رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بولس الرسول والرسـالــة إلـي العبـرانييــن هذه الرسالة منسوبة إلى الرسول بولس مع أنه لم يرد ذلك صراحة في نص الرسالة إسوة بباقي رسائله، ولكن ما يؤكد أن الكاتب هو ذاته بولس بدليل حديثه عن تيموثاوس ” كأخ” (عب23:13). وقد كتبت للعبرانيين الذين تحولوا إلي الإيمان المسيحي، ويريدون الإرتداد إلى اليهودية بسبب عدم نضوجهم في الإيمان المسيحي وعدم فهمهم للحق الكتابي (عب 1:2-3) وأيضا بسبب الاضطهاد الواقع عليهم من اليهود والرومان. وقد كتبت عام 68م ، والدليل علي ذلك هو أنها تذكر اشارات عن الذبائح والاحتفالات، ولم يأتِ ذكر لحريق الهيكل وخراب أورشليم علي يد تيطس الروماني سنة 70م. فعندما جاء ربنا يسوع المسيح في ملء الزمان أكمل الناموس والأنبياء وأعطانا الخلاص المجاني من خطايانا الموروثة قاهرا الشيطان والخطيئة، ونقض كل الحواجز للوصول إلي الله وملكوت السماوات من خلال عهد جديد أسسه بدمه غفراناً للخطايا. هذه الرسالة وثيقة ممتازة تنفرد بسيادة وتفوق العهد الجديد، وامتياز المسيحية علي اليهودية، لأن ربنا يسوع المسيح هو وحده مانح الخلاص وغفران الخطايا، وبذلك يكون ترك الرب يسوع المسيح هو تخلي عن خلاص الله. في الاصحاح الأول يؤكد علي أن الله تدرج في الإعلان عن نفسه بما يتناسب مع قدرات الإنسان علي فهم أمور الله، فأعلن الله الديانة اليهودية وأعطاهم الناموس والوصايا العشر والنبؤات تمهيداً لإعلان المسيحية كما هو مكتوب “ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة مولوداً تحت الناموس ليفدي الذين تحت الناموس لننال التبني” (غل4:4-5). فكلا من اليهودية والمسيحية هما إعلان إلهي (عب1:1-3). وأن المسيح له المجد “بعد ما صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي صائراً أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسما أفضل منهم…أليس جميعهم أرواحاً خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص.” (عب4:1- 14). في الاصحاح الثاني شدد الرسول على أنه”يجب أن ننتبه أكثر إلى ما سمعنا لئلا نفوته. لأنه إن كانت الكلمة التي تكلم بها ملائكة قد صارت ثابتة وكل تعدٍ ومعصيةٍ نال مجازاة عادلة فكيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصاً هذا مقداره قد ابتدأ الرب بالتكلم به ثم تثبت لنا من الذين سمعوا شاهدا الله معهم بآيات وعجائب وقوات متنوعة ومواهب الروح القدس حسب إرادته.”(عب1:2-4). وعن سبب التجسد الإلهي في ملء الزمان يقول: ” فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس ويعتق أولئك الذين خوفا من الموت كانوا جميعا كل حياتهم تحت العبودية. لأنه حقا ليس يمسك الملائكة بل يمسك نسل إبراهيم. من ثم كان ينبغي أن يشبه إخوته في كل شئ لكي يكون رحيما ورئيس كهنة أمينا فيما لله حتي يكفر عن خطايا الشعب. لأنه في ما هو قد تألم يقدر أن يعين المجربين.”(عب 14:2-18). في الاصحاح الثالث يوضح الرسول سمو كهنوت ربنا يسوع المسيح الذي كان” كاهناً إلى الأبد على رتبة ملكي صادق”(مز 4:110) وأن رب المجد يسوع المسيح أسمى من موسى النبي وهرون الكاهن لأنهم من نسل لاوي(عب 1:3-4)”موسى كان أميناً في كل بيته كخادم شهادة للعتيد أن يتكلم به. وأما المسيح فكان علي بيته. وبيته نحن إن تمسكنا بثقة الرجاء وافتخاره ثابتة إلى النهاية “(عب 5:3-6). لقد كفل لنا الرب بدمه الذكي الكريم مغفرة خطايانا والدخول المستمر إلي محضر الله، في حين أن رئيس الكهنة كان يدخل مرة واحدة كل سنة في يوم الكفارة العظيم بدم ذبيحة حيوانية ولم تكن هذه الذبائح ‘تُطهر إلا من النجاسة الطقسية، وقد تحقق في رب المجد يسوع كل ما عجزت طقوس العهد القديم أن تحققه. في الاصحاح الرابع يذكر الرسول أن ربنا يسوع المسيح له المجد يقدم لنا نحن المؤمنين راحة أفضل بإيماننا به رباً وفاديا ومخلصاً (عب 1:4-13). مقدما النصح والإرشاد بقوله” اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم…فلنجتهد أن ندخل تلك الراحة لئلا يسقط أحد في عبرة العصيان هذه عينها”(عب7:4-13). مؤكدا “فإذ لنا رئيس كهنة عظيم قد اجتاز السموات يسوع ابن الله فلنتمسك بالإقرار. لأن ليس لنا رئيس كهنة غير قادر أن يرثي لضعفاتنا بل مجرب في كل شئ مثلنا ماخلا الخطيئة. فلنتقدم بثقة لعرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عونا في حينه.” (عب14:4-16). في الاصحاح الخامس في العهد القديم كان الله يختار رئيس كهنة من الناس لكي يقدم قرابين وذبائح عن خطايا الشعب وأيضا عن نفسه، ولا يأخذ أحد هذه الوظيفة بنفسه بل المدعو من الله، كذلك أيضا ربنا يسوع المسيح رئيس كهنة الخيرات العتيدة ورئيس السلام كان مختاراً من الله الذي قال له ” أنت ابني أنا اليوم ولدتك “(مز7:2) ، (مز4:110)، أيضا قال له ” أنت كاهن إلي الأبد علي رتبة ملكي صادق” (عب 21:7). ” الذي في أيام جسده إذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت وسمع له من أجل تقواه مع كونه ابنا تعلم الطاعة مما تألم به وإذ كمل صار لجميع الذين يطيعونه سبب خلاص أبدي.” (عب 7:5-8 ) (1). لقد كانت حياة ابن الإنسان وهو علي الأرض حياة الاتضاع والتسليم والطاعة التامة للآب السماوي ،لذلك قال ” لهذا يحبني الآب لأني أضع نفسي لآخذها أيضا. ليس أحد يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضا. هذه الوصية قبلتها من أبي” (يو17:10-18). ونظراً لأن اليهود المتنصرين كانوا غير ناضجين روحياً ورفضوا تخطي التقاليد العتيقة، ولم يكونوا قادرين على فهم ما يعلم به القديس بولس عن دور رب المجد يسوع المسيح كرئيس الكهنة الأعظم، لتمسكهم ببعض روابطهم اليهودية، لذلك يقول لهم الرسول بولس أنهم عديمي الخبرة في كلام البر كالأطفال الذين يحتاجون الى اللبن لا إلى طعام قوي وصارت حواسهم غير مدربة على التمييز بين الخير والشر.(عب 12:5-14). في الاصحاح السادس يوضح لهم أن المبادئ الأساسية للإيمان هي التوبة والإيمان والمعمودية ووضع الآيادي قيامة الأموات والدينونة الأبدية، “لأن الذين استنيروا مرة وذاقوا الموهبة السماوية وصاروا شركاء الروح القدس وذاقوا كلمة الله الصالحة وقوات الدهر الآتي وسقطوا لا يمكن تجديدهم أيضا للتوبة إذ هم يصلبون لأنفسهم ابن الله ثانية ويشهرونه “(عب 4:6-6). لأن موقف الكنيسة منذ القرن الأول المسيحي من الذين دخلوا الإيمان المسيحي ثم تحولوا عن رب المجد يسوع المسيح عمداً ويستمرون في الرفض فهم غير مؤمنين ويرفضون الخلاص، لأنهم بذلك يجدفون على الروح القدس الساكن فيهم ويموتون في خطاياهم. لقد انتظر إبراهيم وعد الله بأن يعطيه نسلا، وإذ لم يكن له أعظم يقسم به أقسم له بنفسه، وانتظر إبراهيم خمس وعشرين سنة حتى ولد له إسحق (تك1:21-3). الحجاب الذي يفصل بين القدس وقدس الأقداس في خيمة الإجتماع، كان يمنع حتي الكهنة من الدخول أو التطلع داخل قدس الأقداس. وكان رئيس الكهنة هارون يدخل داخل قدس الأقداس مرة واحدة كل سنة بدم عجول وتيوس ويقف أمام الله ليكفر عن خطايا الشعب وخطاياه. أما ربنا يسوع المسيح فهو في حضرة الله كل حين كرئيس كهنتنا ليشفع فينا أمام الآب علي الدوام (عب19:6-20). في الاصحاح السابع ذكر بولس “ملكي صادق” وهو اسم عبري معناه ملك البر. وكان هو ملك ساليم أي ملك مدينة السلام ، لكي يوضح أن هناك من هو أعظم من إبراهيم الجد الأكبرللشعب الاسرائيلي والذي كان سبط لاوي من نسله، وبذلك يكون الكهنة اللاويين والكهنوت اليهودي أقل مرتبة من كهنوت ملكي صادق كاهن الله العلي الذي استقبلإبراهيم وهو عائد من الحرب وقدم له خبزاً وخمراً. |
|