رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القديسة تكلة الشهيدة الأولى (القديسة تقلة العجائبية) القديسة تقلا - الأولى في الشهيدات والمعادلة للرسل وُلدت القديسة تقلا في مدينة أنطاكية في تركيا، من والدين وثنيين في سنة /20/م، وكان والدها والياً على إنطاكية وأمها سيدة فاضلة ومتمسكين بدين آبائهما الوثنية، ونشأت القديسة في هذا البيت وترعرعت فيه وتنعمت بالجاه والثراء ورفاه العيش، وكانت ذات حسن وجمال حتى أن طالبيها للزواج أصبحوا لا يحصون عدداً وتقدم منها شاب اسمه ناماريوس إلى خطبتها وهو أمير وثني ومن أعيان وشرفاء البلاد ووصل بحبه لها حتى العبادة، وكانت ذات عقل ثاقب وشديدة الرغبة في تحصيل العلوم والمعارف، فانكبت على الدراسة وكانت فصيحة اللسان. أثناء ذلك جاء القديسان بولس وبرنابا الى إنطاكية يبشران بإنجيل الرب يسوع ويعلما الناس داعيان إياهم إلى المسيحية ونبذ الوثنية، فسمعت القديسة تعاليم القديس بولس واستهوتها تعاليمه فآمنت بالرب يسوع وأشرق في قلبها نور لم تألفه من قبل، نور المسيح المضيء للجميع، غير أن اليهود أثاروا الوثنيين ضد القديس بولس ورفيقه برنابا لأنهما كانا جريئين في دعوتهما ويدعمان تعاليمهما بالعجائب، وقبضوا عليهما وقرروا رجمهما، فما أن حل الظلام حتى نزلت القديسة إلى السجن بعد أن رشت حارسه بالمال بعد أن باعت كل ذهبها وحليها الخاص لهذه الغاية، وتلقنت من بولس التعاليم السماوية وغادروا ثلاثتهم السجن إلى مكان أكثر أماناً، وكانت تقضي أوقاتها بالصلاة إلى الله وتتأمل كلام الرسول بولس وتعمل به. رافقت بولس إلى مدينة أثينا التي كانت عاصمة الفكر والفن الإغريقي، حيث تلاطمت فيها العبادات للآلهة العديدة فثار بولس وراح يخاطب اليهود في كل مكان، حتى أن الوثنيين أصبحوا يصغون إليه بكل انتباه وقبول، وكان كل ذلك على مرأى ومسمع من القديسة تقلا فازداد قلبها إيماناً بيسوع المسيح ابن الله الوحيد. سمع الأبوان عن ابنتهما كل شيء، وحاولا إقناعها بجميع الوسائل الممكنة ولكن دون جدوى، وعندما عجز والدها من إقناعها، وخوف والدها على مركزه وبتحريض الآخرين له سلمها إلى الحاكم الذي زجها إلى الأسود التي تراجعت وهدأت عندما شاهدت القديسة، ثم أمر بأن تُحرق بالنار وساعة تنفيذ الحكم أبرقت السماء وأرعدت وانهمر المطر الغزير مما جعل تنفيذ الحكم مستحيلاً، ولما لم تفلح النار بها، ربطها إلى طرفي ثورين جانحين ليشطراها شطرين إلا أن الثيران رفضت تنفيذ المهمة مما حيَّر الحاكم بأمرها، فأراد أن يتخلص منها فألقاها في حفرة عميقة مليئة بالثعابين السامة، فنزلت نار من السماء وأحرقت الثعابين ونجت القديسة من الحكم، فدهش الوالي من تلك المعجزات المتكررة وخاف من هياج الشعب ضده، فاستدعى القديسة وسألها: "مَنْ أنتِ أيتها الفتاة، وما الذي يرد عنكِ هذه الوحوش والحيوانات المفترسة ويحميكِ من تنفيذه أوامري"؟.. فأجابته: "أنا تقلا أمَةُ يسوع المسيح ابن الله الحي وهو نجاة المأسورين وتعزية الحزانى، وهو الذي أنقذني من الوحوش والموت، ويحفظني بنعمته وله لمجد والكرامة". حينئذٍ أعلن الوالي أمام الشعب وقال: "إن تقلا أمَةٌ يسوع المسيح هي طليقة حرة"، فتعالت أصوات الفرح وخرجت البتول من بينهم وذهبت إلى بيت السيدة الشريفة طروفينا التي كانت تعطف عليها، فاتجهت القديسة من أنطاكية إلى سوريا إلى منطقة معلولا ووجدت فيها الحقل الخصب لتعبدها والتبشير بالرب يسوع، وذاع صيتها في كل المنطقة وانتقلت شهرتها حتى إلى بلاد الغرب، وكانت تسافر بين الحين والآخر إلى بلاد الغرب وخاصة اسبانيا لتبشر بالرب يسوع، فعمدت الكثير منهم وأهدتهم إلى الإيمان بالرب يسوع، وشيدت لها الكنائس الكثيرة باسمها، ودُعيت فتيات كثيرات باسمها لينالن شفاعتها. عاشت القديسة تقلا /90/ سنة، ورقدت بالرب بأمان في قرية معلولا ودُفنت فيها وبُني بجانب قبرها الذي أصبح مزاراً ومحجاً للجميع ديراً للراهبات يؤمه الآلاف المؤلفة من السياح والزائرين من كل أرجاء الدنيا، وقد دعتها الكنيسة "الأولى في الشهيدات" حيث تعرضت لعذابات شتى، ولأسفار مضنية وقاسية قضت حياتها كلها للتبشير بالإنجيل، وكما ألقت الكنيسة عليها لقب "المعادلة الرسل"، إكراماً وإجلالاً لها. كانت رحلتها من أنطاكية إلى معلولا شاقة وطويلة، فلا طعام ولا ماء ونوم في العراء مع الحر والبرد، وحيثما حلت كانت تزرع الفرح والسعادة في نفوس سامعيها، إلى أن وصلت إلى بلدة معلولا فلجأت إلى احد الكهوف واختارته مسكناً لها، وما زال موجوداً حتى الآن، وفي رحابه بُني الدير للرهبنة النسائية حاملاً اسمها المقدس، ولم تكتفِ بالتبشير في أنحاء سوريا إنما وصلت في جهاداتها التبشيرية إلى اسبانيا لتي استقبلتها وآمنت بالرب يسوع وبُنيت الكنائس فيها حاملة اسمها، واتخذت الفتيات اسمها شفيعة لهن وتبركاً به. للقديسة عجائب لا تعد ولا تحصى في تاريخ الدير الذي يعود إلى بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للرومالأرثوذكس، وأرشيف الدير عامر بأخبار هذه المعجزات حتى يومنا هذا. وكم يحلو للإنسان أن يرى جماهير المؤمنين تحتشد في يوم عيدها المقدس في 24/أيلول من كل عام حيث يتحول الدير إلى مكان للصلاة والابتهاج والفرح، يقدمون فيه للقديسة الابتهالات ولله الشكر الذي انعم عليهم بالسلام والطمأنينة وقد دُعيت القديسة تقلا الأولى في لشهيدات لأنها أول فتاة تؤمن بالرب يسوع وتنال العذاب على أيدي والدها وجلاديها وتنجو منها، وقد رقدت القديسة تقلا بسلام في 24/أيلول عن عمر ناهز التسعين، ودُفنت في نفس الكهف الذي كانت تقيم وتعيش فيه، والذي كان قاعدة الانطلاق لتبشيرها، والذي أصبح مقاماً مقدساً يحج إليه المؤمنون والزائرون من كل حدب وصوب حتى يومنا هذا. قبر القديسة تقلا فى معلولا معلولا بلدة قلمونية سورية تقع في الشمال الشرقي من دمشق وتبعد عنها /56/ كم وهي محاطة بجبال القلمون التي تصلها بالسلسلة القلمونية التي قطعتها القديسة تقلا في اجتيازها . منازلها هي الوحيدة في سوريا التي تعطي نموذجاً غريباً في بنائها فهي مؤسسة على الصخر ومتصاعدة فوق بعضها البعض على شكل مدرج غريب تكاد تنعدم فيه الطرق سوى ممرات ضيقة يخيّل للناظر إليها كأنها خلايا النحل وداخل تلك المنازل مغاور وكهوف يتحصن فيها السكان أيام الضيق والاضطهادات معتصمين بمواقعها الحصينة، ولا تزال السلالم الخشبية القديمة العالية شاهدة عيان عما مر فيها في تلك الأيام العصيبة . أهالي معلولا يتميزون بلغتهم الخاصة عن غيرهم إذ يتكلمون اللغة الآرامية التي تكلم بها السيد المسيح وما زالت شائعة بينهم حتى يومنا هذا وهي لغتهم الأساسية . ودير القديسة تقلا في معلولا هو المقصود في هذه المنطقة من قبل جميع الأديان والطوائف على اختلاف معتقداتها، فهو الدير الأم الذي يحضن سائر الزائرين بخشوع وأصحاب النذور والحجاج ونقول " الحجاج " لأنه من الأمكنة المقدسة التي كان يقصدها المسيحيون والمسلمون قبل حجهم إلى القدس الشريف لزيارة القبر المقدس وجامع الأقصى الشريف. في الدير وفي الجهة اليمنى منه يقبع قبر القديسة العظيمة في الشهيدات تقلا تلميذة القديس بولس الرسول في أنطاكية، وقد لجأت القديسة وهي شابة إلى هذه المنطقة من سوريا هرباً من مضطهديها وترعرعت فيها مبشراً بالرب يسوع إلهاً ومخلصاً، ومعمدة كل من آمن به وتبعه، فانتشر تبشيرها في أرجاء واسعة جداً من محيطها وخارج محيطها ووصل حتى اسبانيا، وشُيدت الأديار والكنائس حاملة اسمها الطاهر في كل أرجاء المعمورة، وظلت تبشر وتعمد إلى أن انتقلت إلى جوار خالقها ومخلصها الرب يسوع وهي في سن متقدمة، فدفن جثمانها الطاهر في مكان إقامتها، وأصبح المكان محجاً للزوار الذين يقصدونها من كل أرجاء العالم المسيحي والإسلامي والوثني، للشفاء والعون وهي لا ترد أحداً خائباً أن كان قاصدها بإيمان حقيقي. المقام المقدس للقديسة تقلا زاخرٌ بالعجائب على مر العصور، وما زالت العجائب تتوالى فيه بكثرة لتقوية إيمان اللاجئين إليها والى الرب يسوع الذي قال بفمه المقدس الطاهر: "أنا معكم حتى انقضاء الدهر". من يقصد مقامها المقدس بإيمان حقيقي ويطلب منها العون أو الشفاء فإنه سيعود وهو مُلبى بالطلب حتماً لأنها سريعة الإجابة لمحبيها والمؤمنين من مختلف الأديان والمذاهب، وأرشيف الدير مليء بقصص العجائب لمختلف القاصدين من مختلف الأديان والمذاهب. في المقام نبع ماء صاف رقراق، تجري منه المياه وتصب في حوض صغير، يشرب منه جميع القاصدين والزوار وهو ماء مقدس شاف من كل مرض وعلة، والعجيب في الأمر أن هذا الحوض الصغير الذي لا يتجاوز طوله وعرضه وعمقه النصف متر لا ينضب فيه الماء مهما شرب منه الزائرون واصطحبوا منه معهم، ولا يفيض منه الماء عن محيطه مهما طال زمن مصب الماء فيه، بل يبقى كما هو لا ينقص ولا يزيد. وكذلك يوجد في المقام عامود من الحجر في أعلاه حوض صغير جداً يسقط فيه الماء من سقف المكان الصخري نقطة تلو نقطة صيفاً وشتاءً، ويقصدونه الزائرون للتبرك منه أيضاً ولا يزيد عن محيطه ولا ينقص عنه مهما شرب الزائرون منه، رغم صغر حجم الحوض الذي لا يتسع لأكثر من نصف ليتر من الماء. بركة صلاتها تكون معنا ولربنا المجد الدائم. امين. |
|