رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كرازة بولس الرسول للأمم عندما وصل الرسول بولس إلى طرسوس مسقط رأسه، وكان قد تركها منذ عشرين عاماً فكان بعضُ من كان يعرفهم ليسوا على قيد الحياة، وحتى الذين كانوا أحياء لم يرحبوا به لأنهم اعتبروه خائناً للناموس والأنبياء، عظيمة هي أعمال الرب الذي يُجَّهِزْ ويُعِّدْ خدَّامه والكارزين بإسمه أحياناً عن طريق العزلة، وأحياناً عن طريق الفشل وخيبة الأمل. وبقي الرسول بولس سنتين كاملتين في طرسوس، وما حولها في كيليكية، إلى أن نشأت كنيسة إنطاكية. ولما ذهب الرسول برنابا (1) إلى طرسوس طالبا الشاب الذي ظهر له السيد المسيح واهتدى “شاول” لأنه تذكر مقدرته في إقناع الأُمميين، ففتش عليه إلى أن وجده ودعاه إلى إنطاكية بهدف نشر الكرازة بالأخبار السارة إلى الأمم. وبعد سنة كاملة من الكرازة وتأسيس كنيسة انطاكية ” الكرسي الانطاكي المقدس” عام 42 مسيحية وجلس عليه بطرس الرسول (شريك بولس وبقية الرسل والمختارين في التأسيس) كأول اساقفته السنة في45مسيحية وكان هو اول بطريرك (شيخ العشيرة) على الكرسي الانطاكي المقدس. سافر برنابا وشاول إلى المسيحيين في أورشليم للمرة الثانية ومعهما عطية مادية وتبرع للإخوة الساكنين في اليهودية لإعانتهم من القحط والجوع الذي كان متفشياً وكان ذلك (عام 44 م). ” وكان في أنطاكية في الكنيسة هناك أنبياء ومعلمون برنابا وسمعان الذي يدعي نيجر ولوكيوس القيرواني وماتاهين الذي تربي مع هيرودس وشقيقه بالرضاعة وبطرس رئيس الربع وشاول. وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه. فصاموا وصلوا ووضعوا عليهما الأيادي ثم أطلقوهما ” (أع 1:13-3) وقد كان ذلك دليلا على المساواة التامة بين الرسل إذ قبل الرسولان برنابا وشاول أن يضع التلاميذ الآخرون أيديهم عليهما. وخرج الصديقان في رحلتهما المليئة بالمخاطر، والتي استمرت ثلاث سنوات. خرجا وقلبيهما يفيضان فرحاً لأن عليهما رسالة تلهبهما. ومما زاد فرح القديس برنابا أن ابن أخته يوحنا الملقب مرقس كان معهما خادماً. فقصد ثلاثتهم إلى قبرص موطن القديس برنابا. واجتازوا الجزيرة منادين بالكلمة. ووصلوا إلى بافوس “المدينة البيضاء” حيث دعاهم إليها الوالي سرجيوس بولس والتمس أن يسمع كلمة منهم. وكان إلى جانبه رجلاً ساحراً كذاباً يهودياً اسمه عليم الساحر. فقاومهم مستهدفاً إفساد الوالي عن الإيمان. ” أما شاول الذي هو بولس أيضا فامتلأ من الروح القدس وشخص إليه وقال أيها الممتلئ كل غش وكل خبث يا ابن إبليس يا عدو كل بِّرْ ألا تزال تفسد سبل الله المستقيمة. فالآن هوذا يد الرب عليك فتكون أعمى لا تبصر الشمس إلى حين. ففي الحال سقط عليه ضباب وظلمة فجعل يدور ملتمساً من يقوده بيده. فالوالي حينئذ لما رأى ما جرى آمن مندهشاً من تعليم الرب” فوبخه بعنف إلى حد أن جعله أعمى إلى حين. فامتلأ الوالي دهشة وآمن لتوه.” (أع 9:13-12) . ومرت سنة اجتمعا خلالها في الكنيسة بأنطاكية وعلما أناساً كثيرين. “ودُعيَّ التلاميذ مسيحيين في أنطاكية أولاً”(أع26:11). اي أُطلقتْ عليهم تسمية “مسيحيون” لأول مرة في انطاكية وقبل اي مكان آخر، وفي هذا كل الفخر لكنيسة انطاكية وكرسيها المقدس، يبدو أن المؤمنبن الأمميين هم الذي دعوهم بهذا الاسم، لأنه من المستحيل أن يكون هؤلاء هم اليهود الذين لم يؤمنوا بعد لأنهم صلبوا رب المجد وقاوموا رسله في كل مكان. ونحن، الآن في القرن الواحد والعشرين منذ بزوغ المسيحية، لا يمكننا أن نتصور ما أظهرته وأعطته المسيحية للإنسانية في القرون الأولي، فقد كانت لهم بشارة الإنجيل”الأخبار السارة ” مصدرا للسلام والطمأنينة والفرح والرجاء والمحبة. ثم جاءت الدعوةالالهية للتبشير في الخارج (أع 13: 2-4) وبدأت رحلات هذا الرسول التبشيرية التي كان من نتائجها نشربشرى الخلاص في آسيا الصغرى والبلقان وايطاليا وأسبانيا. تنفيذا لوصية الرب الذي:”قال لهم اذهبوا إلي العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها. من آمن واعتمد خلص. ومن لم يؤمن يدان. وهذه الآيات تتبع المؤمنين. يخرجون الشياطين باسمي ويتكلمون بألسنة جديدة. يحملون حيات وإن شربوا شيئاً مميتاً لا يضرهم ويضعون أيديهم علي المرضي فيبرأون.”(مر15:16-18). فاتجهوا من بافوس إلى برجة بمفيليا حيث فارقهما مرقس بعد خمس سنين من الخدمة معهم، وكان لهذا الفراق أوخم العواقب. واستمرا هما في رحلتهما على الطريق الجبلي الصاعد إلى الداخل المليء بالمخاطر، وعبر مساقط مائية هادرة وممرات يرتعد الناس من مجرد المرور أمامها لكونها مغارات اللصوص وقطاع الطرق. ولا يعلم أحد ما أصابهما خلال الشهور الأولى. وما ذكره القديس بولس عن ذلك قوله: ” أخطار سيول وأخطارلصوص” في (2كو 26:11) كان إشارة إليها. وبعدها وصلوا إلى أنطاكية بيسيدية. وفي السبت دخلا المجمع. فطلب إليهما رئيسه أن يكلما الشعب . فقام القديس بولس وتكلم عن تحقيق النبوات عن المسيا المنتظر في السيد المسيح. أخيرا ألقى كلمة أذهلتهم جميعاً وجعلتهم يحبسوا أنفاسهم، وهي الحديث عن القيامة التي دعم الأنبياء حقيقتها أيضاً. فقال: “ونحن نبشركم بالموعد الذي صار لآبائنا. إن الله قد أكمل هذا لنا نحن أولادهم إذ أقام يسوع كما هو مكتوب أيضاً في المزمور الثاني أنت ابني أنا اليوم ولدتك. إنه أقامه من الأموات غير عتيد أن يعود أيضاً إلى فساد فهكذا قال إني سأعطيكم مراحم داود الصادقة. ولذلك قال أيضا في مزمور آخر لن تدع قدوسك يرى فساداً.” (أع32:13-35) فهذه القيامة هي أعظم دليل قدمه الله للناس. ولقد رأى السيد المسيح القائم عدداً كبيرا ًممن كانوا معه وهم شهوده الآن. واختتم هذا الخبر المذهل بتحذيرهم فانظروا لئلا يأتي عليكم ما قاله حبقوق النبي:” أنظروا أيها المتهاونون وتعجبوا واهلكوا. لأنني عملاً أعمل في أيامكم. عملاً لا تصدقون إن أخبركم به أحد”(حبق5:1). وهكذا تركهم يلهثون من انفعالاتهم. وفي السبت التالي ازدحم المجمع حتى الباب. وقد حضر عدد كبيرمن الأمميين لأن القديس بولس أعلن أن السيد المسيح هو للجميع أمماً ويهود. وهذا أسخط غالبية اليهود الذين جاءوا وهم ممتلؤون حقداً وغيرة. وحالما وقف ليتكلم قاوموه بالمعارضة وبالتجديف. واحتملهم قدر الإمكان. ثم أسكتهم بإشارة قاطعة، فهو خلال ضجتهم اتخذ قراراً قوياً حاسماً، قراراً أحدث ثورة تامة في كنيسة المستقبل. وبكلمات متزنة بطيئة تهتز بالانفعال الداخلي أعلن “كان يجب أن تتكلموا أنتم أولا بكلمة الله. ولكن إذ دفعتموها عنكم وحكمتم أنكم غير مستحقين للحياة الأبدية هوذا نتوجه إلى الأمم. لأن هكذا أوصانا الرب” (أع 46:13- 47). كان إعلان الرسول بولس أن السيد المسيح له المجد قد جاء للعالم أجمع وأن كل من يؤمن به رباً وفادياً ومخّلصاً يخلص ويكون مستحقا للحياة الأبدية. ففرح الأمم وكانوا يمجدون الله”، وآمن جميع الذين كانوا معينين للحياة الأبدية. وانتشرت كلمة الرب في كل الكورة ” (أع 48:13-49). فقام اليهود باضطهاد الرسولين بولس وبرنابا وأخرجوهما من تخومهم. بعدها ذهبا إلي إيقونية وكرزا في مجمع اليهود، فآمن جمهور كثير من اليهود واليونانيين. ولكن بعض اليهود أرادوا أن يرجموهما فهربا إلي مدينتي ليكأونية لستره ودربة وإلى الكورة المحيطة كارزين ومبشرين. في لسترة اختار بولس الرسول رفيقاً له تيموثاوس، وكانت مدينة لستره مزدحمة بالناس فوقف بولس يتكلم في ميدان عام. ووسط المستمعين تركز انتباهه على عينين مليئتين بالتطلع كان صاحبهما عاجز الرجلين مقعداً من بطن أمه ولم يمشِ قط. وإذ وجد الرسول بولس خلف هاتين العينين اليقظتين قلباً متفتح قال بصوت عظيم: “ قم علي رجليك منتصباً. فوثب وصار يمشي.”(أع 8:14-10). وذُهل الحاضرون ذهولاً جعلهم يصرخون: “إِن الآلهة تشبهوا بالناس ونزلوا إلينا“. ولشدة اقتناعهم بهذا أطلقوا على برنابا اسم “زفس” وعلى بولس اسم “هرمس“. وزادوا على ذلك أن أتى كاهن زفس بثيران ليذبحوها تقدمة لهما، وبأكاليل من الورود ليضعوها على رأسيها، لولا أن الرسولين منعاهم. وقالوا لهم: “نحن أيضاً بشر تحت الآلام مثلكم نبشركم أن ترجعوا من هذه الأباطيل إلي الإله الحي الذي خلق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها، فرجموا(2) بولس وجروه خارج المدينة ظانين أنه مات…ولكن إذ أحاط به التلاميذ قام ودخل المدينة وفي الغد خرج مع برنابا إلى دربه”(أع 15:14 ، 20-21). ثم غادرا دربه في اليوم التالي إلى أيقونية ومنها إلى أنطاكية. ولما اجتازا في بيسيدية أتيا إلى بمفيلية. وكرزا في برجة ثم توجها إلى أنطالية. ومن هناك إلي أنطاكية بحراً. ثم اتجها غرباً إلى ترواس التي التقى فيها الرسول بولس بالرسول لوقا الطبيب الذي صار رفيقه وصديقه إلى آخر أيام حياته، هذه الصداقة أغنت العالم كله بما سجله لنا الرسول لوقا من تحركات صديقه الرسول بولس في سفر أعمال الرسل. ثم انتقل الأصدقاء إلى تسالونيكي ولما حضروا وجمعوا الكنيسة، أخبروا بكل ما صنع الله معهما وأنه فتح للأمم باب الإيمان. وكان أن قوماً أتوا من اليهودية ونادوا بأن من لا يختتن لا يخلص. فحدثت مباحثة ومنازعة بين بولس وبينهم. ونظرا لإحتدام المعركة، قرر الكارزون الذهاب إلى الرسل والمشايخ بأورشليم من أجل هذا الأمر.” ولما حضروا إلي أورشليم قبلتهم الكنيسة والرسل فأخبروهم بكل ما صنع الله معهم، ولكن قام أناس من الذين كانوا قد آمنوا من مذهب الفريسيين وقالوا إنه ينبغي على الأمم الداخلين بالإيمان أن “يختنوا ويوصوا بأن يحفظوا ناموس موسى.” (أع4:15-5). إن الكنيسة المقدسة الجامعة الرسولية منذ نشأتها قد منحها الله القوة للتصدي لكل الصعاب والعقبات بفضل رسله الأطهار الذين أعطاهم الله الحكمة والفطنة وإرشاد الروح القدس، وبنعمته أصبح بولس الرسول الأداة لإتمام العمل اللازم وإنتشاربشرى الإنجيل. وهكذا تقرر أن يجتمع الرسل كلهم في أورشليم لدحض بدعة التهود قبل الدخول إلي المسيحية، التي كان ينادي بها بعض اليهود المتعصبين المتحولين إلي المسيحية في أنطاكية وكان بطرس مؤيداً. انعقد المجمع الرسولي الأول في أورشليم برئاسة اخي الرب يعقوب الرسول أسقف أورشليم وأكبر الرسل سناً (3)، وقام القديس بطرس وقال ” أيها الرجال الإخوة أنتم تعلمون أنه منذ أيام قديمة اختار الله بيننا أنه بفمي يسمع الأمم كلمة الإنجيل ويؤمنون. والله العارف القلوب شهد لهم معطياً الروح القدس كما لنا أيضاً. ولم يميز بيننا وبينهم. بشئ إذ طهر بالإيمان قلوبهم… وبعد ما سكت الجمهور كله. وكانوا يسمعون بولس وبرنابا يحدثان بجميع ما صنع الله من الآيات والعجائب في الأمم بواسطتهم. وبعد ما سكتا أجاب يعقوب قائلا”: أيها الرجال الإخوة اسمعوني… لذلك أنا أرى أن لايثقل على الراجعين إلى الله من الأمم. بل سيرسل إليهم أن يمتنعوا عن نجاسات الأصنام والزنا والمخنوق والدم.”(أع 7:15- 20). ثم قرر المجمع الرسولي ارسال بولس وبرنابا ويهوذا الملقب برسابا وسيلا إلي أنطاكية مع رسالة مكتوب فيها ” قد رأى الروح القدس ونحن أن لا نضع عليكم ثقلاً أكثر غير هذه الأشياء الواجبة. أن تمتنعوا عما ذُبح للأصنام وعن الدم والمخنوق والزنا التي إن حفظتم أنفسكم منها فنعماً تفعلون.”(أع28:15-29). وكان بولس الرسول تخالف مع بطرس الرسول لمناداة الاخير بالختان لذا قد واجهه بشدة بقوله له:” انت لاتسعى مستقيماً نحوحقيقة الانجيل…” وعندما قرأوا هذه الرسالة في أنطاكية وسورية وكليكية فرحوا ووجدوا فيها تعزية كبيرة. وليس من شك في أن الرسول العظيم بولس استخدم كل إمكانياته الروحية والذهنية في الدفاع عن حرية مجد أولاد الله التي اعطانا ايها الرب يسوع. وكانت مشيئة الله بأن عَمِلَ الروح القدس وأعلن رئيس المجمع الرسولي يعقوب اخي الرب صراحة بأن لا يثقلوا على الأمم بالختان، وهكذا انتهى نقاش المجمع الرسولي الأول المنعقد في أورشليم بروح المحبة والتقدير المتبادل بين المجتمعين، وبقبلة المحبة بين بولس وبطرس. اتفق الرسولان بولس وبرنابا على السفر إلى كل بلد بشرا فيها قبلاً ليتفقدا أحوال المؤمنين بهذه البلاد. غير أنه حدث خلاف بين البشيرين لأن القديس برنابا أراد أن يأخذ معهما ابن أخته مرقس، الأمر الذي عارضه القديس بولس لأنه فارقهما في بمفيلية، بعدها افترق الرسولان بولس وبرنابا فأخذ القديس برنابا ابن اخته مرقس وذهبا إلى قبرص عن طريق البحر، بينما اصطحب القديس بولس رفيقه سيلا وعادا إلى سورية وكيليكية يشددان الكنائس. وسار العمل في هدوء وطمأنينة وتعايش اليهود والأمم في الحرية التي حررهم بها ربنا يسوع المسيح . ثم اتجها إلى دربة وبعدها إلى لسترة حيث التقى بولس بتلميذ اسمه تيموثاوس (أع 1:16) من أب يوناني وأم مؤمنة، وكان تيموثاوس مشهوداً له من الإخوة في لسترة وأيقونية بالإيمان والتقوى فأخذه معهما. ولم تطل زيارتهما للسترة، فقررا السفر غرباً فمرا بغلاطية مروراً عابراً حتي وصلا إلى ترواس التي فيها كان التقى القديس بولس بشخص صار رفيق عمره وصديق حياته وهو لوقا الطبيب المحبوب كما سماه هو فيما بعد. وقد كان لهذه الصداقة آثاراً كبيرة على الكنيسة لأنه أغناها وأثراها بما نحن عليه الآن، فقد سجل لنا جهاد الرسول بولس التبشيري في سفر أعمال الرسل وكان شاهداً اميناً لهذا الجهاد الموصوف. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
كرازة بولس في جزيرة مالطا |
الرسول بولس وفهمه للألم من منظور مسيحي |
كرازة بولس الرسول |
كرازة بولس الرسول | الإنجيل بحسب ما كرز به |
كرازة مرقس الرسول |