“فَقَدْ فَضَّلُوا مَجْدَ النَّاسِ عَلى مَجْدِ الله…”
إنجيل القدّيس يوحنّا ١٢ / ٣٧ – ٤٢
صَنَعَ يَسُوعُ أَمَامَ اليَهُودِ تِلْكَ الآيَاتِ كُلَّهَا، فَمَا كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِهِ، لِتَتِمَّ الكَلِمَةُ الَّتِي قَالَهَا آشَعْيَا النَّبِيّ: «يَا رَبُّ، مَنْ آمَنَ بِمَا سَمِعَ مِنَّا؟ ولِمَنْ أُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبّ؟».
لِهذَا لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُؤْمِنُوا لأَنَّ آشَعْيَا قَالَ أَيْضًا:
«لَقَدْ أَعْمَى عُيُونَهُم، وقَسَّى قُلُوبَهُم، لِئَلاَّ يَرَوا بِعُيُونِهِم، ويَفْهَمُوا بِقُلُوبِهِم، ويَتُوبُوا فَأَشْفِيَهُم».
قَالَ آشَعْيَا هذَا، لأَنَّهُ رَأَى مَجْدَ يَسُوعَ وتَحَدَّثَ عَنْهُ.
غَيرَ أَنَّ كَثيرينَ مِنَ الرُّؤَسَاءِ أَنْفُسِهِم آمَنُوا بِهِ، ولكِنَّهُم بِسَبَبِ الفَرِّيسِيِّينَ لَمْ يَجْهَرُوا بِإِيْمَانِهِم، لِئَلاَّ يُفْصَلُوا عَنِ المَجْمَع.
فَقَدْ فَضَّلُوا مَجْدَ النَّاسِ عَلى مَجْدِ الله. التأمل: “فَقَدْ فَضَّلُوا مَجْدَ النَّاسِ عَلى مَجْدِ الله…”
ما الفرق بين مجد الناس ومجد الله؟ وبين من يتبع مجد الناس ومن يتبع مجد الله؟
بالنسبة لمنطق الكتاب المقدس الذين يتبعون مجد الناس هم من فئة العميان وقساة القلوب المنغلقين على ذواتهم بما فيها من محدودية وموت حتمي لكل رجاء بالتوبة والتجدد الداخلي..
أما من يتبع مجد الله فهو يقتدي به “كالابناء الاحباء” (أفسس ٥ / ١) يسلك طريق الحب كما المسيح، الحب الحقيقي الذي يصل الى حد البذل والتضحية بالذات من أجل خير الاخر وسعادته، وبالتالي يترك أثراً طيباً حيث يكون…
الرسول بولس في الرسالة إلى أهل أفسس (٥ / ١ -٥) كان حاسماً في توصيف من يتبعون مجد الناس أي من يتبعون مجدهم الخاص فهم:
أصحاب الفجور الاخلاقي، في اللباس أو التصرف أو الكلام أو حتى الإيحاء..
من يملكون النجاسة في التفكير أو التعامل، من ليس عندهم صفاء النوايا والقلوب..
أصحاب النفوس الجشعة والمصابة بالطمع خصوصاً بين الإخوة والزملاء في العمل…
أصحاب اللسان البذيء أي الكلام السفيه، من تجديف وشتم وتحقير وقدحٍ وذمٍ واغتياب الاخر..
من يشرعون الزنى، ويشجعون على العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج..
كل هؤلاء بحسب القديس بولس لا ميراث لهم في الملكوت، لأنهم أبناء العصيان وليسوا أبناء الله السالكين بالنور!!!!
أعطنا يا رب أن نعمل لمجدك أنت، أعطنا القدرة على الصمود في وجه العالم لنكون أبناءً لك مرضيين، أبناء النعمة شركاء القديسين في الميراث .. آمين