رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أمُّ كرامة الإنسان
في زمن الصوم الكبير حيث نحن مدعوّون إلى الصلاة والصدقة وعيش كلمة الله والانفتاح على الآخر بخاصة الموجوع والمنبوذ والمريض، وعلى الرجوع إلى داخلنا والتعرّف على حقيقة وجودنا وعلاقة الحبّ التي تربط الله بنا وذلك من خلال بذله ذاته على الصليب وقيامته، نتذكّر القديسة الأمّ تريزا دي كالكتا التي عاشت تخدم الربّ المصلوب والمتألّم في كل مريض وفقير ومشرّد وموجوع لمّته عن الطريق أو من القمامة واعتنت به، ونطلب شفاعتها لنمشي درب القداسة على مثالها واضعين نُصبَ أعيننا الصليب والمصلوب والحبّ المُغدَق به علينا. في هذا الزمن الذي يصرخ بالسطحيّة والبذخ والهدر والأنَانِيَّة والمال والصورة الخادعة، ظهرت جوهرة صغيرة طغى بريق بساطتها وتواضعها وفقرها وحبّها للمسيح على كل بهرجة هذا العالمِ ومادّيته. قبل أن تكونَ أمَّ الفقراء هي أمُّ كرامة الإنسان. الأم تيريزا حفَظَت واحترمت كرامةَ الإنسان وكرامةَ يسوع المسيح الموجود في كل فقير، عندما مدّت يدها وحَنَت على مشرد مُلقى على الطريق، عندما مدّت يدها ومسحت جراح أبرص مطروحٍ في الشارع، عندما مدّت يدها وحملت طفلًا مرميًّا في مكبّ النُفايات، وعندما ضمّت طفلًا مشرّدًا بحبّ واحترام وحنان معيدة بريق الطفولة والكرامة الإنسانيّة إلى عينيه. الأم تيريزا لم ترَ فقيرًا بل رأت إنسانًا مجرّدًا من الكرامة، فثارت محبّة المسيح سيّدها في قلبها. الأم تيريزا لمّت يسوع الجائع والمريض والمنبوذ والحزين والموجوع من شوارعِ كالكتا ومن شوارع العالم. لمْلَمَتْ شظايا التكبّر والبرودة والبلادة التي رُمي بها المسيحُ الموجوع وألقتها في سلّة الإنسانيّة واسترجعت كرامتَه من تحت الدماء والغبار والقروح والأحجار ودواليبِ السيارات وهُزءِ الضَحِكَات وبَطَرِ النفوس. الأم تيريزا منحت أعظم ما يريده الفقير المرميُّ على جانب الحياة، ألا وهو اختبارُ الحبّ والشعور بأنه إنسان ومقبول ومحبوب، كما والموتُ بكرامة. سرُّها أنها تصلّي. سرّها هو أنها أحبّت يسوع كثيرًا، ومن أجله فعلت المستحيل مُستمدّةً منه تلك الشجاعةَ الفائقة التي مَحَت كل خوف من لمس فقير مريض مُهمَلْ. يتذمّرُ الناس ويلومون الله على أنه لا يرى البؤس في هذا العالم ولا يُشفق على فقرائه. الله هو الذي أرسلَ هذه الراهبةَ الصغيرة الصلبة إلى أشقى مكان في القارة الآسيوية حيث كرامةُ الإنسان تُداس وتُحرق بُخورًا من أجل بَطَرِ هذا العالم كلّ يوم. فأحرقت بتواضعها وانسحاقها كل تجبّر وتكبر، ولمّلمت كرامة الإنسان وقدّمتها بُخورًا على قدمي الصليب. إنه الحبّ، الحبّ، الحبّ، والصلاة. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
كرامة الإنسان بقداسته لا بعمره |
إذ كان الإنسان في كرامة قد صار كالبهائم |
إن الله خلق الإنسان في كرامة طبيعية |
كرامة الإنسان البشري |
كرامة الإنسان |