إن قال لك اللّه أطلب مني ما تريد بماذا تُجيب؟
ظهر الله على سليمان وقال له: “أطلب مني ما تريد”. ظهر اللّه على سليمان لأنه أراد أن يعرف ما في داخل قلبه.
لو حصل ذلك معك الآن، ماذا تطلب من اللّه؟ ماذا تطلب لو قال لك أطلب مني ما تريد، المعجزة التي تريدها؟
إن اللّه ليس ماكينة توّزع المشروبات غب الطلب. لا يعمل بصورة أوتوماتيكيّة أقلّه كما نأمل نحن.
فما الذي نريده فعلاً من اللّه؟ ما الذي نحتاج اليه؟ بما نحلم؟
طلب سليمان قلباً مطيعاً ليحكم شعبه والتمييز بين الخير والشر.
كان باستطاعة سليمان أن يطلب السلام أو الثروة أو النسل. كان يستطيع أن يطلب حياة كاملة دون فشل أو قلق، حياة سلميّة ومريحة أو إنجازات تتخطى إنجازات والده داود.
لكنه لم يفعل. اكتفى بطلب الحكمة. طلب قلباً مرناً ومطيعاً ليحكم، قلباً قادر على التمييز بين الخير والشر. فهل يكفي ذلك للعيش في طمأنينة.
طلب ما يحتاج اليه ليحكم شعباً كبيراً. شعر انه صغير ومحتاج وعرف أنه دون الحكمة والطاعة لن يكون حاكماً جيداً.
فهل يرى حكام اليوم الحكم والنفوذ خدمة أم فرصة لتحقيق مآرب شخصيّة؟ كان سليمان يعرف أن أمامه مهمة مستحيلة لكنه لم يطلب يداً من حديد بل طاعة. لم يطلب أن يهيمن على الناس بل أن يميّز بين الخير والشر. طاعة وحكمة – وهما أمران لا سبيل إليهما إلا إن كان القلب قريب من اللّه.
حقق اللّه رغبة سليمان، أعطاه قلباً حكيماً وذكياً والقلب الحكيم هو الذي يبحث عن تحقيق مشيئة اللّه وعن التمييز بين الخير والشر ليرتاح بين يدَي اللّه.
ففي اللّه الإجابات التي نبحث عنها وفيه الراحة ومعرفة التصرف في كلّ موقف، معرفة ما الواجب فعله وقوله ومتى نسكت ومتى نتخذ القرار.
فلنطلب من اللّه أن يضع الكلام في قلوبنا وأن نكون أداة مطواعة بين يدَيه ولنطلب منه تحقيق مشيئته في كلّ خطوة من خطواتنا. فلنرتاح بين يدَيه دون خوف، خوف من ألا تتحقق الأحلام وتجد الحياة مسارها الجميل.