رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تاملات فى الاحد الثالث من شهر كيهك
أم المسيح وحياة والتسبيح إن حياة العذراء مريم هي تسبيح في حد ذاتها صمتها واتضاعها، طهارتها ونقاوتها، احتمالها وخضوعها. إن العذراء نفسها تسبحة كانت تمشي على الأرض، والآن في السماء. وعندما فتحت هذه العروس الطهور فاها المبارك المقدس المملوء نعمة، كانت الكلمات الخارجة من فمها هي تسابيح غنية وعميقة تدل على روحها النسكية الأصيلة، وتدل أيضًا على شبعها بكلام الله. فتسبحتها الواردة في إنجيل معلمنا لوقا البشير تتشابه كثيرًا مع تسبحة القديسة حنة أم صموئيل، والتي وردت في (1صم1:2-10). عندما أدركت العذراء أنها صارت أم الله "أم ربي" (لو43:1)، لم تتكبر ولم تنتفخ بل بالعكس حولت المجد والتعظيم لله "تعظم نفسي الرب" (لو46:1)، فالرب وحده هو الجدير بالتعظيم والرفعة. ونحن في كل مرة نرفع تمجيدًا أو مديحًا لأمنا العذراء الطاهرة نراها أيضًا تحول هذا المجد إلى الله ابنها ومخلصها وإلهها قائلة: "تعظم نفسي الرب، وتبتهج روحي بالله مخلصي" (لو46:1-47). لم تفتخر روحها بذاتها، ووضعها الجديد كملكة وأم للملك وأم لله، ولكنها ابتهجت بالله مخلصها. لقد كانت العذراء مشغولة بالله وليس بنفسها، مثلما قالت حنة: "فرح قلبي بالرب. ارتفع قرني بالرب" (1صم1:2). هذه هي النفوس القديسة البارة المنشغلة بالله، وليس بذواتها البشرية ليتنا نتعلم هذا الدرس. كذلك لم تنس العذراء مريم أنها أمة الرب "هوذا أنا أمة الرب. ليكن لي كقولك" (لو38:1)، "لأنه نظر إلى اتضاع (مذلة) أمته" (لو48:1). ونحن يجب أن نتعلم أيضًا من هذه الأم القديسة الطاهرة ألا ترتفع قلوبنا، بل ندرك دائمًا أننا "عبيدٌ بطالون" (لو10:17) مهما عملنا من البر، ومهما وصلنا إلى مراتب روحية، أو كنسية، أو في العالم فالمسيح دائمًا ممجد في عبيده المتضعين فقط. بروح النبوة تنبأت القديسة العذراء مريم عما سيحدث في الكنائس في كل العالم، وفي كل الأجيال من جهة تطويبها وتمجيدها ومديحها: "فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني" (لو48:1). نحن بالحق نطوبك يا أم النور الحقيقي، لأنك صرت أهلاً لأن تحملي بين يديك الجالس على مركبة الشاروبيم، ومن تسجد له الملائكة وكل الخليقة فأنت بالحقيقة تستحقي كل إكرام وتمجيد وتعظيم يا أم الله بالحقيقة. وفي ملء الاتضاع العطر تفهم العذراء القديسة أن ما نالته من نعمة هو من إحسانات القدير ورحمته. نحن نقول عنها إنها تستحق كل كرامة، وهي تقول عن نفسها إن ما نالته من كرامة كان إحسانًا ورحمة من القدير "لأن القدير صنع بي عظائم، واسمه قدوسٌ، ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه" (لو49:1-50). |
|