رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
دانيال ومن هو الاسم « دانيال » يعنى « اللّه قاضى » ولقد عاش هذا الرجل طوال حياته على الأرض ، وهو يتطلع إلى اللّه القاضى العادل ، وهو يتصرف فى الحياة دون أن يبالى بالناس ، لأنه يعلم أن قضيته ليست فى يد بشر ، بل فى يد اللّه الذى يحكم بعدل ، ... كان من أعلى الطبقات فى بلاده ومن النسل الملكى كما هو واضح فى سفره ، ونحن لا نعلم شيئاً عن أبيه وأمه ، لكننا يمكن أن نتصور أنه تربى فى سنواته الأولى تحت يدى معلمين عظيمين ، البيت ، والألم ، .. ولا يمكن أن أصدق أن شاباً يتصرف هكذا ، فى أرض غريبة ، بعيداً عن كل رقابة أو ملاحظة من أحد ، دون أن تكون نشأته ، وبيته ، وتربيته مرتبطة ارتباطاً عميقاً باللّه ، .. إنه أشبه الكل بموسى ، عندما حصنه البيت ، قبل أن يدخل داخل أسوار قصر فرعون ، وقبل أن يحاط كصبى بأقوى عوامل الإغراء التى يمكن أن يتعرض لها صبى فى الحياة ، ... وربما كانت أم دانيال أشبه بيوكابد التى جعلت ابنها يعيش ، فى كل شئ داخل أسوار القصر ، ولكن قلبه كان على الدوام فى مكان آخر ، وبصورة أخرى !! .. كان البيت هو المعلم الأول لموسى ، ولدانيال ، وكان الألم هو أيضاً المعلم الثانى - والألم فى العادة يهبط بالإنسان إلى القاع أو يرفعه إلى مصاف الأبطال ، وقد صنع من دانيال بطلا عظيماً ، فأنت ترى نفسك فى العادة وأنت تقرأ قصته ، أنك أمام إنسان ممتاز غير عادى ، عاش منكوباً فى وطنه وشعبه ، وعاش منكوباً فى وسط التجارب المتعددة التى لاحقت حياته ، ولكنه كان أشبه بالمعدن النفيس يزداد بالاحتكاك جمالا ولمعاناً ، ... كان جميل الوجه حسن المنظر ، وربما كان كموسى أو يوسف فى فتنة المظهر ، إذ أنه والثلاثة فتية اختيروا ليدخلوا الأكاديمية العلمية التى أنشأها نبوخذ ناصر ، وليدرسوا فيها ثلاث سنوات ، وكان من الشروط الأساسية أن يجتازوا ما يطلق عليه فى وقتنا الحاضر « كشف الهيئة » « من الشرفاء فتيانا لا عيب فيهم حسان المنظر حاذقين فى كل حكمة وعارفين معرفة وذوى فهم بالعلم ، والذين فيهم قوة على الوقوف فى قصر الملك فيعلموهم كتابة الكلدانيين ولسانهم» " دا 1 : 3 و 4 " وكان القصد من هذه الأكاديمية جذب خلاصة الطبقات القائدة من الشعوب المغلوبة ، وكلدنتهم إذا صح التعبير ، وتغيير منهج حياتهم ، إلى الدرجة التى ينسون معها أسماءهم القديمة ، ويعطونهم أسماء كلدانية ، حتى أن دانيال أعطوه اسم « بلطشاصر » أو « أثيربيل » أو المفضل من بيل .. وكان الهدف ، كما هو واضح ، زحزحتهم عن قومياتهم الأولى ، وإدماجهم فى القومية الكلدانية مع إغراقهم بالإمتيازات والإغراءات ، حتى يصلوا إلى نسيان أصولهم الأولى !! .. غير أن دانيال مع ذلك ، لم يكن جميل الوجه فحسب ، بل كان يملك الجمال المثلث على نحو فائق ممتاز ، إذ كان جميل الوجه ، والعقل ، والإرادة . له ، إلى جمال المظهر الخارجى ، الذكاء الحاد الأريب ، مع إرادة قدت من فولاذ ، تعرف أن تقف إلى جوار اللّه والحق والحياة السليمة دون أدنى تردد أو شبهة أو خوف !! .. |
|