السلام داخل النفس
† السلام داخل النفس يعني أن يكون في داخلك سلام، سلام في القلب، سلام في الفكر، والشخص الذي لديه سلام في القلب وسلام في الفكر، يظهر أيضًا السلام في ملامح وجهه، تجد ملامح وجهه مملوءة سلام. وأيضًا بسلامة يشيع السلام في نفوس الآخرين. ويكون الجو كله مملوء بالسلام، وهذا السلام معناه أن يكون باستمرار في حالة اطمئنان، سواء اطمئنان لطبيعته أو اطمئنان لعمل الله فيه. أو عمل الله معه.
† ومن أعظم الأمثلة على هذا داود النبي. داود النبي لم يفقد سلامه أبدًا، حتى وهو فتى صغير يرعى الغنم عندما جاء أسد ودب وهجموا على الغنم لم يفقد سلامه. وعندما سحب الأسد شاه، جرى داود وراء الأسد وأخذ الشاة من فمه. من يفعل هذا إلا إنسان مملوء بالسلام، لم يخف أبدًا من افتراس الأسد أو الدب،
† كذلك عندما وقف أمام جليات لم يفقد سلامه بل قال له: "أَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ بِسَيْفٍ وَبِرُمْحٍ وَبِتُرْسٍ، وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ بِاسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ" (سفر صموئيل الأول 17: 45) وقال له: "الْيَوْمَ يَحْبِسُكَ الرَّبُّ فِي يَدِي" (سفر صموئيل الأول 17: 46)، لم يفقد سلامه أبدًا. ثم يعلمنا قائلًا: "إن يحاربني جيش فلا يخاف قلبي، وإن قام علي قتال ففي ذلك أنا مطمئن" ونص الآية: "إِنْ نَزَلَ عَلَيَّ جَيْشٌ لاَ يَخَافُ قَلْبِي. إِنْ قَامَتْ عَلَيَّ حَرْبٌ فَفِي ذلِكَ أَنَا مُطْمَئِنٌّ" (سفر المزامير 27: 3)، هذا هو الإنسان الذي بقلبه سلام. بل الأكثر من ذلك يقول: "إن سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرًا لأنك أنت معي".. شاعرًا بوجود الله معه.
† أما الإنسان الذي يفقد السلام فيقع في الاضطراب والجزع والانزعاج والقلق والشك في معونة الله. والذي يفقد سلامه يقع أيضًا في الخوف. يخاف من مشكلة لا يرى لها حلًا أو يخاف من مرض يعتقد أن لا شفاء منه، أو يخاف من العدوى. هناك بعض الناس يخافون من العدوى فتجدهم كلما يشربون في كوب يغسلونها مرة واثنين وثلاثة. ولا يكتفي بغسيل الكوب بل يريد أن يغسل الماء الذي يغسل به الكوب.
† أيضًا الذي يفقد السلام يخاف من الأعداء ومن المقاومين ويخاف من انكشاف الخطيئة ويخاف من العقوبة أو الفضيحة نتيجة هذه الخطيئة. ويخاف من كلام الناس ويخاف من الحسد ومن الأوهام.
والخوف من الأوهام مثل طفل يبكي إذا وجد نفسه وحيدًا دون أبيه أو أمه. يبكي لأنه شعر أنه ليس هناك من يسنده. دون أن يحدث له أي سوء. أيضًا الطفل يخاف من الظلام لأنه يظن أن هذا الظلام سيؤذيه في شيء. بينما لا يوجد شيء سيؤذيه. يخاف من العفاريت بينما لا يوجد ما يسمى عفاريت. لا أدري من أين جاءت هذه الكلمة.
† هناك أيضًا بعض الناس يفقدون سلامهم لأنهم يخافون من الفشل. يخاف من الدخول في مشروع لئلا يفشل.
أيضًا البنت قد تخشى من مقابلة خطيب لئلا ينصرف عنها بلا عودة. ولو جاء إليها خطيب آخر تخاف أن يفعل مثل الأول وتظل في رعب.
الشك يتعب الإنسان ويسبب له خوف. هناك بعض الناس يخافون من الموت.
† الخوف يشل تفكير الإنسان ويؤدي إلى القلق والاضطراب وعدم الإيمان بمعونة الله، يشك هل ستأتي معونة الله أم لا، ويشك في انتظار الرب، بل أحيانًا يشك في نفسه حيث يشعر بعدم ثقة في النفس، ويشك في قدرته هل سيستطيع القيام بهذا العمل أم لا. ويشك في قدرته على النجاح، هل سينجح أم لا.
يشك في مواجهة الأمور ولذلك يصل إلى التردد. مثل هذا الإنسان يحتاج إلى معونة وتعزية وتشجيع لكي يكون عنده سلام.