ألا نخلط بين التأخير والتجاهل، فقد يسمح الرب بالضيق احيانا لكي نرجع إلى حضنه ونطلب منه رغم انه يعلم أننا غير مستحقين ومع ذلك هو يدعونا أن نطلب بلجاجة وكأنه حق لنا أن نأخذه. فلنلتفت إلى الله دائما في وقت الراحة ووقت العناء فنتمتع بحياة روحية أقوى. وبإلحاحنا في الصلاة تنمو شخصياتنا وإيماننا ورجاؤنا. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
رقم 40 في قصة يونان النبي في الكتاب المقدس |
يونان النبي في الكتاب المقدس |
يونان النبى في الكتاب المقدس |
يونان النبى من شخصيات من الكتاب المقدس |
المواضع التي ذكر فيها النبي يونان في الكتاب المقدس |