05 - 06 - 2020, 04:20 AM
|
|
..::| مشرفة |::..
|
|
|
|
|
|
حوار مع الله في زمن الكورونا
وقفت البشرية تناجي خالقها وهي حزينة ومهمومة فكان هذا الحوار:
الإنسان: يا رب، لماذا هذا الوباء، لقد تعبنا جدا منه، وتم تحديد حريتنا بدرجة مؤلمة خانقة،
الأطفال افتقدوا الشوارع والحدائق والمدارس، افتقدنا أعمالنا والسعي وراء رزقنا ووظائفنا،
افتقدنا حرية الحركة والسفر والترحال، افتقدنا الاجازات والمصايف والمنتزهات
، افتقدنا فرحة الأعياد، وصلوات الكنائس، إننا لا نستطيع الاقتراب من بعضنا البعض
، فأصبحنا مرعوبين سجناء منازلنا، متى تطلق سراحنا يارب؟
الله: هل تذكر يا ابني عندما كان العالم بحريته ماذا فعلتم؟
هل كنت تستيقظ وتشكرني على عطية الحياة والصحة والحرية؟
هل كنت تبدأ يومك بفعل الخير نحو الجميع؟ أعطيتكم عالم شاسع مملوء من كل خير،
أرسلت كل يوم الشمس لتغنى العالم بالحيوية والدفء،
الهواء النقي النظيف كان يملأ العالم بوفرة غزيرة، والحيوانات من كل نوع والنباتات
أصناف وألوان لا تعد، فماذا فعلتم؟
دعني أذكرك بما حدث:
استيقظ القوي ليبدأ يومه بالتفكير في كيفية إذلال الضعيف
لا لشيء سوى أن القوي لديه القوة والضعيف لا يملكها، هل نظر القوي نحو السماء
وتذكر أنني من منحته القوة؟
استيقظ المتسلط ليفتخر بذاته ويحتقر الآخر، ويصادر حقوقه في كل شيء،
في الحياة وفي الفرح وفي الوجود وحتى في الصلاة والعبادة،
فكنت أرى بكل أسف التعنت والاضطهاد والظلم واحتقار الآخر والعنصرية
على أساس الجنس واللون والدين، وفي كل هذا لم ينظر أحدهم نحو السماء ليهابني..
استيقظ السارق ليخطط كيف يسرق ما ينقصه من الآخرين، البعض سرق أموال،
والبعض سرق أملاك، والبعض سرق مشاعر، والبعض سرق نفوس،
والبعض سرق طهارة، وفي كل هذا لم ينظر أحدهم نحو السماء ليهابني..
استيقظ البعض لينفونني من أذهانهم، ويبعدوا عن كنيستهم التي ولدتهم بالمعمودية،
ويهتموا بكل ما تستلزمه حياتهم الأرضية، متناسين الحياة الأبدية،
وظلوا يطفئون روح الله داخلهم ويحزنونه، يعبرون بلا مبالاة على الكنائس المكتظة بالمصلين،
والروح القدس يدعوهم للإفخارستيا وهم يصمون آذانهم عن النعمة ليفتحوها للشر،
وفي كل هذا لم ينظر أحدهم نحو السماء ليهابني..
استيقظ بعضا من الناس ليذهبوا إلى الكنيسة، فدخلوا الكنيسة
ولم يسمحوا للكنيسة أن تدخل إلى قلوبهم، فكانت لهم روتين ممل يمارسونه كما لقوم عادة،
وداخلها لم يخشونني بل أدانوا وحسدوا وكرهوا وكذبوا وسرقوا وأفسدوا وأعثروا،
وفي كل هذا لم ينظر أحدهم نحو السماء ليهابني..
استيقظ البعض مملوئين بمحبة التعليم، لم يراعوا خصوصية الكنيسة، لم يعرفوا عقيدتها،
كل ما أرادوه هو أن يعمموا وينشروا أفكارهم الخاصة ويعلموها لأولادي بخبث وتحايل ومراوغة وكذب
، تكلموا ضد القديسين بدون حياء، واستوردوا أفكارا قاتلة ووضعوها في لبن الرضعان بلا ضمير،
كنت أرى النفوس تعثر وتهلك وهم يبتسمون بسعادة وانتشاء واحساس بالنصر،
وفي كل هذا لم ينظر أحدهم نحو السماء ليهابني..
استيقظ البعض وهم في أوج السلطة والقدرة، وراحوا يصرفون ببذخ على أعمال الإرهاب والتخريب والتدمير
، أعطيتهم أموالا فاشتروا بها متفجرات وأسلحة وراحوا يقتلون الأبرياء،
لم يفرقوا بين مستشفى ودار عبادة ومؤسسة حكومية، سلبوني سلطاني في الحكم على الضمائر،
وتظاهروا أمام أنفسهم أن بيدهم الحياة والموت
، وفي كل هذا لم ينظر أحدهم نحو السماء ليهابني..
استيقظ الرجل ليستعبد المرأة ويذلها، ويضعها آداه لشهوته ومتعته،
ونسى أنها معينا (نظيره)، وأن رقتها وإناءها الواهن ليسا ضعفا فيها بل كمالا وجمالا لقوته،
ليحتويها برجولته وعنايته، وليس ليتسلط عليها بالعنف ويضعها وسيلة وشيء
، ليس ليذلها بل ليحترم عمل الله في طبيعتها، وقوة الحياة الكامنة في رحمها،
وفي كل هذا لم ينظر أحدهم نحو السماء ليهابني..
استيقظ البعض ليستعمل الحرية في الشهوة كغاية عظمى، فصار الرجل ينظر للمرأة فيشتهيها وتنظر المرأة للرجل فتشتهيه، وتناسوا أنني خلقتهم على صورتي وبهم من مجدي وقداستي، وبدلا من أن يمجدوني على كمال خليقتي راحوا يشتهون بعضهم صانعين من أنفسهم أدوات رخيصة للمتعة العابرة، فتحول المخلوق الأرقى إلى شبه الحيوانات التي بلا عقل، لم يحفظ الشباب الحدث طهارتهم، وأما المتزوجين فلم يكتف الرجل بزوجته، بل راح يصول ويجول بحثا عن النجاسة، ولم تكتف المرأة برجلها فراحت تبحث عن الشبع الزائف بعيدا، فحزن الروح القدس وحول وجهه بعيدا عن الدنس، وفي كل هذا لم ينظر أحدهم نحو السماء ليهابني..
استيقظ البعض ليتفننوا في رفضي واستبعادي، لم يكتفوا بالزنا الطبيعي الذي هو خطية عظيمة، بل راحوا في ضلالهم يخترعون زنا مثليّ شاذ مخالف للطبيعة ومهينا للتدبير الإلهي، أغواهم إبليس ليغيظوني بعمل الشر، ومخالفة الطبيعة، والتمرد على محبتي وعطاياي، فامتلأت الأرض من الشر، وفاض كأس العقاب، وفي كل هذا لم ينظر أحدهم نحو السماء ليهابني..
الدول العظيمة المملوءة من كل خير، بدلا من أن يمجدوني أمام شعوبهم راحوا يقننوا الإجهاض والمثلية الجنسية وعبادة الشيطان، وإطلاق حرية الإنسان حتى ضد خالقه، والآن هم يبكون بالدموع لأنهم لم يعرفوا زمان افتقادهم، ولم ينظر أحدهم نحو السماء ليهابني..
وبعد كل هذا تشتكي أيها الإنسان من تقييد حريتك؟
ألم تقلص أنت أولا وجودي في تفكيرك؟
ألم تحبسني أنت أولا خارج اهتماماتك؟
ألم تقيد أنت أولا حريتي في حياتك؟
ألم تسيئ استخدام العالم لشهواتك؟
فلماذا أنت حزين الآن؟
إعلم إن فترة تأديبك هي مؤقتة..
ولكنها جرس إنذار صاخب..
لئلا تنسى كم أنت ضعيف..
وعندما تعود الحياه لطبيعتها..
لا تعود تخطيء..
لئلا يكون لك أشرّ.....
|